أفريكا عربي / مجمع الأفارقة - الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/section/afrikaar/ مؤسسة بحثية استشارية. Sun, 20 Dec 2020 23:22:00 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/alafarika.org/ar/wp-content/uploads/2022/08/cropped-Alafarisc-favc-1.png?fit=32%2C32&ssl=1 أفريكا عربي / مجمع الأفارقة - الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/section/afrikaar/ 32 32 209004356 جون ماهاما رئيس غانا السابق https://alafarika.org/ar/4415/%d8%ac%d9%88%d9%86-%d9%85%d8%a7%d9%87%d8%a7%d9%85%d8%a7-%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%ba%d8%a7%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d9%82/ https://alafarika.org/ar/4415/%d8%ac%d9%88%d9%86-%d9%85%d8%a7%d9%87%d8%a7%d9%85%d8%a7-%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%ba%d8%a7%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d9%82/#respond Sun, 20 Dec 2020 23:22:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4415

سياسي من غانا. خبير الاتصالات ومؤرخ وكاتب، ووزير الاتصالات السابق. كان عضوا في البرلمان من 1997-2009. وشغل منصب الرئيس الرابع لغانا للجمهورية الرابعة, وكان في هذا المنصب الرئاسي من 24 يوليو 2012 إلى 7 يناير 2017الولادة والدراسة والوظائف. ولد جون دراماني ماهاما (John Dramani Mahama) في دامونغو شمال غانا عام 29 نوفمبر 1958. وينتمي إلى […]

ظهرت المقالة جون ماهاما رئيس غانا السابق أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

سياسي من غانا. خبير الاتصالات ومؤرخ وكاتب، ووزير الاتصالات السابق. كان عضوا في البرلمان من 1997-2009. وشغل منصب الرئيس الرابع لغانا للجمهورية الرابعة, وكان في هذا المنصب الرئاسي من 24 يوليو 2012 إلى 7 يناير 2017
الولادة والدراسة والوظائف.

ولد جون دراماني ماهاما (John Dramani Mahama) في دامونغو شمال غانا عام 29 نوفمبر 1958. وينتمي إلى مجموعة غونجا العرقية، وينحدر من مدينة بولي.

كان والده عمانوئيل أداما ماهاما، مزارعا ومدرسا، وأول عضو مجلس النواب لدائرة غرب غونجا, وأول مفوض إقليمي للمنطقة الشمالية خلال الجمهورية الأولى في غانا تحت أول رئيس البلاد، كوامي نكروما.

بعد الانتهاء من دراسته, عاد ماهاما إلى غانا، حيث عمل من 1991-1996 كموظف بحوث الإعلام والثقافة في سفارة اليابان في العاصمة أكرا. ومن هناك انتقل الى وكالة غانية غير حكومية، حيث اشتغل في منصب مدير العلاقات الدولية والمنح ورعاية الاتصالات.

الانخراط في السياسة

ولأول مرة, انتخب ماهاما في البرلمان بغانا في عام 1996 كممثل دائرة بولي لمدة أربع سنوات. وفي أبريل 1997، عُيّن نائبا لوزير الاتصالات. وتقدم في منصبه ليصبح وزيرا موضوعيا للاتصالات بحلول نوفمبر 1998, واستمرّ في هذا المنصب حتى يناير 2001 عندما سلم حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي (NDC)، السلطة الى الحكومة الوطنية الجديدة المنتخبة.

في عام 2000، أعيد انتخاب جون ماهاما لفترة ثانية مدتها أربع سنوات في منصب عضو مجلس النواب لدائرة بولي. وأعيد انتخابه مرة أخرى في 2004 لولاية ثالثة.

كالوزير:

من عام 2001 إلى عام 2004، عمل ماهاما كالمتحدث باسم الأقلية البرلمانية للاتصالات. وفي عام 2002، تم تعيينه مديرا للاتصالات لحزب المؤتمر الوطني الديمقراطي. وفي ذلك العام نفسه اُختِير ضمن فريق المراقبين الدوليين لمراقبة الانتخابات البرلمانية في زيمبابوي.

وخلال فترة توليه منصب وزير الاتصالات، شغل ماهاما أيضا منصب رئيس مجلس إدارة هيئة الاتصالات الوطنية، والذي لعب فيها دورا رئيسيا في تحقيق الاستقرار في قطاع الاتصالات في غانا بعد تحريرها في عام 1997.

واستمر في توسيع اهتمامه ومشاركته في الشؤون الدولية، إذ أصبح ماهاما في عام 2003 عضوا في برلمان عموم أفريقيا التابع للاتحاد الأفريقي، وتولى منصب رئيس تجمع غرب أفريقيا. في عام 2005 تم تعيينه متحدثا باسم الأقلية للشؤون الخارجية. وشغل هذا المنصب حتى عام 2008، عندما وقع عليه الاختيار بأن يصبح نائب المرشح الرئاسي “جون أتا ميلز”.

رئاسة غانا:

وصار جون ماهاما رئيس جمهورية غانا يوم 24 يوليو 2012 بعد وفاة سلفه جون أتا ميلز. ونتيجة لترقيته إلى منصب الرئاسة، أصبح أول رئيس غاني ولد بعد الاستقلال من الاستعمار البريطاني في 1957.

في 30 أوغسطس 2012, عقد حزب المؤتمر الوطني الديمقراطي (NDC) مؤتمرا وطنيا خاصا بالمندوبين، وأيّد المشاركون ترشيح الرئيس جون دراماني ماهاما، للرئاسة عام 2012. وفاز في انتخابات ديسمبر 2012 بـ 50،70٪ من مجموع الأصوات الصحيحة، حيث حصل نانا اكوفو ادو من حزب المعارضة الرئيسي، الحزب الوطني الجديد بـ 47.74٪.

لكن اقتصاد غانا – بسبب ارتفاع أسعار النفط والسلع – شهد تراجعا ملحوظا بعد السنوات الأربع التي قضاها جون ماهاما في قيادة البلاد. مما أثّر سلبا في آراء جل المواطنين تجاه حكومته فاختاروا التصويت لصالح المعارض نانا أكوفو أدو.

خسر جون ماهاما أمام نانا أكوفو أدو مرتين في 2016 و2020.

ففي انتخابات أواخر 2016 خسر بنسبة 53.8 في المائة مقابل 44.4 في المئة لصالح ماهاما، واعترف جون ماهاما بالنتائج كما أنه قدّم تهانيه للرئيس المنتخب أكوفو أدو, وخاطب أنصاره قائلا:

“لقد فعلتُ ما بوسعي كالرئيس. لقد ساهمت في التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية لبلدنا. وكنت أود أن أعتز بالفرصة لفعل ما هو أكثر ولكنني أحترم إرادة الشعب الغاني” قال ماهاما.

كما أنه خسر في انتخابات 7 ديسمبر 2020, حيث وأعيد انتخاب الرئيس الحالي نانا أكوفو-أدو من الحزب الوطني الجديد في الجولة الأولى بعد حصوله على أغلبية الأصوات. وقد رفض “جون دراماني ماهاما” النتائج بسبب ما أشار إليه حزب من خروقات في العملية الانتخابية.

الحياة الشخصية
تزوج جون دراماني ماهامي من لودينا دراماني, ورُزقا بسبعة أطفال. كما أنه يشاع عن ماهاما أن بإمكانه التواصل والتحدث بعدة لغات مختلفة, مثل الإنجليزية، كوا، داباني, أكان، الهوسا و غونغا.

وقد كتب ماهاما العديد من المقالات والأعمدة في الصحف, وألّف أيضا في 2012 كتابا بعنوان: “انقلاب بلدي الأول وقصص حقيقية أخرى من عقود الضياع لأفريقيا”. وكمزارع, كان جون ماهاما دائما يدعو إلى استخدام التكنولوجيا في العملية الزراعية.

ظهرت المقالة جون ماهاما رئيس غانا السابق أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4415/%d8%ac%d9%88%d9%86-%d9%85%d8%a7%d9%87%d8%a7%d9%85%d8%a7-%d8%b1%d8%a6%d9%8a%d8%b3-%d8%ba%d8%a7%d9%86%d8%a7-%d8%a7%d9%84%d8%b3%d8%a7%d8%a8%d9%82/feed/ 0 4415
الفرنك الأفريقي: نموذج التبعية للاستعمار الجديد https://alafarika.org/ar/4513/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9/ https://alafarika.org/ar/4513/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9/#respond Mon, 24 Apr 2017 04:46:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4513

شهدت منطقة الفرنك الأفريقي في الآونة الأخيرة موجة حراكٍ جديدٍ من مسؤولين كبار، لرفض السيطرة الأجنبية على جزءٍ كبيرٍ من السياسات الاقتصادية المفروضة على المنطقة، وخاصةً في الجزء المتعلق بالسياسات النقدية، وإن لم يكن هذا الحراك النضالي جديداً، فإن الذي يميزه بسابقاته، هو وجود فئةٍ من الشباب في مقدمة المناضلين، بجانب نخبةٍ من العلماء والمثقفين […]

ظهرت المقالة الفرنك الأفريقي: نموذج التبعية للاستعمار الجديد أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

شهدت منطقة الفرنك الأفريقي في الآونة الأخيرة موجة حراكٍ جديدٍ من مسؤولين كبار، لرفض السيطرة الأجنبية على جزءٍ كبيرٍ من السياسات الاقتصادية المفروضة على المنطقة، وخاصةً في الجزء المتعلق بالسياسات النقدية، وإن لم يكن هذا الحراك النضالي جديداً، فإن الذي يميزه بسابقاته، هو وجود فئةٍ من الشباب في مقدمة المناضلين، بجانب نخبةٍ من العلماء والمثقفين المختصين في المجال بهدف توعية الشعوب، والضغط على صناع القرار المتربِّعين على كراسي الحكم في هذه الدول للتجاوب مع مطالبهم، وللانضواء في صفٍّ واحدٍ للعمل مع القلة القليلة من الرؤساء الذين تجرؤوا توجيه انتقادات لاذعةٍ تجاه هذه السياسة النقدية،  وأفشوا خلالها الكثير من العيوب التي تعتريها في عدة نواحٍ، وتُؤثر سلباً على المستوى التنموي والاقتصادي لهذه الدول.

وفق هذه النخبة المناضلة من أجل استقلال نقديٍّ، فإن سياسات فرنسا تجاه هذه الدول هي المسؤولة عن التخلف الذي تعاني منه هذه الدول، وهي حجرُعثرةٍ أمام نجاح أيّ برنامجٍ اقتصاديٍّ تنمويٍّ، كما فتح المجال على مصراعيه لفرنسا لنهب ماتبقى من دولهم من المواد الخامة، بالاعتماد على اتفاقياتٍ مشبوهةٍ بعضها معلنةٌ عنها، والبعض الآخر مخفيٌّ تحت أدراج قصر “الإليزيه” يجهل مافي طيّاتها بعض رؤساء الدول أنفسهم، ناهيك عن الشعوب.

 هذه السياسة المُمنهجة والمدروسة بدقَّةٍ من واضعيها، تم فرضها على دول المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بعدما تشكَّل على الساحة الدولية النظام الاقتصاديّ الدوليّ الجديد، حيث كان من ملامح هذا النظام، ظهور قضية التنمية الاقتصادية للعالم الثالث، كواحدةٍ من المشاكل الرئيسية في عالم ما بعد الحرب، حيث انقسم العالم إلى شمالٍ متقدّمٍ وجنوبٍ متخلِّفٍ، فانتهزت فرنسا هذه الدعوى الزائفة لتفرض على مستعمريها في إفريقيا سياسةً نقديةً جديدةً لم تراع فيها واقع الدول، واستمرت هذه السياسة مطبَّقةً عليهم حتى بعد نيلهم الاستقلال السياسي، حيث كان عدم إثارة مسألة السياسة النقدية، وعدم طرحها أو إثارتها من جديد واحداً من المحظورات الخمسة التي حدّدها الجنرال “شارل ديغول” للدول المستقلة، فبقىت هذه المسألة معمولةً وفق هوى المسؤولين في فرنسا، وهي نفس السياسية الاقتصادية التي طبّقها الزعيم النازي “أدولف هتلر” على فرنسا أثناء الاحتلال النازي.[1]

تتكون سياسات الاقتصاد الكليّ من نوعين من السياسات، تتكاملان فيما بينهما لتشكيل الاستراتيجية الاقتصادية للحكومات والدول، وهما السياسات المالية والسياسات النقدية وتعني الأخيرة – وهي التي تهمنا في هذا المقام-  مجموعة الأدوات النقدية التي يستخدمها البنك المركزي للتأثير على النشاط االاقتصادي عن طريق تغيير عرض النقود، وتُركِّز على سلوك الأسعار، والمجاميع النقدية ومعدّلات الفائدة الإجمالية والحقيقية للتعامل مع المتغيّرات الاقتصادية، [2] وتتعدد أدوات وآليات السياسة النقدية ضيقاً وسعةً حسب النتيجة التي تريد الدولة تحقيقها، و تكمن أهمية السياسة النقدية على الصعيد المحلي في أنه لا تستطيع أي دولة تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي ما لم تضم في أنظمتها نظاماً نقدياً قادراً على توفير السيولة اللازمة للاقتصاد، والقيام بالمراقبة والتحكُّم على مختلف المؤشرات التي تعكس الأداء الاقتصادي، وعلى الصعيد الدولي فلا يُتوقع وجود تجارةٍ مزدهرةٍ ولا علاقاتٍ تجاريةٍ متطوّرةٍ لأي دولةٍ ما لم تكن قادرةً على التنافس التجاري، ضامنةً قدرة نقدها على التكيّف مع المتغيرات الدولية.[3]

  ولايُتصور نجاح أي دولةٍ في الوصول إلى هذه الأهداف مالم تضمن لنفسها الاستقلالية الكاملة لسياساتها النقدية، الأمرالذي لم يتحقق حتى الآن لدول المنطقة الفرنسية، فظلت تعاني من نتائج التبعية الاقتصادية، وتجدر الإشارة إلى أن زعيم الحرية “نلسون مانديلا” أدرك حساسية هذه النقطة وعدم قابليتها للمساومة فكان الاستقلال النقدي من الشروط التي فرضها على خصومه قبل منحه الحرية.

المسار التاريخي لمنطقة الفرنك الإفريقي

مع نهاية الحرب العالمية الثانية برزت على السطح قضية الانقسام بين الدول المتقدمة والدول النامية وذلك بسبب تداعيات العلاقات الدولية عند نهاية الحرب، وكان معظم المناطق المتخلفة قد خضعت للاستعمار منذ القرن التاسع عشر أو قبله، فبرزت في الاقتصاد العالمي تبعيةٌ كاملةٌ أو شبه كاملةٍ [4] وأصبحت هذه الدول  جزءاً من لعبة التوازن الدولي، فتأثرت السياسات الاقتصادية للدول النامية بسياسيات مستعمريها، وبما أن ظروف الحرب أنهكت فرنسا اقتصادياً، جعلت فرنسا مستعمراتها هدفاً للنهوض من جديد، وفق خطةٍ طويلة المدى، وذلك إما باستعمارها المباشر لها، أومن خلال توقيع اتفاقياتٍ اقتصاديةٍ ونقديةٍ، تنزع منها السيادة في مباشرة السياسات الاقتصادية الخاصة بها، ولو بعد الاستقلال.

ففي سبتمير عام 1939 في إطارٍ متَّصلٍ بإعلان الحرب ضد ألمانيا، أصدرت فرنسا مرسوماً ينشئ نظام صرفٍ مشتركٍ لجميع الامبراطورية الفرنسية، فكان المرسوم إعلانا لنشأة “منطقة فرنك” وتميزت بحرية الصرف، وفي ديسمبر 1945 تم إنشاء نقدٍ خاصٍّ باسم “مستعمرات فرنسا الإفريقية”«colonies françaises d’Afrique – C.F.A» وحُدِّدت قيمتها بـ 1.7 فرنك فرنسي، ووصلت القيمة فيما بعد تحديداً عام 1949 إلى 2 فرنك فرنسي [5] مايعني أنه تم ربط العملة بالفرنك الفرنسي مباشرةً، وظل الوضع هكذا إلى أن نالت هذه الدول استقلالها السياسي، وتم توقيع اتفاقيات التعاون الاقتصادي، عُدِّل بموجبها في اسم وشكل العملة بينما بقي المسمى والمضمون قائماً.

عشية الاستقلال السياسي، أخذت منطقة الفرنك الأفريقي شكلاً جديداً؛ وذلك بموجب اتفاقيات تعاونٍ جمعت مختلف الدول الإفريقية بفرنسا، ففيما يخصّ دول الغرب الأفريقي الفرنسي، تم التوقيع على اتفاقية “الاتحاد النقدي لدول غرب أفريقيا” “U.M.O.A” وجمع الاتحاد سبع دول هي (السنغال، داهومي – بنين حاليا-، فولتا العليا –بوركنا فاسو حاليا-، نيجر، ساحل العاج، توغو، موريتانيا) واختصّ البنك المركزي لدول غرب أفريقيا “B.C.E.A.O” بالإدارة النقدية لهذه الدول، لم تصادق دولة مالي على هذه الاتفاقية، وبقيت مستقلةً بعملتها الخاصة “الفرنك المالي”، حتى 1984 حيث انضمت بشكلٍ نهائيٍّ مجدداً في منطقة الفرنك الأفريقي[6] في حين أن غينيا كوناكري أحد المستعمرات الفرنسية في الغرب الأفريقي، أسَّست بنكها المركزي وعملتها الخاصة منذ 1960، [7] وانسحبت موريتانيا ومدغسقر من المنطقة سنة 1973، وانضمت إليها مُؤخراً غينيا بيساوو، وغينيا الاستوائية في عام 1985.[8]

في مقابل ذلك اجتمع خمس دولٍ من دول الوسط الأفريقي هي (كاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وكونغو، وغابون، وتشاد) في اتحاده النقدي، ووُكِّل البنك المركزي لدول أفريقيا الاستوائية والكاميرون “B.C.E.A.E.C” بالإدارة النقدية للاتحاد، تحوَّل فيما بعد إلى البنك المركزي لدول وسط أفريقيا “B.E.A.C“، لقد خضت هذه المؤسسات النقدية لجملةٍ من الإصلاحات منذ إنشائها بعد الاستقلال مباشرةً، إلى أن استقرت على حالها، فاليوم تطلق المنطقة الفرنسية ويُقصد بها مجموع 15 دولةٍ أفريقيةٍ، ثمانيةٌ منها في الغرب الأفريقي، وستَّةٌ منها في الوسط الأفريقي، بالإضافة إلي دولة جزر القمر في الشرق الأفريقي، وهي اليوم تجمع 155 مليون نسمة، ومع ذلك مُورست عليها سياسة التبعية الاقتصادية لأكثر 70 سنة، تُطبع لها عملتها من قرية  “شماليير” “ Chamalières” في فرنسا وتصدَّر إليها، ويضمن سيولة العملة البنك المركزي الفرنسي، مقابل ضريبةٍ تُقدَّر بمليارات تدفعها حكومات هذه الدول، من جيوب شعوبهم الفقيرة.

دول الفرنك الإفريقي في استرهانٍ عبوديٍّ لفرنسا

مسألة ضرب النقود أو بالأحرى الاستقلالية النقدية مسألةٌ دستوريةٌ، مايعني أنها أمرٌ سياديٌّ في كل المقاييس؛ ولذا نجد دساتير بعض الدول تعالج هذه المسألة بنفسها، واتخاذ بعض القرارات فيها يقتضي عرضها في استفتاءٍ شعبيٍّ،  كما فعلته فرنسا بالذات عام 1992 حين عرضت قضية الدخول في اتفاقية “مانستريت” ” Maastricht” في استفتاء شعبيٍّ، وهي الاتفاقية التي سمحتها بالدخول في منطقة “يورو”، هذا كله للدلالة على حساسية هذه المسألة، وكونها مسألةً سياديةً؛ وأنها لاتقل أهمية عن الاستقلال السياسي، بل القرار السياسي المستقلّ متوقِّفٌ على الاستقلال الاقتصادي، وهذا الحق الطبيعي حُرمت شعوب هذه المنطقة من ممارستها إلى اليوم، فنشأت هذا النقد بمرسومٍ رئاسيٍّ تحت الرقم 45 – 0136 وبتوقيع من الرئيس الجنرال “شارل ديغول”، ووزير المالية الفرنسية  “ريني بليفن” ووزير المستعمرات الفرنسية آنذاك “جاك سُوستِيل” ومازال أهم القرارت التي تخص العملة متداولةً في قصر “الإليزيه” ثمَّ تُمرَّر في اجتماعاتٍ صوريةٍ يحضرها الرؤساء، في مؤسساتٍ مشلولةٍ، مهمَّتُها تبرير العبودية المفضوحة، التي تمارسها فرنسا على هذه الدول.

يتولى ثلاث بنوك الإدارة النقدية لمنطقة الفرنك الإفريقي، هو البنك المركزي لدول غرب أفريقيا،”B.C.E.A.O” والبنك المركزي لدول وسط أفريقيا”B.E.A.C“، والبنك المركزي لجزر القمر “B.C.C”، وهذا من حيث الشكل يوحي إلى استقلاليةٍ تامةٍ لدول المنطقة في وضع السياسات النقدية الملائمة لوضعها الاقتصادي، إلا أنه في الحقيقة أشبه مايكون الأمر عمليةً لذر الرماد على العيون، لأن الواقع هو أن الاتفاقيات التأسيسية للاتحادات النقدية، والأنظمة الأساسية لهذه البنوك، تم ربطها مع فرنسا بشكلٍ معمَّدٍ ومدروسٍ باتفافاتٍ تعاونيةٍ ملزمة لها، وذلك لتكبيلها والتضييق عليها، وتقييد صلاحياتها بشكلٍ يسلب منها كل أنواع الفعالية، بل تم الوضع في الاعتبار كيفية تحقيق المصالح الفرنسية على المدى البعيد.

نأخذ على سبيل المثال الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا التي تأسست في عام 1994، والذي يعمل وفق الميثاق المعدل لسنة 2003، والميثاق الأساسي المعدل لسنة 2007، أفرز هذان الميثاقان النظام الأساسي للبنك المركزي لدول غرب أفريقيا، وكان تُفترض له الاستقلالية الكاملة نتيجةً لسيادة الدول الموقعة عليها، ولكن نجد أن الاتفاقية الموقعة بين فرنسا والدول الأعضاء لهذا الاتحاد الموسومة بـ “الاتفاقية بين الجمهورية الفرنسية والجمهوريات الأعضاء للاتحاد النقدي لغرب أفريقيا” لسنة 1973، فرضت التدخل المباشر لفرنسا في إدارة هذا البنك، فنصَّت المادة العاشرة على مايلي “تعين الحكومة الفرنسية إداريَيْن(فرنسييْن) يشاركان في المجلس الإداري، للبنك المركزي لدول غرب أفريقيا، ويكون لهم نفس الوضعية ونفس الصلاحيات التي تكون للإداريين المعينين من قبل أعضاء الاتحاد”، وعلى هذا الأساس، ووفق المادة 81 من النظام الأساسي للبنك، فهذان العضوان الفرنسيان من بين ستة عشر عضواً للمجلس،  لهما حق التصويت واتخاذ القرار؛ بل لهما حق النقض في داخل المجلس، ومن البديهي أن أي سياسة تعارض سياسة فرنسا الاقتصادي لايصدِّق عليه المجلس الإداري للبنك.

وهكذا أيضا نجد الاجراء نفسه في المجلس الإداري للبنك المركزي لدول وسط أفريقيا الذي يضم حاليا ثلاثة إداريين فرنسيين، من مجمل أعضائه الثلاثة عشر، وفي البنك المركزي القمري الذي يضم في مجلسه الإداري أربعة فرنسيين، من مجمل أعضائه الثمانية[9] الأمر الذي لايضع مجالاً للشك في أن هذه المؤسسات النقدية تخدم فرنسا أكثر مما تخدم حكومات هذه دول المنطقة، بل حتى بعض المسائل ليست للمجالس الوزراية فيها -أحد المؤسسات الأساسية للاتحادين- إلى تلقي البلاغ فقط من الجمهورية الفرنسية صاحب القرار فيه، كما هو الشأن في الاتحاد النقدي لغرب أفريقيا؛ حيث نصت المادة الخامسة في الفقرة الثانية من اتفاقية التعاون الاقتصادي بين فرنسا والدول الأعضاء مايلي: ” تُبلغ الجمهورية  الفرنسية المجلس الوزاري تطورات الفرنك الأفريقي في الأسواق وكل المسائل النقدية التي لها صلة بالمصلحة الخاصة للاتحاد”، ولذلك كان قرار تخفيض قيمة عملة الفرنك الأفريقي لسنة 1994 قراراً فرنسياًّ أحاديَ الجانب مفروضاَ على الرؤساء، وكانت المصادقة عليها مجرَّد تنفيذٍ لرغبة فرنسا.

تداعيات الفرنك الأفريقي على اقتصاديات دول المنطقة:

لم يكن التدخل العلني في المجالس الإدارية للبنوك، والذي أخل بسيادة الدول بشكلٍ مباشرٍ، هوالعيب الوحيد في الاتفاقيات التي فُرضت على الحكومات المتعاقبة لدول المنطقة، بل كان من ضمن هذه السياسات الاستغلالية، إدراج أربعة مبادئ على نصوص الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، تلتزم بها دول المنطقة في تعاملها مع فرنسا، وهذه المبادئ هي:

  • – مركزية الحسابات أو (حساب التشغيل).
  • – التعادل الثابت بين الفرنك واليورو أي (ثبات سعر الصرف).
  • – حرية تحويل الفرنك الأفريقي إلى اليورو.
  • – حرية تحويل رؤوس الأموال إلى فرنسا.

هذه المبادئ أحدث فجوةً كبيرةً بين القوة الاقتصادية الحقيقية لدول المنطقة، والواقع الذي تم فرضه عليهم، هذا الاختلال الدرجي وفّر لفرنسا خدماتٍ اقتصاديةٍ تصبُّ في صالحها، في حين أنهك الاقتصاد الوطني لدول المنطقة، وفي كل مبدأ من هذه المبادئ هدف خاصٌ وُضع بعناية، لخدمة فرنسا، فمن مقتضيات المبدأ الأول وهو، مركزية الحسابات (حساب التشغيل) تسليم احتياطاتٍ نقديةٍ إلى خزينة فرنسا كضمانِ للعملة، وعملت فرنسا بهذ المبدأ قبل الاستقلال وبعده بنسبٍ متفاوتةٍ، فمن عام  1945 إلى 1973 كانت دول منطقة الفرنك الأفريقي تضع 100% من أصولها الأجنبية إلى خزينة فرنسا، ومن عام 1973 إلى 2005 تم تخفيض النسبة إلى 65%، ومن 2005 إلى يومنا هذا تقوم دول المنطقة بإيداع 50% من أصولها الأجنبية إلى الخزينة الفرنسية [10] ومن خلال هذا المبدأ تقوم فرنسا بتوفير المواد الخامة دون دفع ثمن نقديٍّ مباشرٍ لدول المنطقة، ويعين هذا الإجراء فرنسا في سدِّ عجزها الميزاني، أو إحداث توازنٍ في ميزان مدفوعاتها التجاري، أوسدِّ ديونها الخارجية، وبما أن هذه الدول تعطي أصولها الأجنبية لفرنسا فلا تستطيع الاستيراد من الدول الأخرى، وبالتالي تسبب لنفسها الكساد في ميزان مدفوعاتها، ومن جانب آخر تقوم فرنسا بإيداع هذه المبالغ الطائلة التي تسلمتها من الدول في البنوك، ويجلب لها هذه الإيداعات أرباحاً تُنعش بها اقتصادها، وتوزع جزءاً من هذا الأرباح على هذه الدول في شكل مساعداتٍ أو ديونٍ وهو في الأصل من رؤوس أموال دول المنطقة.[11]

أماالمبدأ الثاني وهو التعادل الثابت بين الفرنك واليورو أي (ثبات سعر الصرف) يعني بقاء سعر الصرف مربوطاً بيورو وثابتاً، وفي ذلك محاولة إقناع حكومات المنطقة بأن قوة العملة تصب في مصلحتها، الأمر الذي يتنافى مع الحقيقة، فوفق هذا المبدأ يبقى سعر صرف الفرنك الأفريقي مقابل اليورو ثابتا لايتغير تم تثبيته في 655,957 ما يعني أن دول المنطقة لاتستطيع التصرف في هذه النسبة لإحداث التوازنات المطلوبة والضرورية لاقتصادها، معتمداً على قانون العرض والطلب في السوق المحلي، أوعلى معطيات التقلُّبات في السعر والتي تحدث في السوق الدولي، ومن سلبيات هذا المبدأ فقدان أقوى سلاحٍ يمكن الاستناد إليه في السياسات الاقتصادية والنقدية، وهو القدرة على التحكم على سعر الصرف، كما نتجت من المبدأ ، خللٌ كبير في الميزان التجاري لدول المنطقة، فدول الاتحاد النقدي لدول غرب أفريقيا مثلاً – باستثناء ساحل العاج- كلُّها يخسر كل سنةٍ في ميزانها التجاري، أدى ذلك تلقائيا إلى عدم القدرة على تمويل الاقتصاديات الوطنية إلا بنسة 23% فقط، بينما بعض الدول الأفريقية مثل جنوب فريقيا وصلت نسبتها التمويلي إلى 155 مايعني أن اقتصاد دول المنطقة اقتصاد مقايضة فقط وذلك للضعف التمويلي[12] ولأنها أيضا لم تستطع الدخول في التنافس التجاري وحماية منتجاتها المحلية.

ويقضي المبدأ الثالث وهو حرية تحويل الفرنك الأفريقي إلى اليورو على أن الفرنك الأفريقي غير قابلة للتحويل إلا على يورو فقط وبدون تحديد الكمية التي يمكن تحويلها دورياًّ، وحتى بين دول المنطقة لايمكن صرف الفرنك الأفريقي، فعملة منطقة الغرب غير قابلة للتحويل في دول منطقة الشرق والعكس كذلك غير ممكن، والعامل السلبي في هذا هو إعاقة حرية التجارة بين هذه الدول؛ ولذلك فمستوى التبادل التجاري بينها لا يتخطى 15% في حين أن الدول الأروبية وصلوا إلى 60%  بينما المبدأ الرابع وهو حرية تحويل رؤوس الأموال إلى فرنسا، والذييُمكِّن للمستثمر الأجنبي وحتى الوطني  بنقل رؤس الأمول من المنطقة إلى فرنسا دون قيد تشريعيّ، أدى إلى انتفاء الادخار العام [13] وهذا هذا ما جعل البنك المركزي لدول غرب أفريقيا يلغي من نظامه الأساسي بند الدعم في الميزانية المخصَّص للدول الأعضاء إذا تعرضوا للعجز الميزاني[14] مع أنه كان موجودا حتى عام 2002.[15]

يظهر جلياًّ مما سبق أن التخلف الاقتصادي وفشل البرامج التنموية الذي تعاني منه دول منطقة الفرنك الأفريقي الجزء الكبير منه يرجع إلى طريقة إدارة هذا النقد، فكلُّ دول المنطقة غير “غابون” في قائمة “الدول الأقل نموا”  وفي قائمة “الدول الفقيرة والمثقلة بالديون” حسب تصنيفات برنامج الأمم المتحدة للتنمية [16] وفي آخر بيانات الصندوق النقد الدولي للخمسِ وعشرين الدُّول الأكثر فقراً في العالم حسب الناتج المحلي، تتضمن ستُّ دول من دول المنطقة،[17] كما أن أربع أفقر دولة في العالم حسب مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة  باستثناء إريتيريا تنتمي إلى منطقة الفرنك الأفريقي.[18]

مسارات النضال ضد الفرنك الأفريقي

اتّسم الحراك النضالي ضد الفرنك الأفريقي بملامح مختلفةٍ، واستمر في شكل مدٍّ وجزرٍ استطاعت فيه فرنسا استعمال سياسة العصا والجزرة مع القادة الأفارقة، ونجحت فيها بجدارةٍ، ففي حين جعلت فرنسا إثارة الموضوع خطاًّ أحمر، ظهر ثلاث اتجاهاتٍ في الطبقة السياسية الإفريقية، اتجاهٌ راضٍ بالواقع أعطى فرنسا ولاء كاملاً وهذا الاتجاه يتزعمه الرئيس العاجي “فيليكس أوفيت بواني” والرئيس السنغالي “لوو بول سدار سنغور” واتجاهٌ ثانٍ حاول تطبيق سياسة شعرة معاوية مع فرنسا، واكتفى بالمطالبة بإصلاحاتٍ داخليةٍ دون الانقطاع الكامل مع خزانة فرنسا، ومن فضل هذا الاتجاه تم خفض نسبة الاحتياطات من 100% إلى 65%، عام 1973 ويتزعم هذا الاتجاه رئيس دولة بنين  “نياسيكبي أياديما” في حين أن الاتجاه الثالث جاوز هذه الخطوط الحمراء داعياً إلى استقلالٍ نقدي كاملٍ، ويتزعم هذا الاتجاه الرئيس البوركينابي الثوري “توماس سنكارا” و رئيس دولة مالي “موديبو كيتا”، وفي حين أن الشعوب دفعت ثمن الاتجاهين الأوليين، وكسب زعماؤها جزرة فرنسا، كان دافعوا ثمن الاتجاه الأخير قادتُه أنفسهم، حيث لم يتأخر العصا الفرنسي بتصفيتهم بلا هوادة.

انعكس أثر هذه الاتجاهات في ملامح النضال الحالي، دون فرقٍ كبيرٍ في طبيعته، ففي منطقة الغرب الأفريقي بقي موقف ساحل العاج أكبر دافعٍ للاحتياطات لفرنسا منسجماً مع الموقف السنغالي ثاني أكبر اقتصاد هذه المنطقة، وفي تصريحات علنيةٍ دافع فيها كلاًّ من الرئيس العاجي الحالي[19] “الحسن وترا” والرئيس السنغالي الحالي[20] “ماكي صال” عن هذا النقد، وأنه جديرةٌ لتنمية دولهم ويجب الحفاظ عليه، بينما كان خروج[21] الرئيس التشادي “إدريس ديبي” بمثابة استلهامٍ مباشرٍ لتيار “توماس سانكرا” و”موديبو كيتا”، وترجمةٍ فعليةٍ لمشاعر عديد من الرافضين لهذه التبعية الاقتصادية، حيث صرح علناً على أن هذه العملة، هي المسؤولية عن التخلف الذي تشهده دولهم، وأنه آن الأوان للاستقلال النقدي، وانضاف في هذا الاتجاه العالي المستوى إلى جهود عديدٍ من الخبراء الاقتصاديين الأفريقانيين، الذين فنَّدوا بطرقٍ علميةٍ جدوى هذه السياسة النقدية، ووصفوها بالعبودية المقنَّنة، وقترحوا خطواتٍ عمليةٍ للخروج من هذا المأزق، كما كان للناشطين الشباب حضورا قويا لتوعية الرأي العام الوطني والإقليمي، حيال المخلفات السلبية التي تسببها هذه السياسة في مستقبل دولهم، كان أبرزهم الناشط والكاتب “كمي سيبا” والذي نجح من خلال المنظمة غير الحكومة التي يرأسها “Urgences Panafricanistes” عقدَ سلسلة لقاءاتٍ وفعالياتٍ جماهيرية بالتنسيق مع منظمات أخرى معنية، في عدة عواصم أفريقية وأروبية لتعبئة الرأي العام عند الشعوب الأفارقة المقيمين في دولهم والمغتربين في المهجر.

الفرنك الإفريقي ورحلة البحث عن البديل  

أغلب الدول التي تنضوي تحت مظلة الفرنك الأفريقي، نالت على الاستقلال مؤخراً مع العديد من الدول التي كانت تحت المستعمر الفرنسي نفسه، وبعضها كانت تحت المستعمر الانكليزي، إلا أن المستعمر الأخير وضع لمستعمراتها خيار الارتباط بالخزانة الانكليزية أو الاستقلال، فاختارت هذه الدول الاستقلال الاقتصادي، وعند المقارنة نجد أن هذه الدول من نيجيريا إلى كينيا تملك نقداً مستقلاً، وتتقدم على هذه الدول في كل المقاييس، أضف إلى ذلك أن بعض المستعمرات الفرنسية ذاتها والتي تحدَّى فرنسا وتجاوزت الخطوط الحمراء الفرنسية فاستقلت اقتصاديا، نجحت في إدارة عملتها بنجاحٍ، وعندنا المثل التونسي والمغربي والجزائري والغيني، واليوم فالواقع يفرض على دول المنطقة، إيجادَ رؤيةٍ واضحةٍ للخروج من عنق الزجاج، وليس بالضرورة أن يكون خروجاً مأساوياً، بل وفق خطة مدروسةٍ أطلق عليه الخبير الاقتصادي والوزير “البيني” السابق “كوكو نوبكبو” بــ” الخروج من الأعلى”.

 لكي يكون الخروج من هذه المنطقة خروجاً علوياًّ، اقترح الخبراء أن تتحد دول المنطقة في ضرب نقدٍ أفريقيٍّ مستقلٍّ يجمع دول المنطقة، وهو عمليةٌ متصورةٌ وممكنةٌ لأن جميع هذه الدول باستثناء جزر القمر يتموقع في منطقةٍ جغرافيةٍ واحدةٍ، وهذا أكبر قاسمٍ مشتركٍ لهذه الدول لإنجاح المشروع، ولتحقيق دعائم الاقتصاد القوي المتمثلة، في عدة أمور، تبدأ بإنشاء بنك موحَّدٍ لدول المنطقة، وتليها تقويةُ الصناعات التحويلية، باستخدام مواردها الخامة، بدل تصديرها إلى الخارج بتكلفةٍ رخيصةٍ، ثم استيرادها من جديدٍ بتكلفةٍ أعلى، بعد ذلك وبشكلٍ تلقائيٍّ سيحصل التنافس التجاري القوي بينهم، من خلال حماية منتجاتهم باستخدام سلاح التحكم على سعر الصرف وفرض الضرائب، فإذا نجحت جنوب أفريقيا وأنغولا ونيجيريا في تصدر قائمة الدول الأفريقية من حيث حجم التبادل التجاري مع فرنسا فلأنهم يمتلكون هذه الأسلحة فقط لاغير، والمليارات التي تُضخُّ في الخزينة الفرنسية، يمكن استخدامه في التمويل الاقتصادي ودعم ميزانيات الدول.

يكفي أن يكون المرء مواطناً عادياً يعيش في هذه الدول ليعرف حجم الكساد الاقتصادي الذي تغرق فيه دول منطقة الفرنك الأفريقي، فأفقر دولةٍ في العالم حسب مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة توجد في هذه المنطقة، وهذه الدولة بذاتها تملك 8% من احتياطات اليورانيوم في العالم [22]  في المرتبة الرابعة بعد روسيا مباشرةً،  وهي التي تُزود فرنسا بـ 35% من احتياجاتها من الطاقة النووية عبر شركة “أريفا” [23] ولعلّ هذا الغيض من الفيض هو ما أثار حفيظة  “جاك شيراك” – الرئيس الفرنسي من 1995 إلى 2007 – فطفق يقول: “جزءٌ كبيرٌ من المال الذي في خزانتنا يأتي من استغلالنا لأفريقيا لمدة قرونٍ، لا أقول تكرُّماً لكن يلزمنا القليل من الحكمة والعدالة لنرجع للأفريقيين ماأخذناه منهم، وهذا ضروريٌّ إذا أردنا تلافي التشنُّجات والصعوبات مع ما قد يصاحبها من تداعياتٍ سياسةٍ في القريب العاجل” [24] كما تبنت هذا التوجه ” مارين لوبين” فلم تمنعها زعامتها لأشد حزب تطرفا في فرنسا-الجبهة الوطنية- من أن تقول: ” أن صورة الفرنك الأفريقي كارثةٌ على الاقتصاد الأفريقي وعلينا أيضا، و وهي واحدة من السلبيات الأساسية التي عملت على خنق الاقتصاد الأفريقي إلى الأسوأ، ونحن هنا بصدد قتل الاقتصاد الافريقي، وكما أدافع عن استقلالية اقتصادية لوطني أيضا أدافعها لكل الدول، فلكل الدول الحق في امتلاك نقد مستقلّ وهو عنصر من عناصر السيادة ” [25]

هذا القليل من الحكمة إذا كانت لازمةً على فرنسا، فألزم  مايكون على القادة الأفارقة، ولكن المؤسف هو أن نسبة الإداريين من رؤساء المنطقة الفرنسية غلبت على نسبة القادة أصحاب الرؤى، فغابت الرؤية في طريقة قيادة الدول وحلَّت مكانها التبعية والاتكاء على الآخرين، وأما قادة فرنسا وإن كانوا مدانين أمام الضمير الإنساني، فهم في منطق العقل غير مدانين لأنهم يعملون في تحقيق مصالح شعوبهم، وإنما الشجب والإنكار يُوجه على الرئيس الذي لم يُوظَّف طاقته في تحقيق مصالح أمّته، فالنقد ليس مسألة تقنية فحسب بل هو وسيلة سياسية متصلة مع سيادة الشعوب.       


[1] Ramona KALIN, Cornelia GRAF, Julia Blum, Isabelle ASCWANDEN, Paris sous l’Occupation allemande, Semaine d’étude à Paris, HEP Lucerne, p. 2

[2] Carl E. WALSH, Monetary Theory and Policy, third edition, Massachusetts Institute of Technology, 2010, p.1

[3] Ales DELACORDA, the role of monetary policy in pursuing economic activity in selected transition countries, research support scheme, p. 2

[4]  حازم الببلاوي، النظام الاقتصادي الدولي المعاصر، من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة، ص 29

[5] Les principes de la coopération monétaire en Zone franc, Réunion des ministres des Finances de la Zone franc – Paris, 3 avril 2008, p.2

[6] Le Franc CFA et l’interrelation Economique en Afrique Centrale, Commission Economique pour L’Afrıque, Nation unis, p. 13

[7] Claude Kory KONDIANO et Facinet SYLLA,, L’Histoire de la monaei et de la bank central Guineennes, p. 11

[8] Patrick GUİLLAUMONT et Sylviane GUİLLAUMONT Jeanneney, Les accords de coopération monétaire de la Zone franc : atouts et contraintes, fondation pour les études et recherches sur le développement international, 2013, p. 2

[9] Nicolas AGBOHOU, LE FRANC CFA ET LE DEVELOPPEMENT DE L’AFRIQUE, p. 10

[10]  AGBOHOU, p. 22

[11] Nicolas AGBOHOU (GRANDE CONFERENCE SUR LE FRANC CFA A MARSEILLE) Oct 31, 2014

[12] La Fondation Jean-Jaurès  sur un débat public Kako Nubukpo Jan 6, 2017

[13] Nicolas AGBOHOU PAYS AFRICAINS: Pouvons-nous devenir émergent avec la monnaie imposée par la France? Reçoit par Thierry NGOGANG 17/07/2014

[14] Statut de la banque centrale des etats de L’Afrique de L’ouest art 36

[15] La Fondation Jean-JAURES  sur un débat public Kako Nubukpo Jan 6, 2017

[16] Demba Moussa DEMBELE : La Zone Franc : Perpétuation du pacte colonial, http://www.cadtm.org/ 17 avril 2013

[17] Data collected from International Monetary Fund, World Economic Outlook Database, October 2016, by global finance magazine  February 13, 2017

[18] Rapport sur le développement humain en Afrique 2016

[19] Côte d’Ivoire Franc CFA – Ouattara, avocat de la monnaie coloniale contre Idriss Déby Itno, http://www.connectionivoirienne.net,  jeudi 14 Avr 2016

[20] Macky Sall : «Le franc CFA est une bonne monnaie à garder», http://www.seneweb.com, Le 21 décembre, 2016

[21] Le Président tchadien Idriss Déby L’Afrique ne peut pas évoluer avec la monnaie Francs CFA. conférence de presse à Abéché, Tchad où était célébré le 55ème anniversaire de l’Indépendance Aug 12, 2015

[22] Réserves d’uranium naturel dans le monde, http://www.connaissancedesenergies.org.

[23]  سيد أحمد ولد شيخنا، النيجر ثروات في مهب الصرعات الدولية http://www.aljazeera.net

[24] Déclaration Chirac en mai 2008, http://www.dailymotion.com/video/xb98ui_chirac-declare-en-mai-2008-que-la-f_news#tab_embed

[25] Marine Lepen: Le Franc CFA est un Drame pour l’économie Africaine, publier en 28 Nov 2016

ظهرت المقالة الفرنك الأفريقي: نموذج التبعية للاستعمار الجديد أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4513/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9/feed/ 0 4513
عرض سريع لتاريخ أفريقيا https://alafarika.org/ar/4393/%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%b9-%d9%88%d8%a8%d8%b3%d9%8a%d8%b7-%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/4393/%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%b9-%d9%88%d8%a8%d8%b3%d9%8a%d8%b7-%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/#respond Sun, 08 Jan 2017 21:42:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4393

إن الحديث عن تاريخ أفريقيا موضوع ضخم ومعقد، إذ شهدت القارة أحداثا مراحل مخنلفة بدءا من “ما قبل التاريخ” و“الرجال والنساء الأوائل” الذين تركوا آثار أقدامهم على رماد بركاني, مرورا إلى الممالك والامبراطوريات, ثم الحضارات والحروب, إضافة إلى الثورات والنضالات التحررية والاستقلال.  أفريقيا ثاني أكبر قارات العالم من حيث مساحتها وعدد سكانها. وتبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع […]

ظهرت المقالة عرض سريع لتاريخ أفريقيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

إن الحديث عن تاريخ أفريقيا موضوع ضخم ومعقد، إذ شهدت القارة أحداثا مراحل مخنلفة بدءا من “ما قبل التاريخ” و“الرجال والنساء الأوائل” الذين تركوا آثار أقدامهم على رماد بركاني, مرورا إلى الممالك والامبراطوريات, ثم الحضارات والحروب, إضافة إلى الثورات والنضالات التحررية والاستقلال. 

أفريقيا ثاني أكبر قارات العالم من حيث مساحتها وعدد سكانها. وتبلغ مساحتها 30.2 مليون كيلومتر مربع (11.7 مليون ميل مربع)، وتتضمن هذه المساحة الجزر المجاورة، وهي بهذه المساحة تغطي 6% من إجمالي مساحة سطح الأرض، وتشغل 20.4% من إجمالي مساحة اليابسة.

يبلغ عدد سكان أفريقيا حوالي 1.1 مليار شخص (وفقاً لتقديرات 2013)، يعيشون في 61 إقليماً ومناطق، وتبلغ نسبتهم حوالي 15% من سكان العالم.

يحيط بالقارة البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال، وكل من قناة السويس والبحر الأحمر على طول شبه جزيرة سيناء إلى الشمال الشرقي، والمحيط الهندي في الجنوب الشرقي، والمحيط الأطلسي من الغرب.

تشمل دول ومناطق القارة كل من مدغشقر والرأس الأخضر وجزر مختلفة أخرى, وتحتوي القارة على (54) دولة ذات سيادة معترف بها، ومناطق أخرى منها ما كانت شبه مستقلة ومنها ما كانت تابعة لدول أخرى.

الاسم وأصل التسمية: ” أفريقيا

,  تكتب اسم القارة بـ ”Africa”,  بالبرتغالية والإنجليزية حتى وإن كان هناك اختلاف في كيفية كتابة ذاك الاسم. وبالنسبة للعديد من الكتاب الأفارقة، فإن الأولى والأحرى أن يكتب الاسم هكذا : ”K) “Afrika) بدلا من “C) “Africa), والسبب:

– أوّلا أن معظم اللهجات المحلية والشعوب الأفريقية تنطق “أفريقيا” بـ”K”, . وتوجد أمثلة لذلك في لغة اليوروبا (Áfríkà), والسواحلية (Afrika),  ولغة الإيبو (Afrịka) وغيرها من اللغات الإفريقية.

– ثانيا, أن هناك شواهد تاريخية تفيد بأن الأوروبيين لا سيما البرتغاليين والبريطانيين، هم من لوّثوا اللغات الأفريقية عبر استبدال “K” بـ “C”, حيث التبس عليهم الحرف نطقا وكتابة لشبهه حرف (B) كما هو الحال في الكتابة الأصلية لـ (Kongo) إلى  (Congo)، وفي (Akkra) عاصمة غانا إلى  (Accra)، وكذلك (Konakri) إلى (Conakry),. وقاموا بالشيء نفسه في الحرفين (Kw) حيث استبدلوها بـ (Q).

ويرى باحثون أن كلمة “أفري” تطلق على أناس عاشوا بالقرب من قرطاج – شمال أفريقيا, بينما أعاد آخرون أصل الكلمة إلى الفينيقية, وهي “أفار” والتي تعني غبار. أما النظريات التي جاء بها “ديكارت” و “فانتار” في عام 1981 , فهي ترى أن الكلمة نشأت من الأمازيغية وهي “إفري” أو “إفران”، وتعني الكهف، وذلك في إشارة إلى “سكان الكهوف”. وهناك افتراضات أخرى كثيرة منها ما درسها مؤرخون ومنها نفاها الباحثون الأفارقة.

أصل الإنسان الحديث” وهجرة الشعوب

يرى العلماء – حتى وإن كانت نظرياتهم تنتقد من قبل علماء الدين – أن أفريقيا هي “مهد البشرية” نظرا للأعداد الكبيرة من الحفريات التي عُثِر عليها داخل أراضي القارة ولم توجد بعدُ في أماكن أخرى. ولذا يرجعون تاريخ القارة إلى ما بين 5 – 3.5 مليون سنة.

وعلى أساس هذا الرأي, انتشر البشر الأوائل – أو ما يطلقون عليه “الرجل الأول” (Early man)  – قبل نحو 1.75 مليون سنة في جميع أنحاء أفريقيا؛ تشير البقايا الهيكلية بشرق إفريقيا أنّ الوادي المتصدع موطن لأقدم أسلاف البشر. كما أن أنواع البشر “أسترالوبيثيكوس أفارينسيس” عاشوا في منطقة “هدار” الإثيوبية، بما في ذلك “لوسي” التي تعدّ بقايا الهياكل العظمية لهذه الأنواع البشرية والتي عُثِر عليها في عام 1974.. كان البشر الأوائل صيادين وعاشوا في الكهوف مستخدمين قدراتهم لإشعال النار وصناعة أدوات حجرية استُخدِمت للبقاء على قيد الحياة.

وشهدت القارة فيما بين 600,000 سنة و 200,000 سنة ق.م هجرات واسعة عبر القارة الأفريقية, ومن القارة إلى آسيا وأوروبا. ويشير العلماء إلى وجود دليل على أن هذا النوع من “الجنس البشري” امتلك قدرة السيطرة على الحريق، وأنه عاش في الكهوف، وفي الهياكل المبنية من الحجر والغطاء النباتي الموجودة في الهواء الطلق.

وفيما بين 6000-4000 قبل الميلاد انتشرت الزراعة عبر أفريقيا؛ ظهرت مجتمعات الأنهار السكنية على طول أنهار النيل والنيجر والكونغو. ومن أهم التطورات لـ”الإنسان البدائي” صناعة الأدوات الحجرية، حيث زرع الناس محاصيل ورعوا المواشي, وكانت الصحراء الكبرى وقتذاك منطقة خصبة.

قبل 2500 قبل الميلاد, بدأ تقلص نزول الأمطار مما أدى إلى ظهور الحاجز الرملي بين شمال وغرب أفريقيا والذي أصبح الصحراء التي نعرفها اليوم. وانتقل الناس إلى الجنوب الغربي في الغابات الاستوائية في أفريقيا الوسطى. وبحلول ذلك الوقت, هيمنت مجموعة من الناس الذين تحدثوا بلغات مشتركة على الأماكن الطبيعية في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى, ويعرف هؤلاء الناس اليوم بـ”البانتو”.

نما عدد البانتو واكتشفوا تقنية صهر الحديد وتطوير تقنيات زراعية جديدة؛ في حوالي 1000-800 ق.م انتشرت هجرتهم من شرق نيجيريا الحالية عبر إفريقيا جنوب الصحراء, حيث وصلت شعوب البانت منطقة شرق أفريقيا في حوالي 100 ق.م، وتعيش في أفريقيا الجنوبية منذ حوالي 300 ميلادية.. وهكذا بدأت عصور الإمبراطوريات الإفريقية.

امبراطوريات وممالك أفريقيا

من المثير للغرابة أن المنصّرين أو “المبشّرين” الفيكتوريين يعتقدون أنهم نقلوا منارة “الحضارة” إلى أفريقيا، بينما الحقيقة أن الأفارقة قد طورّوا لأنفسهم امبراطوريات تجارية ومجتمعات عمرانية معقدة في الوقت الذي كان الأوروبيون يجرون وراء الحياة البرية. وكانت هذه الحضارات الأفريقية متفاوتة الحجم والمساحة، حيث منها ما وصلت تأثيراتها إلى خارج القارة الأفريقية كآسيا وأوروبا.

– أهرامات: مصر القديمة من أعظم الإمبراطوريات الإفريقية. تشكلت في دلتا النيل حوالى 3100 قبل الميلاد من خلال الدمج أو الجمع بين بلدان منظمة مسبقًا. وحققت هذه الحضارة درجة كبيرة من التطور الثقافي والاجتماعي كما طورت تقنيات إنتاج الغذاء من الصحراء لتشكيل مجتمع حكمته الفراعنة – وهم ملوك أقوياء.

يحافظ الفيضان السنوي لنهر النيل على أراضي الفراعنة لتكون خصبة ولتغذية جحافل من العبيد والحرفيين، الذين عملوا بدورهم على تشييد بعض المباني العامة المدهشة, مثل الأهرامات التي لا تزال قائمة إلى اليوم. وخلال الأوقات الجيدة، التي استمرت إلى ما يقرب من 3000 سنة، اكتشف المصريون مبادئ الرياضيات وعلم الفلك، واخترعوا لغة مكتوبة.

وفي حوالي 2500 ق.م, ظهرت الدولة النوبية وعاصمتها كرمة كمنافس لمصر, بينما وحّدت المملكة المصرية الجديدة في حوالي 1500 ق.م بين مجتمعات ودول وادي النيل بما فيها النوبة. وقد استعادت النوبة استقلالها لفترة وجيزة عن مصر في حوالي 1069. وأشار مؤرخون إلى أن النوبيين احتفظوا على السيطرة على مساحة كبيرة من وادي النيل السفلى، على الرغم من توجيه الضرب إليها من قبل الإمبراطورية الإثيوبية “أكسوم” حوالي 500 ميلادية.

حنبعل: أنشئت في تونس من قبل الفينيقيين، وملأت مدينة قرطاج فجوة السلطة التي كانت تتلاشى من قبل إمبراطورية مصر القديمة. وفي القرن السادس قبل الميلاد سيطرت قرطاج على معظم التجارة البحرية المحلية، وتبحرت سفنهم من وإلى موانئ البحر الأبيض المتوسط محملة الشحنات من الصبغة، خشب الأرز والمعادن الثمينة. وما زال العلماء منشغلين بدراسة  الأبجدية الفينيقية والنظر فيها، إذ يُعتقد أن كلا من اليونانية والعبرية واللاتينية مشتقة منها.

– مملكة أكسوم: ما زالت الاختلافات جارية بين ما إذا كانت هناك علاقة بين مملكة سبإ وأكسوم وما نوعية تلك العلاقة وحقيقتها. كما أن الكثير عن هذه المملكة ما زال غير معروف. كانت أكسوم أول دولة أفريقية أصيلة – لم يتم تأسيسها أو فتحها من قبل أشخاص جاؤوا من أماكن أخرى. ويشير مؤرخون إلى أن المملكة سيطرت على جزء كبير من السودان وجنوب شبه الجزيرة العربية في أوج عظمتها. وكان قلب المملكة في التلال، والمناظر الطبيعية الخصبة في شمال إثيوبيا – مكان بارد أخضر يتناقض بشكل حاد مع سخونة التربة الجافة وشواطئ البحر الأحمر على بعد بضع مئات الكيلومترات.

وصلت كل ذلك إلى نهاية مفاجئة عند مجيئ الرومان، الذين دمروا قرطاج واستعبدوا سكانها عام 146 قبل الميلاد. كما تشير بعض الكتابات التأريخية, فإن هناك مجموعة كبيرة من الجيوش الأجنبية اجتاحت شمال أفريقيا في القرون التالية، ولكن التأثير الدائم في منطقة شمال القارة كان للعرب، وذلك بدخول الإسلام فيها حوالي 670 ميلادية.

تداول الأكسومييون التجارة مع مصر، وشرق البحر المتوسط والجزيرة العربية، واخترعوا لغتهم المكتوبة، وأنتجوا عملات ذهبية إضافة إلى تشييد المباني الحجرية.

يقال بأن ملك أكسوم, في القرن الثالث الميلادي، اعتنق المسيحية، وأسّس الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية. وكما تقول “الأسطورة”, فإن إثيوبيا كانتْ مقرا لملكة سبأ والمثوى الأخير لـ “تابوت العهد” الغامض. كما أن هناك أساطير أوروبية في العصور الوسطى حول ملك مسيحي اسمه ‘الكاهن يوحنا ” حكم على جنس من الناس “البيض” في عمق “أفريقيا الحالكة”.

– ممالك ذهبية:

كانت دولة مالي اليوم والمناطق المحيطة بها موطنا لعدد من الإمبراطوريات وكبريات الممالك الغنية في غرب أفريقيا والتي تتناقض الروايات في تاريخها الحقيقي ما قبل الميلاد وبعده, وفيما إذا كانت كل من هذه الممالك تابعة لامبراطورية أخرى أم أنها مستقلة في حدّ ذاتها.

كان المألوف في الكتابات عن أفريقيا أن يشار إلى إمبراطورية غانا (ليس لها علاقة بدولة غانا الحديثة) – 700 إلى 1000 ميلادية، وإمبراطورية مالي  (حوالي 1250م إلى 1500م) – والتي امتدت في أوجها على طول الطريق من ساحل السنغال إلى النيجر – كأقدم الامبراطويات في غرب أفريقيا, ثم تليها إمبراطورية سونغاي(حوالي 1000 م -1594 م) باعتبارها آخر هذه الإمبراطوريات, إلا أن الدراسات الأفريقية والنصوص العربية القديمة تشير إلى العكس.

فامبراطورية سُنْغاي هي أقدم الإمبراطوريات في غرب إفريقيا من حيث النشأة والتطور، وهي أيضا آخر وأكبر الممالك والإمبراطوريات الإفريقية، والتي غطّت في أوجها مساحات واسعة أكبر من أوروبا الغربية. وكان أساس ثروتها في تعدين الذهب والملح من مناجم الصحراء, حيث كانت الجمال تحمل هذه الموارد الطبيعية عبر الصحراء إلى المدن في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، وتعود إلى حاملة السلع المصنعة ما ساهمت في ثروات كبيرة فائضة في سُنْغاي.

إن كل هذه الممالك والامبراطوريات في غرب أفريقيا ازدهرت قبل اعتناق بعض ملوكها الدين الإسلامي وقبل تبنّي الدولة نفسها الإسلام. كما ميزتها بعد أن أصبحت دولة إسلامية؛ مدنُها وحكومتها ومراكزها التعليمية وتقديم منح دراسية للطلاب – وكان أشهر هذه المدن  تمبكتو.

وتوجد ممالك أخرى في جميع أنحاء القارة قبل وبعد وأثناء عصور تلك الممالك المذكورة, كتلك الموجودة في بنين ونيجيريا والكونغو وغيرها في أفريقيا الجنوبية والشرقية والوسطى. وقد ساهم في ثراء هذه الممالك التداول في الذهب والملح، والاسترقاق – كغيرها من الممالك والامبراطويات في القارات الأخرى. وكمصير غيرها, تنفجر الصراعات على السلطة والنفوذ أو تُغزى من قبل قوى خارجية – لتنهار في النهاية.

جدير بالذكر أنه إلى جانب التطورات في غرب أفريقيا وغيرها؛ استقرّ العرب (الذين سافروا وتاجروا على الساحل الشرقي لأفريقيا) في مقديشو التي أصبحت الآن أكبر مدينة في الصومال.  كما امتدّ وصولهم إلى زنجبار التي كانت تستخدم كقاعدة للرحلات بين الشرق الأوسط والهند.

وبينما يتم تشكيل ممالك منظمة أخرى في وسط وجنوب أفريقيا، بدأ البرتغاليون رحلاتهم “الاستكشافية” في الساحل الغربي لأفريقيا. ووصلوا قبل 1445 ميلادية إلى جزر الرأس الأخضر وسواحل السنغال، ومدخل أو فم نهر الكونغو في 1482 ميلادية. بل وأبحروا أيضا حول “رأس الرجاء الصالح” (Cape of Good Hope).

الكولونيالية وغزو أفريقيا

بدون الحديث عن حقيقة مصطلح “تجارة الرقيق” وعرض انتقادات الباحثين الأفارقة للمصطلح وحول ما إذا كان مصطلحا مناسبا وصالحا للاستخدام لوصف ما قام به الأوروبيون تجاه الأفارقة بغزوهم وسرقة مواردهم (اقرأ المزيد عن المصطلح وانتقاداته هنا).

كانت بداية الاستعمار الحقيقي في القارة تعود إلى القرن ال14، أو القرن ال15 وفق رأي البعض. ولكن القرن الـ16 أتى بتغيرات شكلت مستقبل الشعوب والبلدان خصوصا في أفريقيا, وذلك مع قيام الأوروبيين بنقل العبيد الأفارقة إلى الأمريكتين من أجل البيع. وكان الأسلوب الأكثر شهرة لـ”لتجارة” في ذلك الوقت هو نظام التداول الثلاثي. ومضمون هذا النظام هو نقل وشحن البضائع المصنعة من قبل بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية إلى أفريقيا، ثم نقل العبيد من أفريقيا إلى جزر الهند الغربية, ومن جزر الهند الغربية ينقل السكر وغيره من المنتجات ويشحن إلى أوروبا.

في الوقت نفسه، ألقت القراصنة البربر القبض على آلاف السفن على طول ساحل شمال أفريقيا. ومن القرن الـ16 إلى القرن الـ19، أُسر ما يقدر بنحو 800،000 إلى 1.25 مليون شخص كعبيد.

في حين تنتشر حكايات الثروات الأفريقية شمالا، أسّس الأوروبيون أولى مستعمراتهم الحقيقية في مطلع القرن ال16، عندما استقر البرتغاليون في ما يُعرف الآن بـ”أنغولا“. وفيما بعد، أسس الهولنديون مستعمرة فيما يعرف اليوم بـ”جنوب أفريقيا“.

بدأت تحركات قوية لإنهاء الرق في أواخر القرن ال18. وكانت فرنسا واحدة من أوائل الدول التي ألغت الرق في 1794م. وحظرت بريطانيا “تجارة الرقيق” في عام 1807م، ولكنها لم تلغ رسميا إلا في عام 1848م. غير أن الحقيقة أنه إلى اليوم, ما زالت هناك ممارسات شبيهة بـ”تجارة الرقيق” في بعض أجزاء من القارة.

في عام 1814م, بدأ الاستعمار الموسّع لأفريقيا من قبل الدول الأوروبية, عندما انتزعت بريطانيا مستعمرة هولندية في جنوب أفريقيا. قسموها فيما بينهم مثل فطيرة كبيرة، فأمسك البريطانيون، والهولنديون، والفرنسيون، والألمانيون والبرتغاليون جميع القطع المتاحة في القارة.

وبحلول نهاية القرن الـ19، صارت القارة من الجزائر إلى زيمبابوي، ومن بوتسوانا إلى النيجر, تحت سيطرة القوى الأوروبية. واستمر الاستيلاء على الأراضي في أوائل القرن العشرين عندما سيطر البريطانيون على مصر.

بحلول عام 1920م، بدأت السيطرة القسرية والاحتلال الأوروبي لأراضي أفريقيا يشهد توترات واضطرابات, وكان التغيير في طريقه للحدوث. لأن رغبة الاستقلال لدى الأفارقة والأفريقيين تتزايد من أجل الحكم الذاتي, الأمر الذي أدى إلى حركات لا يمكن للقوى الأوروبية إيقافها. وبحلول منتصف القرن كانت معظم القارة مستقلة، مع استقلال أنغولا في عام 1975م.

ما بعد الكولونيالية في أفريقيا

بسبب الآثار والتداعيات التي تركته القوى الكولونيالية من الدمار والانقسامات, إضافة إلى نوع القيادات الأفريقية والدساتير المستوردة, شهدت دول وبلدان القارة حديثة النشأة – حتى بعد انتهاء الاستعمار المزعوم – حروبا أهلية وانقلابات دامية وصراعات عرقية لم تختف آثارها حتى اليوم.

غير أنه مع كل ما سبق, هناك دول شهدت تقدما ملحوظا، وأخرى تشهد – وما زالت – تطورات هائلة وتقدمات مذهلة, بل لدى جلها في الواقع القدرة على التنافس مع دول متقدمة في القارات الأخرى, هذا بغض النظر عن التركيز الأكثر من اللازم السلبي والنظر التقليدي النمطي لأصحاب وسائل الإعلام تجاه بلدان القارة وخاصة دول جنوب الصحراء.

وهناك العديد من النقاط المضيئة وقصص النجاح في هذا الجزء من الكرة الأرضية ذات أكثر من مليار شخص ولغاتها الأكثر من 2،000 لغات. حيث تجري داخله مكاسب اقتصادية واجتماعية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية، كالتي تحدث في جنوب أفريقيا ونيجيريا والمغربورواندا ومصر وكينيا, وغيرها.

كما أن أكبر قطاعات الاقتصادات لدول أفريقيا هي: الزراعة والتعدين, مع نمو القطاع السياحي في كثير من المناطق. ونمت صناعات الدول الأفريقية التحويلية نموا كبيرا بما يكفي لشحن منتجاتها إلى جميع أنحاء العالم، كما أن لعائدات تصدير النفط من نيجيرياأنغولا, وليبيا, القدرة على تغيير حياة الملايين – إن أحسن استخدامها.

لدى كل 54 دولة أفريقية إمكانات كبيرة، غير أن السؤال القائم هو ما إذا كان حال الملايين البسطاء في القارة سيتغير قريبا, بحيث تُسخّر تلك الإمكانات لتلبية احتياجات شعوبها؟ فبالنظر إلى تأريخ القارة ومجرى الأمور اليوم, فإن الآمال ما زالت قائمة.

منظمة الوحدة الأفريقية: الاتحاد الأفريقي

الاتحاد الأفريقي: اتحاد قاري يتكون من 54 دولة أفريقيا. وله جذوره وتاريخه من منظمة الوحدة الأفريقية التي أُسست في 25 مايو 1963 بأديس أبابا.

تم تأسيس الاتحاد الأفريقي في 26 مايو 2001 في أديس أبابا، إثيوبيا، وأُطلق في 9 يوليو 2002 في جنوب أفريقيا, بهدف استبدال منظمة الوحدة الأفريقية،. وكانت القرارات الأكثر أهمية بالنسبة للاتحاد الافريقي تتخذ من قبل جمعية الاتحاد الأفريقية التابعة للاتحاد، وذلك في اجتماع نصف سنوي لرؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء فيه. واتخذت أمانة الاتحاد الافريقي ومفوضية الاتحاد الأفريقي, أديس أبابا مقرا لها. (مزيد من المعلومات عن تأسيس وتاريخ الاتحاد الأفريقي, هنا)

حقائق جغرافية لقارة أفريقيا

للحصول على تفاصيل الجغرافيا الإضافية الشاملة, الرجاء استخدام شريط القائمة في أعلى القائمة والضغط على خانة “حقائق وأرقام”, أو يمكنك الرجوع إلى الخريطة في بداية الصفحة والضغط على النقطة الأرجوانية بجانب/ أمام اسم أي الدولة المطلوب جغرافيتها.

1- الجزائر هي أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة.
2- سيشيل هي أصغر دولة في أفريقيا من حيث المساحة.
3- نيجيريا هي أكبر دولة في أفريقيا (من حيث عدد السكان)
4- سيشيل هي أصغر دولة في أفريقيا (من حيث عدد السكان)
5- أعلى نقطة في أفريقيا هي جبل “كليمنجارو” في تنزانيا.
6- أخفض نقطة في أفريقيا هي بحيرة عسل في جيبوتي.

ومن الميزات الجغرافية المثيرة حول أفريقيا؛ الصحراء الكبرى ونظام نهر النيل وصحراء كالاهاري.

– الصحراء الكبرى: إنها أكبر الصحارى الحارة في العالم، وثالث أكبر الصحراء بعد القطب الجنوبي والقطب الشمالي، وكانت مساحتها تعادل مساحة الصين تقريبا. تغطي الصحراء الكبرى تقريبا ثلث القارة، وأكبر الصحراء الساخنة في العالم بحوالي 3،500،000 ميلا مربعا ( 9,065,000 كيلومتر مربع ) في الحجم الإجمالي. وتشمل تضاريسها مناطق السهول التي تنتشر فيها الصخور والكثبان الرملية والعديد من البحار الرملية. وهي تتراوح في الارتفاع من 100 قدم تحت مستوى سطح البحر، إلى القمم في جبال “الهقار” و “تيبستي” ، التي تتجاوز 11,000 قدم (3،350 م). وتشمل الصحراء الكبرى كلا من صحراء ليبيا والنوبة والصحراء الغربية لمصر، إلى الغرب من نهر النيل. كانت الصحراء الكبرى بدون أو مع قلة هطول الأمطار، لكن عددا قليلا من الأنهار الجوفية تتدفق من جبال أطلس، مما يساعد في ري الواحات المعزولة. أما في الشرق، تساعد مياه النيل على تخصيب أجزاء صغيرة من مناظرها ومشاهدها الطبيعية.

– نظام نهر النيل: يعتبر نهر النيل المتدفق شمالا أطول نهر في العالم في 6650 كم (4130 ميل). وتستفيد منها أحد عشر دولة. النيل الأبيض والنيل الأزرق هما روافده الرئيسية. كان النيل الأبيض أطولهما ويفيض من منطقة البحيرات العظمى في وسط أفريقيا، متدفقا شمالا من تنزانيا إلى جنوب السودان. والنيل الأزرق هو مصدر معظم الماء وكلا النهرين يلتقيان بالقرب من الخرطوم بالسودان, وكان القسم الشمالي من النهر يتدفق بالكامل تقريبا عبر الصحراء، من السودان إلى مصر. ينتهي النيل في دلتا الكبير والذي يفترغ في البحر الأبيض المتوسط.

– صحراء كالاهاري: هي ثاني أكبر الصحراء في أفريقيا بعد الصحراء الكبرى. تمتد صحراء كالاهاري على مساحة 900,000 م2, وتغطي أغلب أراضي بوتسوانا بالإضافة لأجزاء من ناميبيا وجنوب أفريقيا, تحيط بهذه الصحراء منخفضات كالاهاري في مساحة 2.5 مليون كم2, وتغطي المنخفضات أيضا أغلب أراضي بوتسوانا, بالإضافة لأجزاء من جنوب أفريقياناميبياأنغولازامبيا وزيمبابوي. كان النهر الرئيسي الذي يمر بهاصحراء كالاهاري هو نهر أوكفانغو, والذي يتدفق عبر دلتا في الشمال الغربي للصحراء, مكونا العديد من المستنقعات الغنية بالحياة البريّة. (اقرأ المزيد عن صحراء كالاهاري هنا)

خرائط أفريقيا

إن أفريقيا هي ثاني أكبر قارات العالم، وثاني أكثر القارات اكتظاظا بالسكان (بعد آسيا). وتشمل (54) دول مستقلة، إضافة إلى الصحراء الغربية, التي كانت عضوا في الاتحاد الأفريقي, وما زالت من المغرب. وتعتبر جنوب السودان أحدث دولة في القارة حصلت على استقلالها في يوليو 2011.

كما أنه يوجد في القارة نهر النيل، أطول نهر في العالم، والصحراء الكبرى الواسعة، واحدة من أكبر الصحراء في العالم.

ويحيط البحر الأبيض المتوسط بأفريقيا إلى الشمال، وكل من قناة السويس والبحر الأحمر على طول شبه جزيرة سيناء إلى الشمال الشرقي، والمحيط الهندي إلى الشرق والجنوب الشرقي، والمحيط الأطلسي من الغرب.

  • خريطة أفريقيا السياسية :
خريطة أفريقيا السياسية (المصدر: CIA الأمريكية)

يُصمّم الخرائط السياسية لإظهار الحدود الحكومية في البلدان والدول، والمقاطعات، وموقع المدن الكبرى، وعادة ما تشمل هيئات كبيرة من المياه. وكما في الصورة، غالبا ما تستخدم الألوان الزاهية لمساعدة المستخدم على العثور على الحدود.

  • خريطة أفريقيا الطبوغرافية :
خريطة أفريقيا الطبوغرافية

تسلط الخريطة الطبوغرافية الضوء على التلال والجبال ووديان مساحة معينة, وذلك بالتظليل بدلا من استخدام الخطوط الكنتورية. هذه الخريطة تدل بوضوح على انبساط وتسطيح الصحراء الكبرى، والكآبة التي تقع عليها بحيرة تشاد، والجبال العالية في وادي الصدع العظيم، وتسلط الضوء أيضا على بحيرة فيكتوريا. (يمكن الضغط على الصورة لتكبيرها)

  • خريطة أفريقيا الفضائية :
أفريقيا من الفضاء

هذه الخريطة الفضائية لأفريقيا من وكالة ناسا مفيدة في العديد من التطبيقات، بما في ذلك الزراعة والجيولوجيا والغابات والأرصاد الجوية والاستخبارات والحرب. وبالإضافة إلى ذلك، إنها أداة تعليمية كبيرة، حيث أنها توفر لمحة عامة عن أفريقيا، مع المناطق الصحراوية في الشمال، والمناطق الخصبة في الوسط, كما أن تضاريس متنوعة من المناطق الجنوبية من القارة واضحة حدا.

  • خريطة أفريقيا التاريخية تعود إلى عام 1584 :
خريطة أفريقيا التاريخية (عام 1584)

الخريطة مصممة بشكل جميل وهي تمثل النقطة العالية التي بلغها رسم الخرائط في القرن ال16، وهي تظهر أفريقيا في شكل يمكن التعرف عليها، مع كون الرأس الجنوبي أكثر تحديدا. نظهر فيها مدغشقر، كما أن هناك أمكنة لأسماء العديد من المدن على طول السواحل وفي داخل القارة، على الرغم من المساحات الفارغة الكبيرة التي تكثر في الخريطة. لا يمكن ملاحظة أي حياة للحيوان أو النبات، ولكن المحيطات تحتوي على سمك أبو سيف والحوت. وكانت هناك ثلاث سفن في الجزء الأسفل من اليمين وكأنها في دخان معركة ما. وقد تم تصميم الخريطة من قبل “أبراهام أورتيليوس” الذي كان ناشر Theatrum، الأطلس الأول في العالم.

خريطة إفريقيا قبل الكولونيالية تعود إلى عام 1812 :

خريطة أفريقيا قبل الاستعمار
خريطة إفريقيا قبل الكولونيالية تعود إلى عام 1812

خريطة تصور أفريقيا قبل الاستعمار في عام 1812 من قبل “آروسميث” و “لويس” ، وطبع في بوسطن عن طريق “توماس اند اندروز”.

خريطة أفريقيا أثناء الكولونيالية : تعود إلى 1910 :

خريطة أفريقيا إبان الكولونيالية (1910)

تظهر هذه الخريطة التأريخية “ممتلكات” دول أوروبية مختلفة في أفريقيا, في عام 1910

أسماء دول أفريقيا, عواصمها وعدد سكانها:

في القائمة التالية أسماء كل (54) دولة الموجودة في أفريقيا, مع عدد سكان كل منها وعواصمها. وننبه إلى أن القائمة لا تحتوي على أسماء مناطق وأقاليم شبه مستقلة أو تابعة لدول أخرى (عدد السكان بتقديرات 2016/2017).

الدولةالعاصمةعدد السكانالدولةالعاصمةعدد السكان
نيجيرياأبوجا182,202,000تونستونس10,982,754
أثيوبياأديس ابابا99,465,819الصومالمقديشو10,972,000
مصرالقاهرة91,658,000غينياكوناكري10,628,972
الكونغو الديموقراطيةكينشاسا81,680,000بنينبورتو نوفو10,008,749
جنوب أفريقيابريتوريا54,956,900بورونديبوجمبورا11,178,921
تنزانيادودوما47,421,786توغولومي7,552,318
كينيانيروبي43,000,000سيراليونفريتاون7,075,641
الجزائرالجزائر40,400,000إريترياأسمرة6,536,000
السودانالخرطوم38,435,252ليبياطرابلس6,411,776
أوغنداكمبالا34,856,813جمهورية أفريقيا الوسطىبانغي4,709,000
المغربالرباط33,337,529جمهورية الكونغوبرازافيل4,662,446
غاناأكرا27,043,093ليبيريامونروفيا4,503,000
موزمبيقمابوتو25,727,911موريتانيانواكشوط4,067,564
أنغولالواندا24,383,301ناميبياويندهوك2,280,700
ساحل العاجأبيدجان22,671,331بوتسواناغابورون2,024,904
مدغشقرأنتاناناريفو22,434,363ليسوتوماسيرو1,894,194
الكاميرونياوندي21,917,602غامبيابانجول1,882,450
النيجرنيامي18,880,000غينيا الإستوائيةمالابو1,222,442
بوركينا فاسوواغادوغو18,450,000الغابونليبرفيل1,802,278
ماليباماكو17,796,000غينيا بيساوبيساو1,693,398
ملاويليلونغوي16,832,900موريشيوسبورت لويس1,261,208
زامبيالوساكا15,473,905سوازيلاندلوبامبا1,119,000
السنغالداكار14,354,690جيبوتيمدينة جيبوتي864,618
تشادنجامينا13,675,000جزر القمرموروني806,200
زيمبابويهراري13,061,239الرأس الأخضر (كاب فيردي)برايا525,000
جنوب السودانجوبا12,519,000ساو تومي و برينسيبيساو تومي179,200
روانداكيغالي10,515,973سيشيلفيكتوريا92,000

تنبيه: المشروع خاضع للتحديث باستمرار.

ظهرت المقالة عرض سريع لتاريخ أفريقيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4393/%d8%b9%d8%b1%d8%b6-%d8%b3%d8%b1%d9%8a%d8%b9-%d9%88%d8%a8%d8%b3%d9%8a%d8%b7-%d9%84%d8%aa%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%ae-%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/feed/ 0 4393
المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: مقومات النجاح وقيود التكامل https://alafarika.org/ar/4429/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%85%d9%88%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/4429/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%85%d9%88%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/#respond Thu, 05 Jan 2017 17:30:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4429

يعتبر انضمام الدول إلى التكتلات الاقتصادية الدولية إحدى الوسائل الرئيسية التي تساعد على تحقيق معدلات مرتفعة من الرفاهية الاقتصادية والمزايا المالية الكبيرة مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل، وتتجه دول غرب أفريقيا إلى إقامة علاقات اندماجية متكافئة فيما بينها بهـدف تبادل المصالح الاقتصادية والاستفـادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة، وتوحيد القـواعـد والإجراءات […]

ظهرت المقالة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: مقومات النجاح وقيود التكامل أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

يعتبر انضمام الدول إلى التكتلات الاقتصادية الدولية إحدى الوسائل الرئيسية التي تساعد على تحقيق معدلات مرتفعة من الرفاهية الاقتصادية والمزايا المالية الكبيرة مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل، وتتجه دول غرب أفريقيا إلى إقامة علاقات اندماجية متكافئة فيما بينها بهـدف تبادل المصالح الاقتصادية والاستفـادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة، وتوحيد القـواعـد والإجراءات مما يؤدي إلى الزيادة في الإنتاج وتنمية التبــادل التجـاري وتحقيق مزيد من الفوائد المشتركـة بين بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ECOWAS / CEDEAO).

منذ استقلال الدول الأفريقية من القوى الاستعمارية وهي تسعى لتضافر جهودها مما تمخض عنه على المستوى القاري إنشاء “الاتحاد الافريقي“؛ غير أنه خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات تحديـدا شهدت القارة ميلاد العـديد من التكـتلات الاقتصادية داخل الأقاليم الفرعية والتي ادعى القادة السياسيون انها تأتي تلبية لطموحات وآمال الشعوب وللتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة عبر التعاون والتكامل الاقتصادي. وخلال فترة قصيرة تزايدت هذه التجمعات كالفطـر في أرض جرداء، فتداعـى الى العاصمة البوركينابية “واغادوغو” فى مارس 2006؛ المؤتمر الوزاري الأول للوزراء الأفارقة المعنيين بالتكامل الإقليمي لتدارس “ترشيد التجمعات الإفريقية القائمة”، وكان أن بحث المشـاركون الإسراع بعملية دمج وترشيد التجمعات الإفريقية القائمة في أقل عدد ممكن؛ وكانت حجتهم في ذلك “ان تعدد التجمعات الإفريقية يمثل تكرارا للأهداف، ويخلق تداخلا في البرامج مما يلقى أعباء على العمل الإفريقي المشترك، ويؤثر سلبا على مستقبل التكامل بين دول القارة”، وكان من النتائج المباشرة لهذا المؤتمر أن مفوضية الاتحاد الأفريقي لـم تعـد تعترف سـوى بثمانية تكتلات اقليمية فقط كلبنات للتكامل الإفريقي  Building Blocks، مـن بين 166 تكتـلا إقليميا على الأقل في الوقت الراهن؛ توجد منها خمس على الأقل في غرب افريقيا هي الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا “UEMOA”، واتحاد نهر مانو MRU، واتحاد منظمة استثمار نهر السنغال OMVS، ومجموعة دول الساحل G5، و الإيكواس CEDEAO.

تعود فكـرة إنشاء مجموعة غرب أفريقية الى العام 1964 على أيدي الرئيس الليبيري وِلْيَامْ طُوبْمَانْ الذي أطلقها بعـدما وقـع في فبراير 1965 على اتفاق يضـم الى جانب بلاده؛ كلا مـن الكوت ديفوار(ساحل العاج) وغينيا والسيراليون، لكن التجربة لم تقوى أمام الأزمات الحدودية ومصاعب التدخلات الغربيـة ففشلت سريعا. ومــع تسلق الجيل الثاني من القادة القادمين الى السلطة بواسطة الانقلابات العسكرية أعيد استئناف المشروع على يدي الجنرال يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ (رئيس نيجيريا) والجنرال اگْناسِينْغْ پي أيَادِيمَا (رئيس التوغو)؛ اللذين تزعما جهود قيام الاتحاد وجمع مساهمات اثنتي عشرة دولة في المشروع. فخصصا أول اجتماع بالعاصمة التوغولية لومي سنة 1972 لدراسة معاهدة التجمع المقترحة، وفــي يناير 1974 بأكرا (غانا) انعقد اجتماع الخبراء للنظـر في الجوانب المؤسسية، وفي مونروفيا التئم بيناير 1975 اجتماع الحكومات، الذي خصص لإقرار مضامين المعاهدة المقترحة، وأخيرا، وقعت أربعـة عشر دولة غرب افريقية على معاهدة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في الــ28 مايو 1975 بـلاغُوسْ شهران قبل سقوط حكم الجَنَرَالْ يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ، في الـ5 نوفمبر 1976 في لُومْي بالتُوغُو جـرى توقيع زعماء مُورِيتانْيا والسَنغال، مالي والسيراليون، غامبيا وغينيا، غينيا بيساو، وليبيريا والنيجر ونيجيريا وغانا والتوغو والبَنِـينْ، بُوركينافاسو (فولتا العليا) على البروتوكولات المؤسسة للمجموعـة.

تميزت حقبـة إنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس) بتوازي الإرادات السياسيـة للآباء المؤسسين؛ فبالرغـم من أن طموح معظـمهم كان يصب في سياق تحقيق التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي، الا أن طموحات زعماء دول وازنـة في المنطقة أفرز اتجاهين رئيسيين آخرين كذلك فمن جهة؛ دعـا أنصار سياسات الاندماج “الشامـل” الـى الاتجاه نحـو نقل مزيـد من “السيادة الوطنيـة” الى اجهزة المجموعة؛ ومن أبرز دعاة هذا الاتجاه السنغال وغانا وفي بعض النواحي نيجيريا. وفي الطرف الآخر من المجموعـة، شككت الكوت ديفوار(ساحل العاج) بشأن الطموحات التي تنطوي على مـزيـد من عمليات نقل السيادة، ويساندها في ذلك العديـد من الدول بما في ذلك موريتانيا.

وبشكل أو بآخر، فإن لاختلاف وجهات النظر بشأن تحقيق آليات الاندماج هذه تجـد جـذورها داخـل الطموحات المعلنة للأربعـة الكبار في المنطقـة والى الاتجاهات الاستراتيجية المتعارضة بشأن الاندماج؛ فكان حنين السنغال الى الإبقاء على مكانتها كما كانت تشغلها في “غـرب افريقيا الفرنسية”، وهي تستعيـد تجاربها السابقة وهكذا كانت رؤيـة الرئيس الْيُوبُولْدْ سِيـدَارْ سَيْنْگُورْ : “ان تحقيق وحدة افريقية يتم حتما من خلال الجمهوريات الاتحادية على شاكلة فيدرالية مالي التي تشكل الخطوة الأولى”. وفي نفس الوقت كان القادة الغَانِيِينَ أوفياء لاتجاهات الرئيـس انْكْوَامِيهْ نيكْرُومَا والذي لم يكن سـوى أحد الرموز التاريخيين لدعاة الوحدة الافريقية الشاملة (Panafricanistes) وهـو صاحب المقولة “يجب على افريقيا ان تتحد”، وعلاوة على ذلك؛ أمكن لغَانَا أن تستحضر رعايتها لباكورة مبادرات التكامل بين الدول الافريقية المستقلة حديثا من خلال “اتحاد دول غرب افريقيا (UEAO) المعلن عنه في نوفمبر 1958. وعلى ضـوء هـذه الرؤى لا تخفي نيجيريا، التي تستضيف التجمع الاقليمي أن قوتها الديمغرافية والاقتصادية الوازنـة على صعيد القارة كافيتان لتصدر اسواق المنطقـة برمتها.

ومع انشغال الأقطاب الرئيسية في المجموعـة بشكل مبكـر على تضمين طموحاتها الإقليمية داخل اجهزة الإيكواس، كانت السمة الأساس للأنظمة يطبعها انعدام الاستقرار السياسي والانقلابات كما عجز اغلبها عن حماية شعوبه من كوارث المجاعات والتصحـر والمواجهات المسلحـة مع المتمردين كما فـي السنغال و السيراليون وليبيريا ونيجيريا، بالإضافة الى انتشار الفساد الذي رافق استغلال الثروات الوطنية وتدفق القروض والمنـح المشروطـة وغيرها من المساعدات الدولية والمعونات الفنية، ويرى المدير الاقليمي لجنوب السودان عن البنك الدولي ساهر جُونْ اكْبُونْديْه (سيراليوني) أن انتعاش الحركات المؤيدة للديمقراطية علنا وتزايد الاضرابات وغيرها من مظاهر احتقان الشارع الافريقي جراء الفساد منذ أوائل 1990 عوامل زادت من حماس الأشخاص للانضمام إلى النقاشات السياسية، وإلى إدراكـ العديد من القادة الأفارقة أنه لا محيد عن الولوج الى التعددية وزاد من ذلك اقدام قوى شعبية عديدة على اسقاط و مطاردة رؤساء لا يحظون بالقبول الشعبي”.

لـم يكـن الانفتاح الديمقراطـي الذي ميز المنطقة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي بمثابة المفتاح السحري للولوج الى اسعـاد شعوب المجموعـة، فقد زادت من صداع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا التحديات الأمنية للجريمة العابـرة للحـدود وتفـشي المنظمات الارهابيـة والمتشددة بعدما انهارت تحت وطأتها الإدارة المالية في الشمال الذي يمثل 60% من مالـي التي تحولت إلى دولة فاشلـة تستـدر الحماية من جديد من فرنسا الاستعمارية. وبعـد 39 سنة من مبادرة الجَنَرَالْ يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ القاضية بإنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تورطت بلاده فـي حرب داخليـة أشــد ضراوة من الحرب الأهلية المسماة “لًبْـرَافْدَا” التي أشعلها سكان الجنوب من قومية ايگْبُو ضد سياسات الجَنَرَالْ النيجيري؛ فقـد استفحل خطـر جماعة بُوكُو حَرامْ بعدما بسطت نفوذها على مناطق عديـدة في الشمال قبل أن تطال ضرباتها المؤسسة الأمنية والمدنية بنيجيريا وما جاورها من دول المجموعة بما في ذلك الكاميرون والنيجر.

في أبريل 1990؛ بناء على مبادرة تزعمتها نيجيريا داخل الإيكواس؛ سعت المجموعة الى تفعيل تعاونها العسكري عبر انتهاج سياسات تعزز سبل الدفاع المشترك فأعلن عن تأسيس قـوة المراقبة الخاصة بالتجمع والمعروفة اختصارا”Ecomog” ليعهد إليها بتنفيـذ عمليات حفظ السلام في ليبيريا التي اندلعت فيها حرب اهلية وفي نهاية المطاف تمكنت القوة العسكرية التي تقودها نيجيريا من تحقيق السلم، وقبل مغادرتها في أكتوبر 1999 أكملت مهمة نزع السلاح من المتحاربين الليبيريين قبل تنظيم البلد للانتخابات، وهنالك نجاحات مماثلـة كان من أبرزها تدخـل الإيكوموج في السيراليون سنة 1997 حيث امكنها الاطاحة بالمجلس العسكري في فريتاون واعادة الرئيس المنتخب أحمد تيجان كابا الى سـدة الحكم وهنالك تدخلات مماثلـة في غينيا بيساو والكوت ديفوار. وللمجموعـة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس) دور لا يستهان به على مجابهة التحديات الأمنية التي واجهتها دولة مالي ففـي اعقاب سقوط شمال مالي بين أيدي المتمردين الإسلاميين العام 2012 شكلت المجموعة بناء على قرار الأمم المتحدة الصادر في الـ20دجمبر قـوة عسكرية للتدخل في مالي تحت اسم بعثة الدعم الدولية في مالي (MISMA) تحت قيادة ضابط نيجيري ينحدر من ولاية كادونا النيجيرية التي يفترسها عنف “جماعة بوكو حرام” هـو الفريق شاهُو عبد القادر (شارك في حفظ السلم في ليبيريا والسيراليون).

ومع ازدياد الدور النيجيري ومحوريته على الصعد السياسية والاقتصاديـة داخل المجموعـة تشكلت قـوة مشتركة مع السنغال للتدخل عسكرياً في غامبيا بعـد اصرار رئيسها الخاسر يَحْي جَامَعْ في انتخابات يناير 2017 على رفضه تسليم السلطة لسلفه المنتخب ديمقراطيا آدَمَا بَارُو وفشـل جهـود الوساطـة التي قادتها رئيسة ليبيريا، رئيسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) السيدة أَلَيْنْ جُونْسُونْ سِيرْلْيَيْفْ، وبالإضافة إلى التكامل السياسي المنشـود فإن النتائج المترتبة على العنصر العسكري تجعله أكبر وأضخم وسائل قـوة المجموعـة بافتراض أنها ستكون قادرة من خلال ما تسمح به عناصر القوة الموضوعة تحت إمرتها من تحقيق أهدافها السياسيـة والاقليمية، وفي الواقع لا تتوقَّف رؤية الإيكواس على هاتين الأداتين، فثمة وسائل أخـرى لتعزيز وتقوية التكامل فيما بينها ومنها التبادل التجاري والأداة الاقتصادية، فبعدما تغلبت بلـدان “الإيكواس” نسبيا على الركـود الاقتصادي وانتقل نموها ليستقر عام 2016 على 6.8 في المائة وأصبح البعض يتنبأ لها بزعامة التكامل النموذجي على الصعيـد القاري كما ترشح الكثير من التقارير الغربية نيجيريا (اكبر بلدانها) لدخول قائمة الاقتصاديات العشرين الأولى في العالم، في غضون 2050. وما كان ليتم ذلك لو لم يعكف خبراء مجمـوعـة دول غرب افريقيا (الإيكواس) على رسـم خريطـة أوضح لتحرير اقتصاداتها من العوامـل الخارجية غير المتحكم فيها و توجه قادتها لإطلاق أكبر ســوق غرب افريقية من شأنها تسهيل عملية تنقل الأشخاص عبـر البطاقة البيومترية الموحـدة، بما يعكس تقوية التعاون التجاري و التكامل السياسي خدمـة للتنمية المستدامة في بلدان المنطقة.

يهدف تجمع الإيكواس الى استقدام وزيادة الاستثمارات والى فتح الأسواق و تنقل الأفراد بحرية بين الدول الأعضاء، كما أعادت المجموعـة النظــر في مؤسساتها الرئيسية لتواكب عملية التحول والتكامل الجارية، فتم التمكين لمفوضية الإيكواس بعدما كانت مجرد سكرتيريا تنفيذية، وأعيـد توسيـع وتفعيل برلمان الإيكواس ومحكمة العدل لجعلها أكثر فعالية. وليس خافيا أن قيام هـذا التجمع الاقتصادي كان له أكبر الأثر على تقوية الروابط الجغرافية والإنسانية بين الحكومات وفتح المجال أمام إنشاء مؤسسات متقدمة تمهيدا للسوق المشتركة بين دول غرب أفريقيا الأعضاء بما يقـوي الوحدة الاقتصادية ويضمن التنمية البشرية، ويحافظ على مصالح شعوب المنطقة.

القيود والتحديات أمام التكامل الغرب الإفريقي

يعد فرض تحرير التجارة الدولية أحد أهم سمات النظام الاقتصادي العالمي في القرن الحادي والعشرين، وهكذا تتجه دول العالم وخاصة النامية منها الى البحث عن الوسائل التي من خلالها يمكن أن تواجه المتغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي؛ والتي أفضت في النهاية إلى بروز التكتلات الاقتصادية كأداة يمكن من خلالها مواجهة تحديات عملية تحرير التجارة الدولية عبر فكرة التكامل الاقتصادي، ويتوجب على مجموعة الإيكواس تخطى عدد من المراحل حتى تصل في النهاية إلى مرحلة التكامل الاقتصادي، ومـن بينها “حصـر التفاوت فيما بين البلدان الأعضاء، لاسيما بيـن البلدان الغنية بالموارد ونظيرتها الشحيحة بالموارد”.

ولتأمين تدفـق رؤوس الأمـوال و “تطبيـق التعريفة الخارجية المشتركة، وتشجيع تنقل الأشخاص بين الدول”؛ حفلت السنة الحالية على صعيد المجموعة الغرب افريقية بتوقيع عـدد هام من الاتفاقيات التاريخية مع بلدان شمال القارة كالمغرب وموريتانيا على ان تلتحق بهما تونس كعضو مراقب، وهي دول عربية بات اليأس من تفعيل اتحاد المغربي العربي يدفعها للاستفادة من المزايا والفرص الموفـرة في تكتل الإيكواس إلا أن “الفرحة لا تكمل” كما يقال فالملك المغربي مُحَمَـدٍ السَادِسْ الذي كان يعتـزم حضور القمة 51 (مونروفيا-ليبيريا) والتي أعلن اليوم الأحد اكتمال اشغالها، قرر في النهاية عدم الحضور بسبب دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للمشاركة فيها، بعدما كان من المفتـرض أن تناقش مسألة طلب المغرب الانضمام للتجمع “كعضو كامل” العضوية. وفي هذا السياق فإن دولا غرب افريقية تحت تأثير امكانية الحصول من الدولة العبرية على مساعدات تقنية وتنموية في مجالات الزراعة والموارد المائية والصحة والأمن والطاقة سبق وأن ربطتهما علاقات تعـود للعام 1957 عندما افتتحت تل أبيب سفاراتها في أكرا ثم في كوناكري ومونروفيا وذلك بهدف التغلغل داخل اقاليم القارة ضمانا للتفوق الاستراتيجي الذي يتيح لها تطويق أعدائها العرب وعمليا فإن إسرائيل تواصل جني ثمار الغياب العربي (*) والتقهقر المغاربي أكثر فأكثر عن منتديات القارة السمراء، ولا يبدوا الجشع على موارد المنطقة مقتصرا على اسرائيل فتجاريا هنالك هيمنة متزايدة للصين والهند وتركيا.

مما سبـق؛ فإن وجود العديد من التكتلات الاقتصادية في منطقـة غرب افريقيا؛ وانعدام الشـروط والمعايير التي يجب على الدول الوفاء بها مسبقا قبل الانضمام لأي منها، فقـد ترتب على ذلك تمتع غالبية دول المنطقة بعضوية أكثر من تكتل اقتصادي وبالتالي أصبح هناك تداخل وتشابك كبير بين معظم التجمعات القائمة؛ ففي ظل تعـدد العضويات تتعدد التزامات الدولة حيث تصبح مضطرة لاتباع وتبني أكثر من سياسة وبرنامج عمل وإطار قانوني بالإضافة إلى الالتزامات المالية وتعارض المصالح .

جدول يوضح تداخل العضوية في التجمعات الاقتصادية بغرب افريقيا

يمثل إلغاء كافة القيود الجمركية وغير الجمركية المفروضة على التجارة البينية لدول المجموعة؛ مرحلة سيترتب عليها توزيع حصيلة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الدول الأعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة يتم الاتفاق عليها داخل المجموعة؛ الا أنه وفي الوقت الراهن لا تزال تسـع دول من أصل 15 دولـة لا تنطبق عليها بنود المجموعـة فيما يخص “التعرفـة الخارجية المشتركـة (TEC/CEDEAO)” بعدما جرى إقرارها في القمة 22 يناير 2006 ودخلت حيز التنفيذ فـي الــ1 مـن يناير 2015، وذلك لأسباب متعددة من ضمنها التخـوف من انتقال النزاعات القائمة في المنطقة، ومحدودية مستوى الارتباط بين اقتصاديات المجموعة.

رغم التقدُّم الذي أحرزته المجموعة خلال السنوات العشر الماضية – على صعيد النمو الاقتصادي والحد من الفقر- فإن المنطقة تواجه الآن تحديات جسيمة تُعـزى بالأساس إلى انخفاض أسعار السلع الأولية عالمياً والمخاطر الأمنية المرتبطة تحديداً بالمنطقة.

موريتانيا تبحث عن شراكة متقدمة مع الإيكواس

شكل طموح رؤية المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا عامل جذب للعديـد من التكتلات الاقتصادية والاقليمية فضـلا عن دول الجوار التي باتت تتطلع لتعزيز فرص التعاون الاقتصادي و التبادل التجاري مع أسواق المجموعـة، وفي هذا الشـأن أبرم الاتحاد الاوروبي أول اتفاق شراكة اقتصادية مع دول غرب افريقيا في فبراير 20144 بعـد عشـر سنوات من التفاوض على بنـوده، فأوروبا تعتقد أن غرب افريقيا تحتل قصب شراكاته في افريقيا جنوب الصحراء بما يمثل 2 بالمائة من وجهة التجارة الأوروبية؛ متقدمة بذلك على الصيـن والولايات المتحدة والهنـد؛ وشــددت السيــدة كَارْلا مُونْتَيْزي مديرة افريقيا الغربية والوسطـى بالاتحاد الأوروبي على ذلك قائلـة أن (الاتحاد الأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا هم في وضع زواج دون امكانية للطلاق”، ومـن الجديـر ذكـره أن الإيكواس تجني من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي أرباح معتبـرة تناهـز الـ 37.8 من صادرة المجموعة تتجه الى المجموعة الاوروبية.

وعلى صعيد مواز احتلت افريقيا أولويـة السياسة الخارجية للمملكة المغربيـة (شمال افريقيا) وذلك في ضوء سعي الرباط إلى توسيع دائرة مكانتها السياسية داخل أقطاب القارة الكبرى بعـد عودتها للاتحاد الافريقي بعيداً عن منطقة تحركها التقليدية في شمال القارة حيث يتم تجميـد اتحاد المغرب العربي بسبب توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى سعي ملك المغرب مُحَمَـد السادِسْ للحصول على دعم دول الإيكواس على أساس الملف الصحراوي وتعزيز التبادل التجاري مع المنطقة في أفق سعي دولها الخمسـة عشـر للاندماج الاقتصادي الجاذب، وتشي زيارة الأخير لأبوجا إلى أن المغرب يعمل على تنويع شركائه وتوسيع نفوذه في المنطقة فضلا عن قاعدة علاقاته السياسية والاقتصادية لدى القادة والشعوب الإفريقية التي تنظر الى المكانة الروحية لمؤسسة “أمير المؤمنين” بارتياح كبير. ومن المرجح أن يكون هذا اكبر حافـز لتقديم المغرب طلب انضمامه الكامل الى (الإيكواس) فـي بداية العام الجاري (**).

واذا كانت السنغال بمثابة الصديق الأقـرب الى المغرب وحليفها الاستراتيجي الأهم في منطقـة غرب إفريقيا فإن المملكة استطاعت تحقيـق اختراق غير مسبوق على مستـوى “عملاق الاقتصاد في غرب افريقيا” نيجيريا الـتي تعاني مشكلات حادة جـراء انهيار اسعار الطاقـة والنفط؛ وهكذا وقـع البلدان اتفاقا لمد خط أنابيب الغاز الطبيعي بينهما، مرورا بالعديـد من بلدان غرب افريقيا الأخرى؛ بما في ذلك موريتانيا.

ومن المرجح أنه بالنسبة لموريتانيا ولغايات جيو-سياسية فرضت عليها ان تبادر بإعادة خيط الارتباط الى المجموعـة التـي انسحبت منها في العام 2010 بعد رفض انواكشوط تطبيق اللائحـة الداخليـة للإيكواس خوفا على “الهوية الجماعية الرسمية للدولة الموريتانية” وفقا لتبرير نظام الرئيس الأسبق مَعاوِيَة وَلْدْ سِيدْ أحمدْ الطَايِعْ غير انه بالنظـر الى الموقـع الجغرافي لموريتانيا التي ترابط بين غرب إفريقيا وشمالها فإن السلطات الموريتانية مطالبة بتجميع قدراتها الاقتصادية والسياسية وأيضا العسكرية في اطار تكاملي من شأنه أن يساعدها على مواجهة التحديات والمخاطر التي تتفاقم في المنطقة. وقد انطلق هـذا التوجه منـذ مدة على ايدي الرئيس الموريتاني الحالي محمـد وَلْدْ عبد العزيز لما يوفره التكامل جنوب-جنوب من مصالح وطنية ولما سيفرضه من ضرورات التنسيق على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية المختلفة، وينتظر أن تسفر هذه المساعي عن عودة البـلاد الى مجموعـة الإيكواس ضمن “شراكـة متقدمة” (***)، ومهما يكـن فإن سياسـة من هذا القبيل سيحقق التأييد اللازم باعتبار البعـد الإفريقي يظل بمثابة قلب التنمية المستقبلية.

ــــــــــــــــــ

هوامش ومراجع:

(*) يقول بنيامين نتنياهـو: ” لاحقا للزيارة التي قمت بها إلى شرقي إفريقيا نزور حاليا غربي إفريقيا. والهدف الذي حددته هو تذويب الأغلبية العملاقة التي تتكون من 54 دولة إفريقية والتي تشكل القاعدة للأغلبية الأوتوماتيكية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة وفي المؤسسات الدولية. وأعتقد أن هذه هي شهادة لدولة إسرائيل تدل على التقدير الذي نحظى به. هذه ستكون رحلة طويلة ولكننا نتقدم فيها خطوة بعد خطوة”.
للمزيد من التفاصيل حول نوايا اسرائيل يمكن قراءة الرابط ادناه
https://goo.gl/J39l7I

(**) من المرجح أن يكون هذا اكبر حافـز لتقديم المغرب طلب انضمامه الكامل الى (السيدياو) فـي بداية العام الجاري؛ حيث كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية أوضحت أن الطلب المغربي يندرج “في إطار رغبة المغرب في الاندماج الإقليمي باعتباره مفتاحا للإقلاع الاقتصادي لأفريقيا”.

(***) بناء علـى رغبـة موريتانيـة دخـل الجانبان منـذ العام 2013 في مباحثات من شأنها أن تفضي الى إقامـة منطقة تجارة حرة بين بلادنا ودول المجموعـة الـ15؛ وتــمت الاستجابـة لها خلال القمـة الرابعـة والأربعيـن لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في المجموعـة الاقتصاديـة لدول غرب افريقيا المنعقدة في مارس 2014 بأبوجا. وينتظر ان يجيـز القادة الغرب أفارقة في اجتماعهم المقبل الاتفاق الذي وقعته خلال الأسابيع الماضية وزيـرة التجارة الموريتانية السيدة الناها منت مكناس مع سعادة السيد مارسيل أ. دي سوزا رئيس مفوضية المجموعـة وتحويله الى اتفاقية شراكـة نهائية بين الجانبيـن بحلول اليوم الأول من يناير 2019.

1- « Africa must be united »
2- Gouvernance et Economie en Afrique La Corruption en Afrique Par: Sahr John Kpundeh Page 5 IRIS Maryland-2001
3- Taux de croissance du PIB réel des États membres de la CEDEAO (Page 7) PROFIL ECONOMIQUE DE L’AFRIQUE DE L’OUEST EN 2015 ET PERSPECTIVES EN 2016 (Bureau Sous Régional pour l’Afrique de l’Ouest/UN) Février 2016, Dakar, Sénégal
4- التقرير السنوي 2016 الصادر عن البنك الدولي للإعمار والتنمية
5- « La Cedeao et l’Union européenne sont dans un mariage sans possibilité de divorce»
http://www.ieps-cipsao.org/index.php?option=com_content&view=article&id=113:2016-11-15-19-19-03&catid=36:actualites&Itemid=48

ظهرت المقالة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: مقومات النجاح وقيود التكامل أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4429/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%85%d9%88%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/feed/ 0 4429
ترتيب الدول الأفريقية لممارسة الأعمال التجارية (2017) https://alafarika.org/ar/4406/%d8%aa%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/4406/%d8%aa%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%a7/#respond Thu, 29 Dec 2016 22:34:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4406

كان التقرير الأساسي المعتمد عليه في هذا التصنيف, هو ما أصدره البنك الدولي بعنوان: “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2017”, والذي يهدف إلى تقييم الأنظمة الحكومية التي تؤثر في الشركات المحلية في العديد من الدول, وإظهار فاعلية الإصلاحات واللوائح حول بدء المشاريع والأعمال التجارية الجديدة وعلاقتها بالنمو الاقتصادي. مع عدم تجاهل مصارد أخرى التي تحدّد نوعية الموارد التي […]

ظهرت المقالة ترتيب الدول الأفريقية لممارسة الأعمال التجارية (2017) أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

كان التقرير الأساسي المعتمد عليه في هذا التصنيف, هو ما أصدره البنك الدولي بعنوان: “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2017”, والذي يهدف إلى تقييم الأنظمة الحكومية التي تؤثر في الشركات المحلية في العديد من الدول, وإظهار فاعلية الإصلاحات واللوائح حول بدء المشاريع والأعمال التجارية الجديدة وعلاقتها بالنمو الاقتصادي. مع عدم تجاهل مصارد أخرى التي تحدّد نوعية الموارد التي تملكها بعض الدول ومدى أفضليتها بالنسبة للمستثمرين وأصحاب الأعمال.

تجمع هذه القائمة 20 دولة أفريقية مفضّلة لممارسة أنشطة الأعمال التجارية بما فيها الإمكانيات الواسعة والقطاعات المفتوحة للاستثمارات، والتي تشمل قطاعات السياحة، والاتصالات، والصناعة التحويلية والتعدين وتكنولوجيا المعلومات. إضافة إلى شرح مبسط ومختصر للدول العشر الأولى على مستوى القارة.

1. موريشيوس (رقم 49 عالميّا) :

يستند اقتصاد موريشيوس على السياحة والمنسوجات والسكر، والخدمات المالية، بل وقامت حكومة البلاد في السنوات الأخيرة بسلسة من الإصلاحات والإضافات في العديد من القطاعات الهامة الأخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة. ووفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2013″، نجحت موريشيوس في تعديل سياسات نقل الملكية بشكل سريع للغاية حيث كان الأمر يستغرق 210 يوما في الماضي و15 يوما فقط الآن. وعززت الاستثمارات والأعمال التجارية أيضا عن طريق تسهيل الوصول إلى المعلومات الائتمانية.

منذ عام 2012، كانت البلاد تنتقل من ترتيب إيجابي إلى آخر في المؤشرات العالمية – هي الآن الدولة الـ49 في العالم من حيث سهولة الأعمال التجارية وفي الرقم الأول في أفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن لـ”أفريكا عربي” صفحة خاصة بجمهورية موريشيوس تشمل تاريخها وجغرافيتها واقتصادها وخريطتها, ويمكنك العثور عليها هنا.

2. رواندا (رقم 56 عالميا):

مع أخذ السياحة منعطفا جديدا في رواندا – بل كانت أسرع القطاعات نموا في البلاد، بالرغم مما مرّت به البلاد من آثار عقد من الحرب الأهلية؛ كانت تحركات المواطنين والقادة والتزامهم بالإصلاح تجاه اقتصاد بلادهم ومناخ الأعمال فيها قوية وواقعية.

ووفقا للبنك الدولي، فإن رواندا هي الدولة  الـ56 في العالم من حيث القيام بالأعمال التجارية وفي رقم 2 في قارة المستقبل (أفريقيا). ففي رواندا – مؤخرا – تم اختصار مدة عملية حصول واتصال الشركات والمستثمرين بالكهرباء – التي تعتبر مصدرا هاما للطاقة إلى 30 يوما فقط. ووفقا للتقارير، يمكن لأصحاب المشاريع الجدد بدءَ تشغيل أعمالهم ومشاريعهم في ثلاثة أيام فقط في رواندا، مع رسوم تسجيل الشركات الرخيصة والمنخفضة.

3. بوتسوانا (رقم 71 عالميا):

منذ الاستقلال، يعتبر اقتصاد بوتسوانا واحدا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم من حيث معدلات نمو الفرد. وكان تعدين الماس ومعادن ثمينة أخرى من الضروريات الحيوية لاقتصاد البلاد، حتى وإن كانت الحكومة تعمل جاهدة لتنويع صناعاتها.

وفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال” الصادر من البنك الدولي, خفضتْ بوتسوانا المدة الزمنية لتصدير واستيراد البضائع بشكل أسرع إلى أسبوع تقريبا. وتفيد التقارير إلى أنه تم تبسيط الإجراءات لتأسيس التجارة والأعمال إلى 47 أيام فقط منذ عام 2008. وكانت ترقيات التقنية التي شهدتها أنظمة المحكمة البوتسوانية ساهمت في تسريع وتعجيل حسم المنازعات التجارية، والحد من مدة الانتهاء من دعوى قضائية من 987 يوما في 2008 إلى 625 أيام في الوقت الحالي. (اقرأ المزيد عن بوتسوانا هنا).

4. جنوب أفريقيا (رقم 74 عالميا):

تتميز جنوب أفريقيا لكون تكنولوجيا الاتصالات والنعلومات والسياحة وصناعة السيارات والتعدين من الصناعات الرئيسية في البلاد. تحتلّ جنوب أفريقيا المرتبة 74 في العالم من حيث سهولة الأنشطة التجارية. ووفقا لتقرير البنك الدولي, فقد قلّلتْ البلاد من الوقت وعدد المستندات اللازمة للتصدير والاستيراد من خلال برنامج تحديث الجمارك المستمرة فخفّضتْ مدة التصدير من 30 يوما في عام 2008 إلى 16 يوما الآن ومدة الواردات من 35 يوما إلى 23 يوما.

وسهّلتْ جنوب أفريقيا أيضا قانون الضرائب للحد من الأوقات الإعدادية للضرائب من 350 ساعة في السنة إلى 200 ساعة اعتبارا من 2012، وكذلك فعالية معدلات الضرائب.

5. كينيا (رقم 92 عالميًّا):

تستثمر كينيا بشكل ضخم في مجالات النقل والاتصالات والطاقة مثل مشروع شركة جوجل وشبكة البنية التحتية لطاقة الرياح. وبوجود خدمة الإنترنت السريعة، والقوى العاملة البارعين في استخدام تكنولوجيا، ومنطقة زمنية تتوافق مع أوروبا وآسيا, كانت كينيا واحدة من أهم الأماكن في أفريقيا لإطلاق المشاريع وتأسيس الأعمال التجارية والاستثمارات لقوّة حقوق الملكية ونضوج الاقتصاد وتنوعه، وتحسّن البنية التحتية، وتميز قطاع السياحة.

وفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال”, يعتبر التقليل من الوقت – الذي تستغرقه الموافقة على الالتزامات الضريبية من 405 ساعة في الماضي إلى مجرد 196 ساعات – مصدرَ ارتياح لكبراء المستثمرين. وجاء في التقرير أنّ كينيا سهّلت عملية بدء الأعمال التجارية عن طريق إزالة رسوم الدمغة المطلوبة لرؤوس الأموال الاسمية، والمذكرة والنظام الأساسي للشركة, إضافة إلى الحدّ من متطلبات التوقيع على وثيقة الالتزام قبل مفوض القَسَم.

6. سيشيل (رقم 93 عالميا):

في سيشيل تعدّ السياحةُ الصناعةَ الرئيسية، وهي دولة تتمتع بمناظرها الخلابة وهي تتكون من 115 جزيرة. تكمن أهمية اقتصاد هذا البلد الأفريقي في صيد الأسماك، والزراعة، والفانيليا وتصنيع منتجات جوز الهند وغيرها.

منذ عام 2012, كان ترتيب سيشيل في مؤشر “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال” إيجابيا، واحتلّتْ مرتبة 93 عالميا في التقرير الأخير. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ألغت سيشيل ضريبة الضمان الاجتماعي والتقليل من ضرائب العمالة ودخل الشركات.

7. زامبيا (رقم 98 عالميا):

تقليديا, كانت زامبيا بلد الزراعة وتعدين النحاس، وما زالت الحكومة تواصل جهودها لتشجيع الاستثمارات فى السياحة وتعدين الأحجار الكريمة والطاقة الكهرومائية.

ووفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال”، ألغت زامبيا الحد الأدنى لرأس المال اللازم لبدء النشاط التجاري، وقدمتْ تشجيعات كبيرة لأصحاب المشاريع المحتملين. وأدخلت نظام محاكمها وقضائها إلى شبكة الإنترنت، مما يسمح للحصول على أوراق القضايا، والقوانين، والسجلات التي تعتبر حيوية بالنسبة للمستثمرين المحتملين.

8. مملكة ليسوتو (رقم 100 عالميا):

يعتمد اقتصاد ليسوتو على الزراعة والثروة الحيوانية وصناعات النسيج والتعدين. توظف شركات صناعة الغزل والنسيج في ليسوتو ما يقرب من حوالي 36,000 امرأة ليسوتوية. وتطورتْ عملية استخراج الماس في السنوات الأخيرة لتسهم في حوالي 8.5٪ من ناتج البلاد المحلي الإجمالي منذ عام 2015. وبحسب تقرير سهولة الأعمال، حسّنتْ ليسوتو طريق الوصول إلى المعلومات الائتمانية من خلال توسيع نطاق مكتب الائتمان.

9. غانا (رقم 108 عالميّا):

في القائمة السابقة التي أعددناها عن مؤشر السلم والأمن في أفريقيا, حصلت دولة غانا على مرتبة إيجابية وهي ضمن العشر الأولى في القائمة. وبخصوص الاقتصاد, فإن غانا تُصدّر مجموعة متنوعة من الموارد، بما في ذلك المعادن الصناعية، والأخشاب، والكاكاو، والنفط، والغاز الطبيعي، والذهب. وكان لكل من تكنولوجيا المعلومات وتجارة التجزئة، والسياحة، وتوليد الكهرباء وإنتاج النفط أهمية فصوى لتاسع أكبر اقتصاد في أفريقيا.

ووفقا للبنك الدولي، فإن غانا في مرتبة 108 عالميا في قائمة أفضل الدول في سهولة ممارسة الأعمال التجارية. ويستغرق إطلاق المشاريع في عانا الآن 12 يوما فقط مقابل 42 في عام 2008 وهي خطوة حكيمة من قبل الحكومة لجذب رجال الأعمال والمستثمرين, ناهيك عن نظام تأشيرتها المعدّل مؤخرا لتسهيل السفر إليها والدخول.

9. ناميبيا (رقم 108 عالميا):

دولة جميلة ومستقرة سياسيا واقصاديا. كانت أهم القطاعات في ناميبيا هي الزراعة، والصناعة التحويلية، والسياحة. ووفقا للبنك الدولي، كانت دولتا ناميبيا وغانا في ترتيب واحد من حيث سهولة ممارسة الأنشطة التجارية.

عزّزت ناميبيا التجارات والمشاريع بتسهيل الحصول على الكهرباء, حيث يمكن الحصول عليه الآن في 38 يوما – في المتوسط – بالمقارنة مع 55 يوما في الماضي. وعلى الرغم من تراجع رتبة البلاد إلى 6 مراكز في التقرير، إلا أن نظامها المحوسب أثناء تسجيل شركة جديدة يعتبر نقطة تحوّل للمستثمرين المحتملين, إضافة إلى القانون الجديد الذي تم اعتماده لتوضيح إجراءات التصفية.

ظهرت المقالة ترتيب الدول الأفريقية لممارسة الأعمال التجارية (2017) أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4406/%d8%aa%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%a7/feed/ 0 4406
قوات الأمن في غامبيا مفتاح الحل لتنحّي “يحيى جامي” https://alafarika.org/ar/4412/%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%a7%d9%85%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d9%85%d9%81%d8%aa%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84-%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%ad%d9%91%d9%8a/ https://alafarika.org/ar/4412/%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%a7%d9%85%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d9%85%d9%81%d8%aa%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84-%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%ad%d9%91%d9%8a/#respond Sun, 18 Dec 2016 23:04:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4412

بعد اعترافه وتهنئته للفائز آداما بارو في الانتخابات, في مكالمة هاتفية بثها التلفزيون الوطني, عمت البلاد احتفالات ورقصات وخصوصا بعد إعلان النتائج. لكن, يوجد أيضا من الغامبيين والمراقبين من استقبل خطوة “يحيى جامي” بمزيج بين الفرحة والشكوك. لم تدم هذه الاحتفالات سوى لأسبوع واحد؛ تراجع “جامي” عن اعترافه بالنتائج، زاعما أن هناك “تشوهات خطيرة وغير […]

ظهرت المقالة قوات الأمن في غامبيا مفتاح الحل لتنحّي “يحيى جامي” أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

بعد اعترافه وتهنئته للفائز آداما بارو في الانتخابات, في مكالمة هاتفية بثها التلفزيون الوطني, عمت البلاد احتفالات ورقصات وخصوصا بعد إعلان النتائج. لكن, يوجد أيضا من الغامبيين والمراقبين من استقبل خطوة “يحيى جامي” بمزيج بين الفرحة والشكوك.

لم تدم هذه الاحتفالات سوى لأسبوع واحد؛ تراجع “جامي” عن اعترافه بالنتائج، زاعما أن هناك “تشوهات خطيرة وغير مقبولة” حدثت في العملية الانتخابية.

إن رفض جامع لتسليم السلطة قد يؤدي إلى دخول البلاد في فوضى عارمة, مما أدى بـأربعة من رؤساء دول غرب إفريقيا، لزيارة غامبيا في وقت سابق من الأسبوع الماضي في محاولة فاشلة لإقناعه بقبول النتائج وترك السلطة في الوقت المحدد. وفي الوقت نفسه، أبدى كل من الاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وغيرهم, تأييدهم للفائز آداما بارو.

وفي داخل غامبيا, اتفقت عدة اتحادات ونقابات على إدانة خطوة “جامي” الخطيرة. فأصدرت غرفة التجارة واتحاد المعلمين، نقابة المحامين، نقابة الصحفيين واللجنة الانتخابية, بيانات مختلفة حول ضرورة قبول النتائج واحترام اختيار الغامبيين للقيادة الرئاسية.

وبالرغم من كثرة الإدانات الخارجية والداخلية، فما زالت هناك مجموعة معينة تقف إلى يحيى جامع في قراراته, وهم قوات الأمن. فعندما اعترف جامي في البداية بالهزيمة، هنأ قائد الجيش الجنرال “بادجي”، الفائزَ “آداما بارو”، وقدّم له ولاءه. وعندما تراجع “جامع” عن اعترافه، تراجع “بادجي” أيضا، مع استيلاء القوات المسلحة بعد ذلك بوقت قصير على مقر اللجنة الانتخابية.

قوات الأمن وحل أزمة غامبيا

من الطبيعي أن يكون جامي قد اكتسب ولاء القوات المسلحة, وخصوصا في ظل ترقية أفرادها الذين يثق بهم إلى مناصب عالية متعددة. في حين الذين يعارضونه داخل الجيش يتم التقلص من رتبتهم أو فصلهم أوحتى السجن والإعدام في بعض الحالات. بل وقد نجح “جامع” في تأسيس شبكة من مخبرين مجهولين داخل الأجهزة الأمنية مما يجعل الجنود دائما في حالة خوف وترقّب.

واكتسب جامي أيضا ولاء الجيش من قبل تجنيد غير الغاميين في القوات المسلحة. إذ تزعم تقارير أنه جنّد عناصر من جماعة متمردة انفصالية في إقليم كازامانس في جنوب السنغال. وفي حال صحة هذا الزعم, فإن هؤلاء الجنود من المرجح أن يكونوا أقل اهتماما بإرادة الشعب الغامبي ويكونوا أكثر استعدادا لمواصلة دعم جامع. إضافة إلى أن جامع نفسه فطن إلى اتباع استراتيجية عدم إبقاء كبار الضباط لفترة طويلة خوفا من تهديدهم لمنصبه ومصالحه. وبالتالي يمنحهم وظائف وزارية أو مناصب سفير في الخارج.

ولعلّ ما يقلق الجيش بعد نتائج الانتخابات وخسارة “جامي”, شكوكُهم حول مصير المؤسسة تحت القيادة الجديدة. لأن الجيش يعتبر نفسه مهمشا في عهد الرئيس السابق، داودا جاوارا. ولكن “جامع” منحهم عددا من الميزات بعد نجاح الانقلاب الذي قاده في عام 1994, وأنشأ وكالة الاستخبارات الوطنية (NIA) وشبه العسكرية سيئة السمعة “Jungulars”.

كما أن الأفراد داخل القوات المسلحة الغامبية قد يخافون أيضا عن مصيرهم الشخصي في ظل قيادة سياسية جديدة. إذ بعد فوز المعارضة, سرعان ما أعطى أعضاء في ائتلاف المعارضة تصريحاتهم وآرائهم حول ضرورة التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان في ظل نظام “جامع”. ومن شأن مثل هذا التحقيق أن يهدف إلى تسليط الضوء على المزاعم العديدة من التعذيب وقتل الصحفيين والشخصيات المعارضة والزعماء المحليين وغيرهم من قبل قوات أمن البلاد.

ومع ذلك، فإن هناك فريقا داخل الجيش يشعرون بعدم الرضا في حكم “يحيى جامي”. فمنذ توليه منصبه، واجه “جامي” ما لا يقل عن ثمانية (8) محاولات انقلابية، كان آخرها في عام 2014. وهذا يشير إلى أن هناك فصائل من الجيش تكمن سعادتهم في تنحيه ورحيله. هذا بغض النظر عن إشارات عديدة تخبر بأن هناك العديد من حالات انشقاق داخل الجيش.

كما أن سياسات “جامي” قد خلقت عددا من المشاكل العرقية في غالبية قطاعات البلاد, وخصوصا في الجيش. حيث يقوم بمنح عدد غير متدربين ومأهولين, مناصب عليا، لمجرد أنهم ينتمون إلى عرقيته “الجولا”. فكل من قائد الجيش الحالي، والحرس الجمهوري، ورئيس وكالة الاستخبارات الوطنية من عرقية الجولا. هذا بالإضافة إلى خطاب الكراهية الذي أدلى به جامع ضد مجموعة الماندينكا.

تتوقف أكبر نقطة حل في الأزمة الحالية بغامبيا, على موقف قوات أمن البلاد تجاه المواطنين في حال تظاهرهم ضد تمسك جامع بالسلطة, وما الذي سيكون ردّ فعل هذه القوات في ظل التدخل العسكري الإقليميي لإجباره بالرحيل. فكل هذه السيناريوهات خطرة للغاية, ورغم المفاوضات الإقليمية والتنديدات الدولية, إلا أنه لم يظهر بعد في الأفق أي حل سلمي.

لقد كانت جهود الوساطة الإقليمية التي تقودها “مجموعة ايكواس ECOWAS” تتركز في منح “جامي” الحصانة كي يغادر المنصب الرئاسي, ولكنها حتى الآن في حالة جمود. ويجب على الوساطة الأخذ في الاعتبار أهمية قوات الأمن في ضمان الانتقال السلمي، حيث قد تحتاج إلى توسيع مفاوضتها إلى مناقشة مستقبل كبار ضباط الجيش وأماكنهم في ظل الحكومة الجديدة.

وإذا تنازل “جامي” في نهاية المطاف، فستكون المهمة الأولى للرئيس الجديد “بارو” ؛ إقناع القوات المسلحة لأن يقبلوه ويذعنوا له كقائدهم الأعلى, ثم التعامل مع إرث جامع داخل الأجهزة الأمنية، حيث العديد من الهياكل والإجراءات المؤسسية تم تطويقها طبقا لمصالح “جامع” الشخصية.

ظهرت المقالة قوات الأمن في غامبيا مفتاح الحل لتنحّي “يحيى جامي” أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4412/%d9%82%d9%88%d8%a7%d8%aa-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%85%d9%86-%d9%81%d9%8a-%d8%ba%d8%a7%d9%85%d8%a8%d9%8a%d8%a7-%d9%85%d9%81%d8%aa%d8%a7%d8%ad-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d9%84-%d9%84%d8%aa%d9%86%d8%ad%d9%91%d9%8a/feed/ 0 4412
القادة الأفارقة والدروس المستفادة من انتخابات غامبيا https://alafarika.org/ar/4409/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%a7%d8%b1%d9%82%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d9%88%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%85%d9%86/ https://alafarika.org/ar/4409/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%a7%d8%b1%d9%82%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d9%88%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%85%d9%86/#respond Fri, 09 Dec 2016 22:56:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4409

بعد عقدين من القيادة التي يراها عدد من الناس “استبدادية”، قررت غامبيا أن تقطع حكم الرئيس “يحيى جامي”, بحصوله على 36.7٪ من أصوات الناخبين, في حين صوّت 45.5٪ لصالح آدما بارو. وهذه إشارة واضحة إلى أنه يمكن إسقاط الرؤساء الأفارقة الذين مكثوا فترات غير قليلة في سدة الحكم دون إبداء أي احترام للدستور. صعود وسقوط […]

ظهرت المقالة القادة الأفارقة والدروس المستفادة من انتخابات غامبيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

بعد عقدين من القيادة التي يراها عدد من الناس “استبدادية”، قررت غامبيا أن تقطع حكم الرئيس “يحيى جامي”, بحصوله على 36.7٪ من أصوات الناخبين, في حين صوّت 45.5٪ لصالح آدما بارو. وهذه إشارة واضحة إلى أنه يمكن إسقاط الرؤساء الأفارقة الذين مكثوا فترات غير قليلة في سدة الحكم دون إبداء أي احترام للدستور.

صعود وسقوط “جامي

في عام 1994 وفي سن 29 من عمره، جاء الرئيس المحبوب لدى شعبه حينها, “يحيى جامي”, إلى السلطة في الدولة الصغيرة السياحية بعد انقلاب. وحتى عام 2016 لم تعرف البلاد أي رئيس آخر غيره. وتتميز السنوات التي قضاها “جامع” بتصريحات مثيرة للجدل وخطوات بعضها محمودة وبعضها لم تلق إلا سخرية المتابعين.

يرى الرئيس جامي، أنه من الصعب التمييز بين الحقيقة والكذب وعليه ينبغي النظر إلى حرية الصحافة كعديمة الجدوى. وكان ديدا هيدارا, من أحد الضحايا ورمز النضال من أجل حرية الصحافة ورئيس تحرير صحيفة “دي بوينت”, والذي اغتيل في عام 2004.

وعلى الرغم من تقارير دولية عن استمرارية قمع الإعلام في حكومة جامي، إلا أن البلاد مازالت تجتذب الكثير من السياح من أوروبا. وبعد انتقادات متواصلة من أوروبا، سحب جامع عضوية بلاده وغادر “رابطة الشعوب البريطانيّة” المعروفة بـدول الكومنولث. وبسبب هذا المناخ السياسي, فضّل العديد من الغامبيين العيش في الخارج, غير أن تفكيرهم اليوم سيكون في العودة للوطن بعد أن فقد جامي سلطته الرئاسية.

وكان السؤال الأهمّ هو، هل سيسلّم الرئيس “يحيى جامي” الرئاسة بالفعل؟

لقد اعترف الرئيس المنتهية ولايته بهزيمته أمام الرئيس المنتخب آدما بارو, وفي مكالمة هاتفية مع الرئيس المنتخب قال: “أتمنى لك كل التوفيق. فإن البلاد ستكون في يديك في يناير كانون الثاني. وتأكد من حصولك على إرشادي. عليك العمل معي. أنت رئيس غامبيا المنتخب. ليس لدي أي نية سيئة وأتمنى لك كل التوفيق”.

وأشار الرئيس المنتخب أيضا إلى أنه واثق من أن يحيى جامي “سيسلّم السلطة” لأن “الناس هم الذين تحدثوا واختاروا.” العصر الجديد ويبدو – بالنظر إلى السياسات العالمية – أننا في عصر أقطاب العقارات. فـ”دونالد ترامب” يفوز بالرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية والآن “أداما بارو” في غامبيا.

فـ”بارو” مثل ترامب لم يتول أي مناصب عامة من قبل, وهذا يتوافق مع السياسة المناهضة للمؤسسات على الساحة العالمية. فالتجربة السياسية لم تعد تعول عليها. إذ في غامبيا، خسر “جامع” المنتهية ولايته بغض النظر عن وجود 20 عاما من الخبرة التنفيذية.

في الفترة التي سبقت الانتخابات، انتقد “آداما بارو” عدم وجود تحديد معين لعدد الفترات الرئاسية في دستور البلاد والسياسة الانعزالية التي يسلكها جامع. وقد وعد “بارو” أنه سيعيد البلاد إلى الكومنولث والمحكمة الجنائية الدولية. ودعت “سابرينا ماهتياني” من منظمة العفو الدولية أيضا الحكومة القادمة إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين وفتح التحقيق عن أولئك الذين اختفوا. وقالت أيضا: “لقد رأينا مدى أهمية حقوق حرية المعلومات وحرية التجمع وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية – من المهم أن تصلح الحكومة الجديدة القوانين القمعية.”

وعليه, فإن جزءا من أولويات حكومة بارو سيكون حول مسائل حقوق الإنسان بالنظر إلى العديد من القضايا والأحداث التي تعاني منها غامبيا والتي سيتركها جامع قبل المغادر. كما أن على حكومته ألا تخيب توقعات الشعب الغامبي.

وكما تقول إحدى المنشورات في غامبيا، “الشعب يريد الحرية والرخاء. كانوا يريدون الخروج من المشاكل الاقتصادية التي يواجهونها الآن والشركات تريد تهيئة بيئة مواتية لتعمل على نحو فعال. الشعب يريد وضع حد للاعتقال دون محاكمة واختفاء دون أثر، والفصل التعسفي من موظفي الخدمة المدنية وغيرهم من الموظفين العموميين أو النفي الذاتي، والتدخل في شؤون السلطة القضائية وغيرها من المؤسسات العامة المستقلة والرقابة وهلم جرا … ”

لدى “آداما بارو” وفريقه مهمة صعبة لاستعادة ثقة الشعب في حكومته. ومع ذلك، فقد أظهرت غامبيا للأقوياء الآخرين أنهم كانوا أقواء فقط لأن شعبهم أعطاهم القوة السياسية للحفاظ على مناصبهم.

ظهرت المقالة القادة الأفارقة والدروس المستفادة من انتخابات غامبيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4409/%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%a7%d8%b1%d9%82%d8%a9-%d9%88%d8%a7%d9%84%d8%af%d8%b1%d9%88%d8%b3-%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%b3%d8%aa%d9%81%d8%a7%d8%af%d8%a9-%d9%85%d9%86/feed/ 0 4409
المقاربة الجيوسياسية الجديدة للدبلوماسية المغربية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى https://alafarika.org/ar/4451/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%84%d9%88/ https://alafarika.org/ar/4451/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%84%d9%88/#respond Thu, 08 Dec 2016 20:16:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4451

يشهد العالم في التاريخ الآني تحولات سريعة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، مما يفرض  على دول القارة السمراء التحرك وبشكل فعال من أجل إيجاد موطئ قدم لها على المستوى الدولي، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التطور الهائل الذي تعرفه القارة على المستوى الاقتصادي. فدول القارة لا تعوزها الإمكانيات بقدر ما تحتاج إلى الوسائل والأدوات […]

ظهرت المقالة المقاربة الجيوسياسية الجديدة للدبلوماسية المغربية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

يشهد العالم في التاريخ الآني تحولات سريعة على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية، مما يفرض  على دول القارة السمراء التحرك وبشكل فعال من أجل إيجاد موطئ قدم لها على المستوى الدولي، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار التطور الهائل الذي تعرفه القارة على المستوى الاقتصادي. فدول القارة لا تعوزها الإمكانيات بقدر ما تحتاج إلى الوسائل والأدوات دليلنا في ذلك أنها أصبحت ثاني وجهة جغرافية ديناميكية بعد آسيا الصاعدة، وبالمقابل وعلى المستوى الأمني أصبحت مرتعا للعديد من الحركات التي أصبحت تهدد أمن واستقرار العديد من دول القارة. والمغرب كبلد إفريقي بموقعه الاستراتيجي الهام وبإمكانياته المتطورة وبتراكماته التاريخية العديدة مع دول القارة، أصبح ملزما بتفعيل هذه العلاقات وتسجيل حضور متميز في علاقاته الدولية فيما يتعلق بقضايا دول إفريقيا جنوب الصحراء. ولعل التحركات الدبلوماسية والأمنية الجديدة التي أصبح يضطلع بها المغرب على المستوى الإفريقي تعكس هذا التوجه الجديد في علاقاته الخارجية.

إن إعلان المغرب في عهده الجديد عن تقوية علاقات جنوب-جنوب كان مناسبة سانحة لاستثمار إمكانياته وخبرته بإفريقيا جنوب الصحراء، سواء على المستوى الثنائي أو المؤسساتي أو عبر إشراك القطاع الخاص. ومن خلال المعطيات الرقمية التي أوردتها “مديرية الدراسات والتوقعات(DEPF/ماي 2010)”، نسجل أن حوالي 51% من الاستثمارات المباشرة المغربية اتجاه الخارج كانت في اتجاه إفريقيا جنوب الصحراء ما بين 2003/2013، ومن جهة أخرى سجلت المبادلات التجارية المغربية مع دول المنطقة تطورا مهما خلال نفس الفترة حيث قاربت7% ، تمثل صادرات تجارة المغرب منها 2,6% وهي نسبة ضعيفة مقارنة مع الإمكانيات، نظرا لاستمرار العديد من المعوقات المختلفة التي تحد من تطور هذه العلاقات بين الطرفين.

فالمغرب مطالب اليوم بتسخير كل إمكانياته من أجل استثمار الإمكانيات الهائلة للسوق الإفريقية، إذ على الرغم من التطور الكبير الذي عرفته الاستثمارات الخارجية المغربية المباشرة في السنوات العشر الأخيرة، والتي مكنته من أن يصبح ثاني بلد إفريقي مستثمر في القارة بعد دولة جنوب إفريقيا، غير أن قيمة الاستثمارات المغربية بالقارة لازالت بعيدة كل البعد عن قيمة استثمارات الدول المتنافسة على الأسواق الإفريقية، وفي مقدمتها الصين التي أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للقارة متقدمة على أكبر القوى الاقتصادية الأوربية والولايات المتحدة بعد سنة 2009. هذا الوضع يفرض على المغرب بدل مجهودات مضاعفة والاستفادة من كل الفرص المتاحة لإيجاد موطئ قدم له بالقارة، إن على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، وتفادي كل ما من شأنه أن يقلص أو يحد من حضوره الفعال بالقارة.

سياسة المغرب الإفريقية: من القطيعة الى الانفتاح

   إن السياسة الجديدة والديناميكية المتجددة للمغرب على المستوى الإفريقي تفرض علينا الوقوف مليا عند هذا التحرك المغربي الكبير على الواجهة الإفريقية، ومن أجل تفسير وفهم هذه العودة إلى الحضيرة الإفريقية يتوجب علينا الرجوع قليلا إلى فترة مهمة من تاريخ العلاقات المغربية الإفريقية، فترة شكلت منعطفا خطيرا في تاريخ هذه العلاقات، فمن المعلوم أن المغرب ومنذ حصوله على الاستقلال كان من بين رهاناته تحقيق الوحدة الترابية، هذا الرهان الوطني هو الذي وجه بشكل كبير علاقات المغرب بمجاله الإفريقي، ومن أجل تفادي الإسهاب والتطويل في الحديث عن العلاقات المغربية الإفريقية سوف نقف عند سنة 1984، هذه المرحلة شكلت نقطة مفصلية في علاقات المغرب الإفريقية. ففي سنة 1984م انسحب المغرب من منظمة الوحدة الإفريقية أثناء القمة الإفريقية التي دارت أطوارها بأديس أبابا في الفترة الممتدة من 12 إلى 15 نونبر، لأسباب تتعلق بتكريس اللاشرعية عندما تم قبول «جبهة البوليساريو «  كعضو في منظمة الوحدة الإفريقية بصفة رسمية على أساس تلقيه الدعوة من طرف الأمين العام الإداري للمنظمة. ويبدو أن خدش العلاقات المغربية الإفريقية تم أثناء الدورة الثامنة والثلاثين لانعقاد اجتماع مجلس وزراء المنظمة في أديس أبابا بتاريخ 23 فبراير من سنة 1982، والذي كان الهدف من ورائه البث في مجموعة من القضايا ذات الطبيعة الإدارية وبالخصوص البث في ميزانية المنظمة، ليفاجأ الجميع بحضور وفد عن الجمهورية الوهمية، واستنادا إلى الميثاق التأسيسي لمنظمة الوحدة الإفريقية نصت المادة 28 منه على «إنه بإمكان أي دولة إفريقية مستقلة وذات سيادة وفي أي وقت إعلام الأمين العام بنيتها في الانضمام إلى هذا الميثاق«([1]). كما حددت الفقرة الثانية من الميثاق الإجراءات العملية لقبول دولة عضو بالمنظمة([2])، ومن المعلوم أن المغرب أثناء تأسيس المنظمة كان من بين الدول الإفريقية التي رفضت الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار الغربي، ذلك أن الاستعمار الأجنبي وخاصة الفرنسي كان قد اقتطع أجزاء من التراب المغربي بشكل غامض وضمها للتراب الجزائري، ومن تم بات من الضروري على المغرب الوقوف ضد القرارات المجحفة التي اتخذها بعض القادة الأفارقة كونها ستضر بمصالحه وبوحدته الترابية، فكان التساؤل المطروح من طرف الرباط: هل “الجمهورية الصحراوية” تتوفر على الشروط الضرورية التي تحددها المادة الرابعة كدولة مستقلة وذات سيادة؟([3]).

  فالشروط التي حددها ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية من أجل قبول دولة عضوا بالمنظمة طرحت إشكالا كبيرا للدول التي اعترفت بالجمهورية المزعومة كونها لا تتوفر على الشروط الضرورية كدولة، ففي نظر القانون الدولي أيضا، من شروط الدولة أن يكون لها سلطة داخلية على أراضيها وسكانها، كما يجب أن تكون مستقلة عن كل سلطة سياسية خارجية([4])، وبناء على ذلك فإن الجمهورية الوهمية لا تتوفر على الشروط الموضوعية كي تكون دولة مستقلة وذات سيادة. وعلى هذا الأساس التاريخي والقانوني احتج المغرب على قرار الانضمام منسحبا من المنظمة التي ساهم بشكل فعال في تأسيسها والانضمام إليها منذ سنة 1963م، خاتما مسيرته الإفريقية بخطبة وداع جاء فيها على لسان “الحسن الثاني” لقمة أديس أبابا:  »في انتظار أن يتغلب جانب الحكمة والتعقل فإننا ندعوكم إلى أن المغرب إفريقي بانتمائه وسيبقى كذلك وسنظل نحن المغاربة جميعا في خدمة إفريقيا، وستدركون أن المغرب العضو المؤسس للوحدة الافريقية لا يمكن أن يعمل على إقبار هذه الوحدة ([5]) «.

     وعلى الرغم من قرار الانسحاب الذي اتخذه المغرب كرد فعل على تصرف الكاتب العام للمنظمة “إديم كودجو”Edem Kodjo)) الذي وافق على انضمام الجمهورية الوهمية، لم ينكر المغرب انتماؤه الإفريقي كما ظلت قضايا القارة ووحدتها حاضرة في وعي ووجدان الساسة المغاربة، ومهما كانت المبررات الموضوعية التي دفعت المغرب إلى شغل منصب “الكرسي الفارغ” فإن هذا القرار أفقد المغرب الشيء الكثير من حضوره بالقارة، ليس فقط من الناحية السياسية ولكن من النواحي الاقتصادية والثقافية فاتحا المجال أمام أعداء الوحدة الترابية لتأليب الرأي العام الإفريقي ضد المطالب المغربية، طبعا باستثناء الدول الافريقية ذات العلاقات التاريخية التقليدية مع المغرب، مستغلين في ذلك ضعف اقتصاديات هذه الدول والإمكانات المالية الهائلة لعائدات البترول والغاز([6]).

 والمغرب اليوم في حاجة ماسة وملحة لبلورة سياسة واضحة واستراتيجية شاملة تمكنه من استغلال الإمكانات والفرص التي تتيحها القارة السمراء، سواء على المستوى السياسي أو الاستراتيجي أو الأمني، خاصة إذا إخذنا بعين الاعتبار احتدام الصراع والمنافسة بين العديد من دول أوربا الغربية وعلى رأسها فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وبداية التسلل الآسيوي حول مقدرات القارة، والسياسة الخارجية المغربية اليوم لم يعد لها مجال للتراجع أو التريث، حتى تجد موطئ قدم لها بدول إفريقيا جنوب الصحراء. هو رهان صعب وعسير في ظل هذا الزخم الكبير من التطورات السريعة التي تشهدها القارة السمراء، والمغرب لا تعوزه الإمكانيات إذ بإمكانه توظيف آليات جديدة تمكنه من حضور فعال قادر على تحقيق مصالحه بالقارة وذلك عبر تعزيز العلاقات الثنائية أو المتعددة الأطراف للعب دور الوساطة في حل النزاعات الإفريقية، وكذا تنشيط ما يسمى بالدبلوماسية الاقتصادية التي أصبحت اليوم من الآليات الأساسية في العلاقات الدولية.

   تعتبر فترة التسعينات من القرن 20م إيذانا ببداية مرحلة جديدة في تاريخ العلاقات المغربية الإفريقية المبنية على الانفتاح، وهي سياسة جديدة شرعت فيها الرباط أواخر عهد الراحل “الحسن الثاني” والمؤسسة على تطبيع العلاقات مع الدول الإفريقية حتى ولو كانت معادية للمصالح والمطالب المغربية، إذ أصبح الهدف هو الإقناع بدل المقاطعة([7]).

  وبعد تولي الملك “محمد السادس” عرش البلاد سنة 1999م، شهدت العلاقات المغربية الإفريقية دينامية جديدة تجلت في الجولة الإفريقية الرسمية التي قام بها العاهل المغربي لعدد من الدول الإفريقية في سنة 2001 و2004 و 2005 كدولة بوركينافاسو وموريتانيا والسنغال والغابون، إضافة إلى الجولة التي قام بها سنة 2006م إلى العديد من الدول الإفريقية من بينها دولة الغابون والكونكو وجمهورية الكونكو الديمقراطية وكامبيا، هذا دون الحديث عن الزيارة التضامنية التي قام بها العاهل المغربي لدولة النيجر باعتبارها بلدا صديقا في محنته أمام الأزمة الغذائية بسبب الجفاف الذي ضرب البلاد.

   الانخراط الملكي في السياسة الخارجية للمغرب على المستوى الإفريقي يظهر من خلال الزيارة التضامنية التي قام بها لدولة مالي لحضور مراسيم تنصيب الرئيس “إبراهيم بو بكر كيتا” بعد الأزمة التي شهدتها البلاد، والتي كادت أن تنتهي بتمزيق البلاد لولا التدخل الفرنسي الذي وضع حدا للتحركات الجهادية التي كانت تهدف إلى إقامة دولة إسلامية، هذه الزيارة تترجم إرادة الطرف المغربي في الدفاع عن وحدة البلد الترابية، وكذلك المساهمة في إعادة بناء الدولة المالية.

   هذه التحركات الدبلوماسية تترجم الاهتمام الكبير من طرف المغرب بقضايا ومشاكل القارة السمراء، فالأمر لا يتعلق فقط بزيارات ولقاءات من أجل توقيع اتفاقيات، بقدر ما يترجم روحا جديدة زرعها العاهل المغربي في العلاقات الدولية الإفريقية، والتي ركزت على المقاربة الاجتماعية عبر المساعدات المختلفة المقدمة للعديد من الدول الإفريقية([8]).

كما تظهر أيضا الدينامية الجديدة في العلاقات المغربية الإفريقية من خلال التوقيع على حوالي 500 اتفاقية وبروتوكول في العديد من الميادين الحيوية، كالفلاحة والتأهيل الحضري والتربية والبنية التحتية مقارنة مع 88 اتفاقية تعاون في الفترة الممتدة ما بين 1972/1985([9]).

سنة 2014م قادت أيضا الملك “محمد السادس” إلى زيارة العديد من الدول الإفريقية كالكوديفوار وغينيا ومالي والغابون وتوقيع حوالي 80 اتفاقية اقتصادية زادت من ترسيم العلاقات الجديدة التي أرادت الرباط تدعيمها مع بقية القارة الإفريقية. ويرى العديد من المتتبعين أن مهندسي “النموذج المغربي” يرغبون في وضع المغرب في قلب تجارة تربط إفريقيا وأروبا ودول الخليج فعلى مستوى الجنوب المتوسطي يعتبر المغرب البلد الإفريقي الوحيد الذي يحظى بموقع متقدم مع الاتحاد الأوربي، كما يعتبر المخاطب المميز بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي التي ضاعفت من استثماراتها بالمغرب. كل هذه التحركات الاستراتيجية مكنت المغرب من عدم التردد في الدفاع عن إفريقيا أمام الاستعمار الغربي الجديد.

وتعتبر سنة 2014م سنة جد متميزة في علاقات المغرب الدولية، إذ أقدم المغرب على تغيير شركائه التاريخيين وأدار ظهره لأول مرة لفرنسا باعتبارها الشريك التاريخي الأوربي الأول للبلاد لاعتبارات تاريخية، وسيظهر المغرب على الساحة الدولية حينما غير وجهته نحو شركاء جدد، حيث أصبح الشريك الإفريقي الأول لدولة روسيا(تصدير الطماطم والبرتقال)، وهنا يظهر توجه جديد في السياسة الخارجية للمغرب، يتجلى ذلك في إقحام الآلية الاقتصادية باعتبارها إحدى الآليات الفعالة في العلاقات الدولية، هذا التوجه الذي يهدف من ورائه المغرب إلى الحصول على مساندين جدد من الناحية السياسية لقضيته الوطنية، خاصة إذا أخذنا في الحسبان أن روسيا إحدى الدول الدائمة العضوية في الأمم المتحدة وبالتالي بإمكانها الدفاع عن مصالحه بهذه الهيأة الدولية([10]).

كما تأتي الزيارات الأخيرة التي قام بها عاهل البلاد خلال السنة التي نوشك على توديعها(20 مايو 2015 إلى 12 يونيو 2015) إلى عدد من الدول الإفريقية كالسنغال وساحل العاج والغابون وغينيا بيساو في إطار الخيار الاستراتيجي الجديد للمغرب القائم على تعزيز التعاون مع دول القارة والمبني على المصالح المشتركة.

ومن الاحداث البارزة التي شهدتها الساحة السياسية المغربية خلال السنة الحالية (2015) هي الاحتفال بالذكرى الأربعين سنة على مرور المسيرة الخضراء، والتي شكل فيها الخطاب الملكي الحدث الأبرز حيث تمت مقاربته من زوايا مختلفة وتم الكشف فيه عن جوانب عديدة همت الاقتصاد والمجتمع والسياسة كانت بمثابة رسائل موجهة لجهات بعينها سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي. ومن زاوية نظرية تحليل الخطاب، احتل مصطلح المغرب المرتبة الأولى على مستوى التردد (27 مرة/1,62  % ) هذا الحضور لمفهوم المغرب يحمل في طياته العديد من الأبعاد الجغرافية والتاريخية والجيوسياسية والاقتصادية والدينية والثقافية والإثنية والسيادية والوحدوية([11]).

ومن بين الأبعاد الأساسية التي تضمنها الخطاب وانسجاما مع الموضوع الذي نحن بصدد مناقشته “البعد الإفريقي”، نجد أنه منذ العهد الجديد ظلت إفريقيا جنوب الصحراء حاضرة وبقوة بكل قضاياها السياسية والاقتصادية والاجتماعية في جل التحركات الدبلوماسية المغربية، فدعم التنمية بالدول الإفريقية لا يتأتى إلا عبر تعزيز البنية التحتية بالأقاليم الجنوبية وجعلها مركزا اقتصاديا حيث تعتبر صلة الوصل بإفريقيا جنوب الصحراء، ولا يتم ذلك إلا في ظل مغرب موحد، وهي إشارة واضحة إلى الراغبين في عزل المغرب عن عمقه الإفريقي والقيام بدوره التاريخي في إفريقيا، وذلك عبر نهجه سياسة واقعية وبراغماتية وتنموية مفندا كل الادعاءات الباطلة للقوى المعادية لمصالح المغرب الحيوية. فعلى المستوى الإقليمي، الخيار الجيوستراتيجي الراهن بالتوجه نحو القارة تمليه ظرفية فشل الدول المغاربية في تحقيق وإنجاح تجربة الاندماج المغاربي، فمنذ تأسيسه سنة 1989م بمدينة مراكش المغربية من طرف رؤساء الدول المغاربية آنذاك(….) لا زال بناء مغرب عربي حقيقي على أرض الواقع يراوح مكانه، ولم تستطع التغيرات السياسية الجديدة التي حملتها رياح التغيير بمعظم دوله والتي رافقتها دينامية جديدة تمثلت في تبادل الزيارات بين العديد من مسؤوليه. ورغم ذلك فإن الواقع السياسي الجديد وهذه الدينامية الجديدة التي تشهدها الدول المغاربية غير قادرة على تحريك عجلة التفعيل سواء في الوقت الحالي أو في المستقبل القريب، فالأمر لا يعدو كونه نوايا وتطبيع للعلاقات الثنائية غير قادرة على التحويل والانتقال إلى إجراءات واقعية ملموسة([12]).

إن المنطقة المغاربية اليوم تعيش على صفيح ساخن يجعلها أمام تحديات وإكراهات عديدة، تتمثل في الانتقال الديمقراطي وإعادة الاستقرار وتحقيق شروط التنمية، ومن هنا يصبح الحديث عن إعادة بناء الاندماج المغاربي يفرض نوعا من الإجماع بين الدول المغاربية وإعادة النظر في العلاقات بين دوله الخمس، ناهيك عن ضرورة إعادة النظر في معاهدة مراكش وتقييمها للوقوف على مكامن الخلل وإدخال مبادئ وأسس تتلاءم وتستجيب لتطلعات الشعوب المغاربية([13]).

وفي الضفة الشمالية من البحر الأبيض المتوسط حيث دول القارة الأوربية (باعتبارها شريكا أساسيا) تعرف وضعا سياسيا واقتصاديا فرض عليها الانشغال بمشاكلها الداخلية بفعل تداعيات الأزمة الاقتصادية الأخيرة من جهة، ومن جهة ثانية ونظرا للتحولات العديدة التي شهدتها مجمل دول الجنوب جعلتها تفقد مصداقيتها، ومن شأن كل هذه الإكراهات أن تقلص من الوضع المتقدم الذي يحظى به المغرب مع الاتحاد الأوربي.

خلاصة القول، إن التحركات الدبلوماسية الجديدة للمغرب على المستوى الإفريقي تنم على الفاعلية الأساسية للمؤسسة الملكية، بل تعتبر محددا أساسيا لاختيارات الدولة الخارجية. إن دور « المؤسسة الملكية في الدبلوماسية المغربية إزاء إفريقيا أصبحت اليوم عاملا مركزيا لتحقيق الأهداف المرسومة، نظرا لعنصر استمرارية المؤسسة الملكية وما راكمته من روابط سياسية وروحية واجتماعية مع دوائر القرار والنفوذ في الكثير من دول غرب إفريقيا ([14])«  .

حضور القضايا الافريقية في أجندة الدبلوماسية المغربية.

  1- الانخراط في حل بعض الخلافات الافريقية:

يعتبر المغرب من البلدان الإفريقية التي لعبت دورا مهما في حل العديد من الخلافات التي شهدتها العديد من الدول الإفريقية في السنوات الأخيرة، خاصة الدول التي تربطها علاقات متميزة مع المغرب، فقد استطاعت الدبلوماسية المغربية أن تجمع بالرباط يوم 27 فبراير من سنة 2012 بين الإخوة الأعداء رؤساء دولة غينيا “لانسانا كونتي” ورئيس ليبريا “شارل تايلور” و”أحمد تيجان” رئيس دولة السيراليون الذين تورطوا في نزاع “نهر مانو”، وحققت الدبلوماسية نجاحا باهرا بحيث لم يستطع أي زعيم إفريقي أن يجمع بين هؤلاء على طاولة واحدة مما أعطى الدليل القاطع على الأهمية القصوى التي توليها الدبلوماسية المغربية لإفريقيا الغربية([15]).

كما لعبت الدبلوماسية المغربية دورا ملحوظا في حل الأزمة الغانية بعد المحاولة الانقلابية التي تعرض لها الكابتن “موسى داديس كامارا”، والتي نفذها مساعده “أبو بكر صديق دياكيدي تومبا” الذي كان ينوي السيطرة على السلطة، حيث أصيب أثناءها “كمارا” في رأسه وتم نقله على إثرها إلى مستشفى مغربي، وقد أسفرت هذه الوساطة المغربية بمساعدة بعض الدول الكبرى كفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية على إعلان 15 يناير بواغادوغو سنة 2010، والذي نص على اتخاذ إجراءات لتنظيم المرحلة الانتقالية لتمكين البلاد من العودة إلى الاستقرار([16]). بقي أن نشير في هذا الإطار إلى أن الدبلوماسية المغربية كان بإمكانها تحقيق نجاحات أخرى في القارة السمراء لو تدخلت لفض نزاع إقليم دارفور وتحسن من مستوى العلاقات السياسية مع دولة ساحل العاج، وهنا نفتح قوسا لنقول إن التدخل الغربي في النزاعات التي تعرفها القارة السمراء يقلل من أهمية الفعل الدبلوماسي المغربي في القارة([17]).

2- الانخراط في التجمعات الدولية والجهوية:

من الأسس التي ركزت عليها المقاربة المغربية في سياستها الخارجية الإفريقية هو الحضور الفاعل في العديد من التجمعات الدولية والجهوية، أو ما يطلق عليه بدبلوماسية المؤتمرات خاصة المتعلقة بالقضايا الإفريقية، ويتعلق الأمر بالقمة الفرنسية الإفريقية والقمة الأوربية الإفريقية والقمة الفرانكفونية ثم تجمع دول الساحل والصحراء، وسنركز في هذه المداخلة على القمة الأوربية الإفريقية وتجمع دول الساحل والصحراء.

القمة الأوربية الإفريقية: انعقدت هذه القمة أول مرة بالعاصمة المصرية القاهرة سنة 2000م حيث أعلن الملك “محمد السادس” خلال مشاركته فيها عن قرار إلغاء ديون الدول الإفريقية الأقل تقدما في إفريقيا، وإعفاء المنتجات الإفريقية الواردة على الأسواق المغربية من الرسوم الجمركية،  قرار يحمل في طياته العديد من الإشارات الواضحة المتعلقة برمزية التضامن المغربي مع المشاكل التي تعرفها دول القارة، كما يشير أيضا إلى الضغوطات التي تمارسها ارتفاع المديونية على مشاريع التنمية في القارة الإفريقية. وبعد مرور سبع سنوات أي سنة 2007م التأمت القمة الثانية في لشبونة وكان القاسم المشترك هو تجاوز علاقة الشراكة القائمة على مانح/مستفيد وإقرار علاقة شراكة حقيقية قائمة على الرفع من قيمة الاستثمارات ودعم مشاريع التنمية([18]).

تجمع دول الساحل والصحراء: تجمع كان من تأسيس العقيد الليبي “امعمر القدافي” في 11 فبراير من سنة 1998 أثناء القمة التي جمعت خمس دول إفريقية بالعاصمة الليبية طرابلس، وقد امتد هذا التجمع ليشمل الآن 28 دولة، وانضم المغرب بدوره لهذا التجمع في قمة الخرطوم التي انعقدت في فبراير من سنة 2001م على الرغم من محدودية عمله وعدم انسجامه، لاعتبارات موضوعية ومرتبطة بالهاجس الجزائري الهادف دائما إلى عزل وإقصاء المغرب من كل الفضاءات الإفريقية، ومن جهة أخرى استجابة للضغط الذي مارسته العديد من الدول الإفريقية على المغرب لإعادة إحياء تجمع “سين-صاد”([19]).

ويبدو أن تجمع دول الساحل والصحراء يمارس نوعا من الجاذبية الخاصة لدى المغرب، ذلك أنه ليس هناك خلاف حول الموقع المتصدر الذي يحتله المغرب داخل المنظمة، فالدول الأعضاء لا تتمتع بالاستقرار والمكانة اللازمتين لقيادة هذا التجمع، كما أن غياب الجزائر عن هذا التجمع من شأنه أن يطلق يد المغرب لإدارة المنظمة. فضلا عن ذلك، تتمتع المملكة المغربية بأشكال جديدة من التأثير ذلك أن “تجمع سين-صاد” يشمل أكثر من نصف الدول الإفريقية ذات الغالبية المسلمة، وهذا الواقع يناسب بشكل كبير الملك المغربي الذي يستمد سلطته من موقعه كأمير للمؤمنين،  وقيادة هذا التجمع من شأنه أن يتيح للرباط الدخول في منطقة لها هواجس أمنية عميقة ومباشرة، فالهجرة السرية والاتجار غير المشروع في السلاح والبشر وتكاثر الجماعات المسلحة إضافة إلى كون هذه المنطقة تشكل وجهة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، كلها تحديات تلقي بثقلها على المغرب الذي يعرف استقرارا للعديد من المهاجرين السريين. ولهذه الأسباب فالمغرب مطالب لتبني هيكلة”سين-صاد” وتكييفها، فالأمر لا يتعلق بتفاعلات اقتصادية وتبادل ثقافي بل يتعدى ذلك لنشر القوات المتعددة الجنسيات في عمليات حفظ السلام.

آلية الدبلوماسية الأمنية للحضور المغربي في الفضاء الإفريقي

تعتبر دبلوماسية حفظ السلام من الآليات الأساسية التي يمكن للمغرب أن يستغلها لبناء شبكة من علاقات التضامن المغربي الإفريقي، وللإشارة فإن دبلوماسية حفظ السلام جاءت نتيجة توسيع مهام وأدوار الأمم المتحدة أثناء انعقاد قمة مجلس الأمن الدولي في 31يناير من سنة 1992م (حضرها الراحل “الحسن الثاني” باعتباره رئيسا لمنظمة المؤتمر الإسلامي)، والتي كلف خلالها الأمين العام الأسبق “بطرس بطرس غالي” بمهمة صياغة تقرير مفصل، يعرض فيه التصور الجديد للدور المنوط بالأمم المتحدة في عالم ما بعد الحرب الباردة وانتهاء القطبية الثنائية، في إطار الميثاق وأحكامه على الاضطلاع بمهام الدبلوماسية الوقائية وحفظ السلام([20]).

فقد أصبحت الساحة الإفريقية بعد نهاية الحرب الباردة مسرحا للعديد من التوترات المسلحة، إما على شكل حروب أهلية أو على شكل صراعات بين فصائل كانوا بالأمس القريب يشكلون تحالفا ضد الإمبريالية الغربية. ولا يتسع المقال لعرض كل التوترات التي عرفتها القارة الإفريقية في العديد من أقاليمها الكبرى مما حذا بالأمم المتحدة إلى إيلاء أهمية كبرى لهذه النزاعات الإفريقية. ونظرا لكون المغرب بلدا له جذور إفريقية عميقة وتاريخ حافل وأحد أبرز مكونات القارة، وإيمانا منه بهذا العمق الإفريقي وانشغاله بهموم وقضايا القارة الإفريقية فإنه كان من بين الدول الإفريقية الهامة التي تدخلت عسكريا في العديد من الأزمات الإفريقية وفي فترات تاريخية عديدة منذ فترة الستينات([21])، حينما أرسل تجريدة عسكرية سنة 1960م إلى جمهورية الكونغو للمشاركة في تهدئة الوضع السياسي الداخلي، وما بين سنتي 1977/1978م حينما شاركت تجريدة من القوات المسلحة الملكية في حرب شابا للدفاع عن نظام الرئيس “موبوتو سيسيكو” الحليف الرئيسي للملك “الحسن الثاني” إبان نزاع الصحراء بين المغرب والجزائر([22]).

أما على مستوى التدخلات غير المباشرة فيمكن أن نشير إلى تدخلين رئيسيين، ويتعلق الأمر بالاتهام الذي وجهه الرئيس البينيني “ماتيو كيريكو” (Mathieu Kéréko) إلى المغرب وبعض الدول الأخرى([23]) بسبب الانقلاب العسكري الفاشل الذي شهدته دولة البنين يوم 16 يناير من سنة 1977م، والذي كان يهدف إلى قلب النظام الماركسي اللينيني بقيادة “كيريكو”، وقد أسفر هذا الادعاء على تكوين لجنة خاصة من طرف مجلس الأمن مكونة من ثلاث أعضاء([24]) لإنجاز تقرير حول الحادث، وانطلاقا من تقرير اللجنة بتاريخ 04 أبريل من سنة 1977م اتهمت السلطات البينينية المغرب بشكل واضح ومباشر، كما زكت اللجنة الأممية الطرح البينيني واتخذت قرارا أدانت فيه هذا الحادث والتدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول([25]).

من جهته رد المغرب بالرفض التام والقاطع لهذا الاتهام المجاني والغير العقلاني وقد جاء ذلك على لسان الراحل “الحسن الثاني” بمناسبة خطاب العرش لسنة 1977م وعبر القناة الأممية على لسان ممثل المغرب آنذاك “علي بنجلون”[26].

بالإضافة إلى ذلك، قام المغرب إلى جانب العديد من الدول الإفريقية والعربية والغربية([27]) بتقديم الدعم السياسي والمادي والعسكري لحركة يونيتا ) UNITA) الأنغولية (تكوين الأطر العسكرية للحركة ابتداء من سنة 1978م) التي كانت قد أبعدت عن خوض غمار المنافسة إلى جانب الحركة الشعبية لتحرير انغولا(MPLA) لتدبير شؤون البلاد بعد جلاء الاستعمار البرتغالي. وهنا يظهر الصراع السياسي والعسكري بين المعسكرين الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفياتي. وللإشارة فإن المغرب قدم الدعم في البداية للحركة الشعبية وهذا ينسجم مع مبادئه وتوجهاته وهو تقديم الدعم والمساعدة للحركات التحررية الافريقية، لكن بعد سنة 1975م التي تؤرخ لحدث تاريخي هام في تاريخ المغرب المعاصر وحروب شابا الأولى والثانية جعلت المغرب يغير من توجهاته تجاه بعض القضايا الإفريقية([28]).

ومع مطلع التسعينات من القرن العشرين كان الحضور المغربي يتم على مستوى منظمة الأمم المتحدة باعتبارها قناة عالمية لإبراز هذا الحضور على الساحة الإفريقية. ففي سنة 1992م تم إرسال تجريدة مغربية إلى الصومال والتي انحصر دورها في الجانب الإنساني([29]).

وإذا كانت أغلب التدخلات في عهد “الحسن الثاني” تتم في إطار مساعدة أنظمة كانت تتعرض لتمردات من طرف المعارضة، فإن الوضع تغير في عهد الملك “محمد السادس”، حيث أصبحت تتم هذه العمليات في إطار الشرعية الدولية، وهنا نشير إلى المشاركة المغربية في قوات الأمم المتحدة في دولة الكونغو الديمقراطية سنة 2001م والتي اهتمت بالإشراف على أمن موظفي الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية([30])، حيث تم إرسال تجريدة عسكرية مغربية تتكون من 850 عنصر للمشاركة في هذه العملية التي أشرفت عليها الأمم المتحدة والتي كان الهدف منها إعادة الأمن والاستقرار داخل هذا البلد الإفريقي، هذه المشاركة الفعلية منحت المغرب مكانة متميزة لدى المجموعة الدولية([31]).

كما قدم المغرب الدعم والمساعدة في إطار الأمم المتحدة لدولة ساحل العاج الافريقية سنة 2004م، حيث تم وضع تجريدة عسكرية مغربية تحت تصرف الأمم المتحدة مكونة من 732 عنصر تمركزت بالبواقي(Bouaké)، وقد انحصر دورها في إعادة الأمن والاستقرار وإعادة وضع أسس الدولة وتقوية فرص الحوار بين الأطراف المتنازعة في هذا البلد الافريقي([32]).

وإجمالا يمكن القول أن التجربة المغربية على مستوى عمليات حفظ السلام تبدو متواضعة مقارنة مع إمكانات بعض الدول الإفريقية المشاركة في هذه العمليات، فهو يحتل المرتبة 18 في لائحة الدول المساهمة عسكريا على المستوى العالمي والثالث على المستوى العربي والثامن على المستوى الإفريقي([33]).

لكن ما هي الصورة التي يمكن أن تعطيها هذه المشاركة المغربية على المستوى الخارجي، وما هي المنافع التي يمكن أن يجنيها المغرب على المستوى السياسي والاقتصادي؟

إن المشاركة في عمليات حفظ السلام تعطي صورة مشرفة ومشرقة عن المغرب باعتباره دولة مستقرة، قادرة على لعب دورها الكامل في بناء الاستقرار والأمن على المستوى الدولي، ومن الناحية السياسية يتوجب على المشاركة المغربية أن تتم على أساس الدفاع عن المصالح السياسية ودرء مخاطر التهديد الأمني الذي يمكن أن ينتج عن استمرار النزاعات المسلحة في إفريقيا التي تمثل العمق الاستراتيجي للمغرب وفضاء لأنشطته الاقتصادية والسياسية، فضلا عن تعزيز مكانته الإقليمية، فالتوازن الاستراتيجي في القارة الإفريقية لا يمكن أن يتم في غياب المغرب على الرغم من الدعوات الملحة للجزائر لإبعاده عن محيطه الإفريقي، ولعل المشاورات الفرنسية -المغربية حول الأزمة المالية وفسح المجال للطائرات الفرنسية بالمرور لقصف معاقل التنظيمات الإرهابية بمالي، والمساعدة اللوجستيكية…، ضربت عرض الحائط جهود النظام الجزائري وأكدت بالملموس النبوغ المغربي وريادته للقارة، ومما زاد من تأكيد هذا المعطى السياسي هو الزيارة الملكية لدولة مالي([34]).

أما من الناحية الاقتصادية فالمشاركة المغربية من شأنها أن تحسن من موقعه لدى المؤسسات التمويلية الدولية، كدولة فاعلة في التخفيف من مصادر التوتر في النظام الدولي.

كما تسمح هذه العمليات بمواجهة العوامل المختلفة المهددة للأمن والاستقرار ،كانتشار الأسلحة بسبب النزاعات الإفريقية خاصة بعد نهاية الحرب الباردة، ولعل الأزمة الليبية الآن وما باتت تشكله من مخاطر على الدول المجاورة لدليل واضح على هذه المخاوف(الأزمة في مالي والساحل). إضافة إلى ظاهرة الهجرة السرية التي أصبحت تشكل تحديا حقيقيا بالنسبة للقارة الإفريقية، والمغرب على وجه الخصوص باعتباره بلد عبور قبل أن يصبح بلد استقبال لأفواج من المهاجرين الأفارقة بعد انسداد أبواب أوربا، مما يطرح مشاكل قانونية واجتماعية، فظاهرة الهجرة ظاهرة معقدة وذات أبعاد مختلفة تتطلب جهودا كبيرة ليس فقط من طرف المغرب، وإنما من طرف جميع الجهات المعنية بهذه الظاهرة خاصة الأوربية، ومن هنا جاءت دعوة المغرب خلال المؤتمر المنعقد بالرباط في سنة 2005م إلى ضرورة معالجة هذه الظاهرة عن طريق اعتماد مقاربة تراعى فيها شروط التنمية من أجل خلق ظروف النمو والاستقرار وتجاوز النظرة القائمة على المقاربة الأمنية(لعب دور الدركي)([35]).

خلاصة:

   خلاصة القول، إن الرباط عازمة كل العزم على تطوير علاقاتها مع دول إفريقيا جنوب الصحراء على جميع المستويات، ولعل المعطيات والمعلومات التي أشرنا إليها سلفا توضح بما لا يدع مجالا للشك هذا التحرك المغربي البارز الذي يهدف من ورائه إلى إعادة التوازن للعلاقات المغربية الإفريقية التي تظل مع ذلك ضعيفة مقارنة مع حجم التطورات والإمكانات التي تتيحها القارة من جهة، ومن جهة ثانية إلى المنافسة الشرسة للقوى الاقتصادية العالمية حول القارة.

  فالنفوذ المغربي في القارة السمراء اليوم قائم على استراتيجية جديدة تنهجها الرباط والتي تجمع بين الدبلوماسية الكلاسيكية والاقتصادية إضافة إلى الدبلوماسية البرلمانية، دون أن نغفل المجال الديني الذي يعتبر أحد الأبعاد الأساسية للتفاعل المغربي الإفريقي.

الهوامش:


[1] – بطرس بطرس غالي،العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الافريقية، مكتبة الانكلومصرية، ط1، 1974، ص: 300-301.

[2] – المادة 28 من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية.

[3] – العربي بنرمضان، ميثاق منظمة الوحدة الافريقية بي التنظير والتطبيق (دراسة تاريخية) ن د.د.ع.م، وحدة التكوين والبحث: “المغرب والعلاقات الدولية، شمال-جنوب” شعبة التاريخ، كلية الآداب سايس فاس، 2006، ص: 188-192.

[4] – عبد الحق الذهبي، قضية الصحراء المغربية ومخطط التسوية الأممي، دار أبي رقراق، ط1، 2003، ص: 184.

[5] – عبد الوهاب بن منصور، حفريات صحراوية مغربية، المطبعة الملكية، الرباط، 1975، ص: 150-151.

[6] – نشير في هذا الصدد إلى بعض الدول الإفريقية التي اعترفت بجبهة البوليساريو بعد سنة 1984، كبوركينافاسو في 4 مارس 1984 وليبريا في 31 يوليوز 1985، ومالاوي 16 نوفمبر من سنة 1994.

[7] -عادل موساوي، علاقة المغرب مع إفريقيا بعد انتهاء القطبية الثنائية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية الحقوق أكدال، جامعة محمد الخامس، 2002/2003، ص: 42.

[8]– Jeune Afrique, Que cherche le Maroc en l’Afrique ? 53è année, n° 2731 du 12 au mai 2013, p.p : 25-27-28.

[9]– Alin Antil, le royaume du Maroc et sa politique envers l’Afrique subsaharienne, étude réalisée par l’institut Française des relations Internationales (IFRI) en novembre 2003. 

[10]– Jeune Afrique, l’Afrique en 2015, 55é année, Hors-séries N°39, p : 129. 

[11] -ميلود بلقاضي، “خطاب العيون” سيحدث زلزالا سياسيا يمتد إلى الجزائر، جريدة هيسبرس الالكترونية، الاثنين 9 نونبر 2015.

[12] – للمزيد من تفاصيل أكثر يرجى الرجوع إلى “نصف قرن على المشروع المغاربي كلفة اللامغرب” أشغال الندوة المغاربية المنظمة من طرف مختبر الدراسات الدستورية والسياسية، مراكش نونبر 2008، من تنسيق امحمد مالكي.

[13] -الحسن بوقنطار، ن.م.س. ص: 82-86.

[14]– مجلة مغرب اليوم، ملك إفريقيا، العدد221(السلسلة الجديدة)، من4/10 أكتوبر 2013، ص: 23.

[15] – الحسان بوقنطار، ن.م.س.ص: 134.

[16] – ن.م.س.ص: 135.

[17] – رشيد لجبوري، نحو سياسة خارجية مغربية إفريقية، جريدة المساء، يوم 07-01-2011.

[18] – الحسان بوقنطار، ن.م.س.ص: 133.

[19] – ن.م.س.ص: 134.

[20] – محمد الغربي “البعد الآخر للسياسة الخارجية المغربية في امتداداتها الإفريقية والآسيوية. أية آفاق في زمن العولمة؟” المجلة المغربية للدراسات الدولية، 11 يونيو 2003، ص: 17.

[21] – ميغيل هيرناندو دي لارامندي “السياسة الخارجية للمغرب، ترجمة عبد العالي بروكي” سلسلة ضفاف9، منشورات الزمن، ط1، 2005، ص: 153.

[22]– محمد الغربي، ن.م.س.ص: 18-19.

[23] اتهمت السلطات البينينية إلى جانب المغرب كل من دولة فرنسا والغابون وبلجيكا والولايات المتحدة الامريكية.

[24] -وهي دولة الهند وباناما وليبيا.

[25]Abdelaziz Barre,  les relations entre le Maroc et les pays d’Afriques Subsaharienne- des enjeux politiques aux défis du développement- in « La coopération Maroco-Africaine » sous la direction de Yahya Abou El farah, Mustafa Machrafi, Said  Dkhissi, Khadija Boutkhili, Université Mohammed V-Souissi Institut des Etudes Africaines Rabat, Université Mohammed V-Souissi Faculté des Sciences Juridiques, Economiques et Sociales-Souissi Rabat , Série : colloques(13) : p : 37-38.

[26] – A.Barre, op, cit, p : 38

[27] – وهي الولايات المتحدة الامريكية وابريطانيا وفرنسا ومصر والغابون والعربية السعودية.

[28] – للمزيد من تفاصيل يمكن الرجوع لمجلة:

Jeune Afrique,n° 1232-1233, du 15-22 Aout 1984, p : 52./ N° 1218 du mai 1984, p . 31.              / N° 1234, 29 aout 1984, p .58.                                                                                                    

[29] – جاء ذلك نتيجة قرار مجلس الأمن 794 بتاريخ 4 دجنبر 1992 الذي يقضي بالتدخل في الصومال لأهداف إنسانية، حيث وضع المغرب تحت تصرف الأمم المتحدة تجرية عسكرية تتكون من 1250 عنصر.

Brahim Benbrahim, Les dimensions stratégiques et humanitaires dans les relations maroco-africaines : l’action du Maroc en Somalie, in « Le Maroc et l’Afrique après l’indépendance » sous la direction de Abdallah Saaf, Publications de l’Institut des Etudes Africaines, Série : Colloques et Séminaires n° 4, p : 123 et s.

[30] – محمد الغربي، ن.م.س. ص: 19.

[31] – Abdelaziz Barre, op, cit, p : 42.

[32] – Ibidem.

[33]– الحسن بوقنطار، ن.م.س.ص: 135.

[34] – مجلة مغرب اليوم، ن.م.س.ص: 25.

[35] – الحسن بوقنطار، ن.م.س.ص: 134.

ظهرت المقالة المقاربة الجيوسياسية الجديدة للدبلوماسية المغربية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4451/%d8%a7%d9%84%d9%85%d9%82%d8%a7%d8%b1%d8%a8%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d9%8a%d9%88%d8%b3%d9%8a%d8%a7%d8%b3%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ac%d8%af%d9%8a%d8%af%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%af%d8%a8%d9%84%d9%88/feed/ 0 4451
منظمة الوحدة الإفريقية وقضية الصحراء المغربية/الغربية https://alafarika.org/ar/4448/%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%82%d8%b6%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d8%a1/ https://alafarika.org/ar/4448/%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%82%d8%b6%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d8%a1/#respond Wed, 28 Sep 2016 19:45:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4448

منذ إنشائها سنة 1963، واجهت منظمة الوحدة الإفريقية العديد من المشاكل الإفريقية خاصة الحدودية منها، وإذا كانت المنظمة قد استطاعت إيجاد حلول للعديد منها[i]، فإن معالجتها لملف الصحراء المغربية/الغربية اصطدم بالعديد من المشاكل الداخلية والخارجية عقدت جهود المنظمة في إيجاد حل نهائي لهذا الملف. وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الوحدة الإفريقية منذ إنشائها لم تكن […]

ظهرت المقالة منظمة الوحدة الإفريقية وقضية الصحراء المغربية/الغربية أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

منذ إنشائها سنة 1963، واجهت منظمة الوحدة الإفريقية العديد من المشاكل الإفريقية خاصة الحدودية منها، وإذا كانت المنظمة قد استطاعت إيجاد حلول للعديد منها[i]، فإن معالجتها لملف الصحراء المغربية/الغربية اصطدم بالعديد من المشاكل الداخلية والخارجية عقدت جهود المنظمة في إيجاد حل نهائي لهذا الملف.

وتجدر الإشارة إلى أن منظمة الوحدة الإفريقية منذ إنشائها لم تكن تقوم بدور الجهاز المخول له لتسوية نزاع الصحراء المغربية/الغربية، بل كانت بمثابة هيئة تعبر عن آمال الأفارقة في تصفية الاستعمار من الإقليم وبالتالي كانت منظمة الأمم المتحدة هي المعنية بشكل مباشر بالبحث عن حل للنزاع،  ولم تصبح منظمة الوحدة الإفريقية مسؤولة عن إيجاد حل لهذا الملف إلا بعد توقيع اتفاقية مدريد سنة 1976 وظهور أطراف أخرى إفريقية في النزاع وأصبح المشكل إفريقيا محضا مما حدا بالمنظمة العالمية إلى تفويت حل هذا المشكل إلى المنظمة الإقليمية.

وقد اتخذ ملف الصحراء المغربية/الغربية طابع تصفية الاستعمار الغربي من القارة الإفريقية بين المغرب كدولة مستعمرة وإسبانيا كدولة مستعمرة، وكاد هذا الملف أن يحظى بتسوية نهائية عندما تم توقيع اتفاقية مدريد بمصادقة الجماعة الصحراوية على مقتضياتها، إلا أن ظهور الجزائر على مسرح الأحداث ومعارضتها لاتفاقية مدريد، وشنها لحملة دبلوماسية ارتكزت على أن قضية الصحراء تدخل ضمن تصفية الاستعمار وبالتالي حسب المنظور الجزائري لم تمكن اتفاقية مدريد الشعب الصحراوي من تقرير مصيره، وقد عرف ملف الصحراء المغربية/الغربية تطورا مرحليا خطيرا بسبب تدخل عوامل كثيرة كانت لها انعكاسات خطيرة على المساعي الإفريقية لإيجاد حل دبلوماسي لهذا النزاع.

وقد أولت القارة الإفريقية لهذا النزاع الكثير من الجهود والاهتمام، ووضعت لذلك عبر منظمتها الإفريقية العديد من الآليات والوسائل مرجعيتها في ذلك ” ميثاق أديس أبابا” وحصر هذا النزاع في إطار إفريقي خالص.

وسيتم التناول في هذا المقال كيفية تعاطي منظمة الوحدة الإفريقية مع ملف الصحراء المغربية/الغربية والذي انتهى بانسحاب المغرب من المنظمة، الذي كان من بين الدول الإفريقية التي ساهمت بشكل كبير في تأسيسها، على إثر قبول “الجبهة” كعضو أساسي بالمنظمة.

مساعي المنظمة لحل قضية الصحراء المغربية/الغربية.

تتفق جل الدراسات التي تناولت ملف الصحراء المغربية/الغربية ضمن أروقة منظمة الوحدة الإفريقية على كونه أعقد نزاع إفريقي واجهته المنظمة، وكان طبيعيا بالنسبة للمنظمة أن تتطرق إلى هذا النزاع استنادا إلى مبدأ تسوية النزاعات الإقليمية في إطار إقليمي، فالفقرة الثانية والخمسين من ميثاق الأمم المتحدة كما أكد عليه أمين عام المنظمة ” إديم كودجو” تحتم على المنظمات الإقليمية تسوية الخلافات بطرق سلمية.

الأساس الثاني تطبيقي، ذلك أن تدخل المنظمات الإقليمية يكون أكثر فعالية لأن أعضاءها يكونون أكثر معرفة بمعطيات وخصوصيات المشاكل المحلية[1]، ولكن بالرغم من ذلك ورغم أن المنظمة خصصت  الكثير من الوقت والاهتمام لهذا الملف إلا أنه لم يظفر بحل نهائي[2]، ويرجع أحد الدارسين هذا الفشل إلى أسباب ثلاثة[3]:

1- ضعف المعرفة بالمعطيات التاريخية والشرعية والجيوسياسية للملف.

2- الجهل بالمبادئ الأساسية للميثاق التأسيسي.

3- الجهل بالنتائج الممكنة السياسية والقانونية لقرار قبول الجبهة كعضو في المنظمة.

في حين يرى بطرس غالي أن السبب الأساسي في إخفاق المنظمة الإقليمية – ولعله الأقرب إلى الصواب- يرجع إلى اختلاف الدول الإفريقية التي لها مطالب ومآرب في المنطقة حيث لم تتفق فيما بينها على إيجاد حل نهائي ينهي الصراع بالمنطقة[4].

ومهما يكن، فقد اختلفت أساليب التسوية التي نهجتها المنظمة لإيجاد حل لهذا النزاع ابتداء من سنة 1966 إلى سنة 1984([5])، بين الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي وخلق لجنة خاصة وأخرى للمتابعة مما يفسر مدى تعقد هذا الملف الإفريقي.

ومن الأليق جدا قبل أن نتطرق إلى سير أعمال المنظمة لإيجاد حل لهذا النزاع، الإشارة وبشكل مقتضب إلى دور منظمة الأمم المتحدة فيما يتعلق بتصفية الاستعمار من القارة  وما اتخذته من قرارات في هذا الشأن، لأنه القاعدة الأساس التي ستنبني عليها قرارات المنظمة الإقليمية.

لقد لاقت قضايا تصفية الاستعمار الذي تبقى في بعض المناطق من القارة الإفريقية، اهتماما أكبر وأعمق في أنشطة أجهزة الأمم المتحدة، هذا الاهتمام تجلى في إصدار العديد من القرارات من طرف اللجنة الخاصة لتصفية الاستعمار التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، ابتداء من سنة 1960 وإلى حدود 1969[6].

وقد انحصر هذا الاهتمام في دعوة إسبانيا لإجراء استفتاء وحق تقرير المصير القومي في الصحراء الإسبانية تحت إشراف أجهزة الأمم المتحدة مع دعوة اللجنة الخاصة بتصفية الاستعمار إلى مواصلة دراسة الأوضاع القائمة في المنطقة، وتقديم تقارير فنية عنها إلى الدورات المتعاقبة للجمعية العامة[7]، مع الأخذ بعين الاعتبار مطالب الأطراف المعنية، المغرب وموريتانيا لتقبل نتائج ذلك الاستفتاء المقترح.

أما منظمة الوحدة الإفريقية فيمكن القول أن قراراتها اختلفت حسب اختلاف وجهات نظر الدول المعنية من جهة، والدول الأعضاء بالمنظمة من جهة ثانية، وسنرصد هذا الاختلاف والتطور من خلال دراسة المراحل التالية:

قرارات المنظمة لحل القضية.

1- مرحلة الغموض أو اجترار القرارات الأممية(1963 /1976):

 لقد أطلق الدارسون[8] على هذه المرحلة مرحلة الغموض أو اجترار القرارات، ذلك أن منظمة الوحدة الإفريقية أثناء إنشائها سنة 1963 لم تشر  ولو بشكل عرضي إلى المستعمرات الاسبانية، بل حتى اللجنة التابعة لها والمكلفة بتصفية الاستعمار أثناء اجتماعها الأول[9]، أشارت بشكل عام في القرار الذي اتخذته إلى الضغط على الدول الأوربية الثلاث ( فرنسا وبريطانيا وإسبانيا) من أجل تصفية الاستعمار في القارة. وبذلك تكون هذه الإشارة المحتشمة بداية الاهتمام بمشكل تصفية الاستعمار “للصحراء الإسبانية”.

وكان من الواجب انتظار سنة 1966 حينما انعقد مجلس للوزراء بأديس أبابا ما بين 31 أكتوبر حتى 4 من نونبر وأعلن القرار التالي: ” الدعم الكامل لكل الجهود المتطلعة إلى تحرير جميع الأقاليم الإفريقية من الاستعمار الإسباني “إيفني ، الصحراء الإسبانية وغينيا الاستوائية وفرناندوبو”. كما طلب من إسبانيا أن تتخذ جميع التدابير من أجل حرية واستقلال المناطق المستعمرة والتخلي عن أي أسلوب يهدف إلى خلق وضعية تضع  أمن وسلم القارة في خطر”[10].

وبناء على هذا القرار، أصدر مؤتمر القمة  الإفريقي الرابع بأديس أبابا سنة 1966، قرارا يقضي بتصفية الاستعمار الإسباني من المناطق المحتلة من القارة[11]، هذا القرار سيستمر التأكيد عليه فيما لحق من مؤتمرات، ذلك أن المؤتمر الوزاري للمنظمة الذي انعقد بأديس أبابا ما بين 27 غشت و 06 سبتمبر 1969 أكد على شرعية المقاومة في الصحراء الإسبانية، كما دعا إسبانيا إلى تطبيق القرار رقم 2428 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول” الصحراء الإسبانية” وهو نفس الاتجاه الذي درجت عليه المؤتمرات الوزارية للمنظمة فيما بين 1970/1971[12].

وقد عرفت الفترة الممتدة ما بين 1970-1972 تطورات مهمة تمثلت في ظهور اتجاه جديد نحو حركات التحرير الوطني من طرف دول شمال شرق غرب إفريقيا، المغرب والجزائر وموريتانيا.

فأثناء مؤتمر نواديبو[13] أكد القادة الثلاث( الحسن الثاني وبومدين وولد دادة) على القرار التالي: بعد دراسة الحالة في الصحراء الخاضعة للسيطرة الإسبانية، فإن الرؤساء، مختار ولد دادة وهواري بومدين والملك الحسن الثاني، قرروا توسيع تعاونهم للتعجيل بتصفية الاستعمار من هذه المنطقة وذلك تطبيقا لقرارات منظمة الأمم المتحدة، ومن أجل ذلك تم تأسيس لجنة ثلاثية للتنسيق مهمتها المتابعة بشكل دائم سواء على المستوى السياسي أو الدبلوماسي لعملية تصفية الاستعمار[14].

هذا التقارب المغاربي جاء نتيجة التفاهم الذي حصل بعد تنازل المغرب عن مطالبه الترابية في البلدين والقبول بالخريطة الترابية التي تضمنتها اتفاقية التعاون وحسن الجوار الموقعة مع الجزائر بإفران في 15 يناير سنة 1969، وكذا الاتفاقية الموقعة مع موريتانيا بالدار البيضاء  سنة 1970، لتختتم هذه اللقاءات الثنائية بقمتين ثنائيتين في كل من تلمسان والدار البيضاء في مايو ويونيو 1970.

ودائما مع اللقاءات الإفريقية وتعاملها مع ملف الصحراء المغربية/الغربية وبالمغرب هذه المرة، حيث عقدت المنظمة مؤتمرا إفريقيا آخرا في يونيو 1972 بالرباط[15] وكان المغرب يراهن على حصول دعم قوي لملفه، إلا أن القرارات التي اتخذها القرار الوزاري وصادق عليه رؤساء الدول لم يكن يعكس بتاتا المطالب المغربية بشأن استرجاع الإقليم، ذلك أن القرارات الثلاث للمؤتمر لم تخرج عن تكريس القرار رقم 1514 لسنة 1960 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما دعا الدول المعنية بدعم حكومة إسبانيا من أجل تطبيق القرار الصادر عن الجمعية العامة 2711 والذي ينص من بين ما ينص عليه تنظيم استفتاء لتمكين سكان الصحراء الخاضعة للسيطرة الإسبانية من ممارسة حقهم في تقرير المصير بحرية، وذلك طبقا لمبادئ المنظمة العالمية وتحت رعايتها[16].

مؤتمر الرباط أسفر أيضا إضافة إلى تقرير المصير بالصحراء، تحقيق تسوية نهائية بشأن النزاعات الحدودية مع الجزائر، إذ أعلن العاهل المغربي في خطاب الافتتاح: “بأننا سعداء أن نعلن لكم أنه لم يتم فقط إنهاء النزاع بل إننا نطلب من منظمة الوحدة الإفريقية أن  تسحبه بصفة نهائية من أرشيفاتها، ونحن لسنا فقط نسحب هذا الملف السلبي والمؤلم ولكننا نخطو خطوة نحو المستقبل ونفتح مجال التعاون الذي نأمل أن لا يقتصر فقط على بلدينا[17].

قرارات مؤتمر الرباط ستصبح المحور المركزي الذي تدور حوله قرارات المنظمة خلال سنتي 1973-1974، وهو التأكيد على قرارات الجمعية العامة والتمسك بمبدأ تصفية الاستعمار عن طريق الاستفتاء[18].

ومن المستجدات الخطيرة التي ستزيد من تعقيد أمر منظمة الوحدة الإفريقية فيما يخص “ملف الصحراء الغربية” هو الاعتراف بجبهة البوليساريو من طرف لجنة التحرير الإفريقية كحركة تحرير وحيدة تمثل الشعب الصحراوي[19]، وكذلك الدعم الكامل للجزائر للاعتراف بالجمهورية الصحراوية الوهمية.

وفي ظل هذه الظروف سيعقد المجلس الوزاري للمنظمة في يناير 1976 اجتماعا بأديس أبابا من 23 فبراير إلى 1 مارس، من أجل دراسة هذا الملف، فكانت النتيجة عدم التوصل إلى قرار نهائي نظرا لعدم توافق وجهات نظر الدول الأعضاء[20].

من الأحداث الهامة أيضا التي عرفتها سنة 1976، توقيع المغرب وموريتانيا اتفاقا بالرباط أفر عن رسم الحدود بينهما داخل الصحراء الغربية، إضافة إلى المواجهة المغربية الجزائرية بمغالة في يناير 1976، وفرض النظر في ملف الصحراء وعلى أعلى مستوى[21]، وفي هذا الإطار انعقد بتاريخ 24 إلى حدود 29 يونيو بجزيرة موريس مجلس للوزراء، فحص الملف من جديد واتخذ قرارا أكد فيه وزراء الدول الإفريقية “حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال وضرورة الخروج الفوري لجميع قوى الاستعمار”[22].

لكن رد الفعل المغربي والموريتاني كان قويا عندما هددا بمغادرة لقاء القمة لرؤساء الدول الإفريقية، مما حدا بهم –رؤساء الدول- إلى عدم الأخذ بما جاء به مجلس الوزراء، فكانت الدعوة إلى عقد دورة استثنائية على مستوى رؤساء الدول والحكومات بهدف إيجاد حل حقيقي ودائم للملف[23].

وقد جاء هذين الموقفين معا ( المغادرة والدورة الاستثنائية) عقب المشروع الذي تقدمت به جمهورية البنين الذي يطالب “بالانسحاب العاجل لجميع قوات الاحتلال الأجنبي واحترام الوحدة الترابية للصحراء الغربية وسيادة الشعب الصحراوي”[24].

ومهما يكن من دواعي عقد الدورة الاستثنائية، فإنها تجد سندها القانوني في المادة التاسعة من ميثاق المنظمة، وكذلك المادة الخامسة من النظام الداخلي لمؤتمر الرؤساء، والذي ينص على عقد دورات استثنائية إضافة إلى الدورات العادية[25].

قرار عقد مؤتمر القمة الاستثنائية سيتم التأكيد عليه أثناء المؤتمر 14 بلوبروفيل بالكابون ما بين 2 و 5 من يوليو 1977 إلا أن هذا اللقاء لم يكتب له النجاح[26]، وعلى الرغم من اقتراح زامبيا كمكان لعقد هذا المؤتمر الاستثنائي في أكتوبر 1977، فقد تم إرجاؤه إلى تاريخ لاحق نظرا للعديد من الصعوبات المتعلقة من جهة بالدولة المحتضنة التي كانت تعاني من مشكلة الأمن بسبب هجوم روديسيا على أراضيها[27]، ومن جهة أخرى بسبب الاعتراض الجزائري حيث ظلت دولة الجزائر تؤكد على حل ملف الصحراء انطلاقا من مبدأ تقرير المصير ومبدأ الحفاظ عن الحدود الموروثة عن الاستعمار[28].

وأمام هذا الفشل الزامبي، اقترح الرئيس الغابوني عقد هذا المؤتمر في مارس 1978 بلوبروفيل شريطة توفر الظروف التالية: حضور جميع الأطراف المعنية، مع حضور مكثف لرؤساء الدول والحكومات وأخيرا افتتاح أشغال المؤتمر باسم المنظمة[29].

ورغم كل هذه المحاولات الجادة من طرف الدول الإفريقية لإيجاد مخرج لهذا المأزق الذي يهدد بانفجار الوضع بين الدول الإفريقية فإن الكثير منها باءت بالفشل لسبب أو لآخر، وقد استمر الوضع على ما هو عليه حيث أعلن الرئيس بونكو أثناء الدورة 30 لمجلس وزراء “بيتريبولي” ما بين 10 و 18 فبراير 1978 عن إرجاء هذا المؤتمر بدعوى أن تسعة رؤساء دول إفريقية فقط أعلنت استعدادها لحضور هذا المؤتمر الاستثنائي[30].

لقد شكل نزاع الصحراء المغربية/الغربية معضلة كبرى بالنسبة لمنظمة الوحدة الإفريقية فيما يتعلق باتخاذ القرار بشأنها، فأمام المشاحنات بين الدول الإفريقية ومن أجل الخروج من هذه الحالة القارة المجحفة إلى مصداقية منظمة الوحدة الإفريقية، اجتمع رؤساء الدول والحكومات بالخرطوم ما بين 18 و 22 يوليو 1978[31]، مستفيقين على تطورات جديدة تمثلت في الانقلاب العسكري الذي أنهى حكم ولد دادة بموريتانيا[32]. هذا الحدث الذي أثر على مواقف الدول الإفريقية واتضح ذلك من خلال قراري  المشروعين، القرار الذي اتخذته كل من مالي وموزنبيق[33] إذ تم التخلي عن عقد قمة مؤتمر استثنائي بشكل نهائي، وتوجيه المؤتمر نحو إنشاء لجنة خاصة  « ADHOC » من أجل تتبع تطورات نزاع الصحراء.

إنشاء هذا النوع من الآليات سيستعمل في كثير من الأحيان لتسوية النزاعات القائمة بين الدول الإفريقية وفي هذا الإطار قرر رؤساء الدول والحكومات إنشاء هذه اللجنة التي تكونت من خمسة أعضاء[34] من بينهم الرئيس الفعلي للمنظمة، وكان الهدف منها هو دراسة جميع  المعطيات المتعلقة بمسألة الصحراء الغربية. ويبدو أن هذه اللجنة قد اعتمدت على مبدأ “حق الشعب الصحراوي” في تقرير مصيره وتبعا لروح هذا النص عمدت اللجنة إلى تهيئ ملف حول هذا الأمر.

كما قامت هذه اللجنة وتحت الضغط الجزائري بإنشاء “لجنة فرعية ” تكونت من رؤساء دولتي مالي ونيجيريا اللذين قاما بزيارة للدول المعنية (المغرب والجزائر وموريتانيا) وبعض قيادات البوليساريو مع طلب وقف إطلاق النار الفوري والشامل[35]، وفي الوقت الذي كانت فيه «اللجنة الفرعية» تقوم بدورها، كانت اللجنة الخاصة بصدد تحضير خلاصات وتوصيات لتقديمها أثناء المؤتمر 16 القادم المزمع عقده بمنروفيا، كما تبنت لجنة الحكماء في 23 يونيو 1979 قرار ستعتمده المنظمة في المرحلة اللاحقة.

2- مرحلة “التطرف” (1979) [36].

يظهر هذا التطرف من خلال التوصيات التي أعلنتها اللجنة الخاصة في اجتماعها بالخرطوم بتاريخ 23 يونيو 1979، حيث أوصت بحق “الشعب الصحراوي” في تقرير المصير عبر استفتاء عام وحر، يعطيه الحق في الاختيار بين الاستقلال التام أو الإبقاء على الحالة العادية، كما اعتبرت أن الاتفاقية الثلاثية لمدريد، لم تكن تتعلق “إلا بتحويل إدارة الإقليم إلى المغرب وموريتانيا” مما يعني بشكل واضح تبني الأطروحة  الإسبانية التي تعتبر اتفاقية مدريد عدم تحويل السيادة إلى الدولتين المعنيتين( المغرب وموريتانيا).

وانطلاقا من هذه الأطروحة التي تبنتها اللجنة أصدرت مجموعة من التوصيات[37]، التي كانت من المفروض أن تعرض على أنظار رؤساء الدول والحكومات الإفريقية من أجل التصويت عليها وهذا ما وقع بالفعل أثناء مؤتمر القمة الإفريقي الذي انعقد بمنروفيا عاصمة ليبيريا ما بين 17 و 20 من يوليو من سنة 1979، وبموافقة ثلثي الأعضاء تمت المصادقة على قرار يوصي بوقف إطلاق النار وإجراء استفتاء في الصحراء الغربية[38].

وقد أجريت مداولات هذا المؤتمر بحضور وفد عن الجبهة المزعومة وغياب الوفد المغربي، إضافة إلى إسناد رئاسة اللجنة الخاصة إلى الرئيس الليبيري “وليام تولبير” الذي كان يتعاطف مع الحركة والأطروحة الجزائرية، وقد عبر الوفد المغربي عن امتعاضه اتجاه مجريات هذا المؤتمر في الإشارة التي وجهها وزير الخارجية حينما قال “القرارات المتخذة باطلة وأن تلك القرارات شيء والوضع في الميدان شيئا آخر”[39].

وتبعا لهذا التطور المسطري الذي أعاد ملف نزاع الصحراء من جديد إلى اجتماعات الدورات العادية اجتمعت اللجنة الخاصة من طرف مؤتمر منروفيا بتاريخ 4-5 دجنبر 1979 في غياب المغرب وذلك بسبب حضور وفد البوليساريو أشغال اللجنة بينما تغيبت غينيا رغم عضويتها عن حضور أشغالها[40].

وقد عمدت هذه اللجنة إلى الذهاب بعيدا نحو التطرف، ليس فقط في إعطاء الكلمة لجبهة البوليساريو أمام جهاز المنظمة بل أكثر من ذلك طالبت بمراقبة وقف إطلاق النار، وإخلاء الأراضي التي احتلتها المغرب بعد خروج موريتانيا وتنظيم استفتاء ووضع قوة لحفظ السلام من طرف المنظمة لمراقبة إطلاق النار[41]، لكن رد الفعل المغربي كان قويا عندما أعلن عن لسان وزير خارجيته “أن المغرب لا تعنيه نتائج هذا المؤتمر”[42].

وقد أثيرت العديد من الملاحظات حول توصيات هذه اللجنة التي تميزت بالتطرف رغم  أنها كانت أكثر مرونة بالمقارنة مع توصية الأمم المتحدة، إضافة إلى كون منظمة الوحدة الإفريقية تجاوزت مسطرة المؤتمر الاستثنائي بعودتها إلى القمم العادية واللجنة الخاصة، كل هذا لم يتم بمعزل عن التغيرات التي عرفتها الدول الإفريقية[43].

3- مرحلة الاعتدال(1980-1981):

تميزت هذه المرحلة بالطلب الذي تقدمت به جبهة البوليساريو، بتاريخ 23 يونيو 1980 من أجل قبول انضمام “الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” بالمنتظم الإفريقي وهو الموضوع الذي سيكون موضع نقاش أثناء المؤتمر الإفريقي 17 الذي جرت أطواره بفريتاون بسيراليون ما بين 1 و 4 من يوليو 1980، ومن الخاصيات المميزة لهذا المؤتمر الحضور القليل للدول الإفريقية إذ لم يتجاوز 24 من رؤسائها وحكوماتها[44].

وعند افتتاح هذا المؤتمر طرحت مسألة ضرورة الشروط التي عرفها المؤتمر الإفريقي لسنة 1963[45] بالنسبة للجمهورية المزعومة وعلى رأسها توفر الأغلبية العادية(26 دولة من أصل 50)، مع العلم أن هذا الأمر لم يكن مطروحا خاصة بعد اعتراف ثلاثة دول جديدة “بالجمهورية الصحراوية”[46]، لكن المغرب قدم اعتراضا ضد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية وتشبث بالشرعية الدولية الإفريقية.

صحيح أن الفقرة 28 من الميثاق تشير إلى أن كل دولة مستقلة وذات سيادة بإمكانها أن تراسل الأمين العام الإداري لانضمامها إلى المنظمة، لكن التساؤل المطروح من طرف الرباط هو: هل “الجمهورية الصحراوية” تتوفر على الشروط التي تحددها المادة الرابعة كدولة مستقلة وذات سيادة؟[47].

فالشروط التي حددها ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية من أجل قبول دولة عضو بالمنظمة، طرحت إشكالا كبيرا حتى بالنسبة للدول التي اعترفت بالجمهورية المزعومة، ذلك أنها لا تتوفر على الشروط الضرورية للدولة[48]( شعب/ سلطة سياسية/ حدود ترابية)، وحتى من جهة نظر القانون الدولي، فإن من شروط الدولة أن يكون لها سلطة داخلية على أراضيها وسكانها، كما يجب أن تكون مستقلة عن كل سلطة سياسية خارجية.

وبناء على كل ذلك فإن الجمهورية المزعومة لا تتوفر على الشروط الموضوعية بأن تكون دولة مستقلة وذات سيادة، وهذا ما دفع بالمؤتمر إلى اتخاذ قرار أكثر غموضا بالمقارنة مع قرار مؤتمر منروفيا السابق لسنة 1976، ومع ذلك فإن المنظمة وانطلاقا من تقرير الدورة الثالثة للجنة الحكماء طلبت منها –اللجنة- بأن تتابع جهودها بهدف التوفيق بين أطراف النزاع وإيجاد حل سلمي ودائم لهذه المسألة.

كما قررت المنظمة تاريخ اجتماع اللجنة، في فريتاون بعد ثلاثة أشهر[49].

من خلال قرارات المؤتمر إذن، يظهر أن اللجنة الخاصة لا زالت طرفا وحكما في البحث عن الحلول الممكنة لملف الصحراء[50] خلافا لمؤتمر الخرطوم ،حيث كانت مهمتها –أي اللجنة- هو دراسة “معطيات النزاع” لكن حسب فريتاون أصبحت اللجنة مكلفة بالاستمرار في بذل الجهود من أجل التوفيق بين الأطراف المعنية كما سبقت الإشارة إلى ذلك.

التحول الجديد أيضا جاء من طرف المغرب، الذي سبق له أن قاطع أشغال مؤتمر منروفيا، إذ قرر من جديد التعاون مع اللجنة المشتركة في أشغالها[51]، وبتاريخ 9-11 شتنبر 1980 عقدت اللجنة الخاصة اجتماعها بفريتاون بسيراليون، حضره عدد مهم من رؤساء الدول الإفريقية[52] إضافة إلى حضور جد مكثف للدبلوماسية المغربية[53] والرئيسين الجزائري والموريتاني والأمين العام لجبهة البوليساريو. أما خلاصات أشغال اللجنة فاتجهت نحو تأكيد القرارات التي جاء بها مؤتمر منروفيا[54]، الشيء الذي انعكس على ردود أفعال كل من المغرب والجزائر.

خلاصات واستنتاجات:

من الخلاصات الأساسية التي يمكن ملاحظتها من خلال التطورات التي عرفتها منظمة الوحدة الإفريقية إلى حدود هذه الفترة:

1- عدم المساهمة الفعلية للمنظمة في حفظ السلام حيث اعتمدت الحل السياسي بدل الحل القانوني (مؤتمر استثنائي واللجنة الخاصة)

2- انقسام الدول الإفريقية فيما يخص نزاع الصحراء قبل وبعد الانسحاب الإسباني.

3- شكل عدم توفر المنظمة على قوة إلزامية لإجبار الدول على تطبيق قرارات المؤتمر، على الاكتفاء بأسلوب التوافق بين أطراف النزاع.

ودائما مع المحاولات الإفريقية لإيجاد حل نهائي لنزاع الصحراء الغربية وما حملت معها من مستجدات ضمن الأطوار الأخيرة من مرحلة الاعتدال، فقد سبقت الإشارة إلى أن المغرب أبدى تعاونه مع منظمة الوحدة الإفريقية، من أجل إجراء استفتاء في الصحراء الغربية أثناء مؤتمر فريتاون 1980، وهو نفس الاتجاه الذي سيتأكد مع المؤتمر 18 لرؤساء الدول والحكومات الذي جرت أطواره بكينيا ما بين 24 و 27 يونيو 1981 حيث عمل –المؤتمر- على تأكيد قرارات مؤتمر فريتاون: وقف إطلاق النار وإجراء الاستفتاء.

فأثناء المؤتمر أعلن الحسن الثاني عن تنظيم استفتاء مراقب يحقق في آن واحد أهداف التوصيات الأخيرة للجنة الخاصة، وكذلك اقتناع المغرب بحقوقه المشروعة[55].

اختيار المغرب لهذا القرار جاء نتيجة أسباب موضوعية ومنطقية أعلن عنها العاهل المغربي أثناء الجلسة الافتتاحية للمؤتمر حيث يقول “لم أعد أحب أن أسمع أحدا يقول أن المغرب يقف حجرة عثرة في وجه الوحدة وأنه يفرق بين أهل إفريقيا(…) إننا نؤيد تقرير المصير على علاته ورغم منافاته للتاريخ والماضي”[56] سببين رئيسيين تضمنهما خطاب الملك الحسن الثاني: الرغبة المغربية الأكيدة بأن لا تكون مشكلة الصحراء المغربية/الغربية حجر عثرة للدينامكية الإيجابية للتسوية السلمية داخل منظمة الوحدة الإفريقية، وكذلك حجر عثرة في وجه الوحدة الإفريقية، إذ هذا القرار (الاستفتاء) كان محاولة لإنقاذ المنظمة الإفريقية التي أصبحت مهددة بالانفجار والتمزق. وأخيرا هذه المبادرة جاءت لتلبية رغبة العديد من قادة عدة دول إفريقية، وعربية وأوربية[57].

ومهما يكن من أمر، فأمام الإعلان المغربي قرر المؤتمر إنشاء لجنة للمتابعة[58] لها كامل السلط لتطبيق توصيات اللجنة الخاصة والتعاون مع الأطراف المعنية، كما كان لقاء رؤساء الدول والحكومات الإفريقية مناسبة لدعوة منظمة الأمم المتحدة لتزويدها “بقوة لحفظ السلام” أثناء إجراء الاستفتاء[59].

والملاحظ أن منظمة الوحدة الإفريقية أظهرت نوعا من الاعتدال اتجاه المغرب من خلال دعوته إلى سحب قواته من الصحراء الغربية من جهة، وصياغتها الغير العادية لفقرة دعت اللجنة للأخذ بعين الاعتبار مداولات المؤتمر من جهة ثانية، الشيء الذي يوضح من جديد أن المؤتمر أخذ بما جاء في إعلان الحسن الثاني الخاص بتطبيق الاستفتاء[60]، وبذلك يكون قد اتخذ قرارات جد هامة، حيث لم يعلن عن أي قرار اتجاه مسألة انضمام الجمهورية الصحراوية إلى المنظمة، إما لإقبار هذا الأمر نهائيا أو لحله بشكل نهائي وتام[61].

قرار المغرب هذا لم يمر دون أن يخلف ردود أفعال مختلفة سواء على مستوى منظمة الوحدة الإفريقية أو على مستوى الدول الإفريقية، فقد رحبت منظمة الوحدة الإفريقية بهذا الطرح المغربي، وعبرت عن ذلك من خلال تهنئتها للحسن الثاني عن”التزامه بقبول تنظيم استفتاء بالصحراء المغربية”[62].

أما على مستوى رؤساء الدول الإفريقية، فالبداية بطبيعة الحال كانت مع الجزائر التي رحبت بالاختيار المغربي، لكنها ربطت ذلك بتوفر شرطين أساسيين “انسحاب القوات والإدارة المغربية” و “تحديد تاريخ لمسطرة واضحة من أجل إجراء  هذا الاستفتاء، كما عملت على إقحام جبهة البوليساريو كطرف معني للدخول في مفاوضات مباشرة مع المغرب”[63]. إنه اتجاه متطرف تعزز برد الرئيس الموزمبيقي سامور ماشيل الذي عمل على تحريف محتوى الخطاب الملكي إذ اعتبره “اعترافا بالحق المشروع للشعب الصحراوي في بناء مستقبله بحرية”[64] وهو نفس الاتجاه الذي أشار إليه رئيس مدغشقر، في حين عبر أغلب القادة الأفارقة عن ترحيبهم وتعاطفهم مع القرار المغربي والرغبة الصادقة في تحقيق السلام في منطقة شمال غرب إفريقيا.

وقبل أن نرصد أطوار المرحلة الأخيرة ( 1982-1984/ الانضمام /الانسحاب) لابد أن نختم بالنجاحات التي تحققت في هذه المرحلة إن على المستوى القاري أو على مستوى الداخلي المغربي.

شكل إنشاء لجنة المتابعة كأداة لتحقيق السلام حدثا مهما في عملية اتخاذ القرار داخل المنظمة الإفريقية ومساهمة فعالة من أجل حفظ السلام بين الدول الإفريقية أما على المستوى الداخلي للمغرب، تمثل النجاح في عدم حصول الجمهورية على العضوية بالمنطقة، كما تمت تسوية العلاقات المغربية مع العديد من الدول الإفريقية[65]، وأخيرا عدم الاعتراف، بحركة البوليساريو كحركة وعدم الاعتراف من جديد “بالجمهورية الصحراوية”.

4- المرحلة الأخيرة(1982/1984).

سيتم ضمن هذه المرحلة معالجة ثلاث محطات تاريخية هامة وحساسة في تاريخ منظمة الوحدة الإفريقية كمنظمة إقليمية في تعاملها مع ملف الصحراء المغربية/الغربية ، وسنبدأ من حيث انتهت مرحلة 1981، حيث عاش العالم كله في معالجته لقضية الصحراء على إيقاع الحل الاستفتائي منذ بداية الثمانينات وبالضبط منذ أن أعلن المغرب على لسان الملك الراحل الحسن الثاني في يونيو 1981، أثناء مؤتمر قمة منظمة الوحدة الإفريقية المنعقدة في نيروبي عاصمة كينيا عن قبول تنظيم استفتاء مراقب دوليا في الصحراء[66].

قبول المغرب للاستفتاء شكل تحولا  جذريا في الموقف المبدئي للبلاد الذي ظل رافضا له منذ صار الملف دوليا غداة المسيرة الخضراء في نونبر 1975، حيث كان الموقف المغربي الرسمي “أن لا استفتاء مقبول على جزء من التراب الوطني تم استرجاعه من المستعمر الإسباني الذي كان قد اغتصبه في بداية القرن العشرين”[67]. ولم يفض قبول المغرب لمبدأ تنظيم الاستفتاء الذي وضعه الملك الراحل بالتأكيد إلى وضع حد للضغوط التي ظلت تمارسها الجزائر وحلفاءها من أجل فرض تنازلات على المغرب[68].

قامت منظمة الوحدة الإفريقية من أجل تحقيق الاستفتاء بتأسيس لجنة للمتابعة، التي باشرت أعمالها عبر عقد دورتين متتاليتين الأولى في غشت 1981 والثانية في فبراير 1982 تبنت خلالها العديد من القرارات[69]، فقد ظل هاجس الجزائر الأساسي هو إدماج الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في حظيرة منظمة الوحدة الإفريقية. هذه الرغبة الجزائرية تحققت عندما أقدم الأمين العام الإداري” إديم كودجو” على استدعاء الجمهورية الصحراوية كعضو كامل العضوية أثناء الدورة الثامنة والثلاثين (38) لانعقاد اجتماع مجلس وزراء المنظمة في أديس أبابا بتاريخ 23 فبراير 1982[70] من أجل البث في مجموعة من القضايا ذات الطبيعة الإدارية، وبالخصوص البث في ميزانية المنظمة ليفاجأ الوزراء بحضور وفد عن الجمهورية الصحراوية بصفة رسمية كونه تلقى الدعوة من طرف الأمين العام الإداري للمنظمة. وقد حضر هذا الاجتماع الوزاري 32 مندوبا إفريقيا وطرحت أثناءه مسألة الصحراء الغربية الذي انقسم بسببها أعضاء المنظمة إلى كتلتين متعارضتين كل واحدة منها لها حججها القانونية التي تدعم موقفها[71].

فأثناء اجتماع لجنة المتابعة في فبراير 1982 أعلن أمين المنظمة إديم كودجو عن انضمام “الجمهورية الصحراوية” كعضو كامل العضوية إلى حظيرة المنتظم الإفريقي، وبذلك يصبح عدد أعضاء المنظمة 51 عضوا بالمنظمة[72]، وأمام هذه المبادرة صدرت ردود أفعال مختلفة ومتناقضة، فقد عبر رئيس منظمة الوحدة الإفريقية أن مبادرة الأمين العام الإداري باطلة ولا يمكن أن تنتج أي أثر، كما عبر كثير من وزراء خارجية الدول الإفريقية عن دهشتهم عند مفاجئتهم بحضور البوليساريو في الاجتماع معتبرين هذا العمل غير شرعي[73].

أما موقف المغرب فكان واضحا عندما صرح العاهل المغربي عن رفضه لأي مشاركة في أي مؤتمر كان وأيا كان مستوى انعقاده مادامت القانونية لم تعد إلى نصابها في حظيرة منظمة الوحدة الإفريقية[74]. بل اعتبر العاهل المغربي أن قرار الأمين العام الإداري، قرارا لا يخرق مصداقية المنظمة فحسب ولكنه ينتهك بصفة سافرة سيادة هذه المنظمة[75]، كما أدت هذه المبادرة إلى نتائج مباشرة تمثلت في التساؤل حول مدى فعالية المسطرات التي تبنتها المنظمة في الحسم في الملف ( دورة استثنائية/ لجنة خاصة /لجنة الحكماء /لجنة المتابعة)، أضف إلى ذلك الانسحاب المباشر ل 19 دولة إفريقية[76] من اجتماع أديس أبابا مستندين في موقفهم هذا على الفقرة الرابعة من الميثاق فقط ” دولة إفريقية مستقلة وذات سيادة هي التي بإمكانها أن تصبح عضوا بالمنظمة” فالسيادة والاستقلال شرطان أساسيان لكينونة الدولة وبالتالي فحسب المرجعية القانونية لهذه الدول لا تتوفر ” الجمهورية الصحراوية” على هذه الخصائص. فالعناصر المكونة للدولة لم تتوفر بعد (حدود ترابية/ شعب/ حكومة)، وأمام عدم اتفاق الدول الإفريقية حول مضمون هذه المادة (4) فإن الدول المنسحبة طالبت بتطبيق المادة 27 من الميثاق التي ” تفصل في أي مسألة تثار بشأن تفسير هذا الميثاق بأغلبية دول أعضاء المنظمة الإفريقية”[77]. بل ذهب المغرب إلى أبعد من ذلك حينما أعلن عن لسان عاهله بأن موقفه هذا من المحتمل ألا يحبط فقط قمة طرابلس بل قد ينتهي إلى انفجار المنتظم الإفريقي وتمزيقه[78]. ومن فبراير 1982 إلى يونيو 1983 عرفت المنظمة فترة طويلة من الأزمة[79] وعلى الرغم من أن ” الجمهورية الصحراوية” لم تشارك في قمة أديس أبابا “19” التي انعقدت ما بين 8 و 12 يونيو 1983، حينما انسحبت بشكل ” إرادي ومؤقت” فإن الجزائر قد تمكنت من فرض فكرتها القاضية بإجراء مفاوضات مباشرة بين المغرب والبوليساريو[80]، وفي هذا الإطار قامت منظمة الوحدة الإفريقية في نونبر 1983 بإحداث لجنة للتوفيق من أجل تفعيل قرارات المؤتمر 19 للمنظمة حول الصحراء المغربية/الغربية لكن هذه اللجنة انتهت بالفشل[81]، فقرار المنظمة خلال المؤتمر 19 لم يكن ليرضي الطرف المعني الأساسي إذ أنه لا يعترف لجبهة البوليساريو بوجود، بل الأطراف المعنية في منظور المغرب والتي من الممكن التفاوض معها بشأن ملف الصحراء هي الجزائر وموريتانيا[82].

لقد ظل الشيء الصعب بالنسبة للمنظمة هو تفعيل الاتفاق بين المغرب والبوليساريو من أجل إعطاء فرصة للتقدم نحو إيجاد حل للملف قبل مؤتمر القمة العشرين[83]، لكن سيحدث ما لم يكن في الحسبان أثناء القمة العشرين التي انعقدت بأديس أبابا ما بين 12 و 15 نونبر 1984، فقد تكرست اللاشرعية بقبول انضمام ” الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية” كعضو في منظمة الوحدة الإفريقية فكان رد المغرب في الانسحاب من هذه المنظمة التي ساهم بشكل فعال في تأسيسها منذ انضمامه في شتنبر 1963 إلى انسحابه في نونبر 1984 خاتما مسيرته الإفريقية بخطة وداع جاء فيها على لسان العاهل الراحل “الحسن الثاني” لقمة أديس أبابا العشرين (… في انتظار أن يتغلب جانب الحكمة والتعقل فإننا ندعوكم إلى أن المغرب إفريقي بانتمائه وسيبقى كذلك وسنظل نحن المغاربة جميعا في خدمة إفريقيا، وستدركون أن المغرب العضو المؤسس للوحدة الإفريقية لا يمكن أن يعمل على إقبار هذه الوحدة)[84]. لقد أدرك المغرب أن انسحابه لا يعني التخلي عن هموم القارة الإفريقية، بل يمكن القول أن الواقع الجديد فرض على المغرب إعادة الاهتمام بالقارة الإفريقية نظرا لمجموعة من التغيرات الدولية والقارية.

خلاصة القول، إنه رغم تعدد قرارات التسوية بخصوص الصحراء المغربية/الغربية من طرف منظمة الوحدة الإفريقية، فإنها لم  تنجح في إيجاد حل نهائي للقضية، مرجع ذلك أن التسوية كانت عبارة عن مجموعة من الحلول الوسط والمبادرات الانفرادية والوساطة والتحالفات ولو على حساب ميثاق المنظمة، وأمام هذا الإخفاق الإفريقي، لم يجد المغرب بدا من نقل هذا الملف الشائك من إشراف قاري إلى إشراف دولي.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الهوامش:

بالعربية:

1- انبعاث أمة، ج 24، ج 26 و ج 27.

2- بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مكتبة الأنجلو مصرية، الطبعة الأولى، القاهرة .1974

3- تاج الدين الحسني، وسائل حفظ السلام في العلاقات الدولية ودورها في حفظ السلام، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1984.

4- الحسن بوقنطار، السياسة الخارجية للمغرب، الفاعلون والتفاعلات، طبعة .2002

5- عبد الحق ذهبي، قضية الصحراء المغربية ومخطط التسوية الأممي، دار أبي رقراق، ط 1، .2003

6- عبد الوهاب بن منصور، ملف الصحراء المغربية الغربية أمام مؤتمر القمة 20 لمنظمة الوحدة الإفريقية، المطبعة الملكية، الرباط، 1984.

7- منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الخارجية، قسم الصحافة والإعلام.

8- محمد عيسى الشرقاوي، أزمة منظمة الوحدة الإفريقية وقضية عضوية البوليساريو، مجلة السياسة الدولية، عدد 69، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، يوليوز 1982.

بالفرنسية:

1- Ahmed Amjad, L’Etat des travaux portant sur la révision de la charte  d’Addis Abiba, Memoires d’études supérieurs science politique, Université Mohamed V, 1985.

2- AHG/Res 103. AHG/Res 103.

3- Benmassoud Trédano, le Sahara Marocaine, une décolonisation pas comme les autres, imprimerie Maarif eljadida, Rabat, 1991

4- Edmond  Jouve, L’O.U.A, presses universitaires de France, Paris, 1984.

5- Elmojahid, 26/ 27, Juin, 1981.

6- Hammad  Zouitni, Le Maroc dans les organisations régionales politiques :               L.E.A/O.U.A/O.C.I, thèse de doctorat d’état en droit public, Casablanca, 1998

7- Kabbaj Tawfiq, l’Afrique du Sahara occidental, Abidjan, 1981.

8- Le Monde, du 22/23/7/1979.

9- le Monde 13 Septembre, 1980.

10-  Le Monde, 28/29 juin, 1981.

11- Le Monde, 25/02/1982.

12- Le monde, 12/13 juin 1982.

13- P.F.Gonidec, L’0.U.A 30 ans après l’Unité Africaine, Paris, Editions Karthala, 1993.

14- Raoul  weexsteen, L’0.U.A  et  la question Saharienne in Annuaire de L’Afrique du Nord,  Editions C.N.R.S, Paris 1979.

15- T.Goudou, l’OUA et l’admission de la  RASD le Mois en Afrique, octobre, novembre 1982.


[1] – Ahmed Amjad, L’Etat des travaux portant sur la révision de la chart d’Addis Abiba, Memoires d’études supérieurs science politique, université Mohamed V, 1985, p: 363-364.

[2] -Edmond  Jouve, L’O.U.A, presses universitaires de France, Paris, 1984,  p : 141.                                                  

[3] – A.Amjad, op, cit, p: 364.

[4] – بطرس غالي، العلاقات الدولية في إطار منظمة الوحدة الإفريقية، مكتبة الأنجلو مصرية، الطبعة الأولى، القاهرة 1974، ص: 446.

[5] – تعتبر سنة 1966 سنة إعلان اللجنة الوزارية للمنظمة عن تصفية الاستعمار الإسباني من المناطق الإفريقية المستعمرة ( إفني والصحراء المغربية/الغربية وغينيا الاستوائية…) أما سنة 1984 فتعتبر سنة إعلان انضمام الجمهورية العربية الصحراوية المزعومة إلى المنظمة الإفريقية وكذلك سنة انسحاب المغرب منها.

[6] – القرار رقم 1914، الدورة 15 بتاريخ 15/12/1964. والقرار رقم 72/20، الدورة 20 بتاريخ 24/12/1965. والقرار 2229، الدورة 21 ديسمبر 1966. والقرار 2354 الدورة 22، 19 ديسمبر 1967. والقرار رقم 2591، الدورة 24 ديسمبر 1969.

[7] – بطرس غالي، العلاقات الدولية…. ن.م.س.ص: 444.

[8] – بطرس غالي، ن.م.س.ص: 444. عبد الحق ذهبي، قضية الصحراء المغربية ومخطط التسوية الأممي، دار أبي رقراق، ط 1، 2003، ص: 140.

Hammade  Zouitni, Le Maroc dans les organisations régionales politiques : L.E.A/O.U.A/O.C.I, thèse de doctorat d’état en droit public, Casablanca, 1998, p : 145.

[9] – تسمى بمجموعة التسع وهي الجمهورية العربية المتحدة، تنجانيقا، نيجيريا، غينيا، أوغندا، السنغال، إثيوبيا، الجزائر، الكونغو، وقد اجتمعت بدار السلام عام 1963.

[10] -Raoul weexsteen, L’0.U.A et la question Saharienne in Annuaire de L’Afrique du Nord, Editions C.N.R.S, Paris 1979, p: 218.

[11] – أنظر القرار مع، عبد الحق ذهبي ن.م.س، ص: 140.

[12] – تاج الدين الحسني، وسائل حفظ السلام في العلاقات الدولية ودورها في حفظ السلام، جامعة محمد الخامس، الرباط، 1984، ص: 339.

[13] – انعقد مؤتمر نواديبوا بتاريخ 14 شتنبر 1970 بموريتانيا.

[14] – تاج الدين الحسيني، ن.م.س، ص: 340.

R .Weexsteen, op, cit, p : 219.

[15] – عبد الحق ذهبي، ن.م.س. : 142.

[16]– E. Jouve, op, cit, p : 142.

[17] – R. Weexsteen, op, cit, p: 220.

[18] – R. Weexsteen, op, cit, p:  223. E. Jouve, Op, cit, p : 142.

[19] – كان ذلك خلال اجتماعها بماباطو ما بين 14و19 من يناير 1976، أنظر بهذا الخصوص:

Ahmed Amjad, op, cit, p: 370.  R.Weexsteen, op, cit, p: 224.

[20] – E. Jouve, op, cit, p : 134. H. Zouitni, op, cit, p : 285.

[21] – Ahmed Amjad, op, cit, p: 371.

[22] – H. Zouitni, op, cit, p : 146. E. Jouve, op, cit p : 143.

[23] -Ibid.  R.Weexsteen, op, cit p : 227.

[24] – حصل هذا المشروع على موافقة 29 دولة ومعارضة دولتين وامتناع عشر دول وتغيب ستة دول وعدم مشاركة دولة واحدة.

[25] – أنظر بهذا الخصوص المادة التاسعة من الميثاق التي تنص على اجتماع المؤتمر في دورات غير عادية كما تنص المادة الخامسة من النظام الداخلي لمجلس الرؤساء بعد طلب دولة عضو أو ثلثي أغلبية الدول الأعضاء بالاجتماع في دورة عادية.

[26]– Jouve, op, cit, p: 144. H.Zouitni, op, cit, p: 146. 

[27] – A. Amjad, op, cit, p: 371.

[28] – H.Zouitni, op, cit, p : 146.

[29] – A. Amjad, oip, cit,  p : 371.

[30] – R.Weexsten, op, cit, p : 228. A. Amjad, op, cit, p : 371.

[31] – A.Amjad, op,cit,  p : 371.

[32]– H. Zouitni, op, cit, p : 146.

[33] – القرار الأول تقدمت به مالي ونيجيريا يهدف إلى إنشاء لجنة خاصة، أما القرار الثاني فتقدمت به لموزنبيق، ويطالب بتطبيق حق تقرير المصير بالنسبة “للشعب الصحراوي”.

[34]– تكونت من موسى تراوري رئيس مالي وسيكوتوري رئيس غينيا والجنرال أبسنجو رئيس نيجيريا وهوفويت بوانيي رئيس ساحل العاج ونيريري رئيس تنزانيا.

[35] – R. Weexsten, op, cit, p : 232- 233.

[36] – H. Zouitni, op, cit, p : 147.

[37] -A. Amjad, op, cit, p: 372.

[38] – E. Jouve, op, cit, p : 145.

[39] – Le Monde, du 22/23/7/1979.

[40] – تاج الدين الحسيني، ن.م.س.ص: 353.

[41] -H.Zouitni, op, cit, p : 147.

[42] -H.Zouitni, op, cit, p : 147 et Kabbaj Tawfiq, l’Afrique du Sahara occidental, Abidjan, 1981, p : 534.

[43] – للمزيد من الاطلاع على هذه الملاحظات حول توصيات اللجنة، أنظر: تاج الدين الحسيني، ن.م.س.ص: 354.

[44] – تاج الدين الحسيني، ن.م.س، ص: 355.

                                                                       . H.Zouitni op, cit, p : 148

[45] –  أنظر المادة 28 من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية التي تعرف شروط الانضمام: في الاستقلال والسيادة والرغبة في الانضمام وحصول الأغلبية المطلقة

[46] – هذه الدول هي زيمبابوي وتشاد ومالي، وهو نفس عدد الأصوات التي كان ينقص الجمهورية المزعومة للحصول على الأغلبية المطلقة.

[47] – المادة 4: “لكل دولة عضو إفريقية مستقلة ذات سيادة الحق في أن تصبح عضوا في المنظمة”.

[48] – للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع أنظر: عبد الحق ذهبي، ن.م.س، ص: 179 .

         – A.Amjad, op, cit, p : 378-383.   

– P.F.Gonidec, L’0.U.A 30 ans après l’Unité Africaine, Paris, Editions Karthala, 1993,  p : 115.     

[49] -E.Jouve, op, cit, p : 146.  H.Zouitni, op, cit, p : 184.

[50] -A.Amjad, op, cit, p: 373.

[51] – تاج الدين الحسيني، ن.م.س.ص: 355.

[52] – ستيفنس وسيكوتوري وموسى اطراوري وشيوشاكاري وممثلي السودان وتنزانيا.

[53] – حضر الاجتماع 120 شخص و قد ضم الوزير الأول ووزير الخارجية وكاتبين للدولة وممثلي إقليم الصحراء في البرلمان المغربي وقادة المنظمات الموالية للمغرب.

[54] – le Monde 13 Septembre, 1980, p : 4.

[55] – أنظر، منشورات وزارة الدولة المكلفة بالشؤون الخارجية، قسم الصحافة والإعلام، ص: 7. انبعاث أمة، ج26، سنة 1982، ص: 232.

[56]– انبعاث أمة، ج 24، 1982، ص: 236-237.

[57] – تاج الدين الحسيني، ن.م.س.ص: 360.

[58] – ضمت هذه اللجنة كل من دولة: غينيا ومالي وكينيا ونيجيريا وسيراليون والسودان وتنزانيا.

[59] -H.Zouitni, op, cit, p : 149.

[60] -H. Zouitni, op, cit, p : 149.

[61]– E. Jouve, op, cit, p : 147.

[62] – E. Jouve, op, cit, p : 146.

[63] – Elmojahid, 26/ 27, Juin, 1981, p : 12.

[64]– Le Monde, 28/29 juin, 1981, p : 24.

[65] -AHG/Res 103, p : 2.

[66] – أنظر المرحلة قبل الأخيرة من هذا المبحث، وعبد الحق ذهبي، ن.م.س، ص: 195.

[67] – الحسن بوقنطار، السياسة الخارجية للمغرب، الفاعلون والتفاعلات، طبعة 2002، ص: 200.

[68] – نفسه.

[69] – E. Jouve, op, cit, p : 147/148.

[70] – Le Monde, 25/02/1982, p : 8.

[71] – E. Jouve, op, cit, p : 149.

[72] – Le monde, 12/13 juin 1982, p : 26.

[73]– تاج الدين الحسيني، ن.م.س.ص: 404.

[74] – أنظر: انبعاث أمة، ج.27 سنة 1983، ص: 224.

[75] – نفسه، ص: 225.

[76] – هذه الدول هي: الكامرون، إفريقيا الوسطى، القمر، جيبوتي، غينيا الاستوائية ، الغابون، غامبيا، ساحل العاج، جزيرة موريس، المغرب، النيجر، السنغال، الصومال، السودان، تونس، الزايير، فولتا العليا وليبيريا.

[77] – أنظر المادتين، 4 و 27 من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية لسنة 1963 بالملحق.

[78] – Benmassoud Trédano, le Sahara  Marocaine, une décolonisation pas comme les autres, imprimerie Maarif ElJadida, Rabat, 1991, p: 41.

[79] – عبد الوهاب بن منصور، ملف الصحراء المغربية الغربية أمام مؤتمر القمة 20 لمنظمة الوحدة الإفريقية، المطبعة الملكية، الرباط، 1984، ص: 150-151.

[80] – T.Goudou, l’OUA et l’admission de la  RASD le Mois en Afrique, octobre, novembre 1982, p : 35.

[81] – الحسن بوقنطار، السياسة الخارجية… ن.م.س، ص: 2001.

[82] – محمد عيسى الشرقاوي، أزمة منظمة الوحدة الإفريقية وقضية عضوية البوليساريو، مجلة السياسة الدولية، عدد 69، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، يوليوز 1982، ص: 164.

[83]– E.Jouve, op, cit, p: 152.

[84] – عبد الوهاب بن منصور، ن.م.س. ص: 150-151.


[i] – على سبيل المثال النزاع الحدودي الجزائري المغربي لسنة 1963 والنزاع الإثيوبي الصومالي الكيني.

ظهرت المقالة منظمة الوحدة الإفريقية وقضية الصحراء المغربية/الغربية أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4448/%d9%85%d9%86%d8%b8%d9%85%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%88%d8%ad%d8%af%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%88%d9%82%d8%b6%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%b5%d8%ad%d8%b1%d8%a7%d8%a1/feed/ 0 4448
عن “النسب الشريف” بغرب إفريقيا https://alafarika.org/ar/4506/%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d9%81-%d8%a8%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a2/ https://alafarika.org/ar/4506/%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d9%81-%d8%a8%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a2/#respond Mon, 08 Aug 2016 03:28:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4506

كان الحافز في كتابة هذه السُّطور تعليقٌ لأحد الإخوة على صورة الشيخ “عثمان شريف حيدَرة”، وفيه يدَّعي أنَّه هو باب الإسلام، فمَنْ أسْلَم ولم يبايعه فإسلامُهُ باطل! كيف لا و “هو سليل المصطفى (ص)” ؟!  وهذا ادِّعاءٌ أصبحنا نسمعه في غير ما مناسبة! وهنا لا بدَّ من التَّأكيد أننا لا نرمي من هذه السُّطور الطَّعن […]

ظهرت المقالة عن “النسب الشريف” بغرب إفريقيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

كان الحافز في كتابة هذه السُّطور تعليقٌ لأحد الإخوة على صورة الشيخ “عثمان شريف حيدَرة”، وفيه يدَّعي أنَّه هو باب الإسلام، فمَنْ أسْلَم ولم يبايعه فإسلامُهُ باطل! كيف لا و “هو سليل المصطفى (ص)” ؟!  وهذا ادِّعاءٌ أصبحنا نسمعه في غير ما مناسبة! وهنا لا بدَّ من التَّأكيد أننا لا نرمي من هذه السُّطور الطَّعن في نسب أحدٍ، وإنَّما هو مجرَّد استعراض تاريخيٍّ لانتحال النَّسب النَّبويِّ ببلاد غرب إفريقيا.

اللَّقب العشيري “جامو”

لعلَّ من أهمِّ خصائص شعوب ما خلف نالهر النِّيجر، ضرورة وجود ألقابٍ عشيريَّة لأفرادها، تسمِّيها مادينغ “جامو” أي الاسم الموحَّد الذي يحمله كلُّ فردٍ في العشيرة الواحدة، مثل: تراوري، سيسيهْ، جالو، سَنْغاري، سيلا، جُوبْ، تيامْ، كروما.. وعلم الأنساب الإفريقيَّة مجالٌ واسعٌ يصعب الإحاطة به. يكفي هنا الإشارة إلى بعض الحقائق والقوانين الضَّابطة للألقاب العشيريَّة.

1- يدَّعي مادينغ أنَّ أصول الألقاب العشيريَّة التي تفوق الألف، تنحصر في (33) لقبًا فحسب، وهي التي تحدَّدت في تجمُّع كروكانْ فوغا عند إعادة تأسيس مملكة مادينغ الكبرى، أوائل القرن الثَّالث عشَر الميلادي.

2- يوجد تكافؤ وترادف بين الكثير من تلك الألقاب، مثلاً: تراوري (=دامْبيليهْ، جابَغاتيهْ، ويدراغُو…)، ومانْساري (=كلوبالي)، وبَمبا (=ماريكو)…

3- التَّغيير المحتمل للَّقب: هناك أسبابٌ عدَّة تؤدِّي بالفرد إلى تغيير لقبه العشيري، كأنْ ينزل ضيفًا على قومٍ ويستقرَّ بين أظهُرهم، فيتبنَّى أحد الألقاب الشَّائعة بينهم، ومن المألوف أن يُغيِّر بعض المسلمين الجدد ألقابهم العشيريَّ إلى لقب الشَّيخ الدَّاعية الذي أسلموا على يديه، أو غير ذلك. وقد أشار المؤرِّخ موسى كمارا إلى هذه الظَّاهرة بقوله: “وأما تغيير ألقابهم فقد كثُر جدًّا، فكلُّ مَن كان في بلد لم يكثُرْ فيه لقَبَهُ فقد صار لقبُه في ذلك البلد غريبًا والغرابة سببٌ من أسباب المنافرة؛ فلذلك يغيِّره على موافقة أهل البلد، وكذلك مَن دخَلَ في حرفةٍ من حِرَف السُّودان وألقاب أهلها تُغَاير لقبه، فربَّما يغيِّر لقبه لذلك…. ومثل ذلك لا يكاد ينحصر بتعداد”. (زهور البساتين، 94-95).

بالإجمال، فإنَّ اللَّقب العشيري، وإن كانت كلُّ عشيرة تعدُّه محور هويَّتها، ليس أمرًا ثابتًا قاطعًا، وليس بإمكان أحدٍ التَّأكيد بأنَّ لقبَهُ العشيريَّ لم يطرأ عليه تبديلٌ البتَّة.

ادِّعاء النَّسب الشَّريف

لا يخفى أنَّ ادِّعاء النَّسب الشَّريف ظاهرةٌ منتشرةٌ بين الشُّعوب المسلمة قديمًا وحديثًا، وهي في السِّياق الإفريقي، أكثرُ انتشارًا، وقد سبق لنا التَّوقُّف عند هذه الظَّاهرة في دراساتٍ سابقة أكَّدنا فيها أنَّ جميع العشائر بغرب إفريقيا –بلا استثناء- تدَّعي انتماءها للعترة النَّبويَّة أو أحد الصَّحابة أو التَّابعين، وبدأ هذا الانتحال بسلاطين “سَيْفاوا” في كانم وبورنو، ومالي وصونغاي، وصولاً إلى المشايخ والزُّعماء المتصوفة…

هذا، ويدلُّ توقُّف مؤرِّخي بلاد السُّودان عند هذه الظَّاهرة على كثرة انتشارها وتفشِّيها، فابن المختار، حين سرد قصَّة حجَّة مانسا موسى ذكر أنَّه حين رغب أن يعود إلى بلاده باثنين أو ثلاثة من شرفاء مكَّة؛ ليتبرَّك بهم في أرضه، أبى عليه أميرها؛ فلجأ إلى الإغراء بالمال، فنادى مناديه بمكَّة قائلا: “من أراد ألف مثقال من الذَّهب، فليتبعني إلى أرضي! فتبعه أربعةٌ، قيل إنَّهم كانوا من موالي قريش وليسوا من أنفَسِهم”. (تاريخ الفتاش، ص38).

في موضعٍ آخر، ذكر أنَّ أسكيا داود وهَبَ مجموعةً من العبيد للشريف علي بن أحمد بغَاوْ، وبعد فترةٍ أعتقَهُم الشَّريف، وأمرهم بالذِّهاب إلى حيث شاؤوا.. يقول ابن المختار: “وهؤلاء المعتوقون هم الشُّرفاء الكاذبون الذين يقولون في أنفُسِهم ما ليس فيهم” (فتاش، ص108). في إشارةٍ واضحةٍ إلى انتحال أولئك للنَّسب الشَّريف.

ولا يخفى أنَّ السَّبب المباشر في انتحال النَّسب الشَّريف بإفريقيا أو بغيرها من البلاد، ما كان يتمتَّع به مَنْ يُظنُّ أنَّه من الأشراف، من حظوظٍ، ونظرة تقديسيَّة يراها المسلمون وسيلةً للقُربى إلى الله، وتحقيقًا لحبِّ رسوله المصطفى… على سبيل المثال، تؤكِّد الرِّوايات التَّاريخيَّة بممالك إفريقيا أنَّ الشُّرفاء كانوا فوق الملوك مكانةً؛ لذلك سارع أولئك الملوك إلى ربط أنسابهم إمَّا بآل البيت أو بأحد الصَّحابة. وفي صونغايْ مثلاً، كان أسكيا الحاج محمد لا يجلس معه على سريره، ولا يأكل معه إلا الشُّرفاء وأبناؤهم، ولا يصافحه إلا هم. وكانت دماؤهم من أشدِّ الدِّماء حصانةً وكذلك ممتلكاتهم وعبيدهم، ففي الحرب الأهليَّة بصونغاي بين أسكيا إسحاق الثَّاني وأخيه بَلمع صادق، فإنَّ أسكيا قد أوسع الثَّائرين عليه قتلاً وتشريدًا وسجنًا، و”لم يبق بأرض بَرَ بلدٌ لم يبلغه شرُّه إلاَّ أنْكَند؛ لأنَّ العبيد بها كانوا مِلْكًا للشُّرفاء” (فتاش، 144)، وكان الاعتقاد أنَّ الأرض التي يسقط على أديمها دم أحدٍ من الأشراف، أرضٌ تحلُّ بها لعنة الإله (قصَّة حجَّة مانسا موسى).

تجدر الإشارة إلى أنَّ هذا الوضع التَّقديسيَّ للأشراف، ولكلِّ مَنْ يدَّعي الانتماء إلى العترة النَّبويَّة، لم يُنتَهك إلاَّ بغزو صونغاي على يد الجيش المغربيِّ (1591م)؛ إذ قام القائد محمود بن زرقون بقتل بعض أحفاد الشَّريف أحمد الصقلي، شرَّ قتلةٍ بسوق تمبكتو، وكان هذا الشَّريف ممَّن سكَن تمبكتو وعاش بها عيشة الملوك. (فتاش، ص38).

فالنَّظرة التَّقديسيَّة إلى “الأشراف” قديمًا وحديثًا، في المجتمع المسلم بإفريقيا، لا يختلف فيها اثنان. والمسلم الأفريقيُّ قد لا يتحرَّى في صحَّة مدَّعي الانتماء لآل البيت.. أشار الشَّيخ المؤرِّخ موسى كَمارا إلى ذلك بقوله: “أهل هذه البلاد جلُّهم سفهاء يستمعون إلى كلِّ ناعقٍ، ويقبلون قول كل ناطق… فلذلك من قال لهم أنا شريف فكلُّ ما حكَمَ به عليهم فهو ماضٍ، ولا ينظرون إلى صحَّة دعواه، ومن قال لهم أنا المهديُّ فلا يشكون فيه…” وذكر قصَّة طريفة لأحد أولئك المنتحلين للنَّسب الشَّريف، ذكر فيها أنَّ هذا الشَّخص حين سُئِل عن شجرة نسبه إلى النَّبي (ص) استَمْهَل النَّاس ليلةً، ثم جاءهم وادَّعى أنَّ والده الميت أتاه في المنام ولقَّنه نسبه إلى رسول الله!  يقول الشيخ كمارا: “فهو الآن من أعظم شرفاء أهل فوتَ جاهًا. بل هو أشرف شرفائهم الآن، ونسبُه هذا مكتومٌ عندهم جدًّا عن العلماء العاقلين”. (زهور، ص151-152).

عن آل حيدرة “الأشراف” بـسيغو

من المقدِّمات السَّابقة، ننطلق في النَّظر في آل حيدر بمنطقة سيغو خاصَّة، ونحن هنا ليس لنا فضلٌ إلا في استعراض بحثٍ ميدانيٍّ أجراها الباحث أندرو مانْلي (1992م) بمنطقة سيغو جنوبي مالي. تناول فيه الأثر السِّياسيَّ الدِّيني لعشيرتَي: سوسو وحيدر.(١)

في هذه الدِّراسة رصد الباحث العشائر العلميَّة المسلمة الکبرى بمنطقة سيغو، فذکر منها:

(أ): آل توري، وهي عشيرة قديمة في غرب إفريقيا منذ عهد مملکة غانة القديمة، ويرجَّح أنْ يکون أسکيا الحاج محمد مؤسِّس حکم سلالة أسکيا بإمبراطوريَّة صونغاي، من هذه العشيرة. ومن مشاهيرها المعاصرين المرحوم العلاَّمة الشَّيخ سعد بن عمر توري.

(ب): آل تال، وهم نسل الشيخ الحاج عمر بن سعيد الفوتي، ومن مشاهيرها حفيده الشَّيخ منتقى بن أحمد تال الذي انضمَّ إلى الإمام ساموري توري ضدَّ المحتل الإمبريالي الفرنسي.

(ج): آل سوسوهْ، وتنتمي للشيخ الإمام محمد سوسوه جدِّ الشَّيخ عثمان سوسوه (ت1804م)، وتدَّعي هذه العشيرة أصولاً مغربيَّة من منطقة سوس، ويُعتقد أنَّها وفدت إلى المنطقة إبَّان غزو السُّلطان أحمد الذَّهبي لصونغاي (1591م)، ومن مشاهيرها المعاصرين العلامة الشَّيخ العاقب سوسوه.

(د): آل حيدرة، وترفع نسبها إلى العترة النبويَّة، وأقدم شخصيَّة معروفة لهذه العشيرة بمنطقة سيغو هو الشَّيخ إبراهيم حيدرة (ت1934م)، وبنصِّ الباحث، فإنَّ هذه العشيرة لم تُعرف بمنطقة سيغو “إلا بعد العصر الكولونيالي”. أمَّا الشَّيخ إبراهيم حيدرة نفسه، فيقول عنه “إنَّ أصوله غامضة”.

وقد رجَّح من خلال تتبُّع حياة هذا الشَّيخ أنَّه من منطقة حوض الفولتا (بوركينا فاسو)، وأنَّ لقبه العشيريَّ قبل ذلك هو “كمارا”. (ص324)

هذا، وقد حاول مانْلي رسم صورةٍ من الصِّراع المحتدم بين تلك العشائر العلميَّة بسيغو، وهي منطقة لا مثيل لها في غرب إفريقيا في احتدام الصِّراع الاجتماعيِّ والسِّياسي بين مجموعاتها: بين بَمبارا والفولاني، وبين القادريَّة والتِّيجانيَّة، والمستعمر الفرنسي والزُّعماء المحلِّيين، وبين العشائر الكبرى (كلوبالي، جارا، كونيهْ، تراوري…)، بعضها ضدَّ بعض من أجل الاستحواذ على الرِّيادة الاجتماعيَّة والسِّياسيَّة بالمنطقة.

بناءً على ما سبق من استعراض، يمکن تسجيل عدَّة ملحوظات حول آل حيدرة بغرب إفريقيا:

١- إنَّ آل حيدرة لا خلاف في انتمائها إلى العترة النَّبويَّة، وهي عشيرة غنيَّة عن التَّعريف، کثيرةٌ کثرة قطر المطر، مبثوثةٌ في کلِّ رکنٍ من أرکان العالم العربيِّ، وبين الشُّعوب المسلمة في أرجاء العالم. تنتمي إلى الإمام عليٍّ بن أبي طالب (رض). روي أنَّه ولد وأبوه غائبٌ؛ فسمَّته أمُّه “حيدرة”، وهو من أسماء الأسد، وقد افتخر الإمام عليٌّ بهذا في رجزٍ مشهور.

٢- إنَّ انتماء أسَر إلى آل حيدرة في غرب إفريقيا، أو في سيغو جنوبي مالي بالذَّات، أو غيرها، لا يعدو أن يکون من قبيل الظَّن، ولا يرتقي إلى اليقين، وقد تقدَّم –في حال الألقاب العشيريَّة ببلاد غرب إفريقيا- أنَّها غير ثابتة، ولا قطعيَّة.

٣- من أجل استقصاء هذا الموضوع، فقد بحثنا في بعض المصادر المحليَّة التي کنَّا نظنُّ وجود ذکرٍ لآل حيدرة فيها في غرب إفريقيا، فلم نجد لها أثرًا، على الرُّغم مما لهذه العشيرة من مکانةٍ علميَّة وروحيَّة بالمنطقة. لم نقف على أعلامٍ لآل حيدرة ضمن فقهاء تمبکتو مثلا، إلاَّ في وقتٍ متأخِّرٍ من القرن العشرين. ولعلَّ من أقدَم عشائر آل حيدرة بغرب إفريقيا، قبل القرن العشرين، أي في القرن التَّاسع عشر الميلادي تحديدًا، هي في تشيت (موريتانيا)، وکانت عشيرةً شهيرةً في تجارة الملح، وحيازة العبيد وتوظيفهم في هذه التِّجارة في المناطق الجنوبيَّة، أي مالي وغينيا وساحل العاج وغانا… حتى غدت من أكثر العشائر ثراءً بالمنطقة، وأكبرها نفوذًا.(٢)

٤- توجد عشائر من آل حيدرة في معظم المناطق الجنوبيَّة بغرب إفريقيا: مالي، وغينيا وساحل العاج… ولا تزال تتميَّز بالقداسة ويتميَّز بعض أفرادها بالعلم والصَّلاح، وفي ساحل العاج مثلاً بلدة کاجوها وبورونْ، وبها عشائر حيدرة، وصفها الباحث إيکلمانْ بالصَّلاح والمشيخة الإسلاميَّة، غير أنَّ انتماءها إلى العترة النَّبويَّة بدون دليلٍ واضح. (٣)  

بالعکس، فإنَّ مجموعاتٍ عشيريَّة من آل حيدرة في مالي (في كيلا، جنوبي باماکو) هم مدَّاحون (نياماكالا، جالي) يُطلق عليهم حيدرة فوني (Haidara Fune)، وقد كانوا من قبلُ مدَّاحين لزعماء كانْغابا، ويعني کونهم مدَّاحين أنَّهم بعيدون عن ادِّعاء الانتساب للأشراف. (٤)

٥- لا زلنا متوقِّفين عند شخصيَّة مهمَّة في تمبکتو، ألا وهي إسماعيل داديه حيدرة، المسؤول عن مکتبة ماما حيدرة.. فمتى أصبح هذا الشَّخص حاملاً لهذا اللَّقب؟ وهو الذي يصرِّح بأنَّ أصوله يهوديَّة من الأندلس، وأنَّ اسم عشيرته الأصلي هو “قوطي”، وأنَّ “کعت” أي اسم المؤلِّف المحتمل لکتاب “تاريخ الفتاش”، اسم محرَّفٌ من هذا الأصل المذکور.. لقد تتبَّعنا في شجرة نسبه التي رسمها هو، ووصلت إلى عشرة أجداد، فلم نجد فيهم لقب “حيدرة”، ولم تتسنَّ لنا البحث الاستفسار عن ظروف تبنِّيه لهذا اللَّقب.(٥) فإذا ثبتت يهوديَّته کما يؤکِّده هو، فکيف نجمع بين ذلك وبين کونه من آل البيت؟  وإلاَّ فهذا دليلٌ واضحٌ فيما سبق تقريره من کون الألقاب العشيريَّة غير ثابتة ولا قطعيَّة.

نخلص من کلِّ  ما سبق، إلى أنَّ اعتبار فلانٍ أو علان من عشيرة کذا أو کذا، إنَّما هو من قبيل الظنِّ، فإذا ادَّعى الشَّخص انتماءه لأيٍّ من العشائر، فلا مشاحة في ذلك؛ طالما أنَّه لا يلزمنا بتَبعاتٍ وراء هذا الادِّعاء، وإلاَّ فللآخرين الحريَّة في القبول أو الرَّد، خاصَّةً أنَّنا في سياق الألقاب العشيريَّة بغرب إفريقيا، في نظامٍ اجتماعيٍّ متشابكٍ، وظروفٍ متقلِّبة، يتقلَّص فيها مدى القطع بثبات الألقاب للعشيرة الواحدة لفتراتٍ زمنيَّة بعيدة.

أخيرًا، نرجو ألاَّ نکون قد صدمنا أحدًا بهذه الکلمات، فليس قصدنا الطَّعن في نسب أحدٍ، وإنَّما مرادُنا النَّظر في الأمور بموضوعيَّة، وألاَّ ندَع يقين ما عندنا لظنِّ ما عند غيرنا (کما يقول ابن عطاء السکندي)، ثم نبني على تلك الظَّنيَّات يقينيَّاتٍ والتزاماتٍ ما أنزل الله بها من سلطان، فليس خافيًا عن أحدٍ ما وصل إليه انتحال النَّسب الشَّريف في بلاد غرب إفريقيا، وليس من المبالغة إذا قلنا إنَّ “الأشراف” في زماننا هذا قد أصبحوا أوثانًا بشريَّة تُعبد، وأنَّ حالةً جديدةً من استعباد المسلمين باسم الانتماء إلى آل البيت قد ظهر، وکلُّ ذلك منافٍ لما جاء به النَّبي (ص) الذي ينتمون إليه.

ـــــــــــــــ

هوامش

(1) Andrew Manley, The Sosso and the Haidara: Two Muslim lineages in Soudan francais, 1890-1960. In: Robinson D., et J. L. Triaud. Le Temps des Marabouts, 1997.

(2) Robin Law, From Slave Trade to Legitimate Trade, p227

(3) Dale F. Eickelman, Muslim Travellers, p178.

(4) Ralp A. Austen, In Search of Sujata, p73

(5) Ismail Dadie Haidara, Les Juifs a Tombouctou, 1996. Also: Edith Bruder, The Black Jews of Africa, p138.  Scott S. Reese, The Transmission of Learning, p173.

ظهرت المقالة عن “النسب الشريف” بغرب إفريقيا أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4506/%d8%b9%d9%86-%d8%a7%d9%84%d9%86%d8%b3%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%b4%d8%b1%d9%8a%d9%81-%d8%a8%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a5%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7-%d9%86%d8%b8%d8%b1%d8%a9-%d9%81%d9%8a-%d8%a2/feed/ 0 4506