ماذا وراء الصراع في السودان؟ وإلى أين يتجه؟

الصراع الجاري يزكيه اختلاف مصالح البرهان وحميدتي وأهداف القوى التي تدعمهما وترى مصالحها مع إحدى طرفي الصراع – وهو ما ما قد يطيل أمد الحرب ويصعّب إمكانية توقّع أوان انتهاء القتال -، وخاصة أن الجانبين يعلنان السيطرة على مواقع رئيسية في السودان، مع ورود أنباء عن معارك في مناطق مختلفة وفي أماكن بعيدة عن العاصمة الخرطوم.

اندلع في 15 أبريل 2023 القتال بين الجيش السوداني بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (المعروف بـ حميدتي). وهذا التطور بمثابة مساعي الهيمنة الجديدة على السلطة وتتويج لما يعتبره الطرفين صراعًا وجوديًا تحركه مصالح طرفي الصراع وأهداف قوى دولية أخرى في الدولة الغنية بموارد كثيرة والواقعة في موقع استراتيجي على المستوى الإفريقي والدولي مما يجعل الجميع يريدون “جزءًا” من السودان.

وقد خلف القتال ما لا يقل عن 500 قتيل، وفرار أكثر من 50,000 شخص من السودان بحلول يوم  28 أبريل 2023 (والأعداد بالتأكيد في تزايد مع استمرار الحرب)، وقيام الحكومات من جميع أنحاء إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا وآسيا والأمريكتين بإجلاء مواطنيها من المعلمين والطلاب والعمال وموظفي سفارتها من العاصمة الخرطوم.

وفي حين أن إجلاء الأجانب من السودان قد يؤدي إلى تقاعس المجتمع الدولي من أدوارها للضغط على الأطراف المتنازعة وحل الأزمة في أقرب وقت ممكن؛ فإنه قد يفسح المجال أيضا إلى الانزلاق إلى حرب أهلية شاملة سيكون مدمرًا بالنسبة للسودان وسيخلق أيضًا تموجات يمكن الشعور بها في إفريقيا وجميع أنحاء العالم الجيوسياسي، وأيضًا يشعر بمرارتها وقسوتها الشعب السوداني في المقام الأول ودول الجوار وتؤثر على العالم كله.

الأهمية الاستراتيجية للسودان

لا شك أن أهمية موقع السودان الاستراتيجي وسواحله الطويلة على البحر الأحمر الذي يربط البحر الأبيض المتوسط بآسيا، هو أحد أكثر الممرات المائية ازدحامًا في العالم؛ إذ يتمتع السودان بموقع استراتيجي على البحر الأحمر الذي يمر عبره ما يقرب من 10 في المائة من التجارة العالمية، وتربط قناة السويس الأسواق الآسيوية والأوروبية. وكذلك حدود السودان مع دول ذات أهمية استراتيجية أخرى؛ إذ تحدها من الجنوب الغربي جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد من الغرب ومصر من الشمال وإريتريا من الشمال الشرقي وإثيوبيا من الجنوب الشرقي وليبيا من الشمال الغربي وجنوب السودان من الجنوب والبحر الأحمر. وفي عام 2022 قُدِّر عدد سكان السودان بـ 45.7 مليون شخص وتعتبر ثالث أكبر دولة أفريقياً وعربياً من حيث المساحة. وتحتلّ السودان مكانة كبيرة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى, ليس فقط لحدودها مع المنطقة, بل لعلاقاتها التاريخية مع دولها مما تجعل السودان بوتقة الثقافات الإفريقية والعربية الاسلامية.

ويعدّ السودان موقع اندماج نهري النيل الأبيض والأزرق, حيث من هناك يشكّلان النيل الرئيسي الذي كشفت تطورات العقود الماضية أن إدارة مياهه بشكل آمن أمر بالغ الأهمية لاستقرار المنطقة, وبخاصة أن مصر – جارة السودان الشمالية – تعتمد بنسبة 90 في المائة على النهر لتزويدها بالمياه، بينما تتطلع إثيوبيا إلى الشرق لمضاعفة توليد الكهرباء من خلال مشروع بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير المثير للجدل والذي بدأت إثيوبيا ملأها بين عامي 2020 و 2021 دون اتفاق مع مصر.

ثم هناك للسودان موارد معدنية هائلة؛ إذ تعد ثالث أكبر منتج للذهب في إفريقيا، ولها احتياطيات نفطية كبيرة وتنتج أكثر من 80 في المائة من الصمغ العربي في العالم – أحد مكونات المضافات الغذائية والطلاء ومستحضرات التجميل- بالإضافة إلى الموارد الزراعية والحيوانية التي تنعم بها السودان, الأمر الذي أوجد تنافسا دوليا عليها للاستفادة من خيراتها. ومساعي أطراف أجنبية مختلفة، مثل روسيا والولايات المتحدة والصين واسرائيل وتركيا وقوى خليجية مثل الإمارات والسعودية, لإقامة علاقات مع أطراف سودانية مختلفة لتحقيق مصالحها.

الجيش السوداني وفشل الانتقال الديمقراطي

يحظى الجيش السوداني بقيادة البرهان بدعم كثير من السودانيين منذ بدء القتال منتصف أبريل، حتى وإن كان الجيش السوداني وقادته ليسوا برآء من التورط في الوضع الحالي؛ إذ تحالف البرهان وحميدتي للإطاحة بـ عمر البشير في عام 2019 عرقلا مع القادة العسكريين الآخرين مساعي الانتقال إلى حكومة مدنية ديمقراطية بعد سقوط ما يقرب من ثلاثة عقود من حكم البشير الذي أطاح به الجيش إثر الاحتجاجات الشعبية التي بدأت بسبب ارتفاع أسعار الخبز.

وإذا كان حكم البشير اتسم بعدة قضايا وتطورات, فقد كان على رأسها انفصال جنوب السودان عن الشمال, كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه في جرائم حرب مزعومة في دارفور. وحكم السودان بعد الإطاحة بالبشير تحالفٌ غير مستقر بين الجيش والجماعات المدنية, وفاقمت الأزمة في عام 2021 عندما دبّر البرهان وحميدتي انقلابًا عسكريًا أطاح برئيس الوزراء المدني والحكومة وعلق الدستور.

ونشأت التوترات بينهما بعد انقلاب 2021 بعد اتفاق القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع والقادة السياسيين المدنيين على إطار عمل جديد للانتقال الديمقراطي في ديسمبر 2022، حيث ظهرت أثناء المفاوضات أسئلة شملت دمجَ قوات الدعم السريع في الجيش السوداني, ومن سيتولى على قيادة الجيش الموحد ويكون تابعًا للآخر في ظل التسلسل الهرمي العسكري الجديد. بالإضافة إلى انحياز مختلف الأطراف الإقليمية والقوى الدولية لهما والاستفادة من مكانتهما لتحقيق مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية في السودان.

جدير بالذكر أن البرهان هو زعيم الجيش السوداني في الأساس، كان وقت الإطاحة بالبشير المفتش العام للجيش. ويعزى إليه أيضا أداء دور بارز في عام 2000 إبان الأيام المظلمة لنزاع دارفور، حيث تقول بعض المصادر إنه التقى بحميدتي فيها لأول مرة في تلك الفترة. وعزز صعوده إلى السلطة السودانية من خلال كسب القوى الخليجية والأوروبية وقيادته لكتائب من القوات السودانية الذين خدموا مع قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن.

قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي

يقود قوات الدعم السريع محمّد حمدان دقلو (حميدتي), وهو من مواليد 1975 في قبيلة الرزيقات والذي انقطعَ عنِ الدراسة في سنّ الخامسة عشر بعدما توجّه لممارسة تجارة الإبل والقماش وحماية القوافل. وتشكّلت قوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي منذ تأسيسها من خلال مجموعة من الميليشيات (أوالمعروفة بالجنجويد) التي انخرِطت في الصراع الدائر في دارفور, وذلك من أجل محاربة الجماعات المتمردة في مناطق وأقاليم شملت دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق, في أعقاب الهجمات المشتركة التي شنها متمردو الجبهة الثورية السودانية في أبريل 2013 في شمال وجنوب كردفان.

ولقيت قوات الدعم السريع دعما مُباشراً من الرئيس السابق عمر البشير وصارت قوّة موازيّة ومنافسة للجيش السوداني حيث وصل عددها طبقا لبعض المصادر إلى 100 ألف مُقاتل ومجهّزة بالعتاد والسلاح. وانخرطت القوات مُباشرةً في صراعات محلية وسطَ تقارير حول ارتكابها لجرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانيّة, وأن حوالي 40 ألف مقاتل من قوات الدعم السريع شاركوا بين 2016-2017 في الحرب الأهلية اليمنية, بالإضافة إلى تواجد حوالي 1000 جندي من قوات الدعم السريع في ليبيا في يوليو 2019 لدعم الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

وتمكّنت قوات الدعم السريع من تمويل أنشطتها عبر أدوارها المختلفة وعلاقاتها الخارجية؛ إذ تلقت دعما من الدول الأوروبية والأفريقية لتسيير دوريات على الحدود مع ليبيا والحدّ من اللاجئين الإريتريين والإثيوبيين ووقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا. وهناك تقارير بين عامي 2017 و2019 بأن حميدتي استخدم قوات الدعم السريع للسيطرة على مناجم الذهب دارفور، وأن شقيقه عبد الرحيم – هو نائب رئيس قوات الدعم السريع – يترأس شركة الجنيد (Al Gunade) التي تعمل في مجال تعدين الذهب وتداوله في السودان والمتهمة في ديسمبر 2019 بارتباطها الوثيق مع قوات الدعم السريع من حيث المعاملات المالية. إضافة إلى شركتين أخريين داخل السودان وفي الإمارات العربية المتحدة التي يسيطر عليهما القوني حمدان دقلو – شقيق حميدتي.

الصراع الحالي ودور القوى الدولية

توقفت المفاوضات لحل القضايا العالقة بشأن إطار العمل الجديد للانتقال الديمقراطي في ديسمبر الماضي, وتصاعدت التوترات بين البرهان وحميدتي في الأسابيع التي سبقت أعمال العنف الحالية. وتصارع الجانبان للسيطرة على المؤسسات الرئيسية في السودان، حيث تركّز معظم القتال حول مواقع مثل القصر الرئاسي والمقر العسكري للقوات المسلحة السودانية ومطار الخرطوم.

ويتبادل كل من البرهان وحميتي الاتهامات بشأن من بدأ الاشتباكات في الخرطوم بالرغم من أن جميع المؤشرات تؤكد على أن كلا من البرهان وحميدتي كانا يتوقعان المواجهة ويستعدان لها وأنهما فقدا الثقة في العملية السياسية. ويؤكد هذا ما أفادت به التقارير بأنه في الأسابيع السابقة من اندلاع القتال نشرت قوات الدعم السريع أعدادًا كبيرة من مقاتليها في الخرطوم، بينما نشرت القوات المسلحة السودانية دبابات وأسلحة ثقيلة, وأنه قبل أيام قليلة من الاشتباكات انتشرت قوات الدعم السريع في مدينة مروي الواقعة في الجزء الشمالي من السودان ووقع القتال هناك.

وقد أصدر الجيش السوداني قرار حل قوات الدعم السريع, وتصنيف مقاتليها كـ “متمردين” ضد الدولة السودانية ووصف هجومها بـ “محاولة انقلاب” مع إصدار أوامر بالقبض على قائدها – حميدتي – ومحاكمته أمام القضاء.

وفي المقابل يصف حميدتي قائد الجيش السوداني – البرهان – بالانقلابي والإرهابي والإسلامي, وأنه يحاول إعادة فلول حكومة البشير والإسلاميين إلى السلطة, مؤكدا أن قوات الدعم السريع “تسعى للقبض عليه” وتقديمه إلى العدالة بسبب “العديد من أعمال الخيانة ضد الشعب السوداني”.

على أنه رغم المساعي الإقليمية المتتالية والدعوات الدولية المختلفة لتهدئة الوضع وإنهاء الأعمال العدائية والجهود مستمرة لتأمين وقف إطلاق النار؛ فقد ظهرت إشارات تؤكد دور القوى العالمية في الأزمة؛ إذ أدت الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية إلى اجتذاب السودان شركاء دوليين راغبين في مواردها وساعين لتحقيق أجنداتها الإقليمية.

وعلى سبيل المثال، رأت السعودية والإمارات العربية المتحدة في الإطاحة بالرئيس عمر البشير فرصة للقضاء على “الإسلاميين” وتحقيق الاستقرار في المنطقة والاستثمار في المشاريع الزراعية وموانئ البحر الأحمر. وفي عام 2017ألغت الولايات المتحدة عقوباتها طويلة الأمد ضد السودان، مما سمح للشركات الأمريكية بمتابعة مصالحها التجارية في السودان، وضغطت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب على الخرطوم كي تطبّع علاقاتها مع إسرائيل لصالح شطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

بل وأيّدت الغرب قرار البرهان في ضرورة دمج قوات الدعم السريع إلى الجيش السوداني, إلى جانب ما يحظى به من دعم وتأييد من السعودية ومصر وفق رأي بعض المحللين السياسيين. هذا إلى جانب ما تناقلته بعض وسائل الاعلام عن دعم الإمارات لـ حميدتي, وكذلك إسرائيل ولخليفة حفتر في ليبيا, مما يؤشر على تعقيد الموقف الحالي.

وهناك عامل آخر مرتبط بالذهب السوداني؛ إذ بالرغم من العقاب المفروض على موسكو بعد غزو أوكرانيا عام 2022زوّد السودان روسيا بشريان حياة اقتصادي من خلال احتياطياته من الذهب. ويمكن تتبع اهتمام روسيا بالذهب السوداني إلى عام 2017 بعد اجتماع بين البشير والرئيس الروسي فلاديمير بوتين وإنشاء شركة تابعة لمجموعة فاغنر الروسية التي تنشط الآن في بعض دول إفريقية. وهناك تقارير بأن موسكو أصبحت تدعم حميدتي منذ انقلاب 2019 بتوسعة نفوذه داخل السودان وسيطرته على أغنى مناجم الذهب في البلاد, وأنه يحصل في المقابل على مساعدة سياسية وعسكرية روسية, كما كشف مسؤولون أمريكيون أن مجموعة فاغنر عرضت على قوات الدعم السريع أسلحة شملت صواريخ أرض-جو.

وفي حين يرى البعض أن فرنسا قد تدعم البرهان لاستياء باريس من وجود فاغنر في جمهورية إفريقيا الوسطى ومخاوف الحكومة التشادية من تصاعد أنشطة قوات الدعم السريع والمتمردين المسلحين التشاديين على الحدود التشادية السودانية؛ فإن للصين أيضا مصالح كبيرة في السودان وخاصة أنها أحد المستثمرين الرئيسيين في البلاد خلال حكم البشير وواحدة من الدول القليلة التي زودت النظام بالسلاح. وتعمل أكثر من 20 شركة صينية في التعدين السوداني باستثمارات إجمالية تزيد عن 100 مليون دولار. كما صدّر السودان منتجات بقيمة 780 مليون دولار إلى الصين في عام 2021. وتعدّ السودان أيضا جزءا من مبادرة “الحزام والطريق”, حيث منحت بكين السودان بين عامي 2011 و 2018 قروضًا تقدر بنحو 143 مليون دولار أمريكي واستثمرت في مشاريع مثل إنشاء خطوط أنابيب النفط السودانية وجسور النيل ومصانع النسيج وخطوط السكك الحديدية.

المخرج من الأزمة والسيناريوهات المحتملة

من خلال ما سبق اتضح أن الصراع الجاري يزكيه اختلاف مصالح البرهان وحميدتي وأهداف القوى التي تدعمهما وترى مصالحها مع إحدى طرفي الصراع – وهو ما ما قد يطيل أمد الحرب ويصعّب إمكانية توقّع أوان انتهاء القتال -، وخاصة أن الجانبين يعلنان السيطرة على مواقع رئيسية في السودان، مع ورود أنباء عن معارك في مناطق مختلفة وفي أماكن بعيدة عن العاصمة الخرطوم. وقد عزّز الصراعُ ظهورَ قراءات مختلفة ومزاعم سعي قوى أجنبية معينة وراء تحقيق مشاريعها في السودان على غرار انفصال جنوب السودان في عام 2011. وتشمل المزاعم أيضا فكرة مشروع تقسيم السودان إلى أربعة دول أو كونفدراليات تحت مسمى “الولايات السودانية المتحدة”.

وهناك دعوات من الدول المجاورة للسودان بقيادة كل من إثيوبيا وجنوب السودان وغيرهما من الدول الإقليمية التي ترى أن استقرارها في استقرار السودان وأمنه. كما تضمنت مبادرات مختلفة أخرى إلى وقف الحرب فورا حقنا لدماء السودانيين ودمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني والإسراع في المسار الديمقراطي ومشاركة المدنيين السودانيين في الحكم جنبا إلى جنب العسكريين, وأن طول الحرب واستمراره سيؤدي إلى تفتيت البلاد وتقسيمها, خاصة في ظل الظروف التي تمرّ بها دارفور والعوامل التي قد تؤدي إلى انفصالها.

ومن التوقعات والسيناريوهات المحتملة في حالة عدم التوصل السريع لمنطقة وسطى للحل:

الأول: أن تخرج غالبية الشعب السوداني في الشوارع مطالبين الطرفين بوقف الحرب لعدم توافر أدني مقومات الحياة. ويرجح نجاح هذا السيناريو في الضغط على الطرفين ويشكل واقعا جديدا، حتى وإن كان إجماع النسبة الكبرى على الخروج في مظاهرة تنديدا للطرفين مهمة صعبة في ظل الظروف القاسية الحالية والقصف المنشر في مختلف المناطق التي أجبر الجميع على الفرار من مساكنهم والنزوح إلى ولايات سودانية أخرى ودول مجاورة.

الثاني: أن يستعين طرفا الصراع – الجيش وقوات الدعم السريع –بقوى إقليمية مجاورة أو  دولية أخرى أو مرتزقة خاصة مثل فاغنر. وهذا السيناريو يحمل دمارا شاملا, وخاصة أن معظم الدول الإقليمية, مثل مصر وإثيوبيا وليبيا, متهمة مرارا بالتدخل في الشؤون السودانية, كما أن التقارير كشفت دعم الجنرال الليبي خليفة حفتر ومجموعة فاغنر الروسية لـ حميدتي. وتتعرض مصر أيضا لاتهامات بدعم البرهان والجيش السوداني, بالإضافة إلى تقارير عن أسر جنود مصريين من قبل قوات الدعم السريع, الأمر الذي يجعل الحكومة المصرية حذرة في التعامل مع الصراع السوداني رغم تأثرها المباشر بتطوراتها.

الثالث: خضوع جنرالات الحرب للضغوطات الدولية أو قبول الوساطات الإفريقية التي يعززها المجتمع الدولي وقد ينتهي الأمر إلى فرض حكومة مدنية لمدة معينة في حالة رفض طرفا الحرب التوافق. على الرغم من أن كل واحداً منهم يحاول حتى الآن التغلب على الآخر وفرض الأمر الواقع عبر تكتيكات إعلامية وحربية مختلفة, إلا أن هذا السيناريو سيكون ممكنا في حال تراجع القوى الدولية من تأثيرها المباشر للصراع ودعمها لطرفي النزاع، إضافة إلى تنازل بعضها من امتيازاتها في السودان التي تشمل النفط والذهب والهيمنة على الممرات البحرية الاستراتيجية.

خاتمة

إن الأهمية الاستراتيجية والاقتصادية والجيوسياسية للسودان يعني أن استمرار القتال أو انحداره إلى حرب أهلية سيؤثّر سلبا في حياة الملايين في السودان والمناطق المحيطة بها – وفي جميع أنحاء العالم. وأن معالجة الأزمة السياسية تتطلب أولا فهم كيفية ممارسة السلطة في البلاد وإعادة تقييم هيكل الوساطة في أي محادثات سياسية مستقبلية وتوازن القوى الداخلية المحلية والخارجية دون تجاهل تأكيد الالتزامات تجاه تطلعات السودانيين إلى حكومة ديمقراطية بقيادة مدنية.

 

- المدير التنفيذي للأفارقة للدراسات والاستشارات.
- باحث نيجيري مهتم بالتحولات السياسية والقضايا الاجتماعية والتنموية والتعليمية.
- حاصل على دكتوراه في الأصول الاجتماعية والقيادة التعليمية من الجامعة الإسلامية بماليزيا.

- باحث في الدراسات الأمنية والإستراتيجية.
- عضو اللجنة العلمية للخبراء والمختصين والمهتمين بدراسات البحر الأحمر – السودان.
- حاصل على دكتوراة في التخطيط الاستراتيجي من جامعة أم درمان الإسلامية, أم درمان - السودان.

- باحث مصري.
- أستاذ مشارك للعلاقات الدولية والتاريخ السياسي وعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة مينيسوتا الإسلامية.