نيجيريا بين خطي “أنبوب الغاز العابر للصحراء” (TSGP) و “أنبوب الغاز النيجيري المغربي” (NMGP)

تضم نيجيريا أكبر احتياطيات الغاز المؤكدة في قارة إفريقيا, والتي تقدّر بحوالي 200 تريليون قدم مكعب – أي ما يعادل حوالي 3 في المئة من احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية المؤكدة – تليها الجزائر بـ 159 تريليون قدم مكعب([1]). واستحوذت الدولتان في عام 2020 على 86 في المئة من صادرات الغاز الأفريقي (58 في المئة للجزائر التي تملك أكبر شبكة أنابيب الغاز في القارة، و 28 في المئة لنيجيريا), كما اتجهت أكثر من 62 في المئة من هذه الصادرات إلى أوروبا([2]).

وقد أعلنت الحكومة النيجيرية عن ضرورة تنويع اقتصاد البلاد الذي يعتمد بشكل رئيسي على النفط وعائداته. وأكّدت على أهمية الاستفادة من ثروات الغاز في البلاد عبر مشاريع البنية التحتية التي تمكّنها من نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب العابرة لدول إفريقية مختلفة لتزويد الأسواق الإفريقية والأوروبية؛ إذ توفر نيجيريا هذه الخدمة في الوقت الرهن بواسطة ناقلات الغاز التي يعتَبرها المسؤولون النيجيريون مكلّفة([3]).

وتتزامن الخطة النيجيرية مع خطوات دول إفريقية أخرى مثل الجزائر والمغرب حول مشاريع خطوط أنابيب الغاز العابرة للحدود والدول, كما أنها تتماشى مع مساعي التكامل الاقتصادي للمنظمات الإقليمية والقارية, مثل “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” (ECOWAS) والاتحاد الإفريقي, وخاصة أن القارة الإفريقية تشهد مشاريع الغاز الطموحة المقترحة وجارية التنفيذ([4]). ومن بين هذه المشاريع الإفريقية: خط أنبوب غاز بري يمتد من نيجيريا ويمر عبر الصحراء في النيجر إلى الجزائر؛ وخط أنبوب بحري يمتد من نيجيريا إلى المغرب عبر المحيط الأطلسي ويربط ما لا يقل عن 11 دولة أخرى في غرب إفريقيا.

وقد أثارت خُطّتا الجزائر والمغرب مع نيجيريا تساؤلات بين نيجيريين حول جدواهما الاقتصادية والتنموية, وما إذا كانتا مجرد خطوة لتحقيق أهداف جيو-سياسية أو جرّ نيجيريا إلى جانبهما في منافستهما الإقليمية والتأثير في موقف البلاد في قضايا إفريقية قارية ودولية.

خط أنابيب الغاز العابر للصحراء (TSGP)

يُعدّ “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” (Trans-Saharan gas pipeline) مشروعا مشتركا بين ثلاث دول, والذي يبدأ من نيجيريا ويمر بالنيجر إلى الجزائر. وقد أثيرت فكرة المشروع للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي ومضت نيجيريا والجزائر في يناير 2002 على توقيع مذكرة تفاهم للتحضير للمشروع, كما وقعتا على عقد مع شركة Penspen Limited في يونيو 2005 لإجراء دراسة جدوى اكتملت في سبتمبر 2006 وأفادت نتائجها بموثوقية الخط وجدواه التقنية والاقتصادية([5]).

خط الغاز عبر الصحراء (باللون الأحمر).

ومع ذلك لم يشهد “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” أي تقدم ملحوظ بين عامي 2009 و 2020 رغم إجراء الجزائر والنيجر ونيجيريا محادثات مختلفة بشأن إحيائه وإنشاء “فريق عمل” وكيان لتحديث دراسة الجدوى السابقة. وعاد الاهتمام بالمشروع في عام 2020 عندما بدأت “شركة النفط الوطنية النيجيرية” (Nigerian National Petroleum Limited) بناء أنبوب Ajaokuta-Kaduna-Kano =AKK)) الممتد من بلدة “أجاوكوتا” (الواقعة في وسط نيجيريا) إلى “كادونا” و “كانو” (الواقعتين شمال غرب نيجيريا), حيث يشكل مشروع “أجاوكوتا” المرحلة الأولى من مشروع “خط أنابيب الغاز عبر نيجيريا” (Trans-Nigeria Gas Pipeline=TNGP) الذي سيكون جزءًا من نظام “خط أنابيب الغاز العابرة للصحراء”([6]).

وتفيد تقارير أن طول “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” سيبلغ 4128 كيلومتر بدءا من خط الأنابيب في مدينة “واري” (الجزء الجنوبي الغربي من منطقة دلتا النيجر النفطية في نيجيريا) انتهاءا في “حاسي الرمل” بالجزائر, حيث سيتصل بخطوط الأنابيب الحالية التي تمتد إلى أوروبا.

وتقدّر التكلفة الأولية للمشروع بـ 13 مليار دولار أمريكي مع إمكانيته لنقل حوالي 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى أوروبا عبر ثلاثة خطوط أنابيب غاز قائمة: “خط الأنابيب عبر المتوسط” (TransMed) الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس؛ وخط “ميد غاز” (Medgaz) من غرب الجزائر إلى إسبانيا؛ و “خط أنابيب الغاز المغاربي–الأوروبي” (Maghreb–Europe Gas Pipeline) الذي يربط الجزائر وإسبانيا مرورا بالمغرب. وفي نيجيريا يتوقع أن يزوّد مشروع “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” الاتحاد الأوروبي بحوالي 1.06 تريليون قدم مكعب من الغاز النيجيري سنويًا([7]).

ويضاف إلى ما سبق أنه في 28 يوليو 2022 أُضِيف الطابع الرسمي لمشروع “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” بعد أشهر من المفاوضات, حيث وقعت نيجيريا والنيجر والجزائر مذكرة تفاهم أكّدت على “الإرادة السياسية” لهذه الدول الثلاث([8]). وهناك تلميحات على استمرارية المناقشات بين خبراء من الدول الثلاث, بينما لم تعلن أيّة دولة من هذه الدول الثلاث عن موعد محدد لإكمال الخط – حتى وإن كان وزراء هذه الدول قالوا إنهم يريدون إكماله “في أقصر فترة زمنية ممكنة”, كما يلاحظ من تصريحات الجانب الجزائري أن خبراء أفادوا بإمكانية إكماله في غضون ثلاث سنوات([9]).

أما تمويل “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء”؛ فمعظمه واقع على عاتقي الجزائر ونيجيريا. ويصعب الجزم في الوقت الراهن بالقدرة المالية لنيجيريا لإكمال الأجزاء الخاصة بها في المشروع لمشاركة البلاد في مشاريع نفطية وغازية أخرى, بما في ذلك أنابيب الغاز الداخلية الوطنية و “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”. وبالنسبة لدولة النيجر؛ فهي أيضا قد قد تواجه الصعوبة في تمويل الجزء الخاص بها بسبب حالة البلاد الاقتصادية وضعف قدرتها المالية. ويعني ما سبق أن المرجح لهذه الدول الثلاث أن تبحث عن تمويل واستثمار خارجيين – سواء من الدول التي قد تهتم بالمشروع, مثل الصين وروسيا, أو من الدول الأوروبية التي تسعى نحو إيجاد بدائل للغاز الروسي.

خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي (NMGP)

كان “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” (Nigeria-Morocco Gas Pipeline) من اقتراح الملك “محمد السادس” في عام 2016 خلال زيارته لأبوجا عاصمة نيجيريا. وسيكون هذا الخط امتدادا لخط الأنابيب البحري الحالي (خط أنابيب غاز غرب أفريقيا أو West African Gas Pipeline) الذي يربط نيجيريا مع جمهورية بنين وغانا وتوغو, وهو ما يعني أن إنشاء خط الأنابيب الجديد سيربط ساحل العاج وغامبيا وموريتانيا والسنغال وسيراليون وليبيريا وغينيا وغينيا بيساو وصولا إلى المغرب. وتؤيّد “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” (ECOWAS) هذا “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” لأهميته وكثرة عدد دول غرب إفريقيا المشاركة فيه, بما في ذلك نيجيريا, وإمكانات الخط المتوقعة من حيث التنمية والتكامل الاقتصادي وأمن الطاقة؛ إذ يتوقع استغلال الخط من قبل الدول المشاركة فيه لتصدير غازها إلى دول أخرى تعاني من نقص الغاز مما يعود على الجميع بمنافع كبيرة([10]).

وكشفت تقارير أن مشروع “خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب” سيمتد لأكثر من 7000 كيلومتر من نيجيريا إلى المغرب (ومن هناك إلى أوروبا) مع توقّع نقل الخط حوالي 3 مليارات متر مكعب من الغاز يوميًا, وأنه سيكلف ما لا يقل عن 25 مليار دولار وسيُنَفّذ على مراحل مع توقّع اكتماله في عام 2046 اعتمادا على تقدير 25 عامًا المعلن في عام 2017([11]).

مسار خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب بالخط الأحمر المنقط (المسار القائم الحالي بالخط الأسود المستقيم). المصدر: شركة البترول الوطنية النيجيرية.

هذا, ويشهد الخط منذ عام 2020 تطورات ملموسة بدءا من إجراء دراسات الجدوى والخطوات الهندسية اللازمة. وهناك إشارات على أن شركتي النفط السنغالية والموريتانية تدعمان المشروع؛ إذ في سبتمبر وأكتوبر 2022 تم توقيع اتفاقية تنفيذ المشروع بين نيجيريا والمغرب و “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”, وشارك في عملية التوقيع “شركة البترول الوطنية النيجيرية” (NNPC) و “المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن” المغربي (ONHYM) وشركتا النفط السنغالية والموريتانية([12]).

وفيما يتعلق بالاستثمار؛ تقع عملية تمويل القدر الأكبر من المشروع على عاتقي نيجيريا والمغرب. وفي أغسطس 2017 بدأت “شركة البترول الوطنية النيجيرية” و “المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن” إجراء دراسة جدوى للمشروع والتي اكتملت في يناير 2019. وفي الشهر نفسه تعاقدت المؤسستان النفطيتان -النيجيرية والمغربية – مع شركة Penspen Engineering لإجراء المرحلة الأولى من دراسة “التصميم الهندسي الأمامي” (Front End Engineering Design)([13]).

وقد تعهّد “البنك الإسلامي للتنمية” (Islamic Development Bank) بتمويل 50 في المئة من دراسة “التصميم الهندسي الأمامي” (Front End Engineering Design) لمشروع “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”, حيث تحمل نيجيريا والمغرب عضويته وتعتبران من المساهمين الرئيسيين في البنك([14]). وفي سبتمبر 2021 وافق “صندوق الأوبك للتنمية الدولية” (OPEC Fund) – التابع لـ “منظمة الدول المصدرة للنفط” (OPEC) التي كانت نيجيريا أحد أعضائها – على قرض بقيمة 14.3 مليون دولار أمريكي لتمويل المرحلة الثانية من دراسة “التصميم الهندسي الأمامي” للمشروع (وهذه المرحلة الثانية تشمل منطقة الشمال من الخط والتي هي: السنغال – موريتانيا – المغرب)([15]).

ويضاف إلى ما سبق أن “رابطة منتجي البترول الأفريقيين” (African Petroleum Producers’ Organization) – التي تتألف من 18 دولة إفريقية منتجة للنفط – تسعى إلى تأمين الاستثمار لـ “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” وتعبئة حوالي ملياري دولار أمريكي من الموارد لتمويل المجالات الحاسمة للتعاون في البنية التحتية داخل إفريقيا. هذا إلى جانب شركات أخرى تشارك في عملية دراسة وتنفيذ المشروع, مثل الشركة الهندسية الأسترالية “Worley Parsons Limited”, وشركة  “Intecsea” في “لاهاي” المسؤولة عن خدمات “التصميم الهندسي الأمامي” الشاملة, ومكتب شركة Worley  في لندن و مدريد المكلف بتقييم الأثر البيئي والاجتماعي ودراسات حيازة الأراضي وتقييم إمكانية استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل خط الأنابيب وتقليل انبعاثات الكربون. بينما تقوم شركة “Advisian” التابعة لـ “Worley” بالتحقيق في عملية الكهربة وجدوى الاكتفاء الذاتي من الطاقة في مناطق الخط([16]).

موقف الحكومة النيجيرية

أكّدت الحكومة النيجيرية مرارا على أهمية مشروعي “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”, ولم يصدر أي إشارة على تفضيل الحكومة لمشروع على آخر؛ إذ يأمل مسؤولو “شركة البترول الوطنية النيجيرية” من إنشاء البنية التحتية للمشروعين أن يفتح لنيجيريا فرصا متعددة كمركز لاستثمارات الغاز([17])([18]). وباعتبار أن نيجيريا تشحن حاليا ما يزيد عن 12 مليار متر مكعب من الغاز إلى واردات أوروبا الغازية؛ فإن اكتمال المشروعين أو أحدهما سيعزز مكانة نيجيريا كمورد رئيسي للطاقة إلى أوروبا.

ورغم ما سبق, تؤدي المقارنة بين التطورات الأخيرة بشأن “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” وتصريحات بعض الاقتصاديين النيجيريين إلى القول: إن المشروع الثاني (“خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”) يحظى بأكبر الاهتمام, وقد يعود ذلك إلى ما يشهده المشروع من تطور ملموس من حيث الدراسة والتنفيذ والتمويل.

ويتماشى المشروعان مع “خطة عقد الغاز” المعلنة من قبل إدرة الرئيس “محمد بخاري”, والتي حدّدت يناير 2021 إلى ديسمبر 2030 كفترة تطمح فيها الحكومة إلى تصنيع البلاد باستخدام الغاز كعامل تمكين([19]). بل يتوافق “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” أيضا مع رؤية الاتحاد الأفريقي من حيث التكامل الاقتصادي والمساهمة الجماعية في التنمية, ويعزز مبادرات مثل “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية”([20]) والجدار الأخضر الأفريقي وبرامج مختلفة لتطوير البنية التحتية, بالإضافة إلى إمكانية المساهمة في تلبية حاجات المنطقة للاستقرار والأمن وتوفير الطاقة لما يقرب من 400 مليون شخص([21]).

وتتمحور الشكوك والانتقادات الموجهة لـ “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” حول كثرة الدول الإفريقية المشاركة فيها وما تعانيها بعض هذه الدول من اضطرابات سياسية, إلى جانب كون الأوضاع الأمنية في هذه الدول قد تفاقم من تحديات تنفيذ الخط أو إدارته بشكل مستدام, بالإضافة إلى الصراع على السلطة والهيمنة الاقتصادية الذي قد تخلقه ثروة الغاز في مناطق عبور الخط اعتمادا على حالة أزمة منطقة دلتا النيجر النفطية في نيجيريا.

ومع ذلك, يمكن القول إن نقطة ضعف “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” هي أيضا ميزتها؛ إذ كثرة الدول المشاركة فيه قادرة على تعزيز أواصر التعاون بين جميع هذه الدول الإفريقية وتوحيد جهودها في إحداث ثورة في الوصول إلى الطاقة في منطقتي غرب إفريقيا وشمالها وبين قارتي إفريقيا وأوروبا، وهو ما يعني وجود سوق طاقة إقليمي تنافسي قادر على إضافة فوائد قيمة في اقتصادات المنطقتين. وقد كشفت “شركة البترول الوطنية النيجيرية” أن “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” قادر على نقل الغاز النيجيري إلى كل خط ساحلي في غرب إفريقيا، وينتهي الخط في طنجة في المغرب و”قادس” في إسبانيا – أي أن الخط سيمر عبر “كوتونو” في بنين؛ و “لومي” في توغو؛ و “تيما” و “تاكورادي” في غانا، ودول أخرى تشمل ساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، وأخيراً إلى أوروبا عبر إسبانيا.

ويضاف إلى ما سبق أن تقرير “Rystad Energy” رجّح وصول إفريقيا إلى ذروة قدرة إنتاجية للغاز بحلول عام 2030 بحوالي 470 مليار متر مكعب([22]). وعليه سيتجاوز إنتاج الغاز في إفريقيا على المدى القصير والمتوسط التقديرات المبلغ عنها في حال اكتمال مشروعي أنابيب الغاز وتوسيع مشغلي النفط والغاز الأفارقة نطاق العمليات.

تساؤلات ونقاط مثارة

بالرغم من المبررات التي قدمها مسؤولو “شركة البترول الوطنية النيجيرية” بشأن مشروعي “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و”خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”؛ إلا أن هناك تساؤلات ونقاط كثيرة أثارها النيجيريون في شتى المجالات والتخصصات. وقد نال مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي أكبر قدر من هذه التساؤلات؛ إذ شككوا في مدى تحقق الجانب النيجيري من صحة الجدوى الاقتصادية والمبررات التقنية للمشروع, وأشاروا إلى أن التكلفة النهائية له ستكون ضفي المبلغ المعلن أو أكثر, وأن الحكومة لم تنشر الأوراق المهمة المرتبطة به في مواقعها العامة حتى يتمكن النيجيريون من التحقق في الآليات المتبعة للحصول على جميع التصاريح والموافقات البحرية في كل الدول التي يمر بها الخط([23]).

وهناك انتقادات حول السرية التي تتبعها “شركة النفط الوطنية النيجيرية” بشأن المشروعين وعدم نشرها للخطة الاستثمارية لإنتاج الغاز الذي سيخصص لـ “خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي”. كما أنه هناك شعور بأن مشروعي “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و”خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي” سيؤثران في المواقف النيجيرية تجاه القضايا الإقليمية والقارية والعالمية، بما في ذلك قضية “الصحراء الغربية/المغربية”؛ إذ “خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي” سيمر عبر المياه المتنازع عليها قبالة سواحل “الصحراء الغربية/المغربية”.

وفيما يتعلق بإمكانات الحكومة النيجيرية لتنفيذ المشروعين وتمويلهما في آن واحدٍ؛ فإن هناك شبه اتفاق لدى الاقتصاديين النيجيريين على صعوبة تنيفذهما معا من قبل نيجيريا, وخاصة أن هناك مشاريع وطنية أخرى, مثل مقترح توصيل الغاز للمنازل الذي لم تعلن الحكومة النيجيرية أي إطار لتنفيذه حتى اليوم, ومشروع (Obrikom-Obiafu to Oben) الذي مضى 16 عامًا على إنشائه. هذا إلى جانب التشكيك في قدرة نيجيريا نفسها بسبب ما تشهده البلاد من انخفاض حاد لإنتاجها من النفط الخام بنسبة 42 في المئة نتيجة لسرقة النفط النيجيرية وتخريب خطوط الأنابيب في السنوات الأخيرة([24]).

وتشمل نقاط أخرى مثارة جوانب التقنية والحقوق وعبور أنابيب الخطين عبر أراضي متنازع عليها أو مناطق تشهد أزمات أمنية مختلفة, مثل الإرهاب والعنف المسلح والأنشطة الإجرامية الأخرى. وهناك من ذهب إلى أن الأولى لنيجيريا توجيه المبالغ التي ستنفقها على المشروعين لتطوير محطات الغاز الطبيعي المسال حيث باستطاعة البلاد بمواردها الهائلة من الغاز أن تحقق هذه المشاريع في غضون خمس سنوات, وهو ما تجعلها في صفوف موردي الغاز الطبيعي المسال في العالم وتضيف لها قيمة في الأعمال البحرية وقطاع الشحن العالمي([25]).

جدير بالذكر أيضا أن بعض النيجيريين ينظرون إلى المشروعين كأداة جيوسياسية لعدم اقتناعهم بمبررات حاجة المغرب لخط أنابيب الغاز على طول الطريق من نيجيريا؛ إذ كان موقفهم أن بإمكان المغرب شراء الغاز الطبيعي المسال من السنغال وموريتانيا لقربهما منها, سواء عبر بناء خط الأنابيب أو عن طريق سفن نقل الغاز الطبيعي المسال والتي تكون أكثر مرونة بسبب قصر المسافة. وقد فضّل آخرون لنيجيريا تنفيذ المعاهدة الاقتصادية لـ “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا” وخطط التنمية النيجيرية التي أوصت ببناء نظام سكك حديدية في المنطقة لتسهيل نقل رواسب الفوسفات من دولة مثل توغو إلى مجمع الأسمدة الفوسفاتي النيجيري في كادونا (شمال غرب نيجيريا).

تنافس إقليمي ودولي

يأتي مشروعا “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و”خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”على خلفية منافسات إقليمية ودولية, ولهما أبعاد على الصعيد الدولي؛ إذ هناك تنافس بين المغرب وجارتها الجزائر التي تعد أكبر مصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا. ولا شك أن “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” – إذا اكتمل – ستوفر للجزائر مكاسب سياسية إلى جانب الفوائد الاقتصادية، وهو ما يعزز مكانتها في شمال إفريقيا وموقعها الاستراتيجي في القارة الأفريقية بأكملها. ورغم أن “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” أقصر مقارنة بخط نيجيريا-المغرب, إلا أنه لا يزال مقترحًا. بينما توجد مخاوف من الأوضاع الأمنية في مناطق الصحراء (بين نيجيريا والنيجر والجزائر) التي سيمر عبرها الخط, وذلك لما تعانيه أجزاء من هذه المناطق من أزمات أمنية بما في ذلك الإرهاب.

ويضاف إلى ما سبق أن للجزائر خطي أنابيب يربطانها مع إيطاليا وإسبانيا. وهذان الخطان قد لعبا دورا مهما في نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا. ومع ذلك, يحذّر البعض في الغرب صناع السياسات الأوروبية من تبنّي الجزائر كمصدر طاقتها الوحيدة لتفادي الوقوع في أزمة غاز أخرى في المستقبل([26]). ويلاحظ من هذه التحذيرات([27]) أنها تأثّرت بالأزمة الجارية بين الجزائر والمغرب والتي بلغت ذروتها في قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في أغسطس 2021 وتحريم الجزائر الرباط من غازها في أكتوبر بإغلاقها “خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي” (GME) الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا ويمر عبر المغرب. هذا إلى جانب ما حدث في بداية عام 2022 عندما عُلِّقت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار بين الجزائر وإسبانيا بعدما دعمت إسبانيا خطة المغرب الخاصة بـ “الصحراء الغربية/المغربية”.

وفي الأوساط النيجيرية يساهم عاملان آخران في تفضيل بعض النيجيريين لمشروع “خط الأنابيب العابر للصحراء”؛ وهما:

العامل الأول: الحملات الإقليمية والدولية المعارضة لمشروع “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” بسبب آثاره البيئية المتوقعة، حيث يرون أن هذه الحملات قد تؤثر سلبا في الفرص والتعاملات النيجيرية على المستوى الدولي في المستقبل. وقد شهد خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب في عام 2018 معارضة من قبل 40 منظمة وقعت على بيان دعت فيه إلى إلغاء مشروع الخط لصالح صحة الناس وسلامة الكوكب([27b]).

العامل الثاني: قضية “الصحراء الغربية/المغربية”, حيث يرى نيجيريون أن مشاركة بلادهم في مشروع “خط أنابيب العابر للصحراء” أولى نظرا لقلة احتمال حدوث التنازع على الأراضي التي يمرّ عبرها الخط – بخلاف خط الأنابيب النيجيري المغربي الذي يخطط أن يكون له نقطة إنزال في “الصحراء الغربية/المغربية” التي يدير المغرب حوالي 80 في المئة منها في ظل دعوة جبهة البوليساريو إلى الاستفتاء على تقرير المصير. ولا تزال نيجيريا من الدول التي تدعم “أحقية” منطقة “الصحراء الغربية” في الاستقلال وتقرير المصير. وقد حذّرت هيئة البترول والتعدين في “الصحراء الغربية” الشركات الأجنبية المنفذة لمشروع “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” من ارتكاب خطإ العمل في المنطقة لكونها أراض يتنازع عليها([28a]).

وفيما يتعلق بالاهتمام الأوروبي؛ فإن المشروعين قادران على استفطاب الاستثمار من الاتحاد الأوروبي الذي يبحث أعضاؤه عن مصادر بديلة للطاقة بعد أن لعبت روسيا ورقة الطاقة ردًا على العقوبات الغربية بشأن الحرب الروسية الأوكرانية. ويؤشّر تواتر الاجتماعات رفيعة المستوى([28])([29]) مؤخرا بين المسؤولين النيجيريين ووزارة الطاقة الأمريكية على أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون مهتمة بدعم المشروعين أو أحدهما. وذهبت مصادر([30])([31]) إلى أن روسيا تتابع المشروعين باعتبارهما مبادرتين قادرتين على تعزيز علاقة موسكو مع الدول الإفريقية في ظل بحثها طرق الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليها وتوسيع استثماراتها في إفريقيا. ومن المحتمل أيضا أن تظهر الصين كداعم أو مستثمر في أحد المشروعين اعتمادا على حقيقة أن بإمكان المشروعين تدعيم مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى جانب الاستثمارات والقروض الصينية الحالية في صناعة النفط والغاز النيجيرية([32])([33]).

خاتمة

مما سبق يمكن القول: إن المواقف النيجيرية من المشروعين غير موحّدة؛ إذ يعتبر عدد من الاقتصاديين النيجيريين “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” أكثر جدارة ومتوافقة مع مشروع غاز داخلي, وذلك نظرا لما يتطلبه من تمويل أقل وسنوات تنفيذ غير بعيدة ومسافة خط قصيرة مع إمكانية بقاء نيجيريا على “حيادتها” وموقفها من “الصحراء الغربية/المغربية”. ومع ذلك, أثار هؤلاء الاقتصاديون أيضا مخاوف اجتماعية وأمنية من “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” بسبب مناطق عبور الخط.

وفي المقابل تؤشر تطورات الشهور الماضية على أن “خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي” يحظى باهتمام مسؤولي “شركة النفط الوطنية النيجيرية”, وخاصة أن هذا المشروع قد أحرز تقدما من حيث دراسات الجدوى والاتفاقات بين الدول والأطراف المشاركة, بما في ذلك “المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا”, بالإضافة إلى تمويله والاستثمار فيه الذي تعززه “رابطة منتجي النفط الأفريقية” وتتصدره “صندوق الأوبك للتنمية الدولية” و “البنك الإسلامي للتنمية”.

ومما لا شك فيه أن اكتمال المشروعين أو أحدهما سيساهم في معالجة تحديات الاستثمار في البنية التحتية للغاز في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتي ظلّت عقبة رئيسية. كما أنه سيضاعف من مكانة نيجيريا على مستوى قارة إفريقيا – ليس فقط من حيث تصدير احتياطيات غازها الطبيعي – ولكن من حيث المشاركة في القرار المصيري الدولي فيما يتعلق بالطاقة.

ومع ذلك, لا يمكن الجزم بما إذا كان المشروعان – أو أحدهما – سيتمكنان من سد فجوة روسيا في تلبية احتياجات أوروبا للغاز, وذلك لعدة اعتبارات منها: أن المشروعين لن يكتملا في أي وقت قريب, وأن أيًّا منهما بحاجة إلى خطوط أنابيب كافية ومرافق المعالجة والتخزين الفعالة. كما سيحتاج إلى مجموعات الاستثمار من المؤسسات المالية وشركات الطاقة والدول الأوروبية مع شبكة من المتعاونين وأصحاب المصلحة الإفريقيين والدوليين من القطاعين العام والخاص لكي يكون أكثر استدامة. وهناك تحديات أمنية محلية خاصة بكل دولة إفريقية تشارك في المشروعين. بينما يرى البعض في نيجيريا أن التوتر الجاري بين المغرب والجزائر يكفي كإشارة لنيجيريا على احتمال وقوع الصراع حول “الصحراء الغربية/المغربية”, وهو ما سيؤثر في قطاع الطاقة النيجيري فتُدخل البلاد في صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.

ــــــــــــــــــــــــــ

[1] – Lars Kamer (2020). “Countries with the largest natural gas reserves in Africa 2021”. Statista, retrieved from https://bit.ly/3ZHELWC

[2] – Ali Boukhlef (2022). “Algeria: The Trans-Saharan pipeline, a Nigerian alternative to Russian gas?”. Middle East Eye, retrieved from https://bit.ly/3ITEHgO

[3] – “Decade of Gas: FG to Spend $2bn Investment Yearly on Infrastructure Devt, Says NLNG”. ThisDay, retrieved from https://bit.ly/3Xe3yA1

[4] – ABIQ (2021). “Oil and Gas Projects in Africa”. Retrieved from https://bit.ly/3XuLlhi

[5] – “Trans-Sahara Gas Pipeline”. Global Energy Monitor, retrieved from https://bit.ly/3XuLlhi

[6] – “AKK Natural Gas Pipeline Project”. Hydrocarbons Technology, retrieved from https://bit.ly/3IXFSMh

[7] – المصدر سابق:

“Trans-Sahara Gas Pipeline”. Global Energy Monitor

[8] – CGTN Africa (2022). “Algeria, Niger, Nigeria ink deal to build trans-Saharan gas pipeline”. Retrieved from https://bit.ly/3Wk7Vs2

[9]– المصدر سابق:

Ali Boukhlef (2022). “Algeria: The Trans-Saharan pipeline, a Nigerian alternative to Russian gas

[10] – “Nigeria-Morocco Gas Pipeline”. Global Energy Monitor, retrieved from https://bit.ly/3XhSKkr

[11] – Ecofin Agency (2017). “Nigeria and Morocco sign feasibility studies agreement to advance a pipeline project that will link the two countries”. Retrieved from https://bit.ly/3knQKZi

[12] – Ejiofor Alike (2022). “Nigeria, Three Other Countries Sign Additional MoU on $25bn Gas Pipeline”.

[13]  – المصدر سابق:

“Nigeria-Morocco Gas Pipeline”. Global Energy Monitor

[14] – IsDB (2021). Signature of Financing Agreements related to the Front-End Engineering Design Study Project for Nigeria – Morocco Gas Pipeline. Retrieved from https://bit.ly/3w5enIO

[15] OPEC Fund, “Nigeria-Morocco Gas Pipeline (NMGP) Front End Engineering Study (FEED) Phase II Project”. Retrieved from https://bit.ly/3XBnRXR

[16] – المصدر سابق:

“Nigeria-Morocco Gas Pipeline”. Global Energy Monitor

[17] – William Ukpe (2022). “$13 billion Trans-Saharan pipeline to boost Nigerian gas in European markets – Sylva”. Nairametrics, retrieved from https://bit.ly/3WgNCff

[18] – Premium Times (2022). “What the Nigeria-Morocco Gas Pipeline Project will do for Africa — Mele Kyari”. Retrieved from https://bit.ly/3kkgp5c

[19] – المصدر سابق:

“Decade of Gas: FG to Spend $2bn Investment Yearly on Infrastructure Devt, Says NLNG”. ThisDay

[20] – عبد الواسع مجيب (2022). “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية: إمكانات وتحدّيات”. الأفارقة للدراسات والاستشارات, عبر الرباط https://alafarika.org/ar/5378

[21] – Oussama Aamari (2022). “Morocco-Nigeria Pipeline: How African Development Can Benefit Europe”. Morocco Wold News, retrieved from https://bit.ly/3ZDwKSJ

[22] – Nermina Kulovic (2022). “Europe eyes gas-rich African nations for new supplies, Rystad says”. Offshore Energy, retrieved from https://bit.ly/3w8ixj6

[23] – Dan Kunle (2022). “What is the Economic Justification for the Nigeria-Morocco Gas Pipeline?”. Africa Oil & Gas Report, https://bit.ly/3kmZWgt

[24] – Abubakar Ibrahim (2022). “Nigeria’s oil output under Buhari lowest since 1999.” Business Day, retrieved from https://bit.ly/3XDRfwV

[25]– المصدر سابق:

Dan Kunle (2022). “What is the Economic Justification for the Nigeria-Morocco Gas Pipeline?”. Africa Oil & Gas Report

[26] – Alex Grinberg (2023). “Europe Shouldn’t Rely on Algeria for Its Energy Needs”. The National Interest, retrieved from https://bit.ly/3QLlhMW

[27] – Robin Mills (2022). “Why can’t Algeria solve Europe’s gas woes?”. EURACTIV, retrieved from https://bit.ly/3XyftIF

[27] – Lydia Woellwarth (2018). “Multiple NGOs call for the Nigeria-Morocco gas pipeline project to be scrapped”. World Pipelines, retrieved from https://bit.ly/3Xx3bAg

[28a] – “Saharawi Petroleum And Mining Authority Warns Foreign Companies Over Controversial Nigerian-Moroccan Gas Pipeline Project In Western Sahara”. Sahara Reporters, retrieved from https://bit.ly/3ZH6NBK

[28] – Obas Esiedesa (2022). “FG seeks US funding for Nigeria’s natural gas development”. Vanguard, retrieved from https://bit.ly/3Hclztb

[29] – Nigeria State House (2022) “Osinbajo Travels To United States, Nigeria’s Energy Transition Plan On The Agenda”. Retrieved from https://bit.ly/3CPcu72

[30] – S&P Global (2008). “Europe and Russia Compete over Trans-Sahara Pipeline as Nigeria Considers its Gas Options”. Retrieved from https://bit.ly/3iGR9pk

[31] – Reuters (2022). “Nigeria oil minister says Russia interested in gas pipeline to Morocco”. Retrieved from https://reut.rs/3GNOouf

[32] – Chika Oduah (2019). “China Invests $16 Billion in Nigeria’s Oil Sector”. VOA, retrieved from https://bit.ly/3iLDf5p

[33] – EnerData (2020). “China lends US$2.5bn to Nigeria to build the AKK gas pipeline”. Retrieved from https://bit.ly/3GLcTbM

- المدير التنفيذي للأفارقة للدراسات والاستشارات.
- باحث نيجيري مهتم بالتحولات السياسية والقضايا الاجتماعية والتنموية والتعليمية.
- حاصل على دكتوراه في الأصول الاجتماعية والقيادة التعليمية من الجامعة الإسلامية بماليزيا.

Nigeria-Morocco Gas PipelineTrans-Saharan gas pipelineالجزائرالمغربخط أنابيب الغاز العابر للصحراءخط أنبوب الغاز النيجيري المغربيشركة النفط الوطنية النيجيريةنيجيريا
Comments (0)
Add Comment