مادي إبراهيم كانتي ، باحث في الأفارقة للدراسات والاستشارات مؤسسة بحثية استشارية. Tue, 01 Jun 2021 14:55:29 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/alafarika.org/ar/wp-content/uploads/2022/08/cropped-Alafarisc-favc-1.png?fit=32%2C32&ssl=1 مادي إبراهيم كانتي ، باحث في الأفارقة للدراسات والاستشارات 32 32 209004356 مالي بين الانقلابات العسكرية والحرب ضد الإرهاب https://alafarika.org/ar/4736/%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%b6/ https://alafarika.org/ar/4736/%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%b6/#respond Tue, 01 Jun 2021 14:55:29 +0000 https://theafrikans.com/?p=4736

كانت مالي جزءًا من ثلاث إمبراطوريات أفريقية عظيمة (في غرب أفريقيا) كانت تسيطر على التجارة عبر الصحراء، وهي إمبراطوريات غانا ومالي وسونغاي. وقد غيرت الدولة اسمها من “السودان الفرنسي” إلى مالي مرة أخرى بعد استقلالها من الكولونيالية الفرنسية عام 1960. وإذا كانت مالي – كغيرها من دول أفريقية كثيرة – لا تزال تعاني من مخلفات […]

ظهرت المقالة مالي بين الانقلابات العسكرية والحرب ضد الإرهاب أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

كانت مالي جزءًا من ثلاث إمبراطوريات أفريقية عظيمة (في غرب أفريقيا) كانت تسيطر على التجارة عبر الصحراء، وهي إمبراطوريات غانا ومالي وسونغاي. وقد غيرت الدولة اسمها من “السودان الفرنسي” إلى مالي مرة أخرى بعد استقلالها من الكولونيالية الفرنسية عام 1960.

وإذا كانت مالي – كغيرها من دول أفريقية كثيرة – لا تزال تعاني من مخلفات الكولونيالية, فإن تاريخها السياسي المعاصر أيضا يثبت أن البلاد لم تكن غريبة عن الانقلابات العسكرية وصراع الهيمنة على السلطة التي أثّرت بشكل مباشر وغير مباشر في أوضاع البلاد – سواء في الشمال والوسط أو المناطق الجنوبية والغربية التي تعاني من انعدام الأمن وأنشطة هجمات إرهابية.

 مالي وتجاربها في الانقلاب العسكري

خضعت مالي بعد الاستقلال لنظام اشتراكي بقيادة “موديبو كيتا” – أول رئيس للبلاد. ولكن “موسى تراوري” أطاح بنظام “موديبو كيتا” في انقلاب 19 نوفمبر 1968 وشكّل الجيش لجنة عسكرية للتحرير الوطني (CMLN). وحجة العسكر في ذلك الانقلاب أن السجل الاقتصادي ضعيف وأن السكان بحاجة إلى التحرير من النظام الاشتراكي – رغم جهد الرئيس “كيتا” الجبار في مالي.

أما قائد الانقلاب “موسى تراوري”، فقد حكم مالي لأكثر من 22 عامًا، حيث جمع بين مهام رئيس اللجنة العسكرية للتحرير الوطني ورئيس الدولة والحكومة. وكان الشعب المالي يأمل في هذه الفترة نموا اقتصاديا وتغييرات جذرية اجتماعية لم تتحقق. ونتيجة لسوء الإدارة العامة شهدت مالي انتفاضات شعبية ضد النظام العسكري لـ “موسى تراوري” في 26 مارس 1991، ووقع انقلابها العسكري الثاني حيث قررت مجموعة عسكرية – بقيادة “أمادو توماني توري” – الإطاحةَ بالجنرال “موسى تراوي”.

وبنهاية فترة الانتقال الديمقراطي التي أسسها “أمادو توماني توري”، وصل “ألفا عمر كوناري” إلى السلطة عبر صندوق الاقتراع ويعدّ حتى الآن الرئيس المنتخب الوحيد الذي أنهى فترتي رئاسته دون انقلاب عسكري في مالي. وبعد “كوناري” دخل “أمادو توماني توري” (قائد انقلاب عام 1991 الملقب أيضا بجندي الديمقراطية) عالم السياسة كمدني وفاز برئاسيات عام 2002, ولكنه أطيح به عن السلطة في مارس 2012 من قبل شخص يُدعى “أمادو هايا سانوغو”.

من ناحية أخرى؛ أصبح شبه المتفق عليه لدى الرأي العام في مالي أنه ما على الجندي – الذي يريد الصعود إلى رتب عسكرية في وقت قصير دون أن يمر بإنجازات عسكرية – سوى محاولة الانقلاب الذي يُضمَن نجاحه بنسبة 97.5 في المئة لوجود تعاون بين النقباء والقادة العسكريين. وعلى سبيل المثال: قاد “موسى تراوري” انقلابه برتبة عقيد، ثم انتهى به الحال السياسي إلى رتبة جنرال؛ وكان “أمادو توماني توري” ملازمًا عند انقلاب عام 1991 وليتقاعد أيضا كجنرال. وقد صار الكابتن “أمادو هايا سانوغو” جنرالًا من فئة الخمس نجوم بعد عامٍ واحدٍ فقط من إطاحته بنظام “أمادو توماني توري” في عام 2012.

يضاف إلى ما سبق أنه عقب انقلاب 2012 فرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (الايكواس) عقوبات اقتصادية على مالي, ما أدى إلى تنازل “أمادو هايا سانوغو” عن السلطة وتولّى البروفيسور “ديونكوندا تراوري” رئاسة البلاد بصفة مؤقتة حتى انتخابات 2013 التي انتُخِب فيها “إبراهيم بوبكر كيتا” رئيسًا لمالي بنسبة 77.61 في المئة من الأصوات، ليشهد هذا الأخير أيضا انقلابا عسكريا في أغسطس 2020 من قبل نادٍ من العقيد تحت قيادة “أسيمي غويتا” – الرجل القوي في مالي منذ أواخر عام 2020.

بين الحرب على الإرهاب والانقلاب العسكري

في 5 يونيو 2020، شهدت العاصمة المالية “باماكو” مسيرة احتجاجية كبيرة للمطالبة برحيل الرئيس “إبراهيم بوبكر كيتا”. وكانت هذه المظاهرات الشعبية بمثابة فرصة لمجموعة من الضباط بقيادة “أسيمي غويتا” للإطاحة بنظام “إبراهيم بوبكر كيتا” في 18 أغسطس 2020. وقد رحب الشعب المالي بالانقلاب لأسباب كثيرة, أهمها انسداد الأفق السياسية وقتذاك واعتبار الانقلاب تكملة لمطالبهم. وقد تم تشكيل الجهاز الانتقالي بمؤسساته المختلفة بعد مشاورات بين الجيش (اللجنة الوطنية لإنقاذ الشعب – CNSP) والقوى السياسية والمجتمع المدني؛ فاخْتِير السيد “باه إنداو” (عقيد متقاعد) رئيسا للفترة الانتقالية. وحاول المجلس العسكري (CNSP) تشديد قبضتها وسيطرتها على الوضع بتعيين قائد الانقلاب العقيد “أسيمي غويتا” نائبا لرئيس المرحلة الانتقالية.

وإذا حاولت السلطة الانتقالية خلال الأشهر الماضية إحداث إصلاح للأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية وغيرها, فإن الأوضاع أصبحت أسوأ من ذي قبل؛ فمعظم أجزاء البلاد تعاني انعدام الأمن, حيث لاحظ الباحث (كاتب هذا المقال) أثناء تفقّده الميداني الأخير أن عدة مناطق في البلاد تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة على مختلف أنشطتها (الإرهاب والتمرّد والإجرام).

ويبدو أيضا أن جبهة مكافحة الجماعات الإرهابية لم تعد مهمة لقائد الانقلاب “غويتا” الذي برّر – هو ومجموعته العسكرية – انقلاب أوغسطس 2020 بأنه كان لسوء الإدارة الأمنية لنظام “كيتا”, ليصبحوا هم أنفسهم بعد الانقلاب منخرطين في الصراع على المناصب القيادية والمقاعد الوزارية في بماكو في ظل انتشار انعدام الأمن. بل كانت الحكومة الانتقالية حكومة سياسية حاولت تقليد النظام السابق (نظام كيتا) من حيث اختيار القرائب والأصدقاء للمناصب القيادية دون اعتبار للكفاءة والقدرة اللتين يُفترَض أن تكونا أساس حكومة انتقالية.

وقد تسارعت الأمور في الأسابيع الماضية, خاصة عندما قرر الرئيس الانتقالي “باه إنداو” حل الحكومة وطلب من رئيس الوزراء “مختار وان” تشكيل حكومة جديدة – قيل إن الهدف وراءه هو لإزالة مدبري انقلاب عام 2020. وفي مساء يوم الاثنين 24 مايو 2021 – أي بعد إعلان الحكومة الجديدة التي استُبدِل فيها بعض عناصر الانقلابين – قرر نائب الرئيس العقيد “غويتا” – الذي لم يستطع ابتلاع التشكيل الجديد – اعتقالَ رئيس المرحلة الانتقالية “باه إنداو” ورئيس وزرائه “مختار وان” ووزير الدفاع “اللواء سليمان دوكوري”, ونَقَلَهم إلى ثكنة الجيش في “كاتي” – الثكنة التي تبعد 15 كيلومترا عن العاصمة “بماكو”.

وهكذا انتهى الاعتقال بانقلاب عسكري آخر؛ فأصبح نائب الرئيس العقيد “غويتا” الرجل القوي الوحيد في مالي حاليا, وذلك بعدما جرّد كُلًّا من الرئيس ورئيس الوزراء من وظيفتهما, ليعلن نفسه رئيسا يتولي المرحلة الانتقالية منذ مايو 2021. وقد حدث كل هذا رغم وساطة الايكواس التي يبدو أنها خسرت معركة التفاوض مُقدّما.

ختاماً، يمكن القول بأن القادة الماليين لم يكونوا – منذ الاستقلال إلى اليوم – قادرين على إرساء حوكمة ملائمة وفعالة. ويمكن ملاحظة النفوذ الفرنسي في الأزمة الحالية بالنظر إلى مستوى الحشد الدولي خلف فرنسا لإدانة انقلاب أغسطس 2020، ليضطر المجلس العسكري على موافقة مقترحات المجتمع الدولي والايكواس. وعلى النقيض من ذلك يُلاحظ في تشاد أن فرنسا والمجتمع الدولي رحّبا بالمجلس العسكري التشادي وقدموا له دعمًا حارًا. وهذا يعني أن العقيد “غويتا” في مالي قد يشعر بانحياز ضده من قبل المجتمع الدولي وفرنسا التي تقدم نفسها كـ “مدافع حقيقي” عن الديمقراطية في مستعمراتها السابقة. وقد يحصل “غويتا” أيضا على الدعم الفرنسي في حال نجاحه في المراوغة أو تمثيله للمصالح الفرنسية.

أما السيناريوهات المستقبلية للوضع الحالي في مالي، فقد اتفق الرئيس الجديد للبلاد – العقيد “غويتا” – وزملاؤه في المجلس العسكري مع حركة 5 يونيو (M5 RFP) على أن يكون رئيس الوزراء الجديد من الحركة. وعليه, قد يتم إقصاء الأطراف السياسية والدينية وأفراد المجتمع المدني التي وقفت ضد انقلاب مايو 2021 من الحكومة الجديدة القادمة.

ظهرت المقالة مالي بين الانقلابات العسكرية والحرب ضد الإرهاب أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4736/%d9%85%d8%a7%d9%84%d9%8a-%d8%a8%d9%8a%d9%86-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%b9%d8%b3%d9%83%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%b6/feed/ 0 4736
انتقال الحرب الدولية على الإرهاب إلي أفريقيا https://alafarika.org/ar/4509/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8-%d8%a5%d9%84%d9%8a-%d8%a3/ https://alafarika.org/ar/4509/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8-%d8%a5%d9%84%d9%8a-%d8%a3/#respond Sat, 25 Oct 2014 04:09:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4509

شهدت القارة الأفريقية صعوداً في نشاط التنظيمات الإرهابية التي باتت تستهدف مصالح الدول الغربية في الدول الإفريقية، حيث استغلت هذه التنظيمات ضعف تلك الدول وافتقادها للتماسك تحت وطأة عقود من الصراعات الداخلية والحروب الإقليمية والافتقاد لحد أدني من التنمية الاقتصادية وتردي أوضاع الأمن الإنساني، وهو ما دفع الولايات المتحدة وحلفائها لتكثيف عمليات مكافحة الإرهاب في […]

ظهرت المقالة انتقال الحرب الدولية على الإرهاب إلي أفريقيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

شهدت القارة الأفريقية صعوداً في نشاط التنظيمات الإرهابية التي باتت تستهدف مصالح الدول الغربية في الدول الإفريقية، حيث استغلت هذه التنظيمات ضعف تلك الدول وافتقادها للتماسك تحت وطأة عقود من الصراعات الداخلية والحروب الإقليمية والافتقاد لحد أدني من التنمية الاقتصادية وتردي أوضاع الأمن الإنساني، وهو ما دفع الولايات المتحدة وحلفائها لتكثيف عمليات مكافحة الإرهاب في القارة الأفريقية لاحتواء تمدد التنظيمات الإرهابية في دول القارة. وقد برز الدور العسكري الأمريكي في إفريقيا إلى دائرة الاهتمام في مايو 2014، حيث طلب الرئيس الأمريكي باراك أوباما من الكونجرس الموافقة على تخصيص 5 مليار دولار لتدريب قوات دول أجنبية على مواجهة الإرهاب وتقديم الدعم لها. تضمنت قائمة الدول المشار إليها العديد من الدول الإفريقية، ومنها الصومال ومالي. هناك أيضا برنامج للتعاون الأمني يبلغ تمويله 500 مليون دولار، تحت اسم مبادرة محاربة الإرهاب عبر الصحراء (Trans-Saharan Counterterrorism Initiative)) التي بموجبها تقدم الولايات المتحدة الدعم لعدة دول إفريقية منها: إثيوبيا، جنوب السودان، النيجر، أوغندا، كينيا، موريتانيا، مالي، سيشل، وبوركينا فاسو. يرصد المحللون تصاعد الوجود العسكري الأمريكي في القارة، في شكل مواقع لإطلاق الطائرات بلا طيار، ومراكز استطلاع ، وخبراء لتدريب القوات الوطنية، بالإضافة إلى ما تردد في تقارير صحفية عن اجتماعات بين مسئولين عسكريين وشركات متخصصة في تشييد المنشآت العسكرية ،بسبب قرب طرح مناقصات لتشييد قاعدة عسكرية أمريكية في إحدى الدول الإفريقية، ما حدا بالعديد منهم للدفع بأن الولايات المتحدة قد نقلت الحرب على الإرهاب إلى القارة الإفريقية.

محفزات الاهتمام الدولي بالإرهاب في أفريقيا

كانت القارة الأفريقية حاضرة بقوة منذ بداية الحرب الأمريكية علي الإرهاب عقب أحداث 11 سبتمبر، حيث اعتبرت الإدارة الأمريكية أن إفريقيا بكل ما تعانيه من عوامل عدم استقرار وحروب يمكن أن تمثل ملاجئ آمنة للعناصر والتنظيمات الارهابية، ولم ينس المسئولون الامريكيون ما تعرضت له الولايات المتحدة من هجمات ارهابية فى إفريقيا تمثلت فى تفجير السفارتين الامريكيتين فى نيروبى ودار السلام عام 1998، وتفجير المدمرة الأمريكية “كول” في ميناء عدن في نوفمبر2000، وتفجير فندق باراديس في ممباسا، بالتزامن مع محاولة تفجير طائرة إسرائيلية في كينيا في نوفمبر2002. 

وقد احتل إقليم شرق إفريقيا والصحراء الكبرى موقعا متميزا من الدعوات الأمريكية المطالبة بمحاربة الارهاب في القارة السمراء، بالنظر لوجود عناصر من تنظيم القاعدة فى هذه المناطق نتيجة لإقامة أسامة بن لادن فى السودان لبضع سنوات بل وإعلانه عن تكوين تنظيم القاعدة عام 1996 من شرق أفريقيا حيث كانت أولى عمليات هذا التنظيم تفجير السفارتين الأمريكيتين عام 1998. يضاف إلى ذلك الرسائل التى كان يبعثها قادة التنظيم والتى كانت تؤكد على مشاركة عناصر من تنظيم القاعدة فى الحرب الأهلية فى الصومال وتشجيع مقاومة التواجد العسكري الأثيوبي فيه، ووجود فصائل القاعدة في المغرب الإسلامي  التي تقوم بعمليات اختطاف وتفجيرات في مختلف دول القارة الأفريقية، بالإضافة إلى بوكو حرام في نيجيريا. 

وترتبط الحرب الأمريكية علي الإرهاب بالموقع الاستراتيجي لدول القارة الأفريقية، فدول الشرق الأفريقي تطل على المحيط الهندى، وتتحكم فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر حيث مضيق باب المندب، مما يوفر لها سبيلاً يسمح لها بالتحكم فى طريق التجارة العالمى، خاصة تجارة النفط كما يعد ممرا مهما لأى تحركات عسكرية قادمة من أوروبا أو الولايات المتحدة فى اتجاه منطقة الخليج العربى، أما الدول التي تقع على الصحراء الكبرى وغرب إفريقيا فهي غنية باحتياطات البترول والغاز والذهب بالإضافة إلى اليورانيوم.

ومن ثم أضحي التدخل الدولي لمواجهة التنظيمات الإرهابية أولوية لدي الولايات المتحدة، ونتيجة لخبرة إخفاق التدخل العسكري الأمريكي في الصومال عام 1993، عمدت الولايات المتحدة إلي الاعتماد علي إستراتيجية تقوم علي الاعتماد علي الحلفاء الأكثر خبرة بشئون القارة الأفريقية مثل فرنسا ودعم قدرات الدول الإفريقية في مواجهة التنظيمات الإرهابية 

وقد أخذت القاعدة وفصائلها من الحركات الجهادية فى تنظيم الهجمات ضد الأهداف الحكومية والمصالح الغربية فى أرجاء القارة الأفريقية، مع محاولة توسيع نشاطها فى جبهات أخرى خارج محيطها الإقليمى. ففى الصومال على سبيل المثال، أعلن مختار روبو القيادى فى حركة الشباب المجاهدين استعداد الحركة للقتال إلى جانب تنظيم القاعدة ضد حكومة اليمن. كما أعلن تنظيم القاعدة فى المغرب الإسلامى استعداده للقتال إلى جانب مسلمى مدينة “لاجوس “، فى نيجيريا وفي مالي، قامت القاعدة في المغرب الإسلامي بالعديد من الهجمات وعمليات الاختطاف انطلاقا من قواعده بشمال مالي، خصوصا ضد الأجانب في كل من مالي والنيجر وموريتانيا.

لا ينفصل ذلك عن العمليات العسكرية غير التقليدية التي قامت بها التنظيمات الإرهابية في القارة الأفريقية مثل الهجوم الذي نفذه تنظيم أنصار الشريعة علي القنصلية الأمريكية في بني غازي في سبتمبر 2012 الذي أسفر عن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز، وعملية اختطاف وقتل الرهائن في حقل الغاز التابع لشركة سونطراك الجزائرية في عين إمناس التي وقعت في يناير 2013 والتي دبرها القيادي بالقاعدة مختار بلمختار مؤسس كتيبة “الموقعون بالدماء” بهدف مفاوضة القوات الفرنسية علي الانسحاب من شمال مالي، بالإضافة إلي قيام تنظيم بوكو حرام في نيجيريا باختطاف مئات الفتيات في مايو 2014 والعمليات العسكرية التي يقومون بها ضد قوات الأمن علي الحدود مع الكاميرون. 

تطور الحرب علي الإرهاب في أفريقيا

يرتبط التدخل الدولي في الأزمات الإفريقية، بالسعي الحثيث للحفاظ علي المصالح التقليدية لتلك الدول في دول القارة الأفريقية، حيث أن الهدف الأول للتدخل العسكري الفرنسي في مالي هو حماية مصالحها الاقتصادية والسياسية والأمنية خاصة بعد توجه عدد من الدول الفرنكوفونية في غرب أفريقيا إلى الولايات المتحدة الأمريكية علي مستوي النظام التعليمي والثقافة العامة ، والتوجه إلى الصين وإيران علي مستوي العلاقات الاقتصادية والتجارية، بينما لم تقبل فرنسا كقوة استعمارية سابقة في هذه الدول أن تفقد مناطق نفوذها السابقة لصالح قوى أخرى ومن ثم عادت بقوة تحت مظلة الحرب علي الإرهاب بدعم من الولايات المتحدة وحلف الناتو. 

من ناحيتها، سعت الولايات المتحدة إلى محاصرة التنظيمات الإرهابية من خلال إنشاء القيادة الأمريكية الجديدة فى أفريقيا “أفريكوم”، وإدراج تلك الحركات على اللائحة الأمريكية للتنظيمات الإرهابية، وتصفية قياداتها، ورصد مكافآت مالية لمن يدلى بمعلومات عنهم. بالإضافة إلى تقديم المساعدة المالية والعسكرية لحكومات الدول الأفريقية لدعمهم في مواجهة الإرهاب، وتخفيف حدة الفقر والبطالة، وتعزيز التعاون معها في مجال الاستخبارات وتسليم المجرمين، فضلاً عن أدوات الدبلوماسية العامة للتواصل مع شعوب المنطقة، عبر وسائل الإعلام، خاصة الإذاعة، والاستعانة بالخبراء المختصين فى الشئون الأفريقية. 

وفي هذا الصدد يكشف تقرير الخارجية الأمريكية الأخير حول الإرهاب عن الرؤية الأمريكية بأن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تشكل أكبر تهديد إرهابي في منطقة الصحراء الكبرى والساحل، وأن شبكة القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي تنشط بشكل أساسي انطلاقا من شمال شرقي الجزائر وشمال مالي، حيث يتمكن عناصرها من التنقل عبر منطقة المغرب الكبير والساحل وبشكل خاص بين مالي والنيجر وموريتانيا لمواصلة شن هجمات.

وأوضح التقرير بأن القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي توفر التمويل اللازم لها من خلال المبالغ المالية التي تحصل عليها كفدية مقابل الإفراج عن الرهائن الأجانب الذين تختطفهم في المنطقة. وأضاف بأن حكومات دول المنطقة سعت خلال الفترة الماضية إلى اتخاذ الخطوات الكفيلة بالتصدي للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، إلا أنه كانت هناك حاجة للحصول على الدعم الخارجي في شكل بناء القدرات العسكرية وقدرات فرض القانون.

وقد بدأت معالم انتقال الحرب علي الإرهاب للقارة الأفريقية منذ طرح المبادرة الأمريكية للساحل والصحراء في عام 2002 بهدف مكافحة الإرهاب والتي تضم رؤساء الأركان في كل من: الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا والسنغال ونيجيريا ومالي والنيجر وتشاد، وتهدف إلى دعم التعاون بين هذه الدول في مجال مكافحة الإرهاب.

تبع ذلك تأسيس القيادة العسكرية الأمريكية في القارة الأفريقية “أفريكوم” وهي قوات موحدة مقاتلة تحت إدارة وزارة الدفاع الأمريكية وهي مسئولة عن العمليات العسكرية الأمريكية وعن العلاقات العسكرية مع 53 دولة إفريقية . تأسست “أفريكوم” في أكتوبر 2007، حيث تم نشر حوالي 2000 جندي في قاعد “كامب ليمونيير” بدولة جيبوتي القاعدة للحد من أنشطة الجماعات الإرهابية في شرق أفريقيا خاصة جماعة شباب المجاهدين في الصومال. 

ويمكن اعتبار التدخل الفرنسي في شمال مالي عقب سيطرة الحركات الجهادية وحركة تحرير أزواد علي شمال مالي في يناير 2013 أحد أهم نقاط التحول في الحرب الدولية علي الإرهاب في القارة الأفريقية، عقب تدخل حلف الناتو للإطاحة بحكم نظام القذافي في ليبيا، بيد أن التدخل العسكري الفرنسي لم ينجح في حسم المواجهة مع التنظيمات الجهادية خاصة القاعدة في بلاد المغرب العربي و”الملثمون” و”كتائب الموقعون بالدم” بل علي النقيض أدي إلي انتشار عملياتهم علي امتداد شمال وغرب أفريقيا. 

مؤشرات تصاعد الحرب علي الإرهاب في الدول الإفريقية

 تسعي الولايات المتحدة حالياً لبناء قاعدة عسكرية ضخمة في إحدى دول المنطقة؛ لتتمكن من مراقبة المنطقة الشاسعة الممتدة من الصومال إلى موريتانيا، وهي مساحة أكبر من ضعفي مساحة قارة أوربا كلها، ومن ثم ليس من الممكن تغطيتها أمنيًّا عبر طائرات استطلاع أو قوات خاصة أو مراكز متنقلة، حيث اختارت الولايات المتحدة أمريكا شمال مالي كمقر لقاعدتها العسكرية المزمع إنشائها، بالإضافة لقواعدها العسكرية في جيبوتي والنيجر. 

في السياق ذاته كثفت الولايات المتحدة من مساعي تطوير التعاون مع الدول الأفريقية في تنفيذ برنامجها المسمى “مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء الكبرى” والذي ينص على تقديم المساعدات العسكرية للدول الأفريقية في شريط الصحراء الكبرى لمكافحة الإرهاب والتصدي لتهريب المخدرات. وقد أوكلت مسؤولية تنفيذ هذا البرنامج الى  قيادة ” أفريكوم”. 

في إطار ما يسمى “مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء” ، قررت الولايات المتحدة إنفاق 500 مليون دولار للسنوات الخمس المقبلة لتوسيع برنامجها العسكري في القارة الأفريقية، حيث سبق أن أشرفت على مناورات عسكرية مشتركة هناك لمدة أسبوعين في شهر يونيو 2011 استمرت أسبوعين شاركت فيها تسع دول أفريقية هي الجزائر وتونس وموريتانيا والمغرب ومالي والنيجر وتشاد والسنغال ونيجيريا، وكانت المرحلة الأولى من مناورات “مبادرة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء” العسكرية قد شهدت مشاركة 700 جندي أمريكي و 2100 جندي من الدول التسعة.

وقد وصف الرائد هولي سيلكمان، مسؤول الشؤون العامة في قيادة العمليات الخاصة للقوات الأمريكية في أوروبا المنطقة بأنها تشبه وضع “الغرب المتوحش”  Wild West في الولايات المتحدة في فترة البحث عن الذهب، بالنظر لغياب سلطة الدول عن مساحات شاسعة من إقليم غرب أفريقيا وكونها مجالاً متاحاً لانتشار التنظيمات الإرهابية دون أن تتمكن القوي الدولية المتدخلة في القارة من إحكام السيطرة علي حركة تلك التنظيمات واحتوائها.  

وفي هذا الصدد كشفت مصادر أمريكية عن قيام الولايات المتحدة بتنفيذ ما لا يقل عن 14 عملية عسكرية كبري في أنحاء القارة الأفريقية بين عامي 2008 و2013 بما فيها مالي والمغرب وأوغندا وبتسوانا وليسوتو والسنغال ونيجيريا، وأن عدد العمليات والبرامج والمهمات التي أجرها الجيش الأمريكي في أفريقيا زادت بمعدل 200% خلال تلك الفترة، كما تصاعد نشاط القوات الخاصة في أفريكوم عقب مقتل السفير الأمريكي في بني غازي فتدخلت القوات الأمريكية لإخلاء رعاياها من بؤر الصراع بالقارة خاصة في جنوب السودان ومالي وموريتانيا ونيجيريا. 

يرتبط ذلك بارتفاع الإنفاق العسكري للدول الإفريقية في عام 2013 إلي حوالي 45 مليار دولار بما يمثل 8.3% من الإنفاق العسكري العالمي وفق ما كشف عنه التقرير السنوي لمعهد ستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، وهو ما أرجعه التقرير لتصاعد جهود الحرب علي الإرهاب بدول القارة  بدعم عسكري من الولايات المتحدة وفرنسا وحلف شمال الأطلسي. 

وتعول الإستراتيجية الأمريكية الجديدة في أفريقيا على الحلفاء الأوروبيين، ففي يناير 2014 أعادت فرنسا نشر نحو ثلاثة آلاف من قواتها في منطقة الساحل الأفريقي وذلك للقيام بمهام محاربة الإرهاب، وفي هذا الصدد تحتفظ فرنسا بقوتها الجوية في تشاد في حين تتمركز قواتها البرية في بوركينا فاسو أما قاعدة الإمدادات والتموين الأساسية فتقع في ساحل العاج.

وفي السياق ذاته شهدت فرنسا انعقاد مؤتمر في 17 مايو الفائت بدعوة من الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ضم قادة دول غرب أفريقيا وفي مقدمتهم نيجيريا لبناء تحالف دولي لمكافحة الإرهاب في الإقليم، وتتضمن الإستراتيجية المشتركة التعاون بين الدول الأفريقية والولايات المتحدة وفرنسا وحلف شمال الأطلسي في مجالات تبادل المعلومات الاستخباراتية وعمليات الاستطلاع الجوى والتدريبات المشتركة فضلاً عن عمليات عسكرية مشتركة في مواجهة التنظيمات الإرهابية خاصة تنظيم “بوكو حرام”  ومكافحة تهريب الأسلحة عبر دول غرب أفريقيا.

تداعيات مواجهة الإرهاب علي الدول الأفريقية

لا تنفصل الحرب علي الإرهاب في القارة الأفريقية عن حالة عدم الاستقرار التي تجتاح دول الإقليم حيث تشهد كثير دول شمال أفريقيا وشمال غرب أفريقيا ونيجيريا والشرق الأفريقي حالات توتر مزمنة تساعد علي تصاعد نشاط التنظيمات الإرهابية، ويلاحظ ذلك بوضوح عند مقارنة حجم نشاط القاعدة والحركات الإسلامية الموالية لها في كل من مالي والنيجر والجزائر وموريتانيا ونيجيريا وفي الصومال وكينيا وجيبوتي مع نشاطها في المغرب وتونس وليبيا. وفي هذا الإطار تجدر الإشارة أيضا إلى حالات النزاع المزمنة في الصحراء الغربية توفر ظروفاً مناسبة للتسلح والتجنيد والتهريب في غرب أفريقيا

حيث اجتذب التواجد العسكري الأمريكي في منطقة القرن الأفريقي خلايا تنظيم القاعدة بهدف التصدي للوجود العسكري الأمريكي والأثيوبي في هذه المنطقة مما دول القرن الأفريقي تعاني تبعات صراع القاعدة والولايات المتحدة وهو ما أدي لانهيار كافة محاولات الوساطة وتحقيق السلام في الصومال، وعرقل عمليات التنمية الاقتصادية في دول الجوار نتيجة امتداد آثار الصراع المحتدم إليها فضلاً عن تصاعد درجات انعدام الثقة بين دول الإقليم فضلاً عن دعم الولايات المتحدة لنظم الحكم السلطوية في الإقليم لتعزيز التحالف في مواجهة الإرهاب مما جعل الإقليم بؤرة لانعدام التنمية الاقتصادية والاستبداد السياسي وهي بيئة مواتية لانتشار الإرهاب. 

وفي المجمل لم تتمكن الجهود الدولية لمحاربة الإرهاب من الحد من انتشار التنظيمات الإرهابية في دول الأفريقية بل علي النقيض أدي التدخل الدولي لمواجهة الإرهاب في دول القارة لاتساع نطاق عمليات التنظيمات الإرهابية عبر أقاليم القارة وهو ما يرتبط بالتركيز الغربي علي المواجهة العسكرية وتجاهل السياق المهيأ لانتشار الإرهاب في ظل تدني مستويات التنمية الاقتصادية وانحسار الأمن الإنساني فضلاً عن تفكك وضعف مؤسسات أغلب دول الإقليم وافتقادها للحد الأدنى من القدرات اللازمة لأداء وظائفها التنموية والأمنية واستشراء الفساد في البيروقراطية الحكومية بتلك الدول.

ظهرت المقالة انتقال الحرب الدولية على الإرهاب إلي أفريقيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4509/%d8%a7%d9%86%d8%aa%d9%82%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84%d9%8a%d8%a9-%d8%b9%d9%84%d9%89-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d8%b1%d9%87%d8%a7%d8%a8-%d8%a5%d9%84%d9%8a-%d8%a3/feed/ 0 4509