عبد الرحمن كان ، باحث في الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/author/abdarahmani-kane/ مؤسسة بحثية استشارية. Thu, 30 Mar 2023 13:55:10 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/alafarika.org/ar/wp-content/uploads/2022/08/cropped-Alafarisc-favc-1.png?fit=32%2C32&ssl=1 عبد الرحمن كان ، باحث في الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/author/abdarahmani-kane/ 32 32 209004356 السنغال: ما التحديات التي تواجه خطة “سال” لولاية رئاسية ثالثة في ظل الوضع السياسيّ الحالي؟ https://alafarika.org/ar/5560/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d8%ba%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87-%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%b3%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/5560/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d8%ba%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87-%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%b3%d8%a7/#respond Thu, 30 Mar 2023 13:55:10 +0000 https://alafarika.org/ar/?p=5560

إن الدولة الحالية لا ترغب في ترشّح عثمان سونكو نظرًا لخطابه التجديدي في السياسة، وتمسّكه بالراديكاليّة في المعارضة، ومحاولته لإثارة الملفات الساخنة في اقتصاد الدولة وخططها المستقبلية في إنتاج الغاز الطبيعيّ، وهذه الأمور كلها مهددة لرئاسة ماكي سال وأسرته ووزرائه وأعوانه ومناصريه. وبالتالي كان الهدف الأوْلى لديهم إسقاطه من الوهلة الأولى اعتمادا على التجارب السابقة في النزاعات السياسية.

ظهرت المقالة السنغال: ما التحديات التي تواجه خطة “سال” لولاية رئاسية ثالثة في ظل الوضع السياسيّ الحالي؟ أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

استجدّ الوضع السياسيّ السنغاليّ جراء الملف القضائيّ الجديد الذي يطارد زعيم المعارضة عثمان سونكو، ويتمثّل ذلك في تصريح له بيّن فيه وجود تقرير رسميّ يوضّح سرقة الوزير السابق مام مباي نيانغ أموال الدولة يقدّر بـ 29 مليار فرنك سيفا عن طريق استغلاله مشروع برنامج المناطق الزراعية المجتمعية “Prodac”، وعلى ذلك تم رفع شكوى ضدّه بارتكاب جريمة التشهير؛ وأصبحت القضية تأخذ مسارًا سياسيّا كسابقتها المتمثل في ملف الاغتصاب – وكأنه فرصة جديدة لتأكيد فرضيّة رغبة السلطة الحاكمة في إعاقته للترشّح في الانتخابات الرئاسية لعام 2024م.

وتبقى القضيّة الأخيرة معقّدة قانونيّا لزعيم المعارضة نظرًا لتصريحاته المثيرة في شأنها، حيثُ أكّد بتوفّر المعلومات الكاملة لديه حول القضيّة واحتفاظه بتقرير عنها، وذكر في تصريح آخر بعد التحقّق معه أنه وجد التقرير في الانترنت؛ ومن هنا يطرح السؤال نفسه عن مدى تأكّد زعيم المعارضة من الخبر الذي وزّعه على الملأ بدون وجود تقارير إدارية رسميّة، الأمر الذي يقود ناقده إلى القول بعدم مصداقيته حتّى في بعض أخبار الفساد التي كان يعلنها سابقًا، أو كانت المعلومات تصل إليه من دون إجراء التحقق عنها.

ومن المنطلق السابق، يأتي التساؤل عن مصدر معلومات عثمان سونكو؟ وإن كان بالفعل يتلقّاها من أنصاره المنخرطين في العمل الإداريّ الوطنيّ فهنالك احتمال إيقاعه في فخّ نشر الأخبار العالقة في مصنع الطهي السياسيّ المستمدّ من الفساد الإداريّ للدولة. وكما يُحمّل جزءا من المسؤوليّة بناء على تصريحاته، فإنه السلطة بالمقابل تُحاول انتهاز واستغلال هذه الفرصة لإقصائه من المنافسة السياسية في السنغال لمنعه من الترشّح في الرئاسيّات القادمة كما فعلتْ سابقًا مع كريم واد وخليفة صال.

هذا, وفي الوقت الذي أظهرت قرائن متعددة على مستوى الإدارة التنفيذية للسلطة بوجود تلاعب ماليّ في مشروع Prodac؛ فقد استند زعيم المعارضة سونكو على فرضيّة رغبة الحكومة السنغالية الحالية في إقصائه مما يوجب عليه مواجهة أفراد الحكومة سياسيّا عبر تعبئة الرأي العام من أجل التجمهر وراءه لدعمه في مشروعه السياسي؛ ونتج عن هذا سلسلة من الانتهاكات التي مورس في حقّه أثناء ذهابه وعودته من المحكمة. وبطبيعة الحال، ورغم الإنجازات المتعددة للسلطة الحاكمة، فإنها قامت بالعديد من الانتهاكات في الشأن العام، بما في ذلك الفساد الإداريّ، والتلاعب بالمال العام وتهديد خزائن الدولة بشراء الذمم السياسية.

واستنادًا إلى هذه المعطيات فإن الدولة الحالية لا ترغب في ترشّح عثمان سونكو نظرًا لخطابه التجديدي في السياسة، وتمسّكه بالراديكاليّة في المعارضة، ومحاولته لإثارة الملفات الساخنة في اقتصاد الدولة وخططها المستقبلية في إنتاج الغاز الطبيعيّ، وهذه الأمور كلها مهددة لرئاسة ماكي سال وأسرته ووزرائه وأعوانه ومناصريه. وبالتالي كان الهدف الأوْلى لديهم إسقاطه من الوهلة الأولى اعتمادا على التجارب السابقة في النزاعات السياسية.

الرئيس “ماكي سال” وأسباب قمعه للمعارضة السياسية

بالإشارة إلى ما سبق ذكره، فإنه بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2019، أراد الرئيس ماكي سال ضبط إيقاع المعارضة في السنغال، ومدّ يده إلى المعارض الأول إدريس سيك الذي انضمّ إليه في حكومته. ويبدو أنّ الرئيس سال استخفّ بوزن عثمان سونكو السياسيّ نظرًا لكونه الرجل الثالث بعد الانتخابات الرئاسية لعام 2019، وسرعان ما تغيّرت الظروف حتّى أصبح هو المعارض الأول في السنغال نتيجة تعبئته السياسية، وأُسند إليه تجميع رأي المعارضة باسم “ائتلاف يوّي أسكنوي”، حيثُ حاول الائتلاف مناهضة السلطة في الانتخابات البلدية والتشريعية الماضيتين، ومنذ تلك الفترة، ومع اقتراب رئاسيات 2024، تسعى سلطة الدولة إلى النظر في مدى إمكانية الترشّح للولاية الثالثة بعد أن كان الترشّح لها خارج الحسابات استنادًا إلى تصريحات الرئيس سال حولها وما تمّ تدوينه في الدستور من اكتفاء الرئيس بولايتين فقط. وفي خضم البحث حول القراءات الدستورية انبثقت روح المقاومة من المعارضة تنديدًا وتهديدًا، ونتج عن ذلك وجود ملفات قضائية على عاتق زعيم المعارضة عثمان سونكو، الأمر الذي أدّى إلى قيام سلطة الدولة بتحقيق سياسة الترويع مواجهةً للمعارضة في تنديدها للتلاعب القضائيّ من أجل إقصاء المعارضين.

وعليه يمكن إيجاز أسباب قمع المعارضة إلى الآتي:

1- تمهيد الترشّح للولاية الثالثة: تقوم المعارضة على رفض ترشّح رئيس الدولة ماكي سال للولاية الثالثة التي تخالف نصّ الدستور الوطني السنغالي، بينما يحاول الرئيس سال فرض إرادته للترشّح من منطلق التأويلات الدستورية وعدم تعداد الولاية الأولى التي كانت مدتها 7 سنوات. وهذا النزاع بين الجانبين أدى إلى استغلال سلطة الدولة الملفات القضائية لبعض المعارضين لتقليل فرص مشاركتهم – وقد يصل الأمر إلى منع المعارضة من الترشّح.

2- إجراء تحقيقات حول خطط المعارضة: تشهد الساحة السياسية السنغالية بعد أحداث مظاهرات مارس 2023 العديد من الاعتقالات، حيث اعتقل العديد من رؤوس حزب “باستيف” (Patriotes africains du Sénégal pour le travail, l’éthique et la fraternité) الذي يرأسه المعارض عثمان سونكو؛ وذلك كله إجراءات تمهيدية من السلطة للبحث عن حيل المعارضة وخططها التي تعمل عليها في شنّ الحرب ضدّها، ومن ثمّ العمل على إعاقتها واتهامها وإدانتها. وتفيد التحقيقات الأولية بإلصاق تهمة المسّ بأمن الدولة للمعتقلين من حزب “باستيف”؛ وذلك نظرًا لخشونة الخطاب السياسي لديهم، وممارستهم التنديد بشتّى الأشكال.

3- دواعي سياسيّة: تبقى السياسة بما تمثّلها من ظروف ومصالح، تؤدى إلى مساعي الحزب الحاكم لكبح جماح المعارضة أيًا كان نوعها من أجل البقاء في الحكم؛ ولو احتاج ذلك استغلال مؤسسات الدولة في شأن ذلك حراسةً ومراقبةً.

4- ترويع الآمنين وإلهاء الشعب: أن للدولة أدوارا عديدة في العنف المنتشر في مظاهرات الشعب الأخيرة، حيث تُحاول الحكومة جعل الاعتقالات وقمع المعارضة كآلة قانونية لترويع منتقديها والخارجين ضد خططها. وقد يكون إحداث العنف أحيانا من أجل ضبط سيرورة أعمال الدولة وإلهاء المواطنين عن العديد من المطالبات في ظلّ انتشار أمواج المعارضة السياسية. بالإضافة إلى تعجيل الإجازات المدرسية وغيرها تفاديا من إسهام المدرسة في عملية التنديد والاحتجاج.

وتجدر الإشارة إلى أن الاستبداد السياسيّ القمعيّ مقابل الإرهاب السياسي الفكريّ وجهان لعملة واحدة، وحيث يكمّل كل واحد منهما الآخر. ويؤشر الوضع الحالي على ضرورة إعمال العقل في تقدير مواقف ردّات الفعل، والحنكة في تبسيط إجراءات المقاومة, كما أن هناك حاجة للتسلّح بضوابط الحيطة والحذر من أجل الإصلاح السياسي عبر قنوات الحوار حفاظا للسلم والأمن والاستقرار.

التحديات التي تواجه خطة “سال” للفترة الرئاسية الثالثة

بالإضافة إلى النقاط والمعطيات سابقة الذكر، يمكن إجمال أهم التحديات التي تواجه خطة الرئيس ماكي سال للفترة الرئاسية الثالثة في النقطتين التاليتين:

1-التحدّي الدستوريّ: يصعب على الرئيس ماكي سال إقناع الشعب السنغالي بشرعيّة فترة رئاسته للولاية الثالثة؛ وذلك لكونه ناهض سابقا حكومة عبد الله واد حين أرادت الترشّح للولاية الثالثة، وقدم إصلاحات دستورية 2016 للحدّ من فوضى الولاية الثالثة. ومع ذلك، فإن له مساحة دستورية للتأويل بالشرعيّة، وربما يكون المجلس الدستوريّ قادرًا على إخراجه من هذا التحدّي المليء بالمخاطر السياسية والأمنيّة – حتى وإن كان هذا لا يضمن له سهولة المرور في الانتخابات القادمة نظرًا للاعتبارات الأخرى مع تعدد وجوه المعارضة.

2-التحدّي السياسيّ والأمنيّ: تشتهر دولة السنغال بتميزها في التداول السلمي للسلطة والاستقرار الديمقراطي؛ ومع ذلك ستكون رغبة الرئيس سال للترشح للولاية الثالثة اختبارا حقيقيّا عن مدى تمسّكه بمبادئ الديموقراطية وعدم عزمه تهديد النظام السياسي السنغاليّ، الأمر الذي يقود إلى القول بأن ردّات الفعل في هذا الشأن يلزمه العديد من الخطوات الأمنية لمراقبة ممتلكات الدولة واستقرارها دون انتهاك حرمات المواطنين. ويلزم تخطّيه هذا التحدّي تنازله عن خطة الترشّح، أو تضعيفه جبهات المعارضة بشكل يساهم في إسكات العدد الكبير من معارضيه بين مواطني السنغال.

في سياق رئاسيات عام 2024

مما سبق يمكن القول بأن الانتخابات الرئاسية لعام 2024 في السنغال ستكون استثنائية؛ وذلك بالنظر لما تخفيها الأحداث الجارية من تفسيرات مختلفة. ويمكن قراءة هذه الاستثنائية من جانب ائتلاف المعارضة حيثُ أنه يظهر في مجريات الأحداث تارة بعدم امتلاك معظم قادته الجُرأة اللازمة في مساندة عثمان سونكو – أحد أعضائه الذي يُعدّ زعيم المعارضة الحالي.

ويُستنتج أيضا من ردّات فعل ائتلاف المعارضة -جراء استهداف السلطة حزب “باستيف” – أن التضحية بـ عثمان سونكو قد تكون من أجل توسيع مساحة الفرصة لدى الليبراليين منهم، حيث يظهر في المعطيات القضائية الحالية تجريد عثمان سونكو من الأتباع سواءً على مستوى الحزب أو على مستوى الائتلاف حيث بقي وحيدًا أمام القضاء، ولم يبق له إلاّ جمهوره الذي يتغنّى بهم.

ومن هنا يأتي السؤال عن مدى جاهزية الشعب السنغالي في ظل التخبّط الملحوظ أثناء المظاهرات والتهديد الأمني وتدمير الممتلكات. ويبدو من تصريحات سلطة الدولة أنها عازمة للحد من الفوضى نظرًا للخسائر الكبيرة جراء المظاهرات السابقة. هذا بالإضافة إلى التصريحات الأخيرة للمدعي العام متهما بعض أنصار حزب باستيف بتدبير خلايا إرهابية للمساس بأمن الدولة وتقويض نظامها، كما خرج عثمان سونكو بعد ذلك بساعات منددا ومنكرا جميع الاتهامات التي تلفظها المدعي في تصريحه، حيث أكّد على ضرورة مواصلة النضال بالمظاهرات يوم 29، 30 مارس و3 أبريل 2023م تنديدا على الأعمال الجائرة التي تقوم بها السلطة من اعتقالات ومضايقات.

ومن التساؤلات الأخرى الطارئة على الساحة: ماذا سيحدث لو أدانت المحكمة عثمان سونكو ومنعته السلطة من الترشّح؟ فهل سيكون أنصاره قادرين على إنجاح ثورته علماً أنه مُنع سابقًا من الترشّح في الانتخابات التشريعية دون مقاومة تُذكر في حينه، أو أن ترشّحه الرئاسيّ هو الحمل الثقيل الذي لا يُسقطه أنصاره عنه ولو بمقابل الاستعدادات العسكرية والسياسية التي تعهدها رئيس البلاد للوصول إلى مآربه.

ومن ناحية أخرى، الرئيس ماكي سال بتصريحاته الأخيرة في إحدى الصحف الفرنسية أبدى اهتماما كبيرًا في المغامرة بالترشّح للولاية الرئاسية الثالثة. ويعيد المحللون السياسيون ذلك إلى المشاريع الكبيرة التي تعهدها سال وخاصة فيما يتعلق بالاستثمارات الدولية واهتمامه بمواصلة سبر أغوار الغاز الطبيعي من أجل مواصلة المشاريع التنموية في الوقت الذي لم يجد لنفسه بديلاً مناسباً على مستوى حزبه السياسيّ.

ومهما يكن من أمر، فإن مشاركة عثمان سونكو في الانتخابات ستقلل من فرصة الرئيس سال للولاية الثالثة. وإن أُقصيَ سونكو مع مشاركة سال فستكون فرص المعارضة ضئيلة للفوز أو استدراك المنافسة. هذا، إلى جانب التطورات الجديدة التي قد تطرأ في الساحة السياسية في ظل موجة الانشقاقات المتعددة بين الأطراف السياسية.

 

ظهرت المقالة السنغال: ما التحديات التي تواجه خطة “سال” لولاية رئاسية ثالثة في ظل الوضع السياسيّ الحالي؟ أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/5560/%d8%a7%d9%84%d8%b3%d9%86%d8%ba%d8%a7%d9%84-%d9%85%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ad%d8%af%d9%8a%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d9%8a-%d8%aa%d9%88%d8%a7%d8%ac%d9%87-%d8%ae%d8%b7%d8%a9-%d8%b3%d8%a7/feed/ 0 5560
ما بعد انتخابات السنغال التشريعية: المشهد السياسي بين السلطة والمعارضة https://alafarika.org/ar/5233/senegal-political-scene-between-the-authority-and-the-opposition/ https://alafarika.org/ar/5233/senegal-political-scene-between-the-authority-and-the-opposition/#respond Fri, 02 Sep 2022 15:44:50 +0000 https://alafarika.org/ar/?p=5233

شهدتْ دولة السنغال انتخابات تشريعية في 31 يوليو 2022م، حيث توجّه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لوضع الحدّ الفاصل في المنافسة القوية بين السلطة الحاكمة والمعارضة بتحالفاتها المتعددة. ويذكر لدولة السنغال أنها واحدة من الدول الأفريقية القليلة التي لم تشهد انقلابًا عسكريّا على الإطلاق، وعلى هذا الإرث التاريخ، أُجريت العملية الانتخابية التشريعية في جوّ سياسيّ متوازن؛ […]

ظهرت المقالة ما بعد انتخابات السنغال التشريعية: المشهد السياسي بين السلطة والمعارضة أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

شهدتْ دولة السنغال انتخابات تشريعية في 31 يوليو 2022م، حيث توجّه الناخبون إلى صناديق الاقتراع لوضع الحدّ الفاصل في المنافسة القوية بين السلطة الحاكمة والمعارضة بتحالفاتها المتعددة. ويذكر لدولة السنغال أنها واحدة من الدول الأفريقية القليلة التي لم تشهد انقلابًا عسكريّا على الإطلاق، وعلى هذا الإرث التاريخ، أُجريت العملية الانتخابية التشريعية في جوّ سياسيّ متوازن؛ إلّا أن المفاجأة حصلت في نتائج الانتخابات بخروجها عن المألوف، ولأول مرة في تاريخ السنغال المعاصر لم يفز أي تحالف بأغلبية مطلقة في البرلمان، وتحمل هذه النتائج في طياتها الكثير من الدلالات في مستقبل العملية الديمقراطية في البلاد، وتستدعي المزيد من الحنكة السياسية بين طرفي السلطة والمعارضة للانتقال الطبيعيّ إلى مرحلة جديدة، وخاصة في ظلّ فقدان الحزب الحاكم الأغلبية  المطلقة إضافة إلى عدم رغبة الرئيس “ماكي سال” في نبذ فكرة السعي لولاية ثالثة، تراها المعارضة غير شرعية. بالإضافة إلى الاحتجاجات المتزايدة من الشعب على الظروف الاقتصادية والاجتماعية.

التشكيلة الجديدة للسياسة السنغالية: أحزاب وتكتلات

لم يكن المشهد السياسي السنغالي بهذا الشكل الذي هو عليه الآن سابقا، ومن الملاحظ أنه في العقدين الأخيرين، بدأت ملامح التشكيلات الحديثة ترد في جميع العناصر السياسية، وبدت السياسة محلّ اهتمام فئات الشعب رجالا ونساء، كبارا وصغارا. وأصبحت التعددية السياسية منطلقا رئيسا لتوعية الشعب ولكسب الرهان، كما وجدت الخطابات السياسية مساحة كبيرة في اهتمام الشباب، الحقيقة التي أدت إلى انفجار الشعبوية الشبابية في المشاركات السياسية بجميع أنواعها سواء على مستوى قيادات الأحزاب والتكتلات، أو على مستوى تفعيل المظاهرات وتسييرها، أو على مستوى المشاركة في المفاوضات النزاعية بين السلطة والمعارضة فكرا وقانونا، قولا وفعلا.

وأتت الخارطة السياسية الراهنة بهذا الشكل نظرا للسوابق السياسية التي قام بها الرئيس “ماكي سال” فور وأثناء ولايته، ومحاولاته المتكررة في فرض نفسه بـتوقيف كبار المعارضين، أمثال “كريم واد” نجل الرئيس السابق، و”خليفة صال”، وآخرهم “عثمان سونكو” حيث أقاله من منصبه في الإدارة العليا لمصلحة الضرائب، والذي يعتبر زعيما للمعارضة في الوقت الحالي؛ نظرا لكثرة أتباعه، وتركيزه على استقطاب الشباب، وقد أدت قضية اتهامه بـاغتصاب الفتاة “أَجِ سار” إلى مظاهر سياسية غير مألوفة، وظهر العنف جراء الاحتجاجات التي حدثت إثر القضية ما أدى إلى مقتل 14 مواطنا سنغاليا؛ ولهذه الأسباب، أقدم الشعب على نوع جديد من السياسة: حدّة كلامية في المعارضة، وكره مستفيض للسياسيين وبالأخص الائتلاف الرئاسي وأنصاره، واهتمام بارز بمناهضة الهيمنة الفرنسية، وخطابات متنوعة عن التنمية والنهضة وطرق استغلال الثروة الطبيعية للدولة.

وعليه، بنت أحزاب المعارضة تكتّلات سياسية عدّة، ومن باب التحالفات صنعت المعارضة قوتها لمجابهة الحزب الحاكم في الانتخاب التشريعية لعام 2022م. وقد شارك في هذا الانتخاب 8 تحالفات وهي تحالف “BENNO BOKK YAKAAR”  بقيادة الرئيس “ماكي سال” و “ميمي توري” كرئيسة اللائحة المرشحة (رئيس اللائحة هو الذي يقود حملة الانتخاب إلى جانب ترشحه ليكون نائباً في البرلمان)، وتحالف “YEWWI ASKAN WI” بقيادة كبار المعارضة “عثمان سونكو” و “خليفه صال” و “ديجي فال” و “عمر سي”، الذي يحتل منصب رئيس اللائحة المرشحة من قائمة النواب البدلاء، وذلك بعد قرار المجلس الدستوري السنغالي بإبعاد اللائحة الرئيسية للتحالف؛ بسبب إهمال فنيّ لأمور قانونية أثناء تقديم قائمة اللائحة المرشحة للاختيار في الانتخابات التشريعية، وتحالف  “WALLU SENEGAL- PDS” يقوده الرئيس السابق “عبد الله واد”، وتحالف AAR SENEGAL بقيادة “تشيرنو ألاسان سال” ، وتحالف “MPR” بقيادة الشاب الصحفيّ “باب جبريل فال”، وتحالف “BOKK GISGIS” بقيادة عمدة بلدية داكار سابقا “باب جوب”، وتحالف “NATANGUE ASKAN WI” بقيادة السيد “شيخ الحسن سين”، و تحالف “BUNT BI” برئاسة “إبراهيم مباو” و “سهام وارديني”.

وإلى جانب هذا التنوع من التحالفات والتغيير السياسي، توجد في السنغال أكثر من 300 حزب سياسي رسميّ. وأبرز المشهد أن سياسية التكتلات والتحالفات هي الفلسفة العملية القادرة على كسب الرهان، حيث ساهمت تجربة تحالفي المعارضة “YEWI ASKAN WI et WALLU SENEGAL”  إلى منع الائتلاف الرئاسي من الحصول على الأغلبية المطلقة في مجلس البرلمان في هذه الانتخابات.

أوراق المعارضة في الضغط على الائتلاف الرئاسي

أظهرت الحملات الانتخابية طموح زعماء التحالفات في إقصاء هيمنة الائتلاف الرئاسي، وتقويض سيطرته عن البرلمان، الأمر الذي جعلت المعارضة تقصف الحزب الحاكم بذكر مساوئه الإدارية، وإدانته أمام الشعب بخطابات مليئة بالكراهة والغضب جراء الانتخابات التشريعية، ونجحت المعارضة في اقتحام الساحة السياسية باستخدام عدّة أوراق سياسية جعلتها تكسب تعاطفا كبيرا من الشعب.

ومن الأوراق السياسية التي حاولت المعارضة استغلالها لكسب الرهان، هي إشكالية الولاية الثالثة، وقد رفض رئيس الجمهورية “ماكي سال” التصريح فيها بوضوح، ويشك الناس في رغبته بالترشّح في الانتخابات الرئاسية لعام 2024م، وبالعودة إلى الدستور، فإن البعض من فقهاء القانون الدستوري في الدولة على رأي بإمكانية تخريج الشرعية له من خلال النصوص التي تحمل الكثير من الغموض، ويتحمل صانعو الدستور مسؤولية التفسيرات التي قد ينجم عنها. ومن هذا الباب، خاطب المعارضون الشعب بعدم التصويت للائتلاف الرئاسي في التشريعات؛ معلّلين ذلك بكون البرلمان سلطة لشرعنة الولاية الثالثة إن هم فازوا بالأغلبية.

ومن جانب آخر، فمنذ أن رفض البرلمان المنتهية ولايته مقترح مشروع قانوني من الحركة الناشطة “AND SAMM JIKKO Yi” لتجريم المثلية، وجدت القضية رواجا كبيرا بين صفوف الناخبين السياسيين، واستغلتها المعارضة كعامل مهمّ في توجيه أصابع التهم إلى الحزب الحاكم والمنتسبين إليه، وطلبوا من الشعب إدانتهم عبر صناديق الاقتراع حفاظا على القيم السليمة التي تعارف عليها السنغاليون قديما وحديثا. وتختلف طريقة الاستغلال بين إيجابيّ وسلبيّ إلا أنه كان عاملا داخليا مؤثّرا في الانتخابات على جميع المستويات.

كما استخدمت المعارضة ورقة الغاز المحتمل استغلاله في الخطابات الدعائية في تحديد المؤهّلين السياسيين على إدارتها لمصلحة الشعب مستقبلا. واستمرّوا في القول بأن الحزب الحاكم غير مؤهّل لاستغلال هذه الثروة الطبيعية بالشكل المطلوب. ومع ذلك، فلا شكّ أن المعارضة قد تستغلّها طمعا فيها، أو عملا على استغلالها بطريقة عادلة. وفي كلتا الحالتين، تأثر الناخب بشكل إيجابي أو سلبي لتوجيه ثروة دولته بما يقتنع به عبر صناديق الاقتراع. إضافة إلى قدرة المعارضة على استغلال حالة التضخم الاقتصاديّ والغلاء في الأسعار لتعرية الحزب الحاكم وإدانته أمام الشعب.

المشهد الانتخابيّ ونهايته

في صبيحة يوم 31 يوليو 2022م، خرج ما يقارب سبعة ملايين سنغاليّ بنسبة ما يقارب 46% من الشعب إلى أماكن الاقتراع للاختيار بين ثمانية تحالفات للأحزاب السياسية؛ رغبةً منهم في التغيير من أجل إسناد شؤون الشعب إلى أيادٍ أمينة، تكره الخيانة، وتحب الوفاء.

وقد أجريت الانتخابات التشريعية في سياق متوتّر نسبيّا نظرًا لسوابق من الأحداث السياسية؛ حيث رفض المجلس الدستوري السنغاليّ قائمة اللائحة الرئيسية لائتلاف المعارضة، وكذلك رفض قائمة الائتلاف الحاكم للمرشحين البدلاء، وقد أثارت هذه الخطوة ضجّة كبيرة في السنغال؛ حيث رأتها المعارضة صورة من صور الإقصاء، وأن الحزب الحاكم يستخدم أجهزة الدولة في تحقيق تطلعاتها الانتخابية، وفي الحقيقة، بينت التصريحات الإعلامية من المعارضة ومن الصحافة بوجود أخطاء قانونية ارتكبتها قيادة المعارضة أثناء تقديم ملف مرشحيها، الأمر الذي أدى إلى هدوء الأوضاع نسبيّا.

ومع ذلك، زاد توتّر المعارضة عندما اكتشف وجود أخطاء فنية في أوراق الترشيح التي قدمها الائتلاف الرئاسيّ، وكادت المعارضة أن تخرج عن صوابها في تنظيم مظاهرات حاشدة في مختلف البلدان. وبسبب التدخلات الديبلوماسية من رجال الوطن تراجعت المعارضة عن تنظيم المظاهرات واكتفتْ بما سطّره القانون في حقّها. وعلى هذه المعطيات، قصدت المعارضة اكتساح الانتخابات التشريعية، والعمل على بذل الجهود في تحقيق الفوز محاربة بما تراه ظلما واضطهادا من قبل الائتلاف الحاكم.

وكانت النتيجة أن انخفض ممثّلو تحالف ” BBY” بقيادة الرئيس “ماكي سال” من 125 إلى 82 في البرلمان من أصل 165 مقعدًا. وفاز تحالفَا المعارضة بـ 80 مقعدا معًا إثر تفعيل حالة المساكنة والتعايش السياسي، الأول يحمل اسم “YAW” بقيادة كبار المعارضة “عثمان سونكو” و “خليفه صال”، والثاني تحالف “WALLU” الذي يرتبط بشخصيات من الحزب الديمقراطي السنغالي للرئيس السابق “عبد الله واد”. وتم تقاسم المقاعد البرلمانية الثلاثة المتبقية من قبل التحالفات الصغيرة، مقعد لعمدة بلدية داكار سابقاً “باب جوب” باسم تحالف  “BGG”، والآخر لـ “تشيرنو ألاسان سال” الوزير السابق باسم تحالف  “AAR”، والمقعد الأخير للصحفي “باب جبريل فال” باسم تحالف “MPR”، وله ارتباط وثيق مع المغني الشهير يوسو اندور حيث يعمل في محطته الإعلامية الشهيرة.

وعلى ضوء هذه النتائج، أصبح قادة الائتلافات الصغيرة جهابذة في صناعة الملك البرلمانيّ بين السلطة والمعارضة. واحتاج الائتلاف الرئاسيّ إلى صوتٍ واحد للفوز بالأغلبية. وعليه أعلن “باب جوب” في تصريح إعلامي انضمامه إلى الائتلاف الرئاسي في الجمعية الوطنية، ومنح بذلك  “BBY” 83 صوتًا الذي سيمكنه من تمرير التشريعات؛ ولكن الأغلبية الصغيرة تجعل الائتلاف الرئاسي هشّة في قراراتها البرلمانية، وتعاني المرارة من الصمود مع الصعوبة في الاستمرار في ظلّ وجود أصوات مقاربة للمعارضة.

واستنادًا إلى هذه الأرقام من كلا الطرفين بين السلطة والمعارضة، فلا توجد ضمانات لتقوية أركان الرؤى السياسية عن طريق البرلمان؛ وذلك نظرًا لاقتراب موعد الانتخابات الرئاسية لعام ٢٠٢٤م، فهناك عدد من تحالف “BBY”، و  “YAW”، و  “WALLU”، قد يفكرون في الترشح في الرئاسيات، وهذا في حدّ ذاته عامل كبير لإضعاف الائتلافين، وبالأخص في تماسك تحالف المعارضة. وستكون ورقة الرئاسيات هي المهيمنة على جميع خطوات العمل في البرلمان، فيبقى الأمر مسيّسا أكثر من كونه أعمالاً إدارية منوطة بالإنجاز والاستمرارية.

ديمقراطية السنغال في مرآة الخارج والداخل

تمت الإشادة بدولة السنغال وتاريخها السياسي الحديث، وما قدمتها في سبيل الديمقراطية كمنارة للاستقرار في المنطقة، وعدم ولوجها في أي انقلاب عسكريّ، إضافة إلى التحولات السياسية في سلمية الانتخابات. وقد هنأت الدوائر الدولية والمنظمات العالمية السنغال بنجاحها في تحقيق اقتراع سلمي آخر في الانتخابات التشريعية الماضية. هذه هي الصورة المثالية للسنغال في أعين الفاعلين السياسيين الخارجيين؛ لكن سمعة هذه الديمقراطية معرضة لخطر الانزلاق نظرا للمجريات السياسية المتزعزعة في الداخل من الاستهداف – تحت غطاء القانون- لشخصيات المعارضة، أدت إلى احتجاجات حاشدة تناهض الحزب الحاكم.

وعلى المستوى الداخليّ، فرئيس الدولة يواجه انتقادات حادة في كونه قادما على زعزعة ديمقراطية السنغال، وخاصة تجاه موقفه من الترشح للولاية الثالثة، ولكن السعي لهذه الخطوة سيطلق أزمة سياسية؛ لأن المجتمع السنغاليّ تشرّب الحرية الديمقراطية، وبمجرد الإلحاح على التمسك بالسلطة، سيواجه ضغوطا من الشعب القادر على محاربته في الشوارع إلّا إذا أحكم التخدير السياسي وتقويض الدستور. ومن جانب آخر، شهدت الانتخابات التشريعية هذه جانبا من عدم احترام أجهزة الدولة المنظمة للانتخابات، حيث أقدم الحزب الحاكم على إعلان الفوز قبل خروج النتائج الرسمية، وإن كان ذلك داخلا في الحروب السياسية إلا أن هذا الفعل غير لائق على الائتلاف الرئاسي، وبه شوّهوا صورة الديمقراطية لأنهم رجال الدولة والقائمون على إدارتها، فليلزم عليهم العمل على تمثيل الديمقراطية السنغالية الرائدة دون الانجرار وراء حلقة الألاعيب السياسية في وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.

فقدان الأغلبية المطلقة في البرلمان

انتفض الشعب السنغالي على مساعي “عبد الله واد” بعد إرادته توريث ابنه الحكم، ورفع المجتمع السنغالي صوته بالمظاهرات والتنديد حين استشعروا بتقييد حرياتهم من الرئيس ماكي سال، وما أن أدركوا إستراتيجية الأخير في إنهاء مسيرة كبار المعارضين السياسيين إلا وهرولوا نحو الانتخابات التشريعية لإدانته، وإن لم تفز المعارضة بالأغلبية المطلقة إلا أنها استطاعت تخفيض تمثيل الائتلاف الرئاسيّ في البرلمان بشكل غير مسبوق في تاريخ السنغال. والائتلاف الرئاسي الآن بالكاد يسيطر على الأغلبية في البرلمان بـ 83 مقعدا مقابل 82 مقعدا للمعارضة، وهي المعادلة التي ستزيد من المساومة السياسية. ومن المجالات التي يمكن أن تكون لنتائج الانتخابات التشريعية فيها تأثير هو مسير تحديد فترة الولاية الثالثة في حين الدستور يحدده باثنين بغض النظر عن المخارج القانونية والتفسيرية للنصوص التي يقلق المنتقدون على استخدامها لتبرير ترشحه مرة أخرى.

وعليه، فإن الإصرار على الترشح للولاية الثالثة سيكون محفوفا بالمخاطر وسط التوترات السياسية الحالية؛ حيث تكبر مطالب المواطنين بمزيد من الشفافية في الحكم، وسيادة القانون، وإعادة الاعتبار للحريات المدنية. كما أن الحياة البرلمانية تحت ضوابط هذه النتائج لن تكون سهلة على رئيس الجمهورية، حيث سيصعب عليه في ظل التشكيل الجديد تمرير التشريعات لصالح الائتلاف الرئاسي، ولاحتمال توازن القوى بين السلطة والمعارضة مما يحدّ من تأثير الرئيس على التعيينات في المجلس الدستوري.

ويلاحظ من خلال الانتخابات قلّة عدد الناخبين، 7 ملايين من أصل 17 مليون سنغاليّ، وهذا مؤشّر غير إيجابيّ في بلد تحسنت سمعتها الديمقراطية عالميّا، فكيف بشعبه لا يخرج لبناء مستقبل سياسي عبر صناديق الاقتراع، الأمر الذي يقودنا إلى ضرورة النظر في محاسن البرلمان ورجاله، ولعلّ الشعب لا يرى في البرلمان نهجا للتغيير، أوأن النواب غير مؤهّلين استنادا إلى السوابق القضائية لبعض منهم، حيث تم قبض بعضهم في قضايا غسيل الأموال وتزوير الجوازات.

المستقبل السياسي السنغالي

يمكن القول بالاعتماد على ما جرى وما يجري حاليا في الساحة السياسية السنغالية أن تطورات المشهد السياسي في الفترة القادمة ستتأثّر بالمستجدات المتعلقة بزعيم المعارضة “عثمان سونكو” الذي خرج يوم 18 أغسطس 2022م في تصريح إعلامي مؤكدا ترشحه للانتخابات الرئاسية القادمة ومندّدا عن جميع أشكال المضايقة التي يمكن صدورها من الحزب الحاكم لعرقلة طريقه نحو الرئاسيات. ولا يزال هناك ملف الاغتصاب الذي اتُّهِم به رغم أن المراقبين المحليين يرون أنه مستهدف في خطوة تحديث اتفاقية التعاون القضائي في المسائل الجنائية وتسليم المطلوبين، الموقعة بين فرنسا والسنغال.

علاوة ذلك، فإن مجيء “عبد الله واد” في الانتخابات التشريعية الماضية، وتفعيله المصلحة السياسية بين تحالفه وتحالف “عثمان سونكو”، كان ذلك محلّ أنظار المراقبين السياسيين، وآنية التحالف في زمن التشريعات تعطى احتمالات صناعة الزعيم عبد الله واد لابنه عرش الرئاسة في المستقبل السياسي إذا تعرض سونكو لأي مضايقة قانونية أو حصل انفصال حادّ بينهما نظرا لاختلاف التوجّهات بينهما.

ويضاف إلى ما سبق أن صورة المشهد السياسي السنغالي لن تتضح إلا بتوضيح الرئيس “ماكي سال” موقفه من الانتخابات الرئاسية القادمة. ولعلّ ما يقف دون ذلك فقدانه للأغلبية المطلقة في البرلمان والضغط الممارس عليه لترك السلطة بعد نهاية ولايته الثانية الحالية.

وفي الختام، تبرز الأحداث الماضية أنه من المحتمل أن تشهد دولة السنغال مزيدا من الصدامات السياسية بين السلطة الحاكمة والمعارضة، حيث صعدت المعارضة السلم السياسي وارتفع مستوى وقوة نفوذها من خلال الانتخابات التشريعية، وتشهد الساحة السياسية توازن قوى التحالف وانتشار الصحوة السياسية لدى الشعب. وجميع هذه التطورات تتزامن مع اكتشاف الغاز في السنغال وتجدد أزمة الطاقة العالمية.

ظهرت المقالة ما بعد انتخابات السنغال التشريعية: المشهد السياسي بين السلطة والمعارضة أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/5233/senegal-political-scene-between-the-authority-and-the-opposition/feed/ 0 5233