مشاركة الشباب النيجيري في السياسة والحوكمة: وجهان لعملة واحدة

في 10 ديسمبر 2022، استضافت الأفارقة للدراسات والاستشارات حلقة نقاش عن بعد تحت عنوان “مشاركة الشباب في السياسة والحوكمة في نيجيريا“، وشارك فيها محللون سياسيون وصحفيون ونشطاء المنظمات المدنية. وبدأت الجلسة – التي أدارها “حامد سليمان” الصحفي والباحث القانوني لدى الأفارقة للدراسات والاستشارات – بمداخلة المتحدث الأول, وهو الكاتب الصحفي “ألاوَوْ أبيودن” الذي تناول موضوع “إيجابيات وسلبيات: وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لتنشيط مشاركة الشباب في السياسة والحوكمة”. كما تحدث المتحدث الثاني المحلل السياسي والخبير الأمني “لاوال تويين محمد” عن موضوع “العنف والتحديات الأمنية والعملية الانتخابية في نيجيريا: حالة الشباب النيجيري”، بينما تحدث المتحدث الثالث “دوتون فاموريو” – مدير “معهد شيتا للسياسات” – عن موضوع “دور الشباب في السياسة والحوكمة المعاصرة”.

واتفق جميع المتحدثين في مداخلاتهم على أن مشاركة الشباب في السياسة والحوكمة في نيجيريا وجهان لعملة واحدة. وكشفوا أن مشاركة الشباب قد تكون إيجابية أو سلبية: إيجابية باعتبار أن معظم الشباب هم مهندسو الحكم الرشيد نظرا لما لديهم من الإمكانات والطاقة والاستعداد للعمل والخدمة. وعلى الجانب السلبي، كشفوا أن بعض الشبان النيجيريين أصبحوا أدوات للرذائل الاجتماعية وارتكاب الفظائع، خاصة عندما تكون الانتخابات قاب قوسين أو أدنى.

وكشف المتحدث الأول، “ألاوَوْ أبيودن” عن كيف أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي أداة لتفعيل مشاركة الشباب في السياسة والحكم. وأكّد أن إمعان النظر في نيجيريا اليوم يظهر حقيقة أن وسائل التواصل الاجتماعي خلقت العديد من المواقف التي عزّزت انخراط مواطني البلاد في النشاط السياسي, وجعلت الشباب الآن أكثر وعيًا بما يحدث في بيئتهم السياسية.

وأضاف: “عندما ننظر إلى كلمة وسائل التواصل الاجتماعي، فإنها تنبع من الجانب الاجتماعي للتواصل، وقد تم استخدامها الآن كفرصة للمطالبة بالمساءلة والشفافية ونوع من النشاط.”

وأثناء حديثه عن إيجابيات وسلبيات وسائل التواصل الاجتماعي كأداة لمشاركة الشباب في الحكم والسياسة؛ ركّز “ألاوو” عدسته على نيجيريا، وذلك لقرب انتخابات 2023. وقال: “أصبح شباب نيجيريا الآن أكثر وعيًا بما يحدث في البيئة؛ يشارك الناس ويناقشون القضايا ويتنافسون أيضًا على مرشحيهم المفضلين للفوز في الانتخابات”. وأضاف أن “وسائل التواصل الاجتماعي منحت الناس الشعور بأنه يمكنهم الترشح وتولّي زمام السلطة, وأنه يمكنهم أيضًا الارتقاء إلى عباءة القيادة لأنهم أيضا – بحكم ما يرونه أو ما يفعله الشخص الآخر – مهتمون ومتحمسون على قدرتهم للقيام بالشيء نفسه.

على أن الجانب السلبي أن الناس الآن يسيئون استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لأنشطة مختلفة, حيث نرى معلومات مختلفة على وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، ونتساءلون عن مصدر هذه المعلومات المزيفة. وعلى الرغم من أن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي كنوع من النشاط يعزز الشفافية والمساءلة؛ إلا أن بعض الناس يستخدمونها كوسيلة لنشر المعلومات الخاطئة وتشويه النظام البيئي للمعلومات. ومع ذلك، لا يعني هذا أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تلعب دورها في ضمان أن يكون للناس صوت للتحدث وطرح الأسئلة.

وخلص “ألاوو” مداخلته قائلا: “جوهر ما أحاول قوله هو أن وسائل التواصل الاجتماعي .. يستخدمها الناس كل يوم، ويتفهمون أهميتها في السياسة والحكم. وهذا يعني أن هناك وجهان للعملة في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي اليوم في نيجيريا. على الصعيد العالمي، يستخدمها الناس للمطالبة بالمساءلة أو الشفافية في الحوكمة، بينما يستخدمها بعض الأشخاص لنشر معلومات كاذبة ومعلومات مضللة وأخبار مزيفة في جميع أنحاء الإنترنت. لكن هذا لا يعني أن وسائل التواصل الاجتماعي لا تلعب دورها”.

من جانب المتحدث الثاني، أشار “لاوال تويين محمد” إلى أن معظم الشباب يرون فرصًا عنيفة في مشاركتهم السياسية. واسشهد المتحدث بأمثلة من الحياة الواقعية في نيجيريا, مؤكدا على أن غالبية القضايا والتحديات الشبابية التي تواجهها البلاد اليوم ترجع إلى فترة الطفولة والبيئات الأسرية؛ إذ يعتقد معظم الآباء اليوم أنه “لا يمكن لأي شخص الحصول على وظيفة ذوي الياقات البيضاء دون الاقتراب من السياسيين، ومن خلال هذه العملية تقوم أنت (كوالد) بتسجيل طفلك ليكون جزءًا من نظام الحزب السياسي، وبدلاً من استخدامه بحكمة وبما يوافق القانون من أجل التطور التدريجي للسياسات والحوكمة في نيجيريا؛ يميلون إلى استخدامه لارتكاب الرذائل الاجتماعية”.

وقال “لاوال” إن الشباب النيجيري بحاجة إلى تعلّم سر القناعة، وهو قدرة شخص ما على فهم أو تقليل رغبته في شيء بعيد عن متناوله والسعي وراء شيء تحت سيطرته. وفي هذه الحالة سيُعامَلون كمواطنين, وليس كأدوات للعنف السياسي والانتخابي.

وأما المتحدث الثالث “دوتون فاموريو” الذي تناول موضوع “دور الشباب في السياسة والحوكمة المعاصرة”؛ فقد ذكر أنه مع تكوين الشباب أكثر من 60 في المئة من السكان الأفارقة الحاليين، فإن عدد الشباب بحلول عام 2030 يتوقع أن يكون بنسبة 42 في المئة وفقًا لإدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة. وهذه الديموغرافيا – عندما تتغذى بالتنمية الصحيحة لرأس المال البشري لفترة كافية – ستكون ميزة كبيرة للقارة. ولكن عندما تُترك دون تسخير، كما هو الحال في معظم البلدان الأفريقية، يمكن أن يتسبب الشباب في كارثة.

وفي حدّ تعبيره:

“الشباب هم العمود الفقري لأي أمة. طاقاتهم الجسدية والفكرية مهمة لنمو دولة نامية مثل نيجيريا. وإحدى الطرق التي يمكن للحكومة من خلالها الاستفادة من المواهب المتعددة لشبابها هي من خلال المشاركة والحوار الهادفين”.

وقد طرح مدير الجلسة عدة أسئلة للمتحدثين. وأجاب “ألاوو أبيودون” على سؤاله حول الفرق بين وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الجديدة, قائلا: إن كلاهما شكل من أشكال الوسائط الرقمية أو الوسائط الإلكترونية، والتي تختلف عن وسائل الإعلام التقليدية والمطبوعة. وأوضح أنها نهج القرن الحادي والعشرين فيما يتعلق بالأخبار والمعلومات، وصار معظم الشباب يجدون العزاء فيها لتحقيق مشاركتهم السياسية.

وفيما يتعلق بسؤاله الثاني حول تجنيد الصحفيين كـ “أولاد بيانات” لمهاجمة المعارضين السياسيين الآخرين على منصات التواصل الاجتماعي؛ فقد أقر “ألاوو أبيودون” بحقيقة أن بعض الشباب الصحفيين قد يحقّ لهم بذل جهد إضافي للدفاع عن مديريهم أو رؤسائهم أو المسؤولين الحكوميين على وسائل التواصل الاجتماعي، ولكنه يرى أنهم كصحفيين يحتاجون دائمًا إلى نقل الحقيقة، وهي الدقة والإنصاف والتوازن.

وفي حدّ تعبير “ألاوو”:

“أنت الناطق الرسمي بلسان هذا الشخص على وجه الخصوص. لذلك إذا كانت المعلومات سيئة، فسوف تقوم بتغيير السرد لتناسب وجهة نظرك الخاصة في تلك المرحلة، ولكن بالمناسبة، لا يمكن القضاء على المعلومات الخاطئة أو اضطراب المعلومات أو الدعاية أو المعلومات المضللة. لا يمكن القضاء عليها ولكن يمكن الحد منها. ما يجب علينا فعله كصحفيين هو الاستمرار في إبلاغ المجتمع بما هو حقيقي وواقعي، وهذه هي أفضل طريقة لاستعادة الثقة في المجتمع”.

وأجاب “دوتون فاموريو” على السؤال الموجّه إليه حول الانتكاسة الكبرى التي تؤثر على مشاركة الشباب في السياسة والحكم, بقوله إن الشباب أنفسهم يجب أن يكونوا مستعدين للانخراط مع الحكومة. وهذه, بالطبع, مسألة ثقة. أولاً، يجب أن تكون الحكومة قد أظهرت نفسها جديرة بالثقة من عدة جوانب، ويجب أن يكون الشباب قد أثبتوا أنهم قادرون من خلال المآثر التي حققوها بشكل مستقل عن الدعم الحكومي المباشر.

أما “لاوال تويين محمد”؛ فقد أوضح السؤال الموجّه إليه حول السياسيين الذين يَعِدُون الشباب وظائفَ من ذوي الياقات البيضاء غير متوفرة لإغرائهم للمشاركة في العملية الانتخابية, حيث رأى أن الشباب لا ينبغي أن يربطوا أنفسهم بالسياسيين على أساس الوعود، ولكن يجب أن يروا أنفسهم وكلاء للتغيير الاجتماعي.

واختتمت الجلسة بإشادة مديرها بالمتحدثين على مساهماتهم في السرد الانتخابي من حيث صلته بالشباب النيجيري ولمشاركتهم بأفكار ثاقبة.

 

 

أخبار الأفارقة وتقارير فعالياتها واستشاراتها.