“السودان الغربي” خلال العصر الوسيط: الدلالة الجغرافية والسياسية

إن الحديث عن مصطلح “السودان الغربي” يفرض على الباحث الرجوع إلى المصادر العربية القديمة التي توضح بجلاء مدى التطور الدلالي التاريخي لهذا المصطلح تبعا للتطور المعرفي للقارة الإفريقية أولا، وثانيا وفق المتغيرات التاريخية للعصور الإسلامية الأولى[1].

وما يمكن تأكيده هو أن مصطلح السودان الغربي لم يظهر إلا في مراحل متأخرة من التاريخ، أي خلال ق19م عندما تم اكتشاف منابع نهر النيل والنيجر وعرف حينئذ أنهما نهران منفصلان عن بعضهما كل الانفصال وليس نهرا واحدا كما كان يعتقد من قبل، وقد أطلق اسم السودان الغربي على منطقتي نهر السنغال والنيجر، بينما أطلق اسم سودان وادي النيل على المنطقة الواقعة جنوب مصر[2].

أما بالنسبة للجغرافيين والمؤرخين والرحالة المسلمين، فقد كانت “بلاد السودان” تعني لهم منطقة أوسع بكثير من المنطقة المسماة حاليا بالسودان الغربي، فهي المنطقة التي يسكنها السود وتمتد جنوب الصحراء الكبرى من المحيط الأطلسي إلى بلاد النوبى على نهر النيل[3].

  ومهما يكن، لا يمكن إغفال الدور العربي في التعريف بممالك السودان الغربي، يقول بوفيل: «وقبل قدوم العرب لم يكن يعلم شيئا عن إفريقيا جنوب الصحراء ونحن (الأوروبيون) ندين بكل معلوماتنا عن التاريخ المبكر لداخل القارة إلى فئة قليلة من المؤلفين …وديننا لهؤلاء العلماء كبير إلى حد أن عبارة يسيرة من كل لا يمكن إغفالها»[4].

مملكة غانا: أكبر الممالك السودانية خلال العصر الوسيط

1-إشكالية التأريخ:

    تعتبر مملكة غانا أول تنظيم سياسي متطور عرفته بلاد السودان خلال العصر الوسيط والتي يكتنفها الكثير من الغموض والشك، وتبعا للمعطيات التي توردها المصادر العربية والرواية الشفوية ومقارنتها، خلصت الكتابات إلى تحديد موقعها فيما بين نهري السنغال غربا والنيجر شرقا، وعلى حدودها الشمالية كانت تتحرك القبائل البربرية الصحراوية[5]، وقد مكنها موقعها الجغرافي هذا القريب من مضارب القبائل الصحراوية في الشمال في انتقال العديد من المقومات الحضارية السياسية والاقتصادية والثقافية.

إنه لا يعرف على وجه الدقة تاريخ نشأة مملكة غانا ولا مؤسسوها الأوائل[6]، ولكن بالاعتماد على ما أوردته بعض المصادر الأساسية في كتابة تاريخ السودان، تمكن الباحثون والمهتمون من تكوين العديد من التأويلات والتصورات حول هذه المملكة. فمتى ظهرت غانا ؟

تشير بعض الدراسات الحديثة إلى أن غانا ظهرت لأول مرة في التاريخ كبلاد للذهب في أواخر القرن 2ه/8م، فشهرة غانا وموقعها في التاريخ لم يتأت إلا مع الكتاب العرب اعتمادا على ما أوردته بعض المصادر الجغرافية.[7] فإذا كان ابن حوقل أول من حدثنا عنها قائلا: «سيطرت على مناجم الملح في الشمال ومناجم الذهب في الجنوب ولذا سمي ملوكها بملوك الذهب»[8] فإن أهم مادة وصلتنا عن بلاد السودان الغربي كانت ابتداء من القرن 5ه/11م وخاصة مع البكري «فقد تعني غانا البلد، كما تعني أيضا العاصمة وقد تعني اسم الملك»[9].

أما الإدريسي فقد حدد المجال الجغرافي لغانا بأنه يمتد من: «جهة الغرب ببلاد مفزارة ومن الشرق ببلاد ونقارة، ومن الشمال بالصحراء المتصلة التي بين أرض السودان العرب المغاربة ومن الجنوب بأرض الكفر من اليميم»[10].

وعنها يقول ياقوت الحموي: «وغانا كلمة أعجمية لا أعرف لها مشاركا من العربية وهي مدينة كبيرة في جنوب بلاد المغرب متصلة ببلاد السودان»[11]. وكذا القلقشندي الذي عاش خلال 7ه/ ق15م أن: «بلاد غانا تقع غرب بلاد صوصو وتجاور البحر المحيط الغربي وقاعدته مدينة غانا» [12].      

أما خلال ق17م، واعتمادا على ما كتبه مؤرخو بلاد السودان وفي مقدمتهم صاحب “تاريخ السودان” فوصف غانا جاء على الشكل التالي: «كإمارة عظيمة على أرض باغن، قيل أن سلطتهم كانت قبل البعثة فتملك حينئذ إثنان وعشرون ملكا وبعد البعثة إثنان وعشرون ملكا وعدد ملوكهم أربعة وأربعون ملكا وهم بيض في الأصل ولكن ما نعلم من ينتمي إليهم في الأصل»[13]. وعلى هذا الأساس فإن “غانا” تطلق على الإمبراطورية السوننكية لوكادو. هذه الأطروحة أخذ بها “دي لافوس” والذي حدد غانا كعاصمة قديمة لملوك السودان عرفت تحت اسم “كياماكا” حيث تتموقع غانا في “باغينا”[14]. أما صاحب تاريخ الفتاش فقد حدد كومبي صالح كعاصمة في وكادو.

كل هذه المعطيات التاريخية المتضاربة حول “غانا المدينة” و “غانا الدولة”، جعلت إمكانية إعطاء تعريف محدد من وجهة نظر تعتمد على الحدود الترابية أو السياسية أو الإثنية غير ممكنة على اعتبار أن تاريخ السودان شمل مجموعات بشرية تعني من خلال أسماءها مناطق محددة[15].

وبالنسبة للعاصمة، هناك تضارب كبير حول تحديد الإطار المكاني، فمن خلال الأبحاث[16] التي أجريت في المنطقة تبين أن المدينة التي تحدث عنها البكري[17] لم توجد بعد، وحتى بالنسبة لكمبي صالح المدينة التي اعتبرت العاصمة الغانية يجب تحديد موقعها بالضبط، في الوقت الذي نجد المدينة التي تحدث عنها الإدريسي خلال ق6ه/12م تم البحث عنها في منحنى نهر السنغال[18].

كل هذه المعلومات التي توفرت حول” غانا الدولة” تبدو مستقاة من مرجع واحد هو البكري، وهي فكرة ترجع ل”دي لافوس”، إلا أنها حسب “فانسون” تبدو غير منطقية وغير مبررة، سبب ذلك هو أن البكري لم يكن معاصرا بل اعتمد في كتاباته عن غانا إما عن وثائق أو رحالة[19].

أكثر من هذا وذاك نجد الإدريسي بعد قرن من الزمن لا يذكر أي شيء عن غانا، إلا أنه في سنة 1154م نجده يتحدث عن قصر بغانا بني حوالي 1116م، في الوقت الذي نجد فيه ابن خلدون متذبذبا في معلوماته عن غانا، فمرة يتحدث عن غانا البكري، وأخرى عن غانا الإدريسي[20].

2- إسلام غانا:

من القضايا الأساسية أيضا التي أثارت إشكالا كبيرا بين الباحثين هي قضية إسلام غانا، متى دخلها الإسلام؟ هل قبل أم بعد الحركة المرابطية؟    

فرجوعا إلى المصادر العربية يتضح – من خلال بعضها – أن الإسلام قد دخل غانا منذ وصول “الفاتحين العرب” إلى الصحراء الكبرى حيث يذكر القلقشندي: «أن أهل غانا قد أسلموا أول الفتح»[21]، وإذا كان الأمر عكس ما ذكره هذا المصدر فلا يجب أن ننكر أو نتناسى الدور الكبير الذي لعبته الإمارات الخارجية التي ظهرت بكل من سجلماسة وتاهرت ودولة الأدارسة في نشر الإسلام في هذه المناطق خاصة القريبة من مجال نفوذهم في الصحراء، ويبقى دور المرابطين كبيرا في ترسيخ مبادئ الدين الإسلامي بهذه البلاد.

  ويبدو أن القرب الجغرافي لعب دورا كبيرا في انتشار الإسلام بالسودان الغربي، فتواجد مراكز تجارية رابطة بينه وبين دول الشمال الإفريقي سمح بتلاقح حضاري كبير لاسيما انتشار الإسلام في صفوف من تعامل مع التجار المسلمين أو عاشرهم وهذا عين ما أشار إليه البكري خلال ق5ه/11م بقوله: «ومدينة غانا مدينتان إحداهما يسكنها المسلمون وهي مدينة كبيرة فيها إثنا عشر مسجدا أحدها مسجد جامع ولها أئمة ومؤذنون والراتبون…»[22]. ومن هنا نستنتج أن الإسلام انتشر بالحواضر الكبرى ثم انتقل تدريجيا حتى عم جل أوساط السودان الغربي، مما يدفعنا إلى القول أنه انتشر بشكل سلمي عكس ما تروجه بعض الدراسات حول انتشاره بهذه البقاع بحد السيف، وهو سر نجاح انتشار المؤثرات العربية الإسلامية، إذ نجد بعد قرن من الزمن أي خلال ق6ه/12م أن مملكة غانا أصبحت دولة مسلمة ملكا وشعبا «وغانا مدينتان على ضفتي البحر الحلو، أكبر بلاد السودان قطرا وأكثرها خلقا وأوسعها متجرا… وأهلها مسلمون»[23]. وهو نفس ما يشير إليه الزهري ويدعمه بقوله: «وهم اليوم مسلمون وعندهم العلماء والفقهاء والقراء وسادوا في ذلك وأتى منهم إلى بلاد الأندلس رؤساء من أكابرهم وساروا إلى مكة وحجوا وزاروا وانصرفوا إلى بلادهم وأنفقوا أموالا كثيرة في الجهاد»[24]. بل أكثر من ذلك، احتل المسلمون مكانة بارزة في البلاط الغاني حيث كان يتكون أغلب وزرائه وكتابه وتراجمته وأصحاب بيت ماله.

3-إشكالية النهاية:

من القضايا الأساسية التي أثارت أيضا العديد من التساؤلات هي قضية القضاء على إمبراطورية غانا من طرف الدولة المرابطية، وهذه الإشكالية ترجع إلى كثرة الروايات التي تداولت هذا الموضوع، لكن بالتدقيق فيها يتضح أن الأمر (نهاية غانا) جاء نتيجة ظروف داخلية عجلت بانهيارها ونهايتها.

فإذا رجعنا إلى تاريخ سقوط غانا والذي حددته بعض المصادر خلال ق5ه/11م[25] نجده لا يتماشى والمعلومات التاريخية التي جاءت بها المصادر المعاصرة أو المتأخرة، ذلك أن هذه المصادر لا تتحدث عن سقوط غانا خلال هاته الفترة، بل ظل اسمها مرسوما في المصادر العربية الإسلامية بعد التاريخ المذكور إلى حدود ق7ه/13م.

أما المصادر المحلية والرواية الشفوية فكانت بمثابة الحكم الفاصل في هذه الإشكالية، حيث أرجعت أسباب الانهيار إلى عوامل داخلية تمثلت أساسا في نضوب مادة الذهب من أماكن الاستخراج الخاضعة لغانا، صاحبه تحول في المراكز التجارية حيث حلت “ولاتا” محل “غانا المدينة” ثم انتقلت تدريجيا نحو مدينة “تمبكت” في الشرق حيث أصبحت أهم مركز تجاري مع حلول ق7ه/13م[26].

 إضافة إلى العامل الاقتصادي، لعبت العوامل الطبيعية دورا كبيرا في عملية الانهيار الغاني، فمع منتصف ق5ه/11م عرفت المنطقة جفافا ساهم في انتشار وتفرق القبائل الصحراوية في اتجاه الشمال وقبائل الساحل نحو الجنوب. هذه العوامل الاقتصادية والطبيعية مجتمعة أثرت بشكل كبير على الوضعية الداخلية لغانا الدولة، فانتهزت القبائل الخاضعة هذه الوضعية وجنحت نحو الاستقلال وكثرت الفتن والإضرابات مما هيأ الفرصة لقبائل الصوصو حيث وجهت ضربة قاضية لهذه الإمبراطورية بزعامة سومنجورو إلى أن تمكن زعيم القبائل المالينكية ساندياطا  بفضل عبقريته العسكرية من القضاء على المجموعتين معا والحصول على طاعة العشائر المالينكية التي اعترفت به إمبراطورا، كما تابع فتوحاته في الجنوب إذ أصبحت إمبراطورتيه عند وفاته تمتد على مساحة تفوق مملكة غانا بين الصحراء والمنطقة الغابوية وبين أعالي النيجر والسنغال مع مدينة نياني كعاصمة وتأسيس دولة إسلامية جديدة هي إمبراطورية مالي.

مملكة مالي: ثاني أكبر الممالك بالسودان الغربي

1-إشكالية التأسيس والاسم:

قامت مملكة مالي الإسلامية على أنقاض إمبراطورية غانا، وعرفت أوج عظمتها خلال ق14م حيث امتدت من جنوب المغرب متصلة بالبحر المحيط الذي يحدها من الغرب، كما يحدها من الشرق بلاد بورنو، ومن الشمال بلاد البربر ومن الجنوب الهمج حسب القلقشندي[27]. إلا أن حسن الوزان حدد موقعها على طول أحد فروع النيجر مسافة ثلاثمائة ميل، يحدها جنوبا جبال وعرة وغربا غابات مسحورة تمتد إلى المحيط وتمتد شرقا إلى إقليم كانوا[28].

شكلت مالي إلى جانب الممالك الأخرى التي عرفتها بلاد السودان الغربي، السمات والخصائص المحددة والواضحة لهذه المنطقة لفترة طويلة من الزمن، ويبدو أنها – مقارنة مع غانا – قد حظيت باهتمام الكثير من المؤرخين والجغرافيين العرب. فالمصادر التي تتحدث عنها كثيرة ومتنوعة على الأقل خلال مرحلة الامتداد أي ق14م، ومن خلال الاطلاع عليها يستطيع الباحث رسم صورة واضحة المعالم للمجتمع الإسلامي داخل مملكة مالي.

بخصوص أمر تأسيس دولة مالي يبدو أنه يكتنفه الكثير من الغموض والشك، فاعتمادا على بعض المصادر[29]، يعتقد أن مؤسسيها الأوائل هم قبائل الماندينج الذين استغلوا الفراغ السياسي الذي عرفته المنطقة بفعل الضغط المرابطي والذي ساهم بشكل كبير في استقلال العديد من الأقاليم التي كانت تحت سيادة إمبراطورية غانا. كما أن الدخول في صراعات سياسية على السلطة انتهى بسيطرة قبائل الماندينج التي يرجع إليها الفضل في قيام مملكة مالي بقيادة ” سندياتا كيتا “[30] حيث تمكن من السيطرة على العاصمة كومبي صالح سنة 1240م وتوسيع رقعة المملكة، التي أصبحت تمثل أكبر قوة حربية واقتصادية تتحكم في تجارة المنطقة[31].

أما من حيث الاسم فيبدو الاختلاف واضحا بين المؤرخين والجغرافين العرب في ضبط اسم مالي، فالبكري وهو أول مؤرخ عربي ذكر اسم مالي خلال ق11م، أشار إلى أنها بلد اسمه “ملل” ويطلق على ملكها اسم المسلماني[32]، أما الجغرافي ابن بطوطة المعاصر لها والذي استقر بها لمدة سنة تقريبا (1353/1352م)، والذي ترك منجما من المعلومات القيمة التي استغلت وتستغل حاليا لتوضيح بعض جوانب التاريخ الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي والفني لمملكة مالي، فيسميها مالي[33].

وخلال ق15م نجد الحسن الوزان في وصفه لإفريقيا يطلق عليها اسم ملي[34]، أما خلال ق17م  فنعثر على اسم (مل ) عند محمود كعت[35] في حين يطلق عليها عبد الرحمن السعدي اسم ملي[36].

ما يستفاد من كل هذه المصادر ومقارنتها أن الاسم الغالب هو مالي لا سيما وأنها وردت بهذا الاسم لدى جغرافي معاصر كابن بطوطة الذي زارها فترة ازدهارها ووصفها وصفا يدل على إلمامه واطلاعه الكبير على أحوالها المختلفة. وما يزكي هذا الاستنتاج هو أن العمري في “مسالكه ” ميز بشكل دقيق بين التكرور ومالي، حيث يقول: «وصاحب هذه المملكة ( مالي ) هو المعروف عند أهل مصر بملك التكرور، ولو سمع هذا أنف منه، لأن التكرور إنما هو إقليم من أقاليم مملكته، والأحب إليه أن يقال صاحب مالي لأنه الإقليم الأكبر وهو به أشهر»[37].

2- بنية المجتمع المالي:

إلى جانب المعطيات التاريخية والجغرافية الهامة التي أوردتها المصادر بمختلف تشعباتها حول مملكة سودانية داعت شهرتها في العالم الإسلامي، نعثر على معطيات دقيقة تهم بنية المجتمع المالي حيث نجد في قمة الهرم ” المنسا ” ومعناه الحاكم أو السلطان، وهو اللقب الذي اتخذه جل ملوك دولة مالي، حيث كان بمثابة المركز تحيط به حكومة مساعدة.

وقد أشارت العديد من المصادر العربية إلى التقدير والاحترام الذي كان يحظى به “المنسا” داخل المجتمع المالي، فمثلا الجغرافي المعاصر ابن بطوطة في رحلته يشير إلى عادات وتقاليد عديدة من بينها، أن الفتيان الصغار والعبيد كانوا يمشون عراة أمام المنسا المالي حتى في شهر رمضان؟  بل أكثر من ذلك نجد النساء يكشفن وجوههن وأجسادهن مع ” تمريغ ” أجسامهن في التراب، دلالة على التقدير والاحترام الكبيرين للمنسا.

وعلى ذكر النساء ومن الملاحظات الأساسية اللافتة للانتباه، هي أن الملوك المنساوين كانوا يحملون أسماء أمهاتهم وهذا تقليد سياسي كون السلطة داخل المجتمع المالي تمنح لأبناء الأخت، وذلك بهدف الحفاظ على سلالة العائلة المالكة، على الرغم من أن هذا التقليد تعرض في كثير من الأحيان للخرق كما أشار إلى ذلك كيوك.

ونظرا لهذه المكانة السياسية، فقد كن في كثير من الأحيان يتلقين التحية، بل يروي لنا ابن بطوطة خلال ق14م، أن زوجة منسا سليمان ” كاسا ” وهي ابنة عم الأمير كانت تتقاسم معه السلطة تبعا لعادات وتقاليد السود، بل أكثر من ذلك كان القداس يقام باسمهما معا[38].

خاتمة:

خلاصة القول، إنه في الوقت الذي كانت فيه الضفة الشمالية من المتوسط تعيش وضعا معينا ميزته التخلف الاقتصادي والاجتماعي وسيطرة الكنيسة، كانت الضفة الجنوبية من المتوسط تشهد قيام إمبراطوريات كبرى داعت شهرتها في الآفاق. لكنه بمجرد حلول ق15م وطيلة ق16م سيختل التوازن لصالح دول الضفة الشمالية.


الهوامش:

[1]– هاشم العلوي القاسمي، أصول الروابط التاريخية بين المغرب وغرب إفريقيا في العصور الوسطى، مجلة كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فاس، العلاقات المغربية الإفريقية، عدد خاص، السنة 1989، ص: 131.

[2] – عثمان بناني، رد الاعتبار لتحفة النظار في العلاقات بين المغرب وإفريقيا الغربية، منشورات عكاظ 1987، ص: 41.

– M. Delafosse, Soudan, Encyclopédie de l’islam, T4, paris 1934, p : 518-521. 

[3] – J .Cuoq, Histoire de l’islamisation de l’Afrique de l’ouest, op, cit, p : 9.

– عثمان بناني، ن.م.س. ص: 42.

[4]– إدوارد بوفيل، الممالك الإسلامية في غرب إفريقيا وأثرها في تجارة الذهب عبر الصحراء الكبرى، ترجمة رياض زاهر، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1968، ص: 10-71. 

[5]– الهادي الدالي، التاريخ السياسي والاقتصادي لإفريقيا فيما وراء الصحراء، من نهاية ق15م/18م، الدار المصرية اللبنانية 1999، ص: 21.

[6]– نفسه./ أحمد الشكري، . ص: 110.

[7]– Vincent Monteil, L’islam noir une religion à la conquête de l’Afrique, collection Esprit/Seuil. p : 81.

[8]– ابن حوقل، صورة الأرض، . ص: 98.

[9] – البكري، . ص: 37.

[10]– الإدريسي، النزهة،. ص: 14.

[11]– ياقوت الحموي، معجم البلدان،.ج3، ص: 770 .

[12] – أبو عبد الله أحمد بن علي القلقشندي، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، ج5، القاهرة 1963، ص: 284.

[13] – عبد الرحمن السعدي، تاريخ السودان، باريس نشر هوداس 1964، ص: 9.

[14]– Vincent Monteil, op, cit, p : 82.

[15]– Ibid., p : 83.

[16]– ويقصد بها الأبحاث التي أجريت في المنطقة من طرف بوفيل وتوماساي لتحديد الإطار المكاني للعاصمة الغانية كومبي صالح.

[17]– البكري، ن.م.س. ص: 37 .

[18] – الإدريسي، النزهة، ن.م.س. ص: 14.

[19]– Vincent Monteil, op, cit, p : 84.

[20]– Ibidem.

[21] – القلقشندي، صبح الأعشى، ن.م .س، ج5 ، ص: 284.

[22] – البكري، ن.م.س. ص: 171.

[23]– الإدريسي، ن.م.س. ص: 23.

[24] – أبو عبد الله محمد الزهري، كتاب الجغرافيا، تحقيق محمد حاج صادق، دمشق 1958، القسم 336 و338./  مجهول، الحلل الموشية في ذكر الأخبار المراكشية، تحقيق سهيل زكار وعبد القادر زمامة، البيضاء، دار الرشاد الحديثة 1979،  ص:7.

[25] – الزهري، ن.م.س.

– عن نشأة مدينة تنبكت وأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية في ظل امبراطوريتي مالي وسنغي والحكم المغربي،[26]

 انظر: شوقي عطا الله الجمل، تنبكت وعلاقتها بالمغرب قبل حملة المنصور السعدي وتحت الحكم المغربي، المغرب وإفريقيا جنوبي الصحراء في بدايات العصر الحديث، منشورات معهد الدراسات الإفريقية، سلسلة: ندوات ومناظرات (2)، الرباط 1992، ص: 41-57.

[27] – القلقشندي، صبح الأعشى ، ج5، ص: 288.

[28] – الحسن الوزان، وصف إفريقيا، ج2، ص: 164.

[29] – عبد الرحمن بن خلدون، كتاب العبر، ج6،  ص: 200./ القلقشندي، صبح الأعشى، ج5، م.س. ص: 293.

[30]– القلقشندي، صبح الأعشى،  ن.م.س. ص: 293 .

[31] – القلقشندي، صبح الأعشى، ن.م.س. ص: 293 .

[32] – عثمان بناني، ن. م.س. ص: 47.

[33] – أنظر الرحلة لابن بطوطة، ن.م.س. ص: 682.

[34] – الحسن الوزان، ن.م.س، ج2، ص: 164.

[35] – محمود كعت، تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس، نشره هوداس 1964، ص: 38.

[36] – عبد الرحمن السعدي، تاريخ السودان، ن.م.س، ص: 9.

[37] – العمري، ن.م.س. ص: 34.

[38] – ابن بطوطة، ن.م.س. ص: 683 وما بعدها.

- باحث مغربي مهتم بتاريخ العلاقات المغربية الإفريقية.
- حاصل على دكتوراه في التاريخ الوسيط والحديث، كلية الآداب والعلوم الانسانية سايس فاس.