اقتصاد - الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/section/situation-report/analysis/economy/ مؤسسة بحثية استشارية. Wed, 18 Jan 2023 07:58:09 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/alafarika.org/ar/wp-content/uploads/2022/08/cropped-Alafarisc-favc-1.png?fit=32%2C32&ssl=1 اقتصاد - الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/section/situation-report/analysis/economy/ 32 32 209004356 نيجيريا بين خطي “أنبوب الغاز العابر للصحراء” (TSGP) و “أنبوب الغاز النيجيري المغربي” (NMGP) https://alafarika.org/ar/5497/nigeria-between-tsgp-and-nmgp/ https://alafarika.org/ar/5497/nigeria-between-tsgp-and-nmgp/#respond Mon, 16 Jan 2023 23:25:47 +0000 https://alafarika.org/ar/?p=5497

لا يمكن الجزم بما إذا كان أحد المشروعين سيتمكن من سد مكان روسيا في تلبية احتياجات أوروبا للغاز لأن المشروعين لن يكتملا في أي وقت قريب, وسيحتاج أيهما إلى مجموعات الاستثمار من المؤسسات المالية وشركات الطاقة والدول الأوروبية مع شبكة من المتعاونين وأصحاب المصلحة الإفريقيين والدوليين من القطاعين العام والخاص كي يكون أكثر استدامة.

ظهرت المقالة نيجيريا بين خطي “أنبوب الغاز العابر للصحراء” (TSGP) و “أنبوب الغاز النيجيري المغربي” (NMGP) أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

تضم نيجيريا أكبر احتياطيات الغاز المؤكدة في قارة إفريقيا, والتي تقدّر بحوالي 200 تريليون قدم مكعب – أي ما يعادل حوالي 3 في المئة من احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية المؤكدة – تليها الجزائر بـ 159 تريليون قدم مكعب([1]). واستحوذت الدولتان في عام 2020 على 86 في المئة من صادرات الغاز الأفريقي (58 في المئة للجزائر التي تملك أكبر شبكة أنابيب الغاز في القارة، و 28 في المئة لنيجيريا), كما اتجهت أكثر من 62 في المئة من هذه الصادرات إلى أوروبا([2]).

وقد أعلنت الحكومة النيجيرية عن ضرورة تنويع اقتصاد البلاد الذي يعتمد بشكل رئيسي على النفط وعائداته. وأكّدت على أهمية الاستفادة من ثروات الغاز في البلاد عبر مشاريع البنية التحتية التي تمكّنها من نقل الغاز عبر خطوط الأنابيب العابرة لدول إفريقية مختلفة لتزويد الأسواق الإفريقية والأوروبية؛ إذ توفر نيجيريا هذه الخدمة في الوقت الرهن بواسطة ناقلات الغاز التي يعتَبرها المسؤولون النيجيريون مكلّفة([3]).

وتتزامن الخطة النيجيرية مع خطوات دول إفريقية أخرى مثل الجزائر والمغرب حول مشاريع خطوط أنابيب الغاز العابرة للحدود والدول, كما أنها تتماشى مع مساعي التكامل الاقتصادي للمنظمات الإقليمية والقارية, مثل “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” (ECOWAS) والاتحاد الإفريقي, وخاصة أن القارة الإفريقية تشهد مشاريع الغاز الطموحة المقترحة وجارية التنفيذ([4]). ومن بين هذه المشاريع الإفريقية: خط أنبوب غاز بري يمتد من نيجيريا ويمر عبر الصحراء في النيجر إلى الجزائر؛ وخط أنبوب بحري يمتد من نيجيريا إلى المغرب عبر المحيط الأطلسي ويربط ما لا يقل عن 11 دولة أخرى في غرب إفريقيا.

وقد أثارت خُطّتا الجزائر والمغرب مع نيجيريا تساؤلات بين نيجيريين حول جدواهما الاقتصادية والتنموية, وما إذا كانتا مجرد خطوة لتحقيق أهداف جيو-سياسية أو جرّ نيجيريا إلى جانبهما في منافستهما الإقليمية والتأثير في موقف البلاد في قضايا إفريقية قارية ودولية.

خط أنابيب الغاز العابر للصحراء (TSGP)

يُعدّ “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” (Trans-Saharan gas pipeline) مشروعا مشتركا بين ثلاث دول, والذي يبدأ من نيجيريا ويمر بالنيجر إلى الجزائر. وقد أثيرت فكرة المشروع للمرة الأولى في سبعينيات القرن الماضي ومضت نيجيريا والجزائر في يناير 2002 على توقيع مذكرة تفاهم للتحضير للمشروع, كما وقعتا على عقد مع شركة Penspen Limited في يونيو 2005 لإجراء دراسة جدوى اكتملت في سبتمبر 2006 وأفادت نتائجها بموثوقية الخط وجدواه التقنية والاقتصادية([5]).

خط الغاز عبر الصحراء (باللون الأحمر).

ومع ذلك لم يشهد “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” أي تقدم ملحوظ بين عامي 2009 و 2020 رغم إجراء الجزائر والنيجر ونيجيريا محادثات مختلفة بشأن إحيائه وإنشاء “فريق عمل” وكيان لتحديث دراسة الجدوى السابقة. وعاد الاهتمام بالمشروع في عام 2020 عندما بدأت “شركة النفط الوطنية النيجيرية” (Nigerian National Petroleum Limited) بناء أنبوب Ajaokuta-Kaduna-Kano =AKK)) الممتد من بلدة “أجاوكوتا” (الواقعة في وسط نيجيريا) إلى “كادونا” و “كانو” (الواقعتين شمال غرب نيجيريا), حيث يشكل مشروع “أجاوكوتا” المرحلة الأولى من مشروع “خط أنابيب الغاز عبر نيجيريا” (Trans-Nigeria Gas Pipeline=TNGP) الذي سيكون جزءًا من نظام “خط أنابيب الغاز العابرة للصحراء”([6]).

وتفيد تقارير أن طول “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” سيبلغ 4128 كيلومتر بدءا من خط الأنابيب في مدينة “واري” (الجزء الجنوبي الغربي من منطقة دلتا النيجر النفطية في نيجيريا) انتهاءا في “حاسي الرمل” بالجزائر, حيث سيتصل بخطوط الأنابيب الحالية التي تمتد إلى أوروبا.

وتقدّر التكلفة الأولية للمشروع بـ 13 مليار دولار أمريكي مع إمكانيته لنقل حوالي 30 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا إلى أوروبا عبر ثلاثة خطوط أنابيب غاز قائمة: “خط الأنابيب عبر المتوسط” (TransMed) الذي يربط الجزائر بإيطاليا عبر تونس؛ وخط “ميد غاز” (Medgaz) من غرب الجزائر إلى إسبانيا؛ و “خط أنابيب الغاز المغاربي–الأوروبي” (Maghreb–Europe Gas Pipeline) الذي يربط الجزائر وإسبانيا مرورا بالمغرب. وفي نيجيريا يتوقع أن يزوّد مشروع “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” الاتحاد الأوروبي بحوالي 1.06 تريليون قدم مكعب من الغاز النيجيري سنويًا([7]).

ويضاف إلى ما سبق أنه في 28 يوليو 2022 أُضِيف الطابع الرسمي لمشروع “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” بعد أشهر من المفاوضات, حيث وقعت نيجيريا والنيجر والجزائر مذكرة تفاهم أكّدت على “الإرادة السياسية” لهذه الدول الثلاث([8]). وهناك تلميحات على استمرارية المناقشات بين خبراء من الدول الثلاث, بينما لم تعلن أيّة دولة من هذه الدول الثلاث عن موعد محدد لإكمال الخط – حتى وإن كان وزراء هذه الدول قالوا إنهم يريدون إكماله “في أقصر فترة زمنية ممكنة”, كما يلاحظ من تصريحات الجانب الجزائري أن خبراء أفادوا بإمكانية إكماله في غضون ثلاث سنوات([9]).

أما تمويل “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء”؛ فمعظمه واقع على عاتقي الجزائر ونيجيريا. ويصعب الجزم في الوقت الراهن بالقدرة المالية لنيجيريا لإكمال الأجزاء الخاصة بها في المشروع لمشاركة البلاد في مشاريع نفطية وغازية أخرى, بما في ذلك أنابيب الغاز الداخلية الوطنية و “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”. وبالنسبة لدولة النيجر؛ فهي أيضا قد قد تواجه الصعوبة في تمويل الجزء الخاص بها بسبب حالة البلاد الاقتصادية وضعف قدرتها المالية. ويعني ما سبق أن المرجح لهذه الدول الثلاث أن تبحث عن تمويل واستثمار خارجيين – سواء من الدول التي قد تهتم بالمشروع, مثل الصين وروسيا, أو من الدول الأوروبية التي تسعى نحو إيجاد بدائل للغاز الروسي.

خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي (NMGP)

كان “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” (Nigeria-Morocco Gas Pipeline) من اقتراح الملك “محمد السادس” في عام 2016 خلال زيارته لأبوجا عاصمة نيجيريا. وسيكون هذا الخط امتدادا لخط الأنابيب البحري الحالي (خط أنابيب غاز غرب أفريقيا أو West African Gas Pipeline) الذي يربط نيجيريا مع جمهورية بنين وغانا وتوغو, وهو ما يعني أن إنشاء خط الأنابيب الجديد سيربط ساحل العاج وغامبيا وموريتانيا والسنغال وسيراليون وليبيريا وغينيا وغينيا بيساو وصولا إلى المغرب. وتؤيّد “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا” (ECOWAS) هذا “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” لأهميته وكثرة عدد دول غرب إفريقيا المشاركة فيه, بما في ذلك نيجيريا, وإمكانات الخط المتوقعة من حيث التنمية والتكامل الاقتصادي وأمن الطاقة؛ إذ يتوقع استغلال الخط من قبل الدول المشاركة فيه لتصدير غازها إلى دول أخرى تعاني من نقص الغاز مما يعود على الجميع بمنافع كبيرة([10]).

وكشفت تقارير أن مشروع “خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب” سيمتد لأكثر من 7000 كيلومتر من نيجيريا إلى المغرب (ومن هناك إلى أوروبا) مع توقّع نقل الخط حوالي 3 مليارات متر مكعب من الغاز يوميًا, وأنه سيكلف ما لا يقل عن 25 مليار دولار وسيُنَفّذ على مراحل مع توقّع اكتماله في عام 2046 اعتمادا على تقدير 25 عامًا المعلن في عام 2017([11]).

مسار خط أنابيب الغاز بين نيجيريا والمغرب بالخط الأحمر المنقط (المسار القائم الحالي بالخط الأسود المستقيم). المصدر: شركة البترول الوطنية النيجيرية.

هذا, ويشهد الخط منذ عام 2020 تطورات ملموسة بدءا من إجراء دراسات الجدوى والخطوات الهندسية اللازمة. وهناك إشارات على أن شركتي النفط السنغالية والموريتانية تدعمان المشروع؛ إذ في سبتمبر وأكتوبر 2022 تم توقيع اتفاقية تنفيذ المشروع بين نيجيريا والمغرب و “المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا”, وشارك في عملية التوقيع “شركة البترول الوطنية النيجيرية” (NNPC) و “المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن” المغربي (ONHYM) وشركتا النفط السنغالية والموريتانية([12]).

وفيما يتعلق بالاستثمار؛ تقع عملية تمويل القدر الأكبر من المشروع على عاتقي نيجيريا والمغرب. وفي أغسطس 2017 بدأت “شركة البترول الوطنية النيجيرية” و “المكتب الوطني للهيدروكاربورات والمعادن” إجراء دراسة جدوى للمشروع والتي اكتملت في يناير 2019. وفي الشهر نفسه تعاقدت المؤسستان النفطيتان -النيجيرية والمغربية – مع شركة Penspen Engineering لإجراء المرحلة الأولى من دراسة “التصميم الهندسي الأمامي” (Front End Engineering Design)([13]).

وقد تعهّد “البنك الإسلامي للتنمية” (Islamic Development Bank) بتمويل 50 في المئة من دراسة “التصميم الهندسي الأمامي” (Front End Engineering Design) لمشروع “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”, حيث تحمل نيجيريا والمغرب عضويته وتعتبران من المساهمين الرئيسيين في البنك([14]). وفي سبتمبر 2021 وافق “صندوق الأوبك للتنمية الدولية” (OPEC Fund) – التابع لـ “منظمة الدول المصدرة للنفط” (OPEC) التي كانت نيجيريا أحد أعضائها – على قرض بقيمة 14.3 مليون دولار أمريكي لتمويل المرحلة الثانية من دراسة “التصميم الهندسي الأمامي” للمشروع (وهذه المرحلة الثانية تشمل منطقة الشمال من الخط والتي هي: السنغال – موريتانيا – المغرب)([15]).

ويضاف إلى ما سبق أن “رابطة منتجي البترول الأفريقيين” (African Petroleum Producers’ Organization) – التي تتألف من 18 دولة إفريقية منتجة للنفط – تسعى إلى تأمين الاستثمار لـ “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” وتعبئة حوالي ملياري دولار أمريكي من الموارد لتمويل المجالات الحاسمة للتعاون في البنية التحتية داخل إفريقيا. هذا إلى جانب شركات أخرى تشارك في عملية دراسة وتنفيذ المشروع, مثل الشركة الهندسية الأسترالية “Worley Parsons Limited”, وشركة  “Intecsea” في “لاهاي” المسؤولة عن خدمات “التصميم الهندسي الأمامي” الشاملة, ومكتب شركة Worley  في لندن و مدريد المكلف بتقييم الأثر البيئي والاجتماعي ودراسات حيازة الأراضي وتقييم إمكانية استخدام الطاقة المتجددة لتشغيل خط الأنابيب وتقليل انبعاثات الكربون. بينما تقوم شركة “Advisian” التابعة لـ “Worley” بالتحقيق في عملية الكهربة وجدوى الاكتفاء الذاتي من الطاقة في مناطق الخط([16]).

موقف الحكومة النيجيرية

أكّدت الحكومة النيجيرية مرارا على أهمية مشروعي “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”, ولم يصدر أي إشارة على تفضيل الحكومة لمشروع على آخر؛ إذ يأمل مسؤولو “شركة البترول الوطنية النيجيرية” من إنشاء البنية التحتية للمشروعين أن يفتح لنيجيريا فرصا متعددة كمركز لاستثمارات الغاز([17])([18]). وباعتبار أن نيجيريا تشحن حاليا ما يزيد عن 12 مليار متر مكعب من الغاز إلى واردات أوروبا الغازية؛ فإن اكتمال المشروعين أو أحدهما سيعزز مكانة نيجيريا كمورد رئيسي للطاقة إلى أوروبا.

ورغم ما سبق, تؤدي المقارنة بين التطورات الأخيرة بشأن “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” وتصريحات بعض الاقتصاديين النيجيريين إلى القول: إن المشروع الثاني (“خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”) يحظى بأكبر الاهتمام, وقد يعود ذلك إلى ما يشهده المشروع من تطور ملموس من حيث الدراسة والتنفيذ والتمويل.

ويتماشى المشروعان مع “خطة عقد الغاز” المعلنة من قبل إدرة الرئيس “محمد بخاري”, والتي حدّدت يناير 2021 إلى ديسمبر 2030 كفترة تطمح فيها الحكومة إلى تصنيع البلاد باستخدام الغاز كعامل تمكين([19]). بل يتوافق “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” أيضا مع رؤية الاتحاد الأفريقي من حيث التكامل الاقتصادي والمساهمة الجماعية في التنمية, ويعزز مبادرات مثل “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية”([20]) والجدار الأخضر الأفريقي وبرامج مختلفة لتطوير البنية التحتية, بالإضافة إلى إمكانية المساهمة في تلبية حاجات المنطقة للاستقرار والأمن وتوفير الطاقة لما يقرب من 400 مليون شخص([21]).

وتتمحور الشكوك والانتقادات الموجهة لـ “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” حول كثرة الدول الإفريقية المشاركة فيها وما تعانيها بعض هذه الدول من اضطرابات سياسية, إلى جانب كون الأوضاع الأمنية في هذه الدول قد تفاقم من تحديات تنفيذ الخط أو إدارته بشكل مستدام, بالإضافة إلى الصراع على السلطة والهيمنة الاقتصادية الذي قد تخلقه ثروة الغاز في مناطق عبور الخط اعتمادا على حالة أزمة منطقة دلتا النيجر النفطية في نيجيريا.

ومع ذلك, يمكن القول إن نقطة ضعف “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” هي أيضا ميزتها؛ إذ كثرة الدول المشاركة فيه قادرة على تعزيز أواصر التعاون بين جميع هذه الدول الإفريقية وتوحيد جهودها في إحداث ثورة في الوصول إلى الطاقة في منطقتي غرب إفريقيا وشمالها وبين قارتي إفريقيا وأوروبا، وهو ما يعني وجود سوق طاقة إقليمي تنافسي قادر على إضافة فوائد قيمة في اقتصادات المنطقتين. وقد كشفت “شركة البترول الوطنية النيجيرية” أن “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” قادر على نقل الغاز النيجيري إلى كل خط ساحلي في غرب إفريقيا، وينتهي الخط في طنجة في المغرب و”قادس” في إسبانيا – أي أن الخط سيمر عبر “كوتونو” في بنين؛ و “لومي” في توغو؛ و “تيما” و “تاكورادي” في غانا، ودول أخرى تشمل ساحل العاج وليبيريا وسيراليون وغينيا كوناكري وغينيا بيساو وغامبيا والسنغال وموريتانيا، وأخيراً إلى أوروبا عبر إسبانيا.

ويضاف إلى ما سبق أن تقرير “Rystad Energy” رجّح وصول إفريقيا إلى ذروة قدرة إنتاجية للغاز بحلول عام 2030 بحوالي 470 مليار متر مكعب([22]). وعليه سيتجاوز إنتاج الغاز في إفريقيا على المدى القصير والمتوسط التقديرات المبلغ عنها في حال اكتمال مشروعي أنابيب الغاز وتوسيع مشغلي النفط والغاز الأفارقة نطاق العمليات.

تساؤلات ونقاط مثارة

بالرغم من المبررات التي قدمها مسؤولو “شركة البترول الوطنية النيجيرية” بشأن مشروعي “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و”خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”؛ إلا أن هناك تساؤلات ونقاط كثيرة أثارها النيجيريون في شتى المجالات والتخصصات. وقد نال مشروع أنبوب الغاز النيجيري المغربي أكبر قدر من هذه التساؤلات؛ إذ شككوا في مدى تحقق الجانب النيجيري من صحة الجدوى الاقتصادية والمبررات التقنية للمشروع, وأشاروا إلى أن التكلفة النهائية له ستكون ضفي المبلغ المعلن أو أكثر, وأن الحكومة لم تنشر الأوراق المهمة المرتبطة به في مواقعها العامة حتى يتمكن النيجيريون من التحقق في الآليات المتبعة للحصول على جميع التصاريح والموافقات البحرية في كل الدول التي يمر بها الخط([23]).

وهناك انتقادات حول السرية التي تتبعها “شركة النفط الوطنية النيجيرية” بشأن المشروعين وعدم نشرها للخطة الاستثمارية لإنتاج الغاز الذي سيخصص لـ “خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي”. كما أنه هناك شعور بأن مشروعي “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و”خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي” سيؤثران في المواقف النيجيرية تجاه القضايا الإقليمية والقارية والعالمية، بما في ذلك قضية “الصحراء الغربية/المغربية”؛ إذ “خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي” سيمر عبر المياه المتنازع عليها قبالة سواحل “الصحراء الغربية/المغربية”.

وفيما يتعلق بإمكانات الحكومة النيجيرية لتنفيذ المشروعين وتمويلهما في آن واحدٍ؛ فإن هناك شبه اتفاق لدى الاقتصاديين النيجيريين على صعوبة تنيفذهما معا من قبل نيجيريا, وخاصة أن هناك مشاريع وطنية أخرى, مثل مقترح توصيل الغاز للمنازل الذي لم تعلن الحكومة النيجيرية أي إطار لتنفيذه حتى اليوم, ومشروع (Obrikom-Obiafu to Oben) الذي مضى 16 عامًا على إنشائه. هذا إلى جانب التشكيك في قدرة نيجيريا نفسها بسبب ما تشهده البلاد من انخفاض حاد لإنتاجها من النفط الخام بنسبة 42 في المئة نتيجة لسرقة النفط النيجيرية وتخريب خطوط الأنابيب في السنوات الأخيرة([24]).

وتشمل نقاط أخرى مثارة جوانب التقنية والحقوق وعبور أنابيب الخطين عبر أراضي متنازع عليها أو مناطق تشهد أزمات أمنية مختلفة, مثل الإرهاب والعنف المسلح والأنشطة الإجرامية الأخرى. وهناك من ذهب إلى أن الأولى لنيجيريا توجيه المبالغ التي ستنفقها على المشروعين لتطوير محطات الغاز الطبيعي المسال حيث باستطاعة البلاد بمواردها الهائلة من الغاز أن تحقق هذه المشاريع في غضون خمس سنوات, وهو ما تجعلها في صفوف موردي الغاز الطبيعي المسال في العالم وتضيف لها قيمة في الأعمال البحرية وقطاع الشحن العالمي([25]).

جدير بالذكر أيضا أن بعض النيجيريين ينظرون إلى المشروعين كأداة جيوسياسية لعدم اقتناعهم بمبررات حاجة المغرب لخط أنابيب الغاز على طول الطريق من نيجيريا؛ إذ كان موقفهم أن بإمكان المغرب شراء الغاز الطبيعي المسال من السنغال وموريتانيا لقربهما منها, سواء عبر بناء خط الأنابيب أو عن طريق سفن نقل الغاز الطبيعي المسال والتي تكون أكثر مرونة بسبب قصر المسافة. وقد فضّل آخرون لنيجيريا تنفيذ المعاهدة الاقتصادية لـ “المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا” وخطط التنمية النيجيرية التي أوصت ببناء نظام سكك حديدية في المنطقة لتسهيل نقل رواسب الفوسفات من دولة مثل توغو إلى مجمع الأسمدة الفوسفاتي النيجيري في كادونا (شمال غرب نيجيريا).

تنافس إقليمي ودولي

يأتي مشروعا “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” و”خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي”على خلفية منافسات إقليمية ودولية, ولهما أبعاد على الصعيد الدولي؛ إذ هناك تنافس بين المغرب وجارتها الجزائر التي تعد أكبر مصدر للغاز الطبيعي في إفريقيا. ولا شك أن “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” – إذا اكتمل – ستوفر للجزائر مكاسب سياسية إلى جانب الفوائد الاقتصادية، وهو ما يعزز مكانتها في شمال إفريقيا وموقعها الاستراتيجي في القارة الأفريقية بأكملها. ورغم أن “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” أقصر مقارنة بخط نيجيريا-المغرب, إلا أنه لا يزال مقترحًا. بينما توجد مخاوف من الأوضاع الأمنية في مناطق الصحراء (بين نيجيريا والنيجر والجزائر) التي سيمر عبرها الخط, وذلك لما تعانيه أجزاء من هذه المناطق من أزمات أمنية بما في ذلك الإرهاب.

ويضاف إلى ما سبق أن للجزائر خطي أنابيب يربطانها مع إيطاليا وإسبانيا. وهذان الخطان قد لعبا دورا مهما في نقل الغاز الطبيعي إلى أوروبا. ومع ذلك, يحذّر البعض في الغرب صناع السياسات الأوروبية من تبنّي الجزائر كمصدر طاقتها الوحيدة لتفادي الوقوع في أزمة غاز أخرى في المستقبل([26]). ويلاحظ من هذه التحذيرات([27]) أنها تأثّرت بالأزمة الجارية بين الجزائر والمغرب والتي بلغت ذروتها في قطع العلاقات الدبلوماسية بينهما في أغسطس 2021 وتحريم الجزائر الرباط من غازها في أكتوبر بإغلاقها “خط أنابيب الغاز المغاربي الأوروبي” (GME) الذي ينقل الغاز الجزائري إلى إسبانيا ويمر عبر المغرب. هذا إلى جانب ما حدث في بداية عام 2022 عندما عُلِّقت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار بين الجزائر وإسبانيا بعدما دعمت إسبانيا خطة المغرب الخاصة بـ “الصحراء الغربية/المغربية”.

وفي الأوساط النيجيرية يساهم عاملان آخران في تفضيل بعض النيجيريين لمشروع “خط الأنابيب العابر للصحراء”؛ وهما:

العامل الأول: الحملات الإقليمية والدولية المعارضة لمشروع “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” بسبب آثاره البيئية المتوقعة، حيث يرون أن هذه الحملات قد تؤثر سلبا في الفرص والتعاملات النيجيرية على المستوى الدولي في المستقبل. وقد شهد خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب في عام 2018 معارضة من قبل 40 منظمة وقعت على بيان دعت فيه إلى إلغاء مشروع الخط لصالح صحة الناس وسلامة الكوكب([27b]).

العامل الثاني: قضية “الصحراء الغربية/المغربية”, حيث يرى نيجيريون أن مشاركة بلادهم في مشروع “خط أنابيب العابر للصحراء” أولى نظرا لقلة احتمال حدوث التنازع على الأراضي التي يمرّ عبرها الخط – بخلاف خط الأنابيب النيجيري المغربي الذي يخطط أن يكون له نقطة إنزال في “الصحراء الغربية/المغربية” التي يدير المغرب حوالي 80 في المئة منها في ظل دعوة جبهة البوليساريو إلى الاستفتاء على تقرير المصير. ولا تزال نيجيريا من الدول التي تدعم “أحقية” منطقة “الصحراء الغربية” في الاستقلال وتقرير المصير. وقد حذّرت هيئة البترول والتعدين في “الصحراء الغربية” الشركات الأجنبية المنفذة لمشروع “خط أنبوب الغاز النيجيري المغربي” من ارتكاب خطإ العمل في المنطقة لكونها أراض يتنازع عليها([28a]).

وفيما يتعلق بالاهتمام الأوروبي؛ فإن المشروعين قادران على استفطاب الاستثمار من الاتحاد الأوروبي الذي يبحث أعضاؤه عن مصادر بديلة للطاقة بعد أن لعبت روسيا ورقة الطاقة ردًا على العقوبات الغربية بشأن الحرب الروسية الأوكرانية. ويؤشّر تواتر الاجتماعات رفيعة المستوى([28])([29]) مؤخرا بين المسؤولين النيجيريين ووزارة الطاقة الأمريكية على أن الولايات المتحدة الأمريكية قد تكون مهتمة بدعم المشروعين أو أحدهما. وذهبت مصادر([30])([31]) إلى أن روسيا تتابع المشروعين باعتبارهما مبادرتين قادرتين على تعزيز علاقة موسكو مع الدول الإفريقية في ظل بحثها طرق الالتفاف على العقوبات الغربية المفروضة عليها وتوسيع استثماراتها في إفريقيا. ومن المحتمل أيضا أن تظهر الصين كداعم أو مستثمر في أحد المشروعين اعتمادا على حقيقة أن بإمكان المشروعين تدعيم مبادرة الحزام والطريق الصينية إلى جانب الاستثمارات والقروض الصينية الحالية في صناعة النفط والغاز النيجيرية([32])([33]).

خاتمة

مما سبق يمكن القول: إن المواقف النيجيرية من المشروعين غير موحّدة؛ إذ يعتبر عدد من الاقتصاديين النيجيريين “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” أكثر جدارة ومتوافقة مع مشروع غاز داخلي, وذلك نظرا لما يتطلبه من تمويل أقل وسنوات تنفيذ غير بعيدة ومسافة خط قصيرة مع إمكانية بقاء نيجيريا على “حيادتها” وموقفها من “الصحراء الغربية/المغربية”. ومع ذلك, أثار هؤلاء الاقتصاديون أيضا مخاوف اجتماعية وأمنية من “خط أنابيب الغاز العابر للصحراء” بسبب مناطق عبور الخط.

وفي المقابل تؤشر تطورات الشهور الماضية على أن “خط أنابيب الغاز النيجيري المغربي” يحظى باهتمام مسؤولي “شركة النفط الوطنية النيجيرية”, وخاصة أن هذا المشروع قد أحرز تقدما من حيث دراسات الجدوى والاتفاقات بين الدول والأطراف المشاركة, بما في ذلك “المجموعة الاقتصادية لغرب إفريقيا”, بالإضافة إلى تمويله والاستثمار فيه الذي تعززه “رابطة منتجي النفط الأفريقية” وتتصدره “صندوق الأوبك للتنمية الدولية” و “البنك الإسلامي للتنمية”.

ومما لا شك فيه أن اكتمال المشروعين أو أحدهما سيساهم في معالجة تحديات الاستثمار في البنية التحتية للغاز في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى والتي ظلّت عقبة رئيسية. كما أنه سيضاعف من مكانة نيجيريا على مستوى قارة إفريقيا – ليس فقط من حيث تصدير احتياطيات غازها الطبيعي – ولكن من حيث المشاركة في القرار المصيري الدولي فيما يتعلق بالطاقة.

ومع ذلك, لا يمكن الجزم بما إذا كان المشروعان – أو أحدهما – سيتمكنان من سد فجوة روسيا في تلبية احتياجات أوروبا للغاز, وذلك لعدة اعتبارات منها: أن المشروعين لن يكتملا في أي وقت قريب, وأن أيًّا منهما بحاجة إلى خطوط أنابيب كافية ومرافق المعالجة والتخزين الفعالة. كما سيحتاج إلى مجموعات الاستثمار من المؤسسات المالية وشركات الطاقة والدول الأوروبية مع شبكة من المتعاونين وأصحاب المصلحة الإفريقيين والدوليين من القطاعين العام والخاص لكي يكون أكثر استدامة. وهناك تحديات أمنية محلية خاصة بكل دولة إفريقية تشارك في المشروعين. بينما يرى البعض في نيجيريا أن التوتر الجاري بين المغرب والجزائر يكفي كإشارة لنيجيريا على احتمال وقوع الصراع حول “الصحراء الغربية/المغربية”, وهو ما سيؤثر في قطاع الطاقة النيجيري فتُدخل البلاد في صراع لا ناقة لها فيه ولا جمل.

ــــــــــــــــــــــــــ

[1] – Lars Kamer (2020). “Countries with the largest natural gas reserves in Africa 2021”. Statista, retrieved from https://bit.ly/3ZHELWC

[2] – Ali Boukhlef (2022). “Algeria: The Trans-Saharan pipeline, a Nigerian alternative to Russian gas?”. Middle East Eye, retrieved from https://bit.ly/3ITEHgO

[3] – “Decade of Gas: FG to Spend $2bn Investment Yearly on Infrastructure Devt, Says NLNG”. ThisDay, retrieved from https://bit.ly/3Xe3yA1

[4] – ABIQ (2021). “Oil and Gas Projects in Africa”. Retrieved from https://bit.ly/3XuLlhi

[5] – “Trans-Sahara Gas Pipeline”. Global Energy Monitor, retrieved from https://bit.ly/3XuLlhi

[6] – “AKK Natural Gas Pipeline Project”. Hydrocarbons Technology, retrieved from https://bit.ly/3IXFSMh

[7] – المصدر سابق:

“Trans-Sahara Gas Pipeline”. Global Energy Monitor

[8] – CGTN Africa (2022). “Algeria, Niger, Nigeria ink deal to build trans-Saharan gas pipeline”. Retrieved from https://bit.ly/3Wk7Vs2

[9]– المصدر سابق:

Ali Boukhlef (2022). “Algeria: The Trans-Saharan pipeline, a Nigerian alternative to Russian gas

[10] – “Nigeria-Morocco Gas Pipeline”. Global Energy Monitor, retrieved from https://bit.ly/3XhSKkr

[11] – Ecofin Agency (2017). “Nigeria and Morocco sign feasibility studies agreement to advance a pipeline project that will link the two countries”. Retrieved from https://bit.ly/3knQKZi

[12] – Ejiofor Alike (2022). “Nigeria, Three Other Countries Sign Additional MoU on $25bn Gas Pipeline”.

[13]  – المصدر سابق:

“Nigeria-Morocco Gas Pipeline”. Global Energy Monitor

[14] – IsDB (2021). Signature of Financing Agreements related to the Front-End Engineering Design Study Project for Nigeria – Morocco Gas Pipeline. Retrieved from https://bit.ly/3w5enIO

[15] OPEC Fund, “Nigeria-Morocco Gas Pipeline (NMGP) Front End Engineering Study (FEED) Phase II Project”. Retrieved from https://bit.ly/3XBnRXR

[16] – المصدر سابق:

“Nigeria-Morocco Gas Pipeline”. Global Energy Monitor

[17] – William Ukpe (2022). “$13 billion Trans-Saharan pipeline to boost Nigerian gas in European markets – Sylva”. Nairametrics, retrieved from https://bit.ly/3WgNCff

[18] – Premium Times (2022). “What the Nigeria-Morocco Gas Pipeline Project will do for Africa — Mele Kyari”. Retrieved from https://bit.ly/3kkgp5c

[19] – المصدر سابق:

“Decade of Gas: FG to Spend $2bn Investment Yearly on Infrastructure Devt, Says NLNG”. ThisDay

[20] – عبد الواسع مجيب (2022). “منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية: إمكانات وتحدّيات”. الأفارقة للدراسات والاستشارات, عبر الرباط https://alafarika.org/ar/5378

[21] – Oussama Aamari (2022). “Morocco-Nigeria Pipeline: How African Development Can Benefit Europe”. Morocco Wold News, retrieved from https://bit.ly/3ZDwKSJ

[22] – Nermina Kulovic (2022). “Europe eyes gas-rich African nations for new supplies, Rystad says”. Offshore Energy, retrieved from https://bit.ly/3w8ixj6

[23] – Dan Kunle (2022). “What is the Economic Justification for the Nigeria-Morocco Gas Pipeline?”. Africa Oil & Gas Report, https://bit.ly/3kmZWgt

[24] – Abubakar Ibrahim (2022). “Nigeria’s oil output under Buhari lowest since 1999.” Business Day, retrieved from https://bit.ly/3XDRfwV

[25]– المصدر سابق:

Dan Kunle (2022). “What is the Economic Justification for the Nigeria-Morocco Gas Pipeline?”. Africa Oil & Gas Report

[26] – Alex Grinberg (2023). “Europe Shouldn’t Rely on Algeria for Its Energy Needs”. The National Interest, retrieved from https://bit.ly/3QLlhMW

[27] – Robin Mills (2022). “Why can’t Algeria solve Europe’s gas woes?”. EURACTIV, retrieved from https://bit.ly/3XyftIF

[27] – Lydia Woellwarth (2018). “Multiple NGOs call for the Nigeria-Morocco gas pipeline project to be scrapped”. World Pipelines, retrieved from https://bit.ly/3Xx3bAg

[28a] – “Saharawi Petroleum And Mining Authority Warns Foreign Companies Over Controversial Nigerian-Moroccan Gas Pipeline Project In Western Sahara”. Sahara Reporters, retrieved from https://bit.ly/3ZH6NBK

[28] – Obas Esiedesa (2022). “FG seeks US funding for Nigeria’s natural gas development”. Vanguard, retrieved from https://bit.ly/3Hclztb

[29] – Nigeria State House (2022) “Osinbajo Travels To United States, Nigeria’s Energy Transition Plan On The Agenda”. Retrieved from https://bit.ly/3CPcu72

[30] – S&P Global (2008). “Europe and Russia Compete over Trans-Sahara Pipeline as Nigeria Considers its Gas Options”. Retrieved from https://bit.ly/3iGR9pk

[31] – Reuters (2022). “Nigeria oil minister says Russia interested in gas pipeline to Morocco”. Retrieved from https://reut.rs/3GNOouf

[32] – Chika Oduah (2019). “China Invests $16 Billion in Nigeria’s Oil Sector”. VOA, retrieved from https://bit.ly/3iLDf5p

[33] – EnerData (2020). “China lends US$2.5bn to Nigeria to build the AKK gas pipeline”. Retrieved from https://bit.ly/3GLcTbM

ظهرت المقالة نيجيريا بين خطي “أنبوب الغاز العابر للصحراء” (TSGP) و “أنبوب الغاز النيجيري المغربي” (NMGP) أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/5497/nigeria-between-tsgp-and-nmgp/feed/ 0 5497
منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية: إمكانات وتحدّيات https://alafarika.org/ar/5378/%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a/ https://alafarika.org/ar/5378/%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a/#respond Mon, 24 Oct 2022 12:21:34 +0000 https://alafarika.org/ar/?p=5378

كتبه: Abdulwasiu Mujeeb ترجمة: جمعة حبيب الله أبيودن المقال متاح باللغة الانجليزية هنا. تعتبر منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية (African Continental Free Trade Area = AfCFTA) مشروعا رئيسيا لروية أفريقيا لعام 2063، وهي آلة تجارة طمّاحة أنشئت لتكون أعلى منطقة تجارية في العالم تربط بين حوالي 1.3 مليارات نسمة في 54 دولة إفريقية. وقد أنشِئت […]

ظهرت المقالة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية: إمكانات وتحدّيات أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

كتبه: Abdulwasiu Mujeeb

ترجمة: جمعة حبيب الله أبيودن

المقال متاح باللغة الانجليزية هنا.

تعتبر منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية (African Continental Free Trade Area = AfCFTA) مشروعا رئيسيا لروية أفريقيا لعام 2063، وهي آلة تجارة طمّاحة أنشئت لتكون أعلى منطقة تجارية في العالم تربط بين حوالي 1.3 مليارات نسمة في 54 دولة إفريقية. وقد أنشِئت لإيجاد سوق موحدة للسلع والخدمات والتي سهّلتها التنقلات البشرية لتعميق عملية التكامل الاقتصادي في القارة الأفريقية تحت رؤية الوحدة الإفريقية للتكامل والازدهار والسلام الأفريقي.

صدرت الموافقة بقبول قرار إنشاء المنطقة التجارية الحرة في الدورة الثامنة عشرة (18) لمجلس رؤساء الدول والحكومات المنعقدة في أديس أبابا، إثيوبيا في يناير عام 2012. وقبل الموافقة عليه كان المشروع منسّقًا للمرة الأولى من منظمة الاتحاد الأفريقي ومبرمًا في مارس 2018 في رواندا من قبل 44 دولة من الـ 55 عضوًا في منظمة الاتحاد الأفريقي.

وبحسب مؤسسة Tralac المعنية بالقانون التجاري, أودعت 36 دولة أفريقية وثائق تصديقها لدى رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وهو ما يمثل حوالي 70 في المئة من الدول الموقعة. بينما تمثل الرؤية صلابة الاتحاد الأفريقي وصمودها في تحقيق رؤيتها التنموية لعام 2063.

 مبادرة التجارة الموجهة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية

بعد إيداع وثيقة التصديق وتقديم جدول التعريفة من قبل 36 دولة أفريقية، تم اختيار سبعة دول، بما في ذلك رواندا والكاميرون ومصر وغانا وكينيا وموريشيوس وتنزانيا، لبدء التجارة في إطار القارة الأفريقية الحرة. إطار منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في مرحلة تجريبية.

ووفقًا لبيان صدر في الاجتماع التاسع لمجلس وزراء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في أكرا الغانية، فإن الهدف من اختيار تلك الدول في المرحلة التجريبية هو لسبر وظائف التجارة واختبار أساسها البيئي والقانوني والسياسي.

وكشفت طرق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية أيضًا أن 90 في المائة من عروض التعريفات تغطي المنتجات التي تم تحريرها في عام 2021. وسيتم تخفيض هذا تدريجياً على مدى السنوات العشر القادمة. وعلى مدار 15 عامًا الماضية تم تحرير 7 في المئة من المنتجات و3 في المئة معفاة من الضرائب.

وفي حين ستساعد المبادرة في تحديد الشركات والمنتجات والإجراءات الجمركية والعمليات اللوجستية المطلوبة لتمكين التجارة في إطار منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، فسيساعد أيضا في بعث رسالة سياسية قوية إلى الدول التي لم تقدم بعد جداولها المؤقتة الخاصة بالتنازلات الجمركية.

الإطار الاستراتيجي للتجارة بين الاتحاد الأفريقي ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية

من أجل تحقيق الأهداف المعلنة، سعت لجنة العمل الوطنية لمنطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية إلى وضع ثمان ركائز استراتيجية في يوليو2022 في ضوء إطار الإتحاد الأفريقي. تمحور بعض هذه الركائز على إنشاء إطار مؤسسي يشرف من خلاله على الوكالات المتعددة في المؤسسات العامة والخاصة المعنية بتنفيذ بنود اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تركيزًا على مقاييس قيمة الإنتاج ذات الأولوية وتنمية أعلى قوة عاملة منتجة لكسب الأجر الممتاز في أفريقيا. وبحسب تصريحات لجنة العمل لمنطقة التجارة الأفريقية، ستساعد هذه الاستراتيجيات في زيادة الإنتاج لتصل القدرة التصديرية إلى 50 مليار دولار سنويًّا، كما ستوفر إمكانيات عالية للحكومات تساعد في نموها الاقتصادي من خلال جذبٍ ودعمٍ للحركات التجارية المبنية على التصدير. كما أسفرت البيانات أيضًا عن ركائز أخرى مبنية على تسهيل التجارة، وتخفيض الوقت وتكاليف التجارة من خلال التسهيل والتجديد والتنسيق بين عمليات وإجراءات الاستيراد والتصدير.

كما اهتمت أيضًا بالتشغيل الآلي للإجراءات الإدارية والالتزامات الرقابية وتدجين بنود منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية من خلال تحديث السياسات التجارية وسياسات القوانين التكميلية وفق السياسات المستجدة واتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

ستفرض التحديات القائمة في جودة التجارة وهيكلية وسائل النقل في أفريقيا على لجنة العمل الوطنية لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لتركز اهتمامها في ترسيخ البنية التحتية التجارية بما فيها الطاقة، والرقمية، والمائية من أجل تعزيز التجارة البينية الأفريقية. وبلا شك، ستظلّ إشكالية الوقت الكافي وتكلفة نقل الحمولات والتنقل البشري بين مختلف وسائط النقل ممكّنًا مهمًّا للتنافس التجاري لأفريقيا ليكون هذه وغيرها من أهمّ النجاحات المحتملة لهذه الركائز.

اتفاقية الدعم المؤسسي بين البنك الأفريقي للتنمية ومنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية

من أجل تعزيز فعالية التنفيذ لهذه الإطارات فقد وقّع مسؤول البنك الأفريقي للتنمية وسكرتيريه المنطقة التجارية الحرة لقارة أفريقيا على اتفاق برتوكول لدعم مؤسسي قيمته 11.24 مليون دولار كمنحة مساعدة. ستركز هذه المساعدة التي تمّت الموافقة عليها في يوليو 2022 في الندوة التاسعة لمجلس وزراء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية التجاري المنعقد في أكرا على ثلاث جوانب: التعزيز المؤسسي لأمانة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ، مساعدة القطاع الخاص في تفعيل برامج المبادرة، وتعزيز المقاومة المناخية في المنطقة وسلاسل القيمة القارية في تعزيز التجارة البينية الأفريقية.

بناءً على تصريح “ويمكيلي ميني” الأمين لـمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ، ستعقد دراسات ومبادرات من أجل التعرّف على التجارات المستجدة والفرص الاقتصادية للنساء من أجل تطوير مهارات نساء وشباب منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في الأنشطة التجارية ومن أجل دعم بناء القدرات ومهارات التجارات المستهدفة للنساء.

نحو علاقات أقوى بين نيجيريا وجنوب أفريقيا

في وسط تحرّكات نحو تفعيل اتفاقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية بين الدول الأفريقية فقد سعت الدولتان الأفريقيتان الرائدتان اقتصاديّا: نيجيريا وجنوب أفريقيا إلى تعزيز تعاون أقوى.

وقد صرّح سفير دولة جنوب أفريقيا لدى جمهورية نيجيريا “تسامي مسليك في برنامج بأبوجا قائلاً: “المسؤولية العظمي التي تواجهنا الآن في أفريقيا هي تفعيل هذه الاتفاقية وليس فقط على الأوراق، ولا يمكن ذلك إلا بتعاون بين الحكومات الأفريقية الرائدة”. حسب تصريح مسليك، فقد ناقشت الدولتان الاتفاقية الشاملة في صناعة السيارات والنسيج حيث إنّه قد تمّ إنشاء مصنع السيارات في جنوب أفريقيا خلال السنوات الماضية والتي بلغت إجمالي السيارات المصنوعة فيه 499.087 وحدة في 2021. وقد لعبت صناعة السيارات تنامي الدور الاستراتيجي الهامّ والمحفّز البارز في إجمالي اقتصاد جنوب أفريقيا. كما يوجد في نيجيريا إمكانية فريدة في صناعة النسيج. حيث إنّه وبمساعدة البنك المركزي النيجيري تمّ تصنيع 10 مليون مادة قماشيّ في 2020 على الرغم من جائحة كوفيد وانتشار عدم الأمان.

حسب العرف الصناعي، ستحتاج السيارات المصنوعة في جنوب أفريقيا إلى الأقمشة غير المنسوجة والمنسوجة والتي تساعد في هندسة الديكور وفي عملية الترشيح وأساسيات الراحة في السيارات. وسيساعد أي تعاون عميق بين البلدين في تحقيق هذه النواحي مع دوره في تسريع تنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وتنمية اقتصاد القارة.

الإمكانات المتوفعة

أفريقيا كقارة متنوعة الظروف متشابكة في الانفصالية والتعددية القبلية واللغوية وتعدد المجموعات الإثنية تحكمها أربعة وخمسون (54) دولة منتظمة في كتلة تجارية ومنضمة تحت عضويّة الإتحاد الأفريقي. إلاّ أنّه وبسبب كون السلع والموارد الطبيعية تحتل الصدارة في سلة التصدير الأفريقي وقلة المشاركة القارية في سلسلة القيمة العالمية أصبحت التجارة الأفريقية منخفضة جدّا في جانب التجارة العالمية. كما أنّ غياب الأمان في صراعات الحدود الأفريقية، التمرد واللصوصية، وعمليات الاغتصاب من أهمّ العوائق الراكدة التي أثّرت في انخفاض التجارة البينية والخارجية في أفريقيا لأنّها عوائق أثّرت في قلة العلاقات التجارية البينية في أفريقيا والدول الثالثة من خلال توتير ميزان المدفوعات وارتفاع اعتمادها على الأسواق الدولية.

وعلى كل حال يبقى الانضمام في حظيرة منطقة تجارية من خلال برامج المنطقة التجارية الأفريقية الحرة هي المحاولة المحطمة لتلك العوائق والمقيّدة لآثارها الفتاكة على التجارة الأفريقية. مثال ذلك في الإزالة التدريجية للتعريفة على التجارات البينية الأفريقية كإحدى فوائد منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية تيسيرًا لوصول التجارات الأفريقية داخل حواجز القارة من أجل الاهتمام والاستفادة من التجارة الأفريقية النامية. وهذا يدلّ بلا شك على أنّ الأرضية الصلبة للسياسة الأفريقية قادرة لتنفذ في السياسة العالمية من خلال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. ومع أنّه لا يمكن التحدّث عن أي أمل آخر لـمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية سوى ما سبق غير ما يمكن اكتشافه بأيّة نظرة سريعة أنّه في المدى البعيد يتوقع أن يحصل تفعيل التحرك المالي والبشري الحر من خلال تسهيل الاستثمارات، والمساهمة في بناء هياكل الأسواق المحررة للسلع والخدمات ومن خلال سلسلة من المفاوضات المتكررة لتهيئة أرضية إنشاء الاتحاد الجمارك القاري وتنمية القدرة التنافسية الأفريقية القارية.

الانتقادات الموجهة لمنطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية

على الرغم من أنّ أهمية ومنافع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في القارة غير قابلة للنقاش؛ فإنّ الأفكار الهيكلية العامة للمشروع وتنفيذه منتقدة من قبل الأفارقة المتحمّسين, حيث يعتقد العديد من النقاد أن رحلة تأثير منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ستكون طويلة وقد لا تكون حالة مربحة للجانبين بين جميع الدول المشاركة، لأنّ بعض المكونات الأساسية غير موجودة وغير معتبرة.

ومع سعي أفريقيا إلى تصنيع مدفوع بالتجارة؛ فإن أحد العناصر الرئيسية التي أخذها الاتحاد الأفريقي في الاعتبار هو عدم المساواة الموجودة مسبقًا في البلدان الأفريقية, حيث أنّ الدول الأفريقية غير متساوية من حيث التقدم. ونتيجة لذلك ستتحقق المبادرة مكاسب غير متكافئة, حيث بإمكان الدول والمدن والشركات الصناعية والنخبة الاقتصادية الأفريقية التي تملك مستوى من التقدم أن تستفيد بشكل أكبر من الزيادة التجارية.

وعلى سبيل المثال، توجد دول أفريقية ذوات اقتصاديات غير متكافئة وقدرات إنتاج متنوعة. فقد حقق الثلاثي: جنوب أفريقيا، مصر ونيجيريا تقريبًا نموًاّ اقتصاديّا بحجم نصف الناتج المحلي الإجمالي الأفريقي، بينما حققت الدول الجزرية مثل كابو فيردي، مدغشقر، سان تومي، سيشل وموريشيوس الواحد في المائة فقط مجتمعة! وقد ذكر نائب مدير المجلس الأطلنطي الأفريقي “جوني غاس” بأنّ الترتيبات ناتجة عن أعلى مستوى التفاوت الدخلي لاتفاقية المنطقة التجارية القارية الحرة.

وعلى الرغم من الانتقادات فإن منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية مشمرة عن ساعد جدّها للصمود على قراراتها وسياساتها المتفق عليها. فقد زعم الأمين العام التجاري السيد “ومكيلي مينيبأنّ التكامل التجاري ليس فقط حدثًا, ولكنها عملية تأخذ وقتًا, مستدلا بأنّ الاتحاد الأوربي عمل كدحًا بلا كلل في 60 سنة قبل تحقيق العمق الحالي لتكامله الاقتصادي.

وفي حدّ تعبيره: “قد يأخذ وقتًا طويلاً قبل ظهور الفائدة المباشرة ولكننا لا يثنينا عن عزائمنا انتقادات المنتقدين الذين يزعمون أنّه ليس ثمت دليل على أنّ التجارة قد انطلقت حقيقة”.

منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وحرية تنقل الناس

يظهر للمتأمّل لفعالية المنطقة التجارية الحرة والنقل البشري الحر تساويهما لحدّ أن صنّاع القرارات الأفارقة بنوا نجاح التجارة على النقل البشري. في تعليق له، ذكر السيد لوك، المشرف على المركز الأفريقي للسياسة التجارية أنّ حرية النقل البشري رأس المال، السلع والخدمات هي المكونات الأربعة الأساسية لبرامج التكامل الأفريقي القاري الإقليمي. ” إن حريّة النقل البشري المحرّك الأساسي للتجارة البينية الأفريقية تحت منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ليسهل للدول الأفريقية التجاوب بسرعة استباقية لثنائي التحول الأخضر والرقمي الذي يواجهنا في عشرينيات القرن الواحد والعشرين”.

وهذا يبيّن بوضوح لماذا اعتنت وكالة الاقتصاد الأفريقي بمعاهدة أبوجا 1991 لحرية النقل البشري الحر بين الدول المشاركة في منطقة التجارة الحرة للقارة الأفريقية منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. وهي معاهدة تشكل جزءًا من جدول أعمال منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية والتي من أهدافها إنشاء مناطق معفاة من التأشيرة داخل دول منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، غير أن الفكرة لم تنل إعجاب جميع الدول سوى روندا التي أبرمت اتفاقًا على المعاهدة التي وقّع عليها ثلاثون دولة أفريقية بينما لم يتم توقيع الدولتين التوقيعيتين نيجيريا وجنوب أفريقيا على البرتوكول لغياب الإرادة السياسية.

شكاوى رجال الأعمال الأفارقة الشباب

ظهر في الآونة الأخيرة تنامي عدد الصفقات والتمويل في ريادة الأعمال الأفريقية ليكون انطلاق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية إضافة رائعة تساعد في دعم النظام البيئي لريادة الأعمال الأفريقية. ومع منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية ستظهر منافذ أكبر بكثير لرجال الأعمال وتسهّل توسّعهم العالمي. لكن مع اشتراك الدول الأعضاء في هذه السوق الوحيدة ربما يكون محفّزًا للاعبين كبار في ريادة الأعمال الأفريقية بينما يؤدي إلى إبعاد رجال الأعمال الشباب والصناعات الصغيرة الحجم من المشهد لغياب القوى الدفاعية للتنافس مع الصناعات المتأصلة، إذ ربّما يخسرون مؤسساتهم ويجرّ إلى ارتفاع معدّل البطالة والجريمة والفقر. ومن أجل هذا تم إنشاء هيئة تنسيقية بين رجال الأعمال الشباب داخل القارة الأفريقية بالتعاون مع مكاتب ريادة الأعمال وشركاء التنمية ما أسفرت عن إنشاء اتحاد رجال الأعمال الشباب (AfCFTA Young Entrepreneurs Federation = AFYEF) الذي يمثل الدور النيابي لرجال الأعمال الشباب في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية.

نيابة عن أعضاء الاتحاد، ذكر الزعيم الأوّل لاتحاد رجال الأعمال الشباب (AFYEF) سيتا سوفو “أنّ رجال الأعمال مهضومو الحقوق في منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية لأنّهم لا يملكون الموارد المطلوبة من مال ومهارة وإمكانيات الدفع للنجاح. وعليه يجب علينا أن نتعاون تحت مظلة AFYEF لنحمّس رجال الأعمال الشباب نحو هذه الـ 3.5 ترليون دولار السوق الوحيدة”.

إنّ في انضمام أفريقيا تحت منطقة تجارية موحّدة فرصًا واسعة لرجال الأعمال وريادة الأعمال والمستهلكين داخل القارة، ومجالاً لدعم التنمية المستدامة في أقل مناطق العالم نموًّا. لكن بدون سياسات واسعة الآفاق والمعاملة التفضيلية الشاملة لاقتصادات أفريقيا سيكون منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية في صالح الاختلاف الاقتصادي أكثر من كونها قوة تجارية. وعليه يجب أن تستعد الاقتصادات المشاركة لتفعيل السياسة المعمارية كي لا يتأخر أي اقتصاد عن الركب.

 

ظهرت المقالة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية: إمكانات وتحدّيات أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/5378/%d9%85%d9%86%d8%b7%d9%82%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%ac%d8%a7%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%ad%d8%b1%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d9%82%d8%a7%d8%b1%d9%8a%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a/feed/ 0 5378
العملات المشفرة في أفريقيا: بين رفض الحكومات وزيادة إقبال المستخدمين https://alafarika.org/ar/4878/cryptocurrency-africa-central-banks/ https://alafarika.org/ar/4878/cryptocurrency-africa-central-banks/#respond Sun, 03 Oct 2021 07:55:09 +0000 https://theafrikans.com/?p=4878

في إفريقيا تزداد نسبة اكتشاف العملات المشفرة وتبنّيها بشكل تدريجي, ويوجد اليوم نوع من أنواع العملات المشفرة والافتراضية في بلدان مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا وغانا وكينيا وبوتسوانا وزيمبابوي. وتختلف العملات المشفرة عن العملة الورقية العادية والتقليدية التي تكون في شكل أوراق نقدية أو عملات معدنية مادية أو نقود سلعية مدعومة بالذهب أو الأحجار الكريمة الأخرى. […]

ظهرت المقالة العملات المشفرة في أفريقيا: بين رفض الحكومات وزيادة إقبال المستخدمين أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

في إفريقيا تزداد نسبة اكتشاف العملات المشفرة وتبنّيها بشكل تدريجي, ويوجد اليوم نوع من أنواع العملات المشفرة والافتراضية في بلدان مثل نيجيريا وجنوب إفريقيا وغانا وكينيا وبوتسوانا وزيمبابوي. وتختلف العملات المشفرة عن العملة الورقية العادية والتقليدية التي تكون في شكل أوراق نقدية أو عملات معدنية مادية أو نقود سلعية مدعومة بالذهب أو الأحجار الكريمة الأخرى.

ومن أبسط التعريفات للعملات المشفرة والمعروفة لدى البعض أيضا بـ “العملات الافتراضية” ما ذهبتْ إليه مجلة “أفريكان بيزنيس” بأنها وسيط رقمي للتبادل والتعامل التجاري. وتعد تكنولوجيا سلسلة الكتل (blockchain) حيوية لهذه العملات حيث تستخدم سلسلة الكتل تكنولوجيا التشفير لإنشاء (وتعدين) وحدات وتخزينها وتأمين المعاملات وتحويل الرموز المميزة وإجراء المدفوعات. فهي إذًا – عملياتٌ تُحوِّل العملة المشفرة من مجرد رمز رقمي إلى أصول مرقمنة ذات قيمة اقتصادية يمكن لمستخدميها كسبها وتخزينها وتداولها ونقلها وبيعها.

البنوك المركزية الأفريقية ورفض العملات المشفرة

صدرت عدة دراسات حول العملات الرقمية في إفريقيا وكيف يمكن لـتكنولوجيا سلسلة الكتل أن تساهم في حل مشاكل إفريقيا الحالية وتعزيز النمو المستقبلي. ومع ذلك, لا تزال المواقف الرسمية في العديد من الدول الأفريقية تعارض التطورات الجارية على أرض الواقع, حيث أكّدت تقارير الشهور الماضية على تزايد تبنّي العملات المشفرة والرقمية بين المواطنين في مختلف دول القارة.

وترفض البنوك المركزية وصانعو السياسة الأفارقة فكرة العملة المشفرة بشراسة؛ فالمشكلة الأولى أن العملات المشفرة تتسم بالتقلبات العالية للأسعار والسقوط غير المبرر لها ومخاطر هجمات القرصنة والفدية وأحداث أخرى تنفّر المستثمرين من تبنّيها. ولذا لا تعترف البنوك المركزية في القارة بها سواء كأموال أو وسائط تبادل أو مناقصة قانونية. كما أصدرت بعضها تحذيرات رسمية بينما فرضت الأخرى أوامر حظر ضد استخدامها المشفرة وتداولها.

وقد عززت مواقف الحكومات الأفريقية دور العملات المشفرة في تمويل أنشطة الحقوق المدنية خارج نطاق المراقبة الحكومية, مثل المظاهرات الشبابية في أكتوبر 2020 التي تُعدّ أكبر المظاهرات في نيجيريا منذ عقود؛ فأثناء هذه الاحتجاجات علّقت الحكومةُ الحساباتِ البنكية التابعة لمنظمات المجتمع المدني والأفراد المؤيدين للمظاهرات الذين كانوا يجمعون الأموال لتحرير المتظاهرين المعتقلين أو تزويدهم بالإسعافات الأولية والطعام. وكان من بين هذه المنظمات “الائتلاف النسوي” الذي تأسس من 13 شابة نيجيرية وجذب الاهتمام الوطني. وعندما عُلِّقت حسابات الشابات مؤسِّسات “الائتلاف النسوي” لجَأت المجموعة إلى استخدام العملة المشفرة “بيتكوين” لتلقي الدعم الذي بلغ في النهاية 150 ألف دولار. وقد أثار هذا التطوّر حفيظة الحكومة النيجيرية خاصة ضدّ “جاك دورسي” – مؤسس تويتر والمدافع البارز عن العملات المشفرة والذي دعم المظاهرات النيجيرية وأعاد نشرَ صفحة التبرع بـ “بيتكوين” في تويتر لدعم “الائتلاف النسوي”. بل وهذا من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تعليق عمليات تويتر في يونيو 2021 من قبل الحكومة النيجيرية.

ففي وجهة نظر الحكومة النيجيرية – كغيرها من دول مختلفة حول العالم؛ لسيت العملة المشفرة بعملةٍ لأنها لا تنتمي إلى فئة النقود أو العملات المعدنية الصادرة عن البنك المركزي النيجيري (Central Bank of Nigeria = CBN). وقد بلغت مخاوف الحكومة النيجيرية ذروتها في فبراير الماضي (2021) عندما أمرت جميع البنوك المرخصة في البلاد بحظر المعاملات بالعملات المشفرة. وفي أواخر يوليو (2021) أعلنت عن خطة لإطلاق عملة رقمية جديدة باسم “e-naira” تتحكّم فيها الحكومة على أمل أن تكون بديلا لمتداولي العملات المشفرة النيجيريين.

وفي المنوال نفسه؛ صدرت إخطارات مختلفة من قبل البنوك المركزية في كينيا في عام 2015, وفي المغرب في عام 2017 والجزائر في عام 2018؛ كلها تحمل قوانين تحظر استخدام وامتلاك العملات الافتراضية. وقد حذّر بنك الاحتياطي الزيمبابوي (Reserve Bank of Zimbabwe = RBZ) في 2018 الزيمبابويين من استخدام العملات المشفرة ووجّه جميع المؤسسات البنكية في الدولة إلى وقف الخدمات المصرفية التي تسهل التعامل مع العملات المشفرة أو إعدادها. بل واتخذت الحالة الزيمبابوية منعطفا آخر عندما أوقف بنك الاحتياطي الزيمبابوي في 15 مايو 2018 شركة Golix من جميع عمليات تبادل العملات المشفرة في زيمبابوي, لتلجا الشركة فيما بعد إلى المحكمة العليا للطعن في شرعية الحظر على أساس أن تصرّف بنك الاحتياطي غير قانوني وغير عقلاني وغير دستوري وخارج نطاق القانون الإداري؛ فـأصدرت المحكمة العليا في 24 مايو 2018 حكمًا لصالح شركة Golix.

وتربط بعض البنوك المركزية في القارة أيضا العملات المشفرة بالاحتيال وغسل الأموال والتهرب الضريبي والتحايل على مراقبة الصرف وتمويل الإرهاب والأنشطة الإجرامية الأخرى التي تغذي المعاملات المالية غير المشروعة, وهي مبررات يمكن فهمها بتتبّع أنشطة الشبكات الإجرامية في القارة, حتى وإن كانت هذه البنوك المركزية تبالغ أيضا في بعض مبرراتها حيث أثبتت الدراسات حول العملات الورقية والنقدية وأنشطة المسلحين والشبكات الإجرامية أن الأنظمة المالية التقليدية محفوفة بالمخاطر المماثلة التي يثار حول العملات المشفرة.

أفريقيا تقود العالم في مجال العملات المشفرة

أشار تقرير في أغسطس 2021 بأن منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى تجاوزت أمريكا الشمالية في مجال الحصول على العملات المشفرة, حيث حصل مستخدمو العملات المشفرة بإفريقيا جنوب الصحراء على ما يعادل 80 مليون دولار من العملات المشفرة فيما بين شهري أغسطس وسبتمبر (30 يومًا) – وهو مبلغ أكبر من مبالغ أي منطقة أخرى ويمثّل زيادة بنسبة 19 في المئة عن المتوسط ​​الشهري البالغ 67 مليون دولار على مدى الأشهر الـ 12 الماضية وأكثر من 79 مليون دولار التي حصلت عليها أمريكا الشمالية.

وشهدت أسواق مثل كينيا ونيجيريا وجنوب أفريقيا وتنزانيا بعضًا من أعلى عمليات استخدام العملات الرقمية في العالم من حيث القواعد الشعبية المحلية. كما تُصنَّف هذه الدول في قائمة أفضل 20 دولة في المؤشر العالمي لاعتماد العملات المشفّرة. وقد أظهرت أحدث الأرقام أن حجم المعاملات (بالعملات المشفرة) المكونة من التحويلات بحجم التجزئة في أفريقيا كان 7 في المئة مقابل 5.5 في المئة للمتوسط ​​العالمي.

ووفقا لـتقرير صادر من Chainalysis, لا توجد منطقة تستخدم منصات النظير للنظير (P2P) بمعدل أعلى من مستخدمي العملات المشفرة الأفارقة، حيث يمثلون 1,2 في المئة من إجمالي حجم المعاملات الأفريقية و 2,6 في المئة من إجمالي حجم “بتكوين” (Bitcoin) على وجه التحديد. ونمت أحجام التداول للعديد من العملات الأفريقية بشكل خاص على منصات LocalBitcoins و Paxful اللتين تعتبران من أكبر منصات النظير للنظير (P2P) في العالم من حيث حجم المعاملات.

بل بالرغم من تحذيرات البنوك المركزية وفرض الحظر؛ لا تزال التعاملات بالعملات المشفرة من خلال شبكات النظير للنظير جارية في دول مثل نيجيريا وكينيا, حيث اعتمدها المستهلكون لتجاوز اللوائح المالية الصارمة التي تحد من التحويلات النقدية من البنوك إلى شركات العملات المشفرة. وتحدث معاملات شبكات النظير للنظير في عدة دول أفريقية – وخاصة في نيجيريا – عبر محادثات المجموعات غير الرسمية على تطبيقات المراسلة مثل “تليغرام” و “واتساب” وغيرهما – بدلاً من على الأنظمة الأساسية التقليدية.

وهناك من يرأى أن زيادة استخدام العملات المشفرة في أفريقيا قد يؤثر في خطة الحكومات والبنوك المركزية بإطلاق عملاتها الرقمية الخاصة. بينما رأى آخرون أن إطلاق العملات الرقمية قد تكون محفّزا لرجال الأعمال الشباب في ظل انخفاض استخدام العملة النقدية في الاقتصادات الكبرى في القارة، حيث بدأ المستهلكون يتبنون طرق الدفع الإلكترونية الأخرى مثل  M-PESAفي كينيا وبطاقات الائتمان وبوابات الدفع في جنوب أفريقيا ونيجيريا ودول كثيرة أخرى.

العوامل التي تحفز تبنّي العملات المشفرة في أفريقيا

نما تبني العملة المشفرة في إفريقيا بنسبة 1200 في المئة بين يوليو 2020 ويونيو 2021 ، مما يجعلها أسرع معدل اعتماد في العالم. وجمعت إفريقيا ما قيمته 105.6 مليار دولار من العملات المشفرة في تقديرات العام الماضي مدفوعة بمعاملات النظير للنظير (P2P) في أسواق النمو الرئيسية.

وتلعب عدة عوامل دورا في تغذية نمو العملات المشفرة في إفريقيا, أهمها:

أولا: تكلفة التحويلات العابرة للحدود

تؤدي التحويلات المالية للأفارقة المغتربين من الخارج إلى داخل بلدانهم دورا مهما في الاقتصادات الأفريقية. ووفقًا للبنك الدولي، كانت تدفقات التحويلات إلى إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى لعام 2019 قريبة من 48 مليار دولار أمريكي, وكانت نيجيريا وحدها استقبلت 23.8 مليار دولار – أي حوالي نصف إجمالي التحويلات المرسلة إلى المنطقة. ومع ذلك, تكلف هذه التحويلات وإرسال الأموال العابرة للحدود في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى مبالغ باهظة؛ فالتحويل المالي إلى دولة أفريقية يكلف المغترب مثلا 8.9 في المئة من (المبلغ المرسل) في المتوسط.

ولذلك يفضّل العديد من الأفارقة استخدام العملة المشفرة لإرسال الأموال العابرة للحدود عبر شبكة النظير للنظير مع تفضيلهم الشبكات والبوابات التي تتعامل بـ “بيتكوين” – بدلاً من التحويل عبر البنوك الوطنية, وذلك لأن إرسال الحوالات بالعملات المشفرة وعبر منصات النظير بالنظير غالبا ما لا يحمل أي تكلفة أو تكون التكلفة أقل بكثير من البنوك.

ثانيا: التضخم المفرط وتخفيض قيمة العملات المحلية

شهدت مختلف الدول الأفريقية في العقد الماضي أزمة اقتصادية وارتفاع معدلات التضخم وتخفيض قيمة العملات الوطنية؛ ففيما بين عامي 2016 و 2017 بلغ معدل التضخم في جنوب السودان حوالي 102 في المئة, كما واجهت دول مثل نيجيريا وزامبيا وغانا وكينيا وموزمبيق وزيمبابوي ارتفاعًا في معدلات التضخم وانخفاضا لقيمة عملاتها الوطنية. ولذلك كانت بعض أكبر اقتصادات العملات المشفرة في هذه الدول.

بل في حالة زيمبابوي؛ ارتفعت معدلات التضخم – الذي بدأ منذ أكثر من عقد من الزمان – إلى ما يقرب من 89.7 سكستليون في عام 2008, واستمر التضخم حتى عام 2016, مما أجبر الزيمبابويين على التخلّي عن العملات والمناقصة القانونية لصالح العملات الدولية وعلى رأسها الدولار الأمريكي. وقد أدّى النقص الحاد في الدولار الأمريكي أيضا إلى لجوء الناس على “بيتكوين”. وقد أشار المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن الاعتماد الكامل للعملات المشفرة في زيمبابوي قد يقلل من التلاعب بالمعاملات وسيوفر حوالي 90 مليون دولار سنويًا في التحويلات للبلاد.

من جانب آخر, كان موقف العديد من النيجيريين الشباب وأصحاب الشركات الرقمية أن العملات المشفرة والافتراضية وسيلة أكثر أمانًا للمعاملات حيث “تحميهم” عن عملاتهم الوطنية المتضخمة أو قيمتها المنخفضة في وجه العملات الدولية. ولا تزال نيجيريا تواجه التحديات الاقتصادية رغم تعافيها من الركود في ظل تداعيات وباء كورونا. وفي العام الماضي (2020) اضطر البنك المركزي النيجيري إلى خفض قيمة العملة الوطنية (نَيْرَا Naira) بنسبة 24 في المئة مما دفع المواطنين للبحث عن مصادر دخل بديلة أخرى شملت تداول العملات المشفرة في المعاملات العابرة للحدود. بل وأضافت العديد من الشركات في البلاد مكونات الدفع بالعملات المشفرة لإجراء الدفع عبر الانترنت أو تطبيقات الهاتف الذكي.

ثالثا: الدفع عبر الهاتف المحمول وسوق السلع في إفريقيا

يساهم ضعف البنية التحتية المصرفية ببعض دول القارة في تعزيز تبني العملات المشفرة في أفريقيا. وقد أطلقت بعض الحكومات والبنوك المركزية منصات الدفع عبر الهاتف المحمول والتي ساعدتْ بالفعل في توفير الوصول المصرفي للملايين في السنوات القليلة الماضية. بل وأصبحت منصات الدفع عبر الهاتف المحمول الطريقة الأساسية المعتمدة لدى التجار الصغار والأشخاص الذين لا يمكنهم الوصول إلى الأنظمة المصرفية التقليدية في المناطق الريفية.

يضاف إلى ما سبق أن أكثر من 60 في المئة من سكان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هم من المزارعين وأصحاب الحيازات الصغيرة، كما أن نحو 23 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة يأتي من الزراعة. والرغم من تصدّر القارة الأفريقية في مجال إنتاج المنتجات الزراعية مثل الكاكاو والطماطم والفانيليا وغيرها؛ إلا أن الإمكانات الزراعية الكاملة للقارة لا تزال غير مستغلة لعدم وجود بوابة موحدة لتداول السلع الزراعية من القارة وصعوبة الدفع العابرة للحدود, خاصة وأن الخيارات المتاحة بهذا الخصوص تكّلف المشتري مبلغا كبيرا وتكبّد البائع عناء الإدارة وصعوبة التعامل.

وبالتالي, فإن تعوّد المزارعين والتجار الصغار – والذين لا يمكنهم الوصول إلى الأنظمة المصرفية التقليدية في المناطق الريفية – على استخدام المنصات القائمة مثل منصات الدفع عبر الهاتف المحمول لعمليات الدفع داخل دولتهم يقرّب التعامل مع العملات المشفرة إلى العديد من الأفارقة الذين هم على دراية بالفعل بمفهوم “محفظة النقود الرقمية” (digital money wallet).

خاتمة

يمكن القول بأن العملات المشفرة – كأي استثمارات أو ابتكارات مالية أخرى – تحمل مخاطر كما يمكنها أن تكون حلا لبعض التحديات القائمة. وتؤكد سرعة تبنّيها في القارة – رغم الحظر والتهديد من قبل الحكومات والبنوك المركزية – على أن النظام المالي القائم غير فعّال إلى حد ما, وأن الكثيرين يتوقون إلى وسائل الدفع البديلة للأموال الأفريقية الضعيفة والتي لا يمكن الاعتماد عليها. بل الأولى للحكومة الأفريقية استغلال تطور التكنولوجيا المالية ووضع لوائح منظّمة للعملات المشفرة والافتراضية – بدلا من حظرها- لأن القارة ستشهد في السنوات القادمة درجة أكبر من الاعتمادًا والابتكار للعملات المشفرة والأنظمة المالية الجديدة.

ظهرت المقالة العملات المشفرة في أفريقيا: بين رفض الحكومات وزيادة إقبال المستخدمين أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4878/cryptocurrency-africa-central-banks/feed/ 0 4878
الفرنك الأفريقي: نموذج التبعية للاستعمار الجديد https://alafarika.org/ar/4513/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9/ https://alafarika.org/ar/4513/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9/#respond Mon, 24 Apr 2017 04:46:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4513

شهدت منطقة الفرنك الأفريقي في الآونة الأخيرة موجة حراكٍ جديدٍ من مسؤولين كبار، لرفض السيطرة الأجنبية على جزءٍ كبيرٍ من السياسات الاقتصادية المفروضة على المنطقة، وخاصةً في الجزء المتعلق بالسياسات النقدية، وإن لم يكن هذا الحراك النضالي جديداً، فإن الذي يميزه بسابقاته، هو وجود فئةٍ من الشباب في مقدمة المناضلين، بجانب نخبةٍ من العلماء والمثقفين […]

ظهرت المقالة الفرنك الأفريقي: نموذج التبعية للاستعمار الجديد أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

شهدت منطقة الفرنك الأفريقي في الآونة الأخيرة موجة حراكٍ جديدٍ من مسؤولين كبار، لرفض السيطرة الأجنبية على جزءٍ كبيرٍ من السياسات الاقتصادية المفروضة على المنطقة، وخاصةً في الجزء المتعلق بالسياسات النقدية، وإن لم يكن هذا الحراك النضالي جديداً، فإن الذي يميزه بسابقاته، هو وجود فئةٍ من الشباب في مقدمة المناضلين، بجانب نخبةٍ من العلماء والمثقفين المختصين في المجال بهدف توعية الشعوب، والضغط على صناع القرار المتربِّعين على كراسي الحكم في هذه الدول للتجاوب مع مطالبهم، وللانضواء في صفٍّ واحدٍ للعمل مع القلة القليلة من الرؤساء الذين تجرؤوا توجيه انتقادات لاذعةٍ تجاه هذه السياسة النقدية،  وأفشوا خلالها الكثير من العيوب التي تعتريها في عدة نواحٍ، وتُؤثر سلباً على المستوى التنموي والاقتصادي لهذه الدول.

وفق هذه النخبة المناضلة من أجل استقلال نقديٍّ، فإن سياسات فرنسا تجاه هذه الدول هي المسؤولة عن التخلف الذي تعاني منه هذه الدول، وهي حجرُعثرةٍ أمام نجاح أيّ برنامجٍ اقتصاديٍّ تنمويٍّ، كما فتح المجال على مصراعيه لفرنسا لنهب ماتبقى من دولهم من المواد الخامة، بالاعتماد على اتفاقياتٍ مشبوهةٍ بعضها معلنةٌ عنها، والبعض الآخر مخفيٌّ تحت أدراج قصر “الإليزيه” يجهل مافي طيّاتها بعض رؤساء الدول أنفسهم، ناهيك عن الشعوب.

 هذه السياسة المُمنهجة والمدروسة بدقَّةٍ من واضعيها، تم فرضها على دول المنطقة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، بعدما تشكَّل على الساحة الدولية النظام الاقتصاديّ الدوليّ الجديد، حيث كان من ملامح هذا النظام، ظهور قضية التنمية الاقتصادية للعالم الثالث، كواحدةٍ من المشاكل الرئيسية في عالم ما بعد الحرب، حيث انقسم العالم إلى شمالٍ متقدّمٍ وجنوبٍ متخلِّفٍ، فانتهزت فرنسا هذه الدعوى الزائفة لتفرض على مستعمريها في إفريقيا سياسةً نقديةً جديدةً لم تراع فيها واقع الدول، واستمرت هذه السياسة مطبَّقةً عليهم حتى بعد نيلهم الاستقلال السياسي، حيث كان عدم إثارة مسألة السياسة النقدية، وعدم طرحها أو إثارتها من جديد واحداً من المحظورات الخمسة التي حدّدها الجنرال “شارل ديغول” للدول المستقلة، فبقىت هذه المسألة معمولةً وفق هوى المسؤولين في فرنسا، وهي نفس السياسية الاقتصادية التي طبّقها الزعيم النازي “أدولف هتلر” على فرنسا أثناء الاحتلال النازي.[1]

تتكون سياسات الاقتصاد الكليّ من نوعين من السياسات، تتكاملان فيما بينهما لتشكيل الاستراتيجية الاقتصادية للحكومات والدول، وهما السياسات المالية والسياسات النقدية وتعني الأخيرة – وهي التي تهمنا في هذا المقام-  مجموعة الأدوات النقدية التي يستخدمها البنك المركزي للتأثير على النشاط االاقتصادي عن طريق تغيير عرض النقود، وتُركِّز على سلوك الأسعار، والمجاميع النقدية ومعدّلات الفائدة الإجمالية والحقيقية للتعامل مع المتغيّرات الاقتصادية، [2] وتتعدد أدوات وآليات السياسة النقدية ضيقاً وسعةً حسب النتيجة التي تريد الدولة تحقيقها، و تكمن أهمية السياسة النقدية على الصعيد المحلي في أنه لا تستطيع أي دولة تحقيق النمو والاستقرار الاقتصادي ما لم تضم في أنظمتها نظاماً نقدياً قادراً على توفير السيولة اللازمة للاقتصاد، والقيام بالمراقبة والتحكُّم على مختلف المؤشرات التي تعكس الأداء الاقتصادي، وعلى الصعيد الدولي فلا يُتوقع وجود تجارةٍ مزدهرةٍ ولا علاقاتٍ تجاريةٍ متطوّرةٍ لأي دولةٍ ما لم تكن قادرةً على التنافس التجاري، ضامنةً قدرة نقدها على التكيّف مع المتغيرات الدولية.[3]

  ولايُتصور نجاح أي دولةٍ في الوصول إلى هذه الأهداف مالم تضمن لنفسها الاستقلالية الكاملة لسياساتها النقدية، الأمرالذي لم يتحقق حتى الآن لدول المنطقة الفرنسية، فظلت تعاني من نتائج التبعية الاقتصادية، وتجدر الإشارة إلى أن زعيم الحرية “نلسون مانديلا” أدرك حساسية هذه النقطة وعدم قابليتها للمساومة فكان الاستقلال النقدي من الشروط التي فرضها على خصومه قبل منحه الحرية.

المسار التاريخي لمنطقة الفرنك الإفريقي

مع نهاية الحرب العالمية الثانية برزت على السطح قضية الانقسام بين الدول المتقدمة والدول النامية وذلك بسبب تداعيات العلاقات الدولية عند نهاية الحرب، وكان معظم المناطق المتخلفة قد خضعت للاستعمار منذ القرن التاسع عشر أو قبله، فبرزت في الاقتصاد العالمي تبعيةٌ كاملةٌ أو شبه كاملةٍ [4] وأصبحت هذه الدول  جزءاً من لعبة التوازن الدولي، فتأثرت السياسات الاقتصادية للدول النامية بسياسيات مستعمريها، وبما أن ظروف الحرب أنهكت فرنسا اقتصادياً، جعلت فرنسا مستعمراتها هدفاً للنهوض من جديد، وفق خطةٍ طويلة المدى، وذلك إما باستعمارها المباشر لها، أومن خلال توقيع اتفاقياتٍ اقتصاديةٍ ونقديةٍ، تنزع منها السيادة في مباشرة السياسات الاقتصادية الخاصة بها، ولو بعد الاستقلال.

ففي سبتمير عام 1939 في إطارٍ متَّصلٍ بإعلان الحرب ضد ألمانيا، أصدرت فرنسا مرسوماً ينشئ نظام صرفٍ مشتركٍ لجميع الامبراطورية الفرنسية، فكان المرسوم إعلانا لنشأة “منطقة فرنك” وتميزت بحرية الصرف، وفي ديسمبر 1945 تم إنشاء نقدٍ خاصٍّ باسم “مستعمرات فرنسا الإفريقية”«colonies françaises d’Afrique – C.F.A» وحُدِّدت قيمتها بـ 1.7 فرنك فرنسي، ووصلت القيمة فيما بعد تحديداً عام 1949 إلى 2 فرنك فرنسي [5] مايعني أنه تم ربط العملة بالفرنك الفرنسي مباشرةً، وظل الوضع هكذا إلى أن نالت هذه الدول استقلالها السياسي، وتم توقيع اتفاقيات التعاون الاقتصادي، عُدِّل بموجبها في اسم وشكل العملة بينما بقي المسمى والمضمون قائماً.

عشية الاستقلال السياسي، أخذت منطقة الفرنك الأفريقي شكلاً جديداً؛ وذلك بموجب اتفاقيات تعاونٍ جمعت مختلف الدول الإفريقية بفرنسا، ففيما يخصّ دول الغرب الأفريقي الفرنسي، تم التوقيع على اتفاقية “الاتحاد النقدي لدول غرب أفريقيا” “U.M.O.A” وجمع الاتحاد سبع دول هي (السنغال، داهومي – بنين حاليا-، فولتا العليا –بوركنا فاسو حاليا-، نيجر، ساحل العاج، توغو، موريتانيا) واختصّ البنك المركزي لدول غرب أفريقيا “B.C.E.A.O” بالإدارة النقدية لهذه الدول، لم تصادق دولة مالي على هذه الاتفاقية، وبقيت مستقلةً بعملتها الخاصة “الفرنك المالي”، حتى 1984 حيث انضمت بشكلٍ نهائيٍّ مجدداً في منطقة الفرنك الأفريقي[6] في حين أن غينيا كوناكري أحد المستعمرات الفرنسية في الغرب الأفريقي، أسَّست بنكها المركزي وعملتها الخاصة منذ 1960، [7] وانسحبت موريتانيا ومدغسقر من المنطقة سنة 1973، وانضمت إليها مُؤخراً غينيا بيساوو، وغينيا الاستوائية في عام 1985.[8]

في مقابل ذلك اجتمع خمس دولٍ من دول الوسط الأفريقي هي (كاميرون، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وكونغو، وغابون، وتشاد) في اتحاده النقدي، ووُكِّل البنك المركزي لدول أفريقيا الاستوائية والكاميرون “B.C.E.A.E.C” بالإدارة النقدية للاتحاد، تحوَّل فيما بعد إلى البنك المركزي لدول وسط أفريقيا “B.E.A.C“، لقد خضت هذه المؤسسات النقدية لجملةٍ من الإصلاحات منذ إنشائها بعد الاستقلال مباشرةً، إلى أن استقرت على حالها، فاليوم تطلق المنطقة الفرنسية ويُقصد بها مجموع 15 دولةٍ أفريقيةٍ، ثمانيةٌ منها في الغرب الأفريقي، وستَّةٌ منها في الوسط الأفريقي، بالإضافة إلي دولة جزر القمر في الشرق الأفريقي، وهي اليوم تجمع 155 مليون نسمة، ومع ذلك مُورست عليها سياسة التبعية الاقتصادية لأكثر 70 سنة، تُطبع لها عملتها من قرية  “شماليير” “ Chamalières” في فرنسا وتصدَّر إليها، ويضمن سيولة العملة البنك المركزي الفرنسي، مقابل ضريبةٍ تُقدَّر بمليارات تدفعها حكومات هذه الدول، من جيوب شعوبهم الفقيرة.

دول الفرنك الإفريقي في استرهانٍ عبوديٍّ لفرنسا

مسألة ضرب النقود أو بالأحرى الاستقلالية النقدية مسألةٌ دستوريةٌ، مايعني أنها أمرٌ سياديٌّ في كل المقاييس؛ ولذا نجد دساتير بعض الدول تعالج هذه المسألة بنفسها، واتخاذ بعض القرارات فيها يقتضي عرضها في استفتاءٍ شعبيٍّ،  كما فعلته فرنسا بالذات عام 1992 حين عرضت قضية الدخول في اتفاقية “مانستريت” ” Maastricht” في استفتاء شعبيٍّ، وهي الاتفاقية التي سمحتها بالدخول في منطقة “يورو”، هذا كله للدلالة على حساسية هذه المسألة، وكونها مسألةً سياديةً؛ وأنها لاتقل أهمية عن الاستقلال السياسي، بل القرار السياسي المستقلّ متوقِّفٌ على الاستقلال الاقتصادي، وهذا الحق الطبيعي حُرمت شعوب هذه المنطقة من ممارستها إلى اليوم، فنشأت هذا النقد بمرسومٍ رئاسيٍّ تحت الرقم 45 – 0136 وبتوقيع من الرئيس الجنرال “شارل ديغول”، ووزير المالية الفرنسية  “ريني بليفن” ووزير المستعمرات الفرنسية آنذاك “جاك سُوستِيل” ومازال أهم القرارت التي تخص العملة متداولةً في قصر “الإليزيه” ثمَّ تُمرَّر في اجتماعاتٍ صوريةٍ يحضرها الرؤساء، في مؤسساتٍ مشلولةٍ، مهمَّتُها تبرير العبودية المفضوحة، التي تمارسها فرنسا على هذه الدول.

يتولى ثلاث بنوك الإدارة النقدية لمنطقة الفرنك الإفريقي، هو البنك المركزي لدول غرب أفريقيا،”B.C.E.A.O” والبنك المركزي لدول وسط أفريقيا”B.E.A.C“، والبنك المركزي لجزر القمر “B.C.C”، وهذا من حيث الشكل يوحي إلى استقلاليةٍ تامةٍ لدول المنطقة في وضع السياسات النقدية الملائمة لوضعها الاقتصادي، إلا أنه في الحقيقة أشبه مايكون الأمر عمليةً لذر الرماد على العيون، لأن الواقع هو أن الاتفاقيات التأسيسية للاتحادات النقدية، والأنظمة الأساسية لهذه البنوك، تم ربطها مع فرنسا بشكلٍ معمَّدٍ ومدروسٍ باتفافاتٍ تعاونيةٍ ملزمة لها، وذلك لتكبيلها والتضييق عليها، وتقييد صلاحياتها بشكلٍ يسلب منها كل أنواع الفعالية، بل تم الوضع في الاعتبار كيفية تحقيق المصالح الفرنسية على المدى البعيد.

نأخذ على سبيل المثال الاتحاد الاقتصادي والنقدي لدول غرب أفريقيا التي تأسست في عام 1994، والذي يعمل وفق الميثاق المعدل لسنة 2003، والميثاق الأساسي المعدل لسنة 2007، أفرز هذان الميثاقان النظام الأساسي للبنك المركزي لدول غرب أفريقيا، وكان تُفترض له الاستقلالية الكاملة نتيجةً لسيادة الدول الموقعة عليها، ولكن نجد أن الاتفاقية الموقعة بين فرنسا والدول الأعضاء لهذا الاتحاد الموسومة بـ “الاتفاقية بين الجمهورية الفرنسية والجمهوريات الأعضاء للاتحاد النقدي لغرب أفريقيا” لسنة 1973، فرضت التدخل المباشر لفرنسا في إدارة هذا البنك، فنصَّت المادة العاشرة على مايلي “تعين الحكومة الفرنسية إداريَيْن(فرنسييْن) يشاركان في المجلس الإداري، للبنك المركزي لدول غرب أفريقيا، ويكون لهم نفس الوضعية ونفس الصلاحيات التي تكون للإداريين المعينين من قبل أعضاء الاتحاد”، وعلى هذا الأساس، ووفق المادة 81 من النظام الأساسي للبنك، فهذان العضوان الفرنسيان من بين ستة عشر عضواً للمجلس،  لهما حق التصويت واتخاذ القرار؛ بل لهما حق النقض في داخل المجلس، ومن البديهي أن أي سياسة تعارض سياسة فرنسا الاقتصادي لايصدِّق عليه المجلس الإداري للبنك.

وهكذا أيضا نجد الاجراء نفسه في المجلس الإداري للبنك المركزي لدول وسط أفريقيا الذي يضم حاليا ثلاثة إداريين فرنسيين، من مجمل أعضائه الثلاثة عشر، وفي البنك المركزي القمري الذي يضم في مجلسه الإداري أربعة فرنسيين، من مجمل أعضائه الثمانية[9] الأمر الذي لايضع مجالاً للشك في أن هذه المؤسسات النقدية تخدم فرنسا أكثر مما تخدم حكومات هذه دول المنطقة، بل حتى بعض المسائل ليست للمجالس الوزراية فيها -أحد المؤسسات الأساسية للاتحادين- إلى تلقي البلاغ فقط من الجمهورية الفرنسية صاحب القرار فيه، كما هو الشأن في الاتحاد النقدي لغرب أفريقيا؛ حيث نصت المادة الخامسة في الفقرة الثانية من اتفاقية التعاون الاقتصادي بين فرنسا والدول الأعضاء مايلي: ” تُبلغ الجمهورية  الفرنسية المجلس الوزاري تطورات الفرنك الأفريقي في الأسواق وكل المسائل النقدية التي لها صلة بالمصلحة الخاصة للاتحاد”، ولذلك كان قرار تخفيض قيمة عملة الفرنك الأفريقي لسنة 1994 قراراً فرنسياًّ أحاديَ الجانب مفروضاَ على الرؤساء، وكانت المصادقة عليها مجرَّد تنفيذٍ لرغبة فرنسا.

تداعيات الفرنك الأفريقي على اقتصاديات دول المنطقة:

لم يكن التدخل العلني في المجالس الإدارية للبنوك، والذي أخل بسيادة الدول بشكلٍ مباشرٍ، هوالعيب الوحيد في الاتفاقيات التي فُرضت على الحكومات المتعاقبة لدول المنطقة، بل كان من ضمن هذه السياسات الاستغلالية، إدراج أربعة مبادئ على نصوص الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين، تلتزم بها دول المنطقة في تعاملها مع فرنسا، وهذه المبادئ هي:

  • – مركزية الحسابات أو (حساب التشغيل).
  • – التعادل الثابت بين الفرنك واليورو أي (ثبات سعر الصرف).
  • – حرية تحويل الفرنك الأفريقي إلى اليورو.
  • – حرية تحويل رؤوس الأموال إلى فرنسا.

هذه المبادئ أحدث فجوةً كبيرةً بين القوة الاقتصادية الحقيقية لدول المنطقة، والواقع الذي تم فرضه عليهم، هذا الاختلال الدرجي وفّر لفرنسا خدماتٍ اقتصاديةٍ تصبُّ في صالحها، في حين أنهك الاقتصاد الوطني لدول المنطقة، وفي كل مبدأ من هذه المبادئ هدف خاصٌ وُضع بعناية، لخدمة فرنسا، فمن مقتضيات المبدأ الأول وهو، مركزية الحسابات (حساب التشغيل) تسليم احتياطاتٍ نقديةٍ إلى خزينة فرنسا كضمانِ للعملة، وعملت فرنسا بهذ المبدأ قبل الاستقلال وبعده بنسبٍ متفاوتةٍ، فمن عام  1945 إلى 1973 كانت دول منطقة الفرنك الأفريقي تضع 100% من أصولها الأجنبية إلى خزينة فرنسا، ومن عام 1973 إلى 2005 تم تخفيض النسبة إلى 65%، ومن 2005 إلى يومنا هذا تقوم دول المنطقة بإيداع 50% من أصولها الأجنبية إلى الخزينة الفرنسية [10] ومن خلال هذا المبدأ تقوم فرنسا بتوفير المواد الخامة دون دفع ثمن نقديٍّ مباشرٍ لدول المنطقة، ويعين هذا الإجراء فرنسا في سدِّ عجزها الميزاني، أو إحداث توازنٍ في ميزان مدفوعاتها التجاري، أوسدِّ ديونها الخارجية، وبما أن هذه الدول تعطي أصولها الأجنبية لفرنسا فلا تستطيع الاستيراد من الدول الأخرى، وبالتالي تسبب لنفسها الكساد في ميزان مدفوعاتها، ومن جانب آخر تقوم فرنسا بإيداع هذه المبالغ الطائلة التي تسلمتها من الدول في البنوك، ويجلب لها هذه الإيداعات أرباحاً تُنعش بها اقتصادها، وتوزع جزءاً من هذا الأرباح على هذه الدول في شكل مساعداتٍ أو ديونٍ وهو في الأصل من رؤوس أموال دول المنطقة.[11]

أماالمبدأ الثاني وهو التعادل الثابت بين الفرنك واليورو أي (ثبات سعر الصرف) يعني بقاء سعر الصرف مربوطاً بيورو وثابتاً، وفي ذلك محاولة إقناع حكومات المنطقة بأن قوة العملة تصب في مصلحتها، الأمر الذي يتنافى مع الحقيقة، فوفق هذا المبدأ يبقى سعر صرف الفرنك الأفريقي مقابل اليورو ثابتا لايتغير تم تثبيته في 655,957 ما يعني أن دول المنطقة لاتستطيع التصرف في هذه النسبة لإحداث التوازنات المطلوبة والضرورية لاقتصادها، معتمداً على قانون العرض والطلب في السوق المحلي، أوعلى معطيات التقلُّبات في السعر والتي تحدث في السوق الدولي، ومن سلبيات هذا المبدأ فقدان أقوى سلاحٍ يمكن الاستناد إليه في السياسات الاقتصادية والنقدية، وهو القدرة على التحكم على سعر الصرف، كما نتجت من المبدأ ، خللٌ كبير في الميزان التجاري لدول المنطقة، فدول الاتحاد النقدي لدول غرب أفريقيا مثلاً – باستثناء ساحل العاج- كلُّها يخسر كل سنةٍ في ميزانها التجاري، أدى ذلك تلقائيا إلى عدم القدرة على تمويل الاقتصاديات الوطنية إلا بنسة 23% فقط، بينما بعض الدول الأفريقية مثل جنوب فريقيا وصلت نسبتها التمويلي إلى 155 مايعني أن اقتصاد دول المنطقة اقتصاد مقايضة فقط وذلك للضعف التمويلي[12] ولأنها أيضا لم تستطع الدخول في التنافس التجاري وحماية منتجاتها المحلية.

ويقضي المبدأ الثالث وهو حرية تحويل الفرنك الأفريقي إلى اليورو على أن الفرنك الأفريقي غير قابلة للتحويل إلا على يورو فقط وبدون تحديد الكمية التي يمكن تحويلها دورياًّ، وحتى بين دول المنطقة لايمكن صرف الفرنك الأفريقي، فعملة منطقة الغرب غير قابلة للتحويل في دول منطقة الشرق والعكس كذلك غير ممكن، والعامل السلبي في هذا هو إعاقة حرية التجارة بين هذه الدول؛ ولذلك فمستوى التبادل التجاري بينها لا يتخطى 15% في حين أن الدول الأروبية وصلوا إلى 60%  بينما المبدأ الرابع وهو حرية تحويل رؤوس الأموال إلى فرنسا، والذييُمكِّن للمستثمر الأجنبي وحتى الوطني  بنقل رؤس الأمول من المنطقة إلى فرنسا دون قيد تشريعيّ، أدى إلى انتفاء الادخار العام [13] وهذا هذا ما جعل البنك المركزي لدول غرب أفريقيا يلغي من نظامه الأساسي بند الدعم في الميزانية المخصَّص للدول الأعضاء إذا تعرضوا للعجز الميزاني[14] مع أنه كان موجودا حتى عام 2002.[15]

يظهر جلياًّ مما سبق أن التخلف الاقتصادي وفشل البرامج التنموية الذي تعاني منه دول منطقة الفرنك الأفريقي الجزء الكبير منه يرجع إلى طريقة إدارة هذا النقد، فكلُّ دول المنطقة غير “غابون” في قائمة “الدول الأقل نموا”  وفي قائمة “الدول الفقيرة والمثقلة بالديون” حسب تصنيفات برنامج الأمم المتحدة للتنمية [16] وفي آخر بيانات الصندوق النقد الدولي للخمسِ وعشرين الدُّول الأكثر فقراً في العالم حسب الناتج المحلي، تتضمن ستُّ دول من دول المنطقة،[17] كما أن أربع أفقر دولة في العالم حسب مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة  باستثناء إريتيريا تنتمي إلى منطقة الفرنك الأفريقي.[18]

مسارات النضال ضد الفرنك الأفريقي

اتّسم الحراك النضالي ضد الفرنك الأفريقي بملامح مختلفةٍ، واستمر في شكل مدٍّ وجزرٍ استطاعت فيه فرنسا استعمال سياسة العصا والجزرة مع القادة الأفارقة، ونجحت فيها بجدارةٍ، ففي حين جعلت فرنسا إثارة الموضوع خطاًّ أحمر، ظهر ثلاث اتجاهاتٍ في الطبقة السياسية الإفريقية، اتجاهٌ راضٍ بالواقع أعطى فرنسا ولاء كاملاً وهذا الاتجاه يتزعمه الرئيس العاجي “فيليكس أوفيت بواني” والرئيس السنغالي “لوو بول سدار سنغور” واتجاهٌ ثانٍ حاول تطبيق سياسة شعرة معاوية مع فرنسا، واكتفى بالمطالبة بإصلاحاتٍ داخليةٍ دون الانقطاع الكامل مع خزانة فرنسا، ومن فضل هذا الاتجاه تم خفض نسبة الاحتياطات من 100% إلى 65%، عام 1973 ويتزعم هذا الاتجاه رئيس دولة بنين  “نياسيكبي أياديما” في حين أن الاتجاه الثالث جاوز هذه الخطوط الحمراء داعياً إلى استقلالٍ نقدي كاملٍ، ويتزعم هذا الاتجاه الرئيس البوركينابي الثوري “توماس سنكارا” و رئيس دولة مالي “موديبو كيتا”، وفي حين أن الشعوب دفعت ثمن الاتجاهين الأوليين، وكسب زعماؤها جزرة فرنسا، كان دافعوا ثمن الاتجاه الأخير قادتُه أنفسهم، حيث لم يتأخر العصا الفرنسي بتصفيتهم بلا هوادة.

انعكس أثر هذه الاتجاهات في ملامح النضال الحالي، دون فرقٍ كبيرٍ في طبيعته، ففي منطقة الغرب الأفريقي بقي موقف ساحل العاج أكبر دافعٍ للاحتياطات لفرنسا منسجماً مع الموقف السنغالي ثاني أكبر اقتصاد هذه المنطقة، وفي تصريحات علنيةٍ دافع فيها كلاًّ من الرئيس العاجي الحالي[19] “الحسن وترا” والرئيس السنغالي الحالي[20] “ماكي صال” عن هذا النقد، وأنه جديرةٌ لتنمية دولهم ويجب الحفاظ عليه، بينما كان خروج[21] الرئيس التشادي “إدريس ديبي” بمثابة استلهامٍ مباشرٍ لتيار “توماس سانكرا” و”موديبو كيتا”، وترجمةٍ فعليةٍ لمشاعر عديد من الرافضين لهذه التبعية الاقتصادية، حيث صرح علناً على أن هذه العملة، هي المسؤولية عن التخلف الذي تشهده دولهم، وأنه آن الأوان للاستقلال النقدي، وانضاف في هذا الاتجاه العالي المستوى إلى جهود عديدٍ من الخبراء الاقتصاديين الأفريقانيين، الذين فنَّدوا بطرقٍ علميةٍ جدوى هذه السياسة النقدية، ووصفوها بالعبودية المقنَّنة، وقترحوا خطواتٍ عمليةٍ للخروج من هذا المأزق، كما كان للناشطين الشباب حضورا قويا لتوعية الرأي العام الوطني والإقليمي، حيال المخلفات السلبية التي تسببها هذه السياسة في مستقبل دولهم، كان أبرزهم الناشط والكاتب “كمي سيبا” والذي نجح من خلال المنظمة غير الحكومة التي يرأسها “Urgences Panafricanistes” عقدَ سلسلة لقاءاتٍ وفعالياتٍ جماهيرية بالتنسيق مع منظمات أخرى معنية، في عدة عواصم أفريقية وأروبية لتعبئة الرأي العام عند الشعوب الأفارقة المقيمين في دولهم والمغتربين في المهجر.

الفرنك الإفريقي ورحلة البحث عن البديل  

أغلب الدول التي تنضوي تحت مظلة الفرنك الأفريقي، نالت على الاستقلال مؤخراً مع العديد من الدول التي كانت تحت المستعمر الفرنسي نفسه، وبعضها كانت تحت المستعمر الانكليزي، إلا أن المستعمر الأخير وضع لمستعمراتها خيار الارتباط بالخزانة الانكليزية أو الاستقلال، فاختارت هذه الدول الاستقلال الاقتصادي، وعند المقارنة نجد أن هذه الدول من نيجيريا إلى كينيا تملك نقداً مستقلاً، وتتقدم على هذه الدول في كل المقاييس، أضف إلى ذلك أن بعض المستعمرات الفرنسية ذاتها والتي تحدَّى فرنسا وتجاوزت الخطوط الحمراء الفرنسية فاستقلت اقتصاديا، نجحت في إدارة عملتها بنجاحٍ، وعندنا المثل التونسي والمغربي والجزائري والغيني، واليوم فالواقع يفرض على دول المنطقة، إيجادَ رؤيةٍ واضحةٍ للخروج من عنق الزجاج، وليس بالضرورة أن يكون خروجاً مأساوياً، بل وفق خطة مدروسةٍ أطلق عليه الخبير الاقتصادي والوزير “البيني” السابق “كوكو نوبكبو” بــ” الخروج من الأعلى”.

 لكي يكون الخروج من هذه المنطقة خروجاً علوياًّ، اقترح الخبراء أن تتحد دول المنطقة في ضرب نقدٍ أفريقيٍّ مستقلٍّ يجمع دول المنطقة، وهو عمليةٌ متصورةٌ وممكنةٌ لأن جميع هذه الدول باستثناء جزر القمر يتموقع في منطقةٍ جغرافيةٍ واحدةٍ، وهذا أكبر قاسمٍ مشتركٍ لهذه الدول لإنجاح المشروع، ولتحقيق دعائم الاقتصاد القوي المتمثلة، في عدة أمور، تبدأ بإنشاء بنك موحَّدٍ لدول المنطقة، وتليها تقويةُ الصناعات التحويلية، باستخدام مواردها الخامة، بدل تصديرها إلى الخارج بتكلفةٍ رخيصةٍ، ثم استيرادها من جديدٍ بتكلفةٍ أعلى، بعد ذلك وبشكلٍ تلقائيٍّ سيحصل التنافس التجاري القوي بينهم، من خلال حماية منتجاتهم باستخدام سلاح التحكم على سعر الصرف وفرض الضرائب، فإذا نجحت جنوب أفريقيا وأنغولا ونيجيريا في تصدر قائمة الدول الأفريقية من حيث حجم التبادل التجاري مع فرنسا فلأنهم يمتلكون هذه الأسلحة فقط لاغير، والمليارات التي تُضخُّ في الخزينة الفرنسية، يمكن استخدامه في التمويل الاقتصادي ودعم ميزانيات الدول.

يكفي أن يكون المرء مواطناً عادياً يعيش في هذه الدول ليعرف حجم الكساد الاقتصادي الذي تغرق فيه دول منطقة الفرنك الأفريقي، فأفقر دولةٍ في العالم حسب مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة توجد في هذه المنطقة، وهذه الدولة بذاتها تملك 8% من احتياطات اليورانيوم في العالم [22]  في المرتبة الرابعة بعد روسيا مباشرةً،  وهي التي تُزود فرنسا بـ 35% من احتياجاتها من الطاقة النووية عبر شركة “أريفا” [23] ولعلّ هذا الغيض من الفيض هو ما أثار حفيظة  “جاك شيراك” – الرئيس الفرنسي من 1995 إلى 2007 – فطفق يقول: “جزءٌ كبيرٌ من المال الذي في خزانتنا يأتي من استغلالنا لأفريقيا لمدة قرونٍ، لا أقول تكرُّماً لكن يلزمنا القليل من الحكمة والعدالة لنرجع للأفريقيين ماأخذناه منهم، وهذا ضروريٌّ إذا أردنا تلافي التشنُّجات والصعوبات مع ما قد يصاحبها من تداعياتٍ سياسةٍ في القريب العاجل” [24] كما تبنت هذا التوجه ” مارين لوبين” فلم تمنعها زعامتها لأشد حزب تطرفا في فرنسا-الجبهة الوطنية- من أن تقول: ” أن صورة الفرنك الأفريقي كارثةٌ على الاقتصاد الأفريقي وعلينا أيضا، و وهي واحدة من السلبيات الأساسية التي عملت على خنق الاقتصاد الأفريقي إلى الأسوأ، ونحن هنا بصدد قتل الاقتصاد الافريقي، وكما أدافع عن استقلالية اقتصادية لوطني أيضا أدافعها لكل الدول، فلكل الدول الحق في امتلاك نقد مستقلّ وهو عنصر من عناصر السيادة ” [25]

هذا القليل من الحكمة إذا كانت لازمةً على فرنسا، فألزم  مايكون على القادة الأفارقة، ولكن المؤسف هو أن نسبة الإداريين من رؤساء المنطقة الفرنسية غلبت على نسبة القادة أصحاب الرؤى، فغابت الرؤية في طريقة قيادة الدول وحلَّت مكانها التبعية والاتكاء على الآخرين، وأما قادة فرنسا وإن كانوا مدانين أمام الضمير الإنساني، فهم في منطق العقل غير مدانين لأنهم يعملون في تحقيق مصالح شعوبهم، وإنما الشجب والإنكار يُوجه على الرئيس الذي لم يُوظَّف طاقته في تحقيق مصالح أمّته، فالنقد ليس مسألة تقنية فحسب بل هو وسيلة سياسية متصلة مع سيادة الشعوب.       


[1] Ramona KALIN, Cornelia GRAF, Julia Blum, Isabelle ASCWANDEN, Paris sous l’Occupation allemande, Semaine d’étude à Paris, HEP Lucerne, p. 2

[2] Carl E. WALSH, Monetary Theory and Policy, third edition, Massachusetts Institute of Technology, 2010, p.1

[3] Ales DELACORDA, the role of monetary policy in pursuing economic activity in selected transition countries, research support scheme, p. 2

[4]  حازم الببلاوي، النظام الاقتصادي الدولي المعاصر، من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى نهاية الحرب الباردة، ص 29

[5] Les principes de la coopération monétaire en Zone franc, Réunion des ministres des Finances de la Zone franc – Paris, 3 avril 2008, p.2

[6] Le Franc CFA et l’interrelation Economique en Afrique Centrale, Commission Economique pour L’Afrıque, Nation unis, p. 13

[7] Claude Kory KONDIANO et Facinet SYLLA,, L’Histoire de la monaei et de la bank central Guineennes, p. 11

[8] Patrick GUİLLAUMONT et Sylviane GUİLLAUMONT Jeanneney, Les accords de coopération monétaire de la Zone franc : atouts et contraintes, fondation pour les études et recherches sur le développement international, 2013, p. 2

[9] Nicolas AGBOHOU, LE FRANC CFA ET LE DEVELOPPEMENT DE L’AFRIQUE, p. 10

[10]  AGBOHOU, p. 22

[11] Nicolas AGBOHOU (GRANDE CONFERENCE SUR LE FRANC CFA A MARSEILLE) Oct 31, 2014

[12] La Fondation Jean-Jaurès  sur un débat public Kako Nubukpo Jan 6, 2017

[13] Nicolas AGBOHOU PAYS AFRICAINS: Pouvons-nous devenir émergent avec la monnaie imposée par la France? Reçoit par Thierry NGOGANG 17/07/2014

[14] Statut de la banque centrale des etats de L’Afrique de L’ouest art 36

[15] La Fondation Jean-JAURES  sur un débat public Kako Nubukpo Jan 6, 2017

[16] Demba Moussa DEMBELE : La Zone Franc : Perpétuation du pacte colonial, http://www.cadtm.org/ 17 avril 2013

[17] Data collected from International Monetary Fund, World Economic Outlook Database, October 2016, by global finance magazine  February 13, 2017

[18] Rapport sur le développement humain en Afrique 2016

[19] Côte d’Ivoire Franc CFA – Ouattara, avocat de la monnaie coloniale contre Idriss Déby Itno, http://www.connectionivoirienne.net,  jeudi 14 Avr 2016

[20] Macky Sall : «Le franc CFA est une bonne monnaie à garder», http://www.seneweb.com, Le 21 décembre, 2016

[21] Le Président tchadien Idriss Déby L’Afrique ne peut pas évoluer avec la monnaie Francs CFA. conférence de presse à Abéché, Tchad où était célébré le 55ème anniversaire de l’Indépendance Aug 12, 2015

[22] Réserves d’uranium naturel dans le monde, http://www.connaissancedesenergies.org.

[23]  سيد أحمد ولد شيخنا، النيجر ثروات في مهب الصرعات الدولية http://www.aljazeera.net

[24] Déclaration Chirac en mai 2008, http://www.dailymotion.com/video/xb98ui_chirac-declare-en-mai-2008-que-la-f_news#tab_embed

[25] Marine Lepen: Le Franc CFA est un Drame pour l’économie Africaine, publier en 28 Nov 2016

ظهرت المقالة الفرنك الأفريقي: نموذج التبعية للاستعمار الجديد أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4513/%d8%a7%d9%84%d9%81%d8%b1%d9%86%d9%83-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a-%d9%86%d9%85%d9%88%d8%b0%d8%ac-%d8%a7%d9%84%d8%aa%d8%a8%d8%b9%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%84%d8%a7%d8%b3%d8%aa%d8%b9/feed/ 0 4513
المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: مقومات النجاح وقيود التكامل https://alafarika.org/ar/4429/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%85%d9%88%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/4429/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%85%d9%88%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/#respond Thu, 05 Jan 2017 17:30:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4429

يعتبر انضمام الدول إلى التكتلات الاقتصادية الدولية إحدى الوسائل الرئيسية التي تساعد على تحقيق معدلات مرتفعة من الرفاهية الاقتصادية والمزايا المالية الكبيرة مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل، وتتجه دول غرب أفريقيا إلى إقامة علاقات اندماجية متكافئة فيما بينها بهـدف تبادل المصالح الاقتصادية والاستفـادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة، وتوحيد القـواعـد والإجراءات […]

ظهرت المقالة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: مقومات النجاح وقيود التكامل أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

يعتبر انضمام الدول إلى التكتلات الاقتصادية الدولية إحدى الوسائل الرئيسية التي تساعد على تحقيق معدلات مرتفعة من الرفاهية الاقتصادية والمزايا المالية الكبيرة مقارنة بما كانت تحصل عليه عندما كانت خارج التكتل، وتتجه دول غرب أفريقيا إلى إقامة علاقات اندماجية متكافئة فيما بينها بهـدف تبادل المصالح الاقتصادية والاستفـادة من الموارد الطبيعية والبشرية المتاحة، وتوحيد القـواعـد والإجراءات مما يؤدي إلى الزيادة في الإنتاج وتنمية التبــادل التجـاري وتحقيق مزيد من الفوائد المشتركـة بين بلدان المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (ECOWAS / CEDEAO).

منذ استقلال الدول الأفريقية من القوى الاستعمارية وهي تسعى لتضافر جهودها مما تمخض عنه على المستوى القاري إنشاء “الاتحاد الافريقي“؛ غير أنه خلال حقبة السبعينيات والثمانينيات تحديـدا شهدت القارة ميلاد العـديد من التكـتلات الاقتصادية داخل الأقاليم الفرعية والتي ادعى القادة السياسيون انها تأتي تلبية لطموحات وآمال الشعوب وللتغلب على الظروف الاقتصادية الصعبة عبر التعاون والتكامل الاقتصادي. وخلال فترة قصيرة تزايدت هذه التجمعات كالفطـر في أرض جرداء، فتداعـى الى العاصمة البوركينابية “واغادوغو” فى مارس 2006؛ المؤتمر الوزاري الأول للوزراء الأفارقة المعنيين بالتكامل الإقليمي لتدارس “ترشيد التجمعات الإفريقية القائمة”، وكان أن بحث المشـاركون الإسراع بعملية دمج وترشيد التجمعات الإفريقية القائمة في أقل عدد ممكن؛ وكانت حجتهم في ذلك “ان تعدد التجمعات الإفريقية يمثل تكرارا للأهداف، ويخلق تداخلا في البرامج مما يلقى أعباء على العمل الإفريقي المشترك، ويؤثر سلبا على مستقبل التكامل بين دول القارة”، وكان من النتائج المباشرة لهذا المؤتمر أن مفوضية الاتحاد الأفريقي لـم تعـد تعترف سـوى بثمانية تكتلات اقليمية فقط كلبنات للتكامل الإفريقي  Building Blocks، مـن بين 166 تكتـلا إقليميا على الأقل في الوقت الراهن؛ توجد منها خمس على الأقل في غرب افريقيا هي الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا “UEMOA”، واتحاد نهر مانو MRU، واتحاد منظمة استثمار نهر السنغال OMVS، ومجموعة دول الساحل G5، و الإيكواس CEDEAO.

تعود فكـرة إنشاء مجموعة غرب أفريقية الى العام 1964 على أيدي الرئيس الليبيري وِلْيَامْ طُوبْمَانْ الذي أطلقها بعـدما وقـع في فبراير 1965 على اتفاق يضـم الى جانب بلاده؛ كلا مـن الكوت ديفوار(ساحل العاج) وغينيا والسيراليون، لكن التجربة لم تقوى أمام الأزمات الحدودية ومصاعب التدخلات الغربيـة ففشلت سريعا. ومــع تسلق الجيل الثاني من القادة القادمين الى السلطة بواسطة الانقلابات العسكرية أعيد استئناف المشروع على يدي الجنرال يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ (رئيس نيجيريا) والجنرال اگْناسِينْغْ پي أيَادِيمَا (رئيس التوغو)؛ اللذين تزعما جهود قيام الاتحاد وجمع مساهمات اثنتي عشرة دولة في المشروع. فخصصا أول اجتماع بالعاصمة التوغولية لومي سنة 1972 لدراسة معاهدة التجمع المقترحة، وفــي يناير 1974 بأكرا (غانا) انعقد اجتماع الخبراء للنظـر في الجوانب المؤسسية، وفي مونروفيا التئم بيناير 1975 اجتماع الحكومات، الذي خصص لإقرار مضامين المعاهدة المقترحة، وأخيرا، وقعت أربعـة عشر دولة غرب افريقية على معاهدة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في الــ28 مايو 1975 بـلاغُوسْ شهران قبل سقوط حكم الجَنَرَالْ يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ، في الـ5 نوفمبر 1976 في لُومْي بالتُوغُو جـرى توقيع زعماء مُورِيتانْيا والسَنغال، مالي والسيراليون، غامبيا وغينيا، غينيا بيساو، وليبيريا والنيجر ونيجيريا وغانا والتوغو والبَنِـينْ، بُوركينافاسو (فولتا العليا) على البروتوكولات المؤسسة للمجموعـة.

تميزت حقبـة إنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس) بتوازي الإرادات السياسيـة للآباء المؤسسين؛ فبالرغـم من أن طموح معظـمهم كان يصب في سياق تحقيق التكامل الاقتصادي والتعاون السياسي، الا أن طموحات زعماء دول وازنـة في المنطقة أفرز اتجاهين رئيسيين آخرين كذلك فمن جهة؛ دعـا أنصار سياسات الاندماج “الشامـل” الـى الاتجاه نحـو نقل مزيـد من “السيادة الوطنيـة” الى اجهزة المجموعة؛ ومن أبرز دعاة هذا الاتجاه السنغال وغانا وفي بعض النواحي نيجيريا. وفي الطرف الآخر من المجموعـة، شككت الكوت ديفوار(ساحل العاج) بشأن الطموحات التي تنطوي على مـزيـد من عمليات نقل السيادة، ويساندها في ذلك العديـد من الدول بما في ذلك موريتانيا.

وبشكل أو بآخر، فإن لاختلاف وجهات النظر بشأن تحقيق آليات الاندماج هذه تجـد جـذورها داخـل الطموحات المعلنة للأربعـة الكبار في المنطقـة والى الاتجاهات الاستراتيجية المتعارضة بشأن الاندماج؛ فكان حنين السنغال الى الإبقاء على مكانتها كما كانت تشغلها في “غـرب افريقيا الفرنسية”، وهي تستعيـد تجاربها السابقة وهكذا كانت رؤيـة الرئيس الْيُوبُولْدْ سِيـدَارْ سَيْنْگُورْ : “ان تحقيق وحدة افريقية يتم حتما من خلال الجمهوريات الاتحادية على شاكلة فيدرالية مالي التي تشكل الخطوة الأولى”. وفي نفس الوقت كان القادة الغَانِيِينَ أوفياء لاتجاهات الرئيـس انْكْوَامِيهْ نيكْرُومَا والذي لم يكن سـوى أحد الرموز التاريخيين لدعاة الوحدة الافريقية الشاملة (Panafricanistes) وهـو صاحب المقولة “يجب على افريقيا ان تتحد”، وعلاوة على ذلك؛ أمكن لغَانَا أن تستحضر رعايتها لباكورة مبادرات التكامل بين الدول الافريقية المستقلة حديثا من خلال “اتحاد دول غرب افريقيا (UEAO) المعلن عنه في نوفمبر 1958. وعلى ضـوء هـذه الرؤى لا تخفي نيجيريا، التي تستضيف التجمع الاقليمي أن قوتها الديمغرافية والاقتصادية الوازنـة على صعيد القارة كافيتان لتصدر اسواق المنطقـة برمتها.

ومع انشغال الأقطاب الرئيسية في المجموعـة بشكل مبكـر على تضمين طموحاتها الإقليمية داخل اجهزة الإيكواس، كانت السمة الأساس للأنظمة يطبعها انعدام الاستقرار السياسي والانقلابات كما عجز اغلبها عن حماية شعوبه من كوارث المجاعات والتصحـر والمواجهات المسلحـة مع المتمردين كما فـي السنغال و السيراليون وليبيريا ونيجيريا، بالإضافة الى انتشار الفساد الذي رافق استغلال الثروات الوطنية وتدفق القروض والمنـح المشروطـة وغيرها من المساعدات الدولية والمعونات الفنية، ويرى المدير الاقليمي لجنوب السودان عن البنك الدولي ساهر جُونْ اكْبُونْديْه (سيراليوني) أن انتعاش الحركات المؤيدة للديمقراطية علنا وتزايد الاضرابات وغيرها من مظاهر احتقان الشارع الافريقي جراء الفساد منذ أوائل 1990 عوامل زادت من حماس الأشخاص للانضمام إلى النقاشات السياسية، وإلى إدراكـ العديد من القادة الأفارقة أنه لا محيد عن الولوج الى التعددية وزاد من ذلك اقدام قوى شعبية عديدة على اسقاط و مطاردة رؤساء لا يحظون بالقبول الشعبي”.

لـم يكـن الانفتاح الديمقراطـي الذي ميز المنطقة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي بمثابة المفتاح السحري للولوج الى اسعـاد شعوب المجموعـة، فقد زادت من صداع قادة المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا التحديات الأمنية للجريمة العابـرة للحـدود وتفـشي المنظمات الارهابيـة والمتشددة بعدما انهارت تحت وطأتها الإدارة المالية في الشمال الذي يمثل 60% من مالـي التي تحولت إلى دولة فاشلـة تستـدر الحماية من جديد من فرنسا الاستعمارية. وبعـد 39 سنة من مبادرة الجَنَرَالْ يَاكُوبُو دانْ يُوما ڇُوونْ القاضية بإنشاء المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا تورطت بلاده فـي حرب داخليـة أشــد ضراوة من الحرب الأهلية المسماة “لًبْـرَافْدَا” التي أشعلها سكان الجنوب من قومية ايگْبُو ضد سياسات الجَنَرَالْ النيجيري؛ فقـد استفحل خطـر جماعة بُوكُو حَرامْ بعدما بسطت نفوذها على مناطق عديـدة في الشمال قبل أن تطال ضرباتها المؤسسة الأمنية والمدنية بنيجيريا وما جاورها من دول المجموعة بما في ذلك الكاميرون والنيجر.

في أبريل 1990؛ بناء على مبادرة تزعمتها نيجيريا داخل الإيكواس؛ سعت المجموعة الى تفعيل تعاونها العسكري عبر انتهاج سياسات تعزز سبل الدفاع المشترك فأعلن عن تأسيس قـوة المراقبة الخاصة بالتجمع والمعروفة اختصارا”Ecomog” ليعهد إليها بتنفيـذ عمليات حفظ السلام في ليبيريا التي اندلعت فيها حرب اهلية وفي نهاية المطاف تمكنت القوة العسكرية التي تقودها نيجيريا من تحقيق السلم، وقبل مغادرتها في أكتوبر 1999 أكملت مهمة نزع السلاح من المتحاربين الليبيريين قبل تنظيم البلد للانتخابات، وهنالك نجاحات مماثلـة كان من أبرزها تدخـل الإيكوموج في السيراليون سنة 1997 حيث امكنها الاطاحة بالمجلس العسكري في فريتاون واعادة الرئيس المنتخب أحمد تيجان كابا الى سـدة الحكم وهنالك تدخلات مماثلـة في غينيا بيساو والكوت ديفوار. وللمجموعـة الاقتصادية لدول غرب افريقيا (الإيكواس) دور لا يستهان به على مجابهة التحديات الأمنية التي واجهتها دولة مالي ففـي اعقاب سقوط شمال مالي بين أيدي المتمردين الإسلاميين العام 2012 شكلت المجموعة بناء على قرار الأمم المتحدة الصادر في الـ20دجمبر قـوة عسكرية للتدخل في مالي تحت اسم بعثة الدعم الدولية في مالي (MISMA) تحت قيادة ضابط نيجيري ينحدر من ولاية كادونا النيجيرية التي يفترسها عنف “جماعة بوكو حرام” هـو الفريق شاهُو عبد القادر (شارك في حفظ السلم في ليبيريا والسيراليون).

ومع ازدياد الدور النيجيري ومحوريته على الصعد السياسية والاقتصاديـة داخل المجموعـة تشكلت قـوة مشتركة مع السنغال للتدخل عسكرياً في غامبيا بعـد اصرار رئيسها الخاسر يَحْي جَامَعْ في انتخابات يناير 2017 على رفضه تسليم السلطة لسلفه المنتخب ديمقراطيا آدَمَا بَارُو وفشـل جهـود الوساطـة التي قادتها رئيسة ليبيريا، رئيسة المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (الإيكواس) السيدة أَلَيْنْ جُونْسُونْ سِيرْلْيَيْفْ، وبالإضافة إلى التكامل السياسي المنشـود فإن النتائج المترتبة على العنصر العسكري تجعله أكبر وأضخم وسائل قـوة المجموعـة بافتراض أنها ستكون قادرة من خلال ما تسمح به عناصر القوة الموضوعة تحت إمرتها من تحقيق أهدافها السياسيـة والاقليمية، وفي الواقع لا تتوقَّف رؤية الإيكواس على هاتين الأداتين، فثمة وسائل أخـرى لتعزيز وتقوية التكامل فيما بينها ومنها التبادل التجاري والأداة الاقتصادية، فبعدما تغلبت بلـدان “الإيكواس” نسبيا على الركـود الاقتصادي وانتقل نموها ليستقر عام 2016 على 6.8 في المائة وأصبح البعض يتنبأ لها بزعامة التكامل النموذجي على الصعيـد القاري كما ترشح الكثير من التقارير الغربية نيجيريا (اكبر بلدانها) لدخول قائمة الاقتصاديات العشرين الأولى في العالم، في غضون 2050. وما كان ليتم ذلك لو لم يعكف خبراء مجمـوعـة دول غرب افريقيا (الإيكواس) على رسـم خريطـة أوضح لتحرير اقتصاداتها من العوامـل الخارجية غير المتحكم فيها و توجه قادتها لإطلاق أكبر ســوق غرب افريقية من شأنها تسهيل عملية تنقل الأشخاص عبـر البطاقة البيومترية الموحـدة، بما يعكس تقوية التعاون التجاري و التكامل السياسي خدمـة للتنمية المستدامة في بلدان المنطقة.

يهدف تجمع الإيكواس الى استقدام وزيادة الاستثمارات والى فتح الأسواق و تنقل الأفراد بحرية بين الدول الأعضاء، كما أعادت المجموعـة النظــر في مؤسساتها الرئيسية لتواكب عملية التحول والتكامل الجارية، فتم التمكين لمفوضية الإيكواس بعدما كانت مجرد سكرتيريا تنفيذية، وأعيـد توسيـع وتفعيل برلمان الإيكواس ومحكمة العدل لجعلها أكثر فعالية. وليس خافيا أن قيام هـذا التجمع الاقتصادي كان له أكبر الأثر على تقوية الروابط الجغرافية والإنسانية بين الحكومات وفتح المجال أمام إنشاء مؤسسات متقدمة تمهيدا للسوق المشتركة بين دول غرب أفريقيا الأعضاء بما يقـوي الوحدة الاقتصادية ويضمن التنمية البشرية، ويحافظ على مصالح شعوب المنطقة.

القيود والتحديات أمام التكامل الغرب الإفريقي

يعد فرض تحرير التجارة الدولية أحد أهم سمات النظام الاقتصادي العالمي في القرن الحادي والعشرين، وهكذا تتجه دول العالم وخاصة النامية منها الى البحث عن الوسائل التي من خلالها يمكن أن تواجه المتغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي العالمي؛ والتي أفضت في النهاية إلى بروز التكتلات الاقتصادية كأداة يمكن من خلالها مواجهة تحديات عملية تحرير التجارة الدولية عبر فكرة التكامل الاقتصادي، ويتوجب على مجموعة الإيكواس تخطى عدد من المراحل حتى تصل في النهاية إلى مرحلة التكامل الاقتصادي، ومـن بينها “حصـر التفاوت فيما بين البلدان الأعضاء، لاسيما بيـن البلدان الغنية بالموارد ونظيرتها الشحيحة بالموارد”.

ولتأمين تدفـق رؤوس الأمـوال و “تطبيـق التعريفة الخارجية المشتركة، وتشجيع تنقل الأشخاص بين الدول”؛ حفلت السنة الحالية على صعيد المجموعة الغرب افريقية بتوقيع عـدد هام من الاتفاقيات التاريخية مع بلدان شمال القارة كالمغرب وموريتانيا على ان تلتحق بهما تونس كعضو مراقب، وهي دول عربية بات اليأس من تفعيل اتحاد المغربي العربي يدفعها للاستفادة من المزايا والفرص الموفـرة في تكتل الإيكواس إلا أن “الفرحة لا تكمل” كما يقال فالملك المغربي مُحَمَـدٍ السَادِسْ الذي كان يعتـزم حضور القمة 51 (مونروفيا-ليبيريا) والتي أعلن اليوم الأحد اكتمال اشغالها، قرر في النهاية عدم الحضور بسبب دعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو للمشاركة فيها، بعدما كان من المفتـرض أن تناقش مسألة طلب المغرب الانضمام للتجمع “كعضو كامل” العضوية. وفي هذا السياق فإن دولا غرب افريقية تحت تأثير امكانية الحصول من الدولة العبرية على مساعدات تقنية وتنموية في مجالات الزراعة والموارد المائية والصحة والأمن والطاقة سبق وأن ربطتهما علاقات تعـود للعام 1957 عندما افتتحت تل أبيب سفاراتها في أكرا ثم في كوناكري ومونروفيا وذلك بهدف التغلغل داخل اقاليم القارة ضمانا للتفوق الاستراتيجي الذي يتيح لها تطويق أعدائها العرب وعمليا فإن إسرائيل تواصل جني ثمار الغياب العربي (*) والتقهقر المغاربي أكثر فأكثر عن منتديات القارة السمراء، ولا يبدوا الجشع على موارد المنطقة مقتصرا على اسرائيل فتجاريا هنالك هيمنة متزايدة للصين والهند وتركيا.

مما سبـق؛ فإن وجود العديد من التكتلات الاقتصادية في منطقـة غرب افريقيا؛ وانعدام الشـروط والمعايير التي يجب على الدول الوفاء بها مسبقا قبل الانضمام لأي منها، فقـد ترتب على ذلك تمتع غالبية دول المنطقة بعضوية أكثر من تكتل اقتصادي وبالتالي أصبح هناك تداخل وتشابك كبير بين معظم التجمعات القائمة؛ ففي ظل تعـدد العضويات تتعدد التزامات الدولة حيث تصبح مضطرة لاتباع وتبني أكثر من سياسة وبرنامج عمل وإطار قانوني بالإضافة إلى الالتزامات المالية وتعارض المصالح .

جدول يوضح تداخل العضوية في التجمعات الاقتصادية بغرب افريقيا

يمثل إلغاء كافة القيود الجمركية وغير الجمركية المفروضة على التجارة البينية لدول المجموعة؛ مرحلة سيترتب عليها توزيع حصيلة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الدول الأعضاء من العالم الخارجي حسب معادلة يتم الاتفاق عليها داخل المجموعة؛ الا أنه وفي الوقت الراهن لا تزال تسـع دول من أصل 15 دولـة لا تنطبق عليها بنود المجموعـة فيما يخص “التعرفـة الخارجية المشتركـة (TEC/CEDEAO)” بعدما جرى إقرارها في القمة 22 يناير 2006 ودخلت حيز التنفيذ فـي الــ1 مـن يناير 2015، وذلك لأسباب متعددة من ضمنها التخـوف من انتقال النزاعات القائمة في المنطقة، ومحدودية مستوى الارتباط بين اقتصاديات المجموعة.

رغم التقدُّم الذي أحرزته المجموعة خلال السنوات العشر الماضية – على صعيد النمو الاقتصادي والحد من الفقر- فإن المنطقة تواجه الآن تحديات جسيمة تُعـزى بالأساس إلى انخفاض أسعار السلع الأولية عالمياً والمخاطر الأمنية المرتبطة تحديداً بالمنطقة.

موريتانيا تبحث عن شراكة متقدمة مع الإيكواس

شكل طموح رؤية المجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا عامل جذب للعديـد من التكتلات الاقتصادية والاقليمية فضـلا عن دول الجوار التي باتت تتطلع لتعزيز فرص التعاون الاقتصادي و التبادل التجاري مع أسواق المجموعـة، وفي هذا الشـأن أبرم الاتحاد الاوروبي أول اتفاق شراكة اقتصادية مع دول غرب افريقيا في فبراير 20144 بعـد عشـر سنوات من التفاوض على بنـوده، فأوروبا تعتقد أن غرب افريقيا تحتل قصب شراكاته في افريقيا جنوب الصحراء بما يمثل 2 بالمائة من وجهة التجارة الأوروبية؛ متقدمة بذلك على الصيـن والولايات المتحدة والهنـد؛ وشــددت السيــدة كَارْلا مُونْتَيْزي مديرة افريقيا الغربية والوسطـى بالاتحاد الأوروبي على ذلك قائلـة أن (الاتحاد الأوروبي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب افريقيا هم في وضع زواج دون امكانية للطلاق”، ومـن الجديـر ذكـره أن الإيكواس تجني من الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي أرباح معتبـرة تناهـز الـ 37.8 من صادرة المجموعة تتجه الى المجموعة الاوروبية.

وعلى صعيد مواز احتلت افريقيا أولويـة السياسة الخارجية للمملكة المغربيـة (شمال افريقيا) وذلك في ضوء سعي الرباط إلى توسيع دائرة مكانتها السياسية داخل أقطاب القارة الكبرى بعـد عودتها للاتحاد الافريقي بعيداً عن منطقة تحركها التقليدية في شمال القارة حيث يتم تجميـد اتحاد المغرب العربي بسبب توتر العلاقات بين الجزائر والمغرب خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى سعي ملك المغرب مُحَمَـد السادِسْ للحصول على دعم دول الإيكواس على أساس الملف الصحراوي وتعزيز التبادل التجاري مع المنطقة في أفق سعي دولها الخمسـة عشـر للاندماج الاقتصادي الجاذب، وتشي زيارة الأخير لأبوجا إلى أن المغرب يعمل على تنويع شركائه وتوسيع نفوذه في المنطقة فضلا عن قاعدة علاقاته السياسية والاقتصادية لدى القادة والشعوب الإفريقية التي تنظر الى المكانة الروحية لمؤسسة “أمير المؤمنين” بارتياح كبير. ومن المرجح أن يكون هذا اكبر حافـز لتقديم المغرب طلب انضمامه الكامل الى (الإيكواس) فـي بداية العام الجاري (**).

واذا كانت السنغال بمثابة الصديق الأقـرب الى المغرب وحليفها الاستراتيجي الأهم في منطقـة غرب إفريقيا فإن المملكة استطاعت تحقيـق اختراق غير مسبوق على مستـوى “عملاق الاقتصاد في غرب افريقيا” نيجيريا الـتي تعاني مشكلات حادة جـراء انهيار اسعار الطاقـة والنفط؛ وهكذا وقـع البلدان اتفاقا لمد خط أنابيب الغاز الطبيعي بينهما، مرورا بالعديـد من بلدان غرب افريقيا الأخرى؛ بما في ذلك موريتانيا.

ومن المرجح أنه بالنسبة لموريتانيا ولغايات جيو-سياسية فرضت عليها ان تبادر بإعادة خيط الارتباط الى المجموعـة التـي انسحبت منها في العام 2010 بعد رفض انواكشوط تطبيق اللائحـة الداخليـة للإيكواس خوفا على “الهوية الجماعية الرسمية للدولة الموريتانية” وفقا لتبرير نظام الرئيس الأسبق مَعاوِيَة وَلْدْ سِيدْ أحمدْ الطَايِعْ غير انه بالنظـر الى الموقـع الجغرافي لموريتانيا التي ترابط بين غرب إفريقيا وشمالها فإن السلطات الموريتانية مطالبة بتجميع قدراتها الاقتصادية والسياسية وأيضا العسكرية في اطار تكاملي من شأنه أن يساعدها على مواجهة التحديات والمخاطر التي تتفاقم في المنطقة. وقد انطلق هـذا التوجه منـذ مدة على ايدي الرئيس الموريتاني الحالي محمـد وَلْدْ عبد العزيز لما يوفره التكامل جنوب-جنوب من مصالح وطنية ولما سيفرضه من ضرورات التنسيق على المستويات السياسية والاجتماعية والأمنية المختلفة، وينتظر أن تسفر هذه المساعي عن عودة البـلاد الى مجموعـة الإيكواس ضمن “شراكـة متقدمة” (***)، ومهما يكـن فإن سياسـة من هذا القبيل سيحقق التأييد اللازم باعتبار البعـد الإفريقي يظل بمثابة قلب التنمية المستقبلية.

ــــــــــــــــــ

هوامش ومراجع:

(*) يقول بنيامين نتنياهـو: ” لاحقا للزيارة التي قمت بها إلى شرقي إفريقيا نزور حاليا غربي إفريقيا. والهدف الذي حددته هو تذويب الأغلبية العملاقة التي تتكون من 54 دولة إفريقية والتي تشكل القاعدة للأغلبية الأوتوماتيكية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة وفي المؤسسات الدولية. وأعتقد أن هذه هي شهادة لدولة إسرائيل تدل على التقدير الذي نحظى به. هذه ستكون رحلة طويلة ولكننا نتقدم فيها خطوة بعد خطوة”.
للمزيد من التفاصيل حول نوايا اسرائيل يمكن قراءة الرابط ادناه
https://goo.gl/J39l7I

(**) من المرجح أن يكون هذا اكبر حافـز لتقديم المغرب طلب انضمامه الكامل الى (السيدياو) فـي بداية العام الجاري؛ حيث كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون المغربية أوضحت أن الطلب المغربي يندرج “في إطار رغبة المغرب في الاندماج الإقليمي باعتباره مفتاحا للإقلاع الاقتصادي لأفريقيا”.

(***) بناء علـى رغبـة موريتانيـة دخـل الجانبان منـذ العام 2013 في مباحثات من شأنها أن تفضي الى إقامـة منطقة تجارة حرة بين بلادنا ودول المجموعـة الـ15؛ وتــمت الاستجابـة لها خلال القمـة الرابعـة والأربعيـن لرؤساء الدول والحكومات الأعضاء في المجموعـة الاقتصاديـة لدول غرب افريقيا المنعقدة في مارس 2014 بأبوجا. وينتظر ان يجيـز القادة الغرب أفارقة في اجتماعهم المقبل الاتفاق الذي وقعته خلال الأسابيع الماضية وزيـرة التجارة الموريتانية السيدة الناها منت مكناس مع سعادة السيد مارسيل أ. دي سوزا رئيس مفوضية المجموعـة وتحويله الى اتفاقية شراكـة نهائية بين الجانبيـن بحلول اليوم الأول من يناير 2019.

1- « Africa must be united »
2- Gouvernance et Economie en Afrique La Corruption en Afrique Par: Sahr John Kpundeh Page 5 IRIS Maryland-2001
3- Taux de croissance du PIB réel des États membres de la CEDEAO (Page 7) PROFIL ECONOMIQUE DE L’AFRIQUE DE L’OUEST EN 2015 ET PERSPECTIVES EN 2016 (Bureau Sous Régional pour l’Afrique de l’Ouest/UN) Février 2016, Dakar, Sénégal
4- التقرير السنوي 2016 الصادر عن البنك الدولي للإعمار والتنمية
5- « La Cedeao et l’Union européenne sont dans un mariage sans possibilité de divorce»
http://www.ieps-cipsao.org/index.php?option=com_content&view=article&id=113:2016-11-15-19-19-03&catid=36:actualites&Itemid=48

ظهرت المقالة المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا: مقومات النجاح وقيود التكامل أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4429/%d8%a7%d9%84%d9%85%d8%ac%d9%85%d9%88%d8%b9%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a7%d9%82%d8%aa%d8%b5%d8%a7%d8%af%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%ba%d8%b1%d8%a8-%d8%a7%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a7/feed/ 0 4429
ترتيب الدول الأفريقية لممارسة الأعمال التجارية (2017) https://alafarika.org/ar/4406/%d8%aa%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/4406/%d8%aa%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%a7/#respond Thu, 29 Dec 2016 22:34:00 +0000 https://theafrikans.com/?p=4406

كان التقرير الأساسي المعتمد عليه في هذا التصنيف, هو ما أصدره البنك الدولي بعنوان: “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2017”, والذي يهدف إلى تقييم الأنظمة الحكومية التي تؤثر في الشركات المحلية في العديد من الدول, وإظهار فاعلية الإصلاحات واللوائح حول بدء المشاريع والأعمال التجارية الجديدة وعلاقتها بالنمو الاقتصادي. مع عدم تجاهل مصارد أخرى التي تحدّد نوعية الموارد التي […]

ظهرت المقالة ترتيب الدول الأفريقية لممارسة الأعمال التجارية (2017) أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

كان التقرير الأساسي المعتمد عليه في هذا التصنيف, هو ما أصدره البنك الدولي بعنوان: “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2017”, والذي يهدف إلى تقييم الأنظمة الحكومية التي تؤثر في الشركات المحلية في العديد من الدول, وإظهار فاعلية الإصلاحات واللوائح حول بدء المشاريع والأعمال التجارية الجديدة وعلاقتها بالنمو الاقتصادي. مع عدم تجاهل مصارد أخرى التي تحدّد نوعية الموارد التي تملكها بعض الدول ومدى أفضليتها بالنسبة للمستثمرين وأصحاب الأعمال.

تجمع هذه القائمة 20 دولة أفريقية مفضّلة لممارسة أنشطة الأعمال التجارية بما فيها الإمكانيات الواسعة والقطاعات المفتوحة للاستثمارات، والتي تشمل قطاعات السياحة، والاتصالات، والصناعة التحويلية والتعدين وتكنولوجيا المعلومات. إضافة إلى شرح مبسط ومختصر للدول العشر الأولى على مستوى القارة.

1. موريشيوس (رقم 49 عالميّا) :

يستند اقتصاد موريشيوس على السياحة والمنسوجات والسكر، والخدمات المالية، بل وقامت حكومة البلاد في السنوات الأخيرة بسلسة من الإصلاحات والإضافات في العديد من القطاعات الهامة الأخرى مثل تكنولوجيا المعلومات والطاقة المتجددة. ووفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2013″، نجحت موريشيوس في تعديل سياسات نقل الملكية بشكل سريع للغاية حيث كان الأمر يستغرق 210 يوما في الماضي و15 يوما فقط الآن. وعززت الاستثمارات والأعمال التجارية أيضا عن طريق تسهيل الوصول إلى المعلومات الائتمانية.

منذ عام 2012، كانت البلاد تنتقل من ترتيب إيجابي إلى آخر في المؤشرات العالمية – هي الآن الدولة الـ49 في العالم من حيث سهولة الأعمال التجارية وفي الرقم الأول في أفريقيا. وتجدر الإشارة إلى أن لـ”أفريكا عربي” صفحة خاصة بجمهورية موريشيوس تشمل تاريخها وجغرافيتها واقتصادها وخريطتها, ويمكنك العثور عليها هنا.

2. رواندا (رقم 56 عالميا):

مع أخذ السياحة منعطفا جديدا في رواندا – بل كانت أسرع القطاعات نموا في البلاد، بالرغم مما مرّت به البلاد من آثار عقد من الحرب الأهلية؛ كانت تحركات المواطنين والقادة والتزامهم بالإصلاح تجاه اقتصاد بلادهم ومناخ الأعمال فيها قوية وواقعية.

ووفقا للبنك الدولي، فإن رواندا هي الدولة  الـ56 في العالم من حيث القيام بالأعمال التجارية وفي رقم 2 في قارة المستقبل (أفريقيا). ففي رواندا – مؤخرا – تم اختصار مدة عملية حصول واتصال الشركات والمستثمرين بالكهرباء – التي تعتبر مصدرا هاما للطاقة إلى 30 يوما فقط. ووفقا للتقارير، يمكن لأصحاب المشاريع الجدد بدءَ تشغيل أعمالهم ومشاريعهم في ثلاثة أيام فقط في رواندا، مع رسوم تسجيل الشركات الرخيصة والمنخفضة.

3. بوتسوانا (رقم 71 عالميا):

منذ الاستقلال، يعتبر اقتصاد بوتسوانا واحدا من أسرع الاقتصادات نموا في العالم من حيث معدلات نمو الفرد. وكان تعدين الماس ومعادن ثمينة أخرى من الضروريات الحيوية لاقتصاد البلاد، حتى وإن كانت الحكومة تعمل جاهدة لتنويع صناعاتها.

وفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال” الصادر من البنك الدولي, خفضتْ بوتسوانا المدة الزمنية لتصدير واستيراد البضائع بشكل أسرع إلى أسبوع تقريبا. وتفيد التقارير إلى أنه تم تبسيط الإجراءات لتأسيس التجارة والأعمال إلى 47 أيام فقط منذ عام 2008. وكانت ترقيات التقنية التي شهدتها أنظمة المحكمة البوتسوانية ساهمت في تسريع وتعجيل حسم المنازعات التجارية، والحد من مدة الانتهاء من دعوى قضائية من 987 يوما في 2008 إلى 625 أيام في الوقت الحالي. (اقرأ المزيد عن بوتسوانا هنا).

4. جنوب أفريقيا (رقم 74 عالميا):

تتميز جنوب أفريقيا لكون تكنولوجيا الاتصالات والنعلومات والسياحة وصناعة السيارات والتعدين من الصناعات الرئيسية في البلاد. تحتلّ جنوب أفريقيا المرتبة 74 في العالم من حيث سهولة الأنشطة التجارية. ووفقا لتقرير البنك الدولي, فقد قلّلتْ البلاد من الوقت وعدد المستندات اللازمة للتصدير والاستيراد من خلال برنامج تحديث الجمارك المستمرة فخفّضتْ مدة التصدير من 30 يوما في عام 2008 إلى 16 يوما الآن ومدة الواردات من 35 يوما إلى 23 يوما.

وسهّلتْ جنوب أفريقيا أيضا قانون الضرائب للحد من الأوقات الإعدادية للضرائب من 350 ساعة في السنة إلى 200 ساعة اعتبارا من 2012، وكذلك فعالية معدلات الضرائب.

5. كينيا (رقم 92 عالميًّا):

تستثمر كينيا بشكل ضخم في مجالات النقل والاتصالات والطاقة مثل مشروع شركة جوجل وشبكة البنية التحتية لطاقة الرياح. وبوجود خدمة الإنترنت السريعة، والقوى العاملة البارعين في استخدام تكنولوجيا، ومنطقة زمنية تتوافق مع أوروبا وآسيا, كانت كينيا واحدة من أهم الأماكن في أفريقيا لإطلاق المشاريع وتأسيس الأعمال التجارية والاستثمارات لقوّة حقوق الملكية ونضوج الاقتصاد وتنوعه، وتحسّن البنية التحتية، وتميز قطاع السياحة.

وفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال”, يعتبر التقليل من الوقت – الذي تستغرقه الموافقة على الالتزامات الضريبية من 405 ساعة في الماضي إلى مجرد 196 ساعات – مصدرَ ارتياح لكبراء المستثمرين. وجاء في التقرير أنّ كينيا سهّلت عملية بدء الأعمال التجارية عن طريق إزالة رسوم الدمغة المطلوبة لرؤوس الأموال الاسمية، والمذكرة والنظام الأساسي للشركة, إضافة إلى الحدّ من متطلبات التوقيع على وثيقة الالتزام قبل مفوض القَسَم.

6. سيشيل (رقم 93 عالميا):

في سيشيل تعدّ السياحةُ الصناعةَ الرئيسية، وهي دولة تتمتع بمناظرها الخلابة وهي تتكون من 115 جزيرة. تكمن أهمية اقتصاد هذا البلد الأفريقي في صيد الأسماك، والزراعة، والفانيليا وتصنيع منتجات جوز الهند وغيرها.

منذ عام 2012, كان ترتيب سيشيل في مؤشر “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال” إيجابيا، واحتلّتْ مرتبة 93 عالميا في التقرير الأخير. وعلى مدى السنوات الخمس الماضية، ألغت سيشيل ضريبة الضمان الاجتماعي والتقليل من ضرائب العمالة ودخل الشركات.

7. زامبيا (رقم 98 عالميا):

تقليديا, كانت زامبيا بلد الزراعة وتعدين النحاس، وما زالت الحكومة تواصل جهودها لتشجيع الاستثمارات فى السياحة وتعدين الأحجار الكريمة والطاقة الكهرومائية.

ووفقا لتقرير “سهولة ممارسة أنشطة الأعمال”، ألغت زامبيا الحد الأدنى لرأس المال اللازم لبدء النشاط التجاري، وقدمتْ تشجيعات كبيرة لأصحاب المشاريع المحتملين. وأدخلت نظام محاكمها وقضائها إلى شبكة الإنترنت، مما يسمح للحصول على أوراق القضايا، والقوانين، والسجلات التي تعتبر حيوية بالنسبة للمستثمرين المحتملين.

8. مملكة ليسوتو (رقم 100 عالميا):

يعتمد اقتصاد ليسوتو على الزراعة والثروة الحيوانية وصناعات النسيج والتعدين. توظف شركات صناعة الغزل والنسيج في ليسوتو ما يقرب من حوالي 36,000 امرأة ليسوتوية. وتطورتْ عملية استخراج الماس في السنوات الأخيرة لتسهم في حوالي 8.5٪ من ناتج البلاد المحلي الإجمالي منذ عام 2015. وبحسب تقرير سهولة الأعمال، حسّنتْ ليسوتو طريق الوصول إلى المعلومات الائتمانية من خلال توسيع نطاق مكتب الائتمان.

9. غانا (رقم 108 عالميّا):

في القائمة السابقة التي أعددناها عن مؤشر السلم والأمن في أفريقيا, حصلت دولة غانا على مرتبة إيجابية وهي ضمن العشر الأولى في القائمة. وبخصوص الاقتصاد, فإن غانا تُصدّر مجموعة متنوعة من الموارد، بما في ذلك المعادن الصناعية، والأخشاب، والكاكاو، والنفط، والغاز الطبيعي، والذهب. وكان لكل من تكنولوجيا المعلومات وتجارة التجزئة، والسياحة، وتوليد الكهرباء وإنتاج النفط أهمية فصوى لتاسع أكبر اقتصاد في أفريقيا.

ووفقا للبنك الدولي، فإن غانا في مرتبة 108 عالميا في قائمة أفضل الدول في سهولة ممارسة الأعمال التجارية. ويستغرق إطلاق المشاريع في عانا الآن 12 يوما فقط مقابل 42 في عام 2008 وهي خطوة حكيمة من قبل الحكومة لجذب رجال الأعمال والمستثمرين, ناهيك عن نظام تأشيرتها المعدّل مؤخرا لتسهيل السفر إليها والدخول.

9. ناميبيا (رقم 108 عالميا):

دولة جميلة ومستقرة سياسيا واقصاديا. كانت أهم القطاعات في ناميبيا هي الزراعة، والصناعة التحويلية، والسياحة. ووفقا للبنك الدولي، كانت دولتا ناميبيا وغانا في ترتيب واحد من حيث سهولة ممارسة الأنشطة التجارية.

عزّزت ناميبيا التجارات والمشاريع بتسهيل الحصول على الكهرباء, حيث يمكن الحصول عليه الآن في 38 يوما – في المتوسط – بالمقارنة مع 55 يوما في الماضي. وعلى الرغم من تراجع رتبة البلاد إلى 6 مراكز في التقرير، إلا أن نظامها المحوسب أثناء تسجيل شركة جديدة يعتبر نقطة تحوّل للمستثمرين المحتملين, إضافة إلى القانون الجديد الذي تم اعتماده لتوضيح إجراءات التصفية.

ظهرت المقالة ترتيب الدول الأفريقية لممارسة الأعمال التجارية (2017) أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4406/%d8%aa%d8%b1%d8%aa%d9%8a%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d8%af%d9%88%d9%84-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d9%81%d8%b1%d9%8a%d9%82%d9%8a%d8%a9-%d9%84%d9%85%d9%85%d8%a7%d8%b1%d8%b3%d8%a9-%d8%a7%d9%84%d8%a3%d8%b9%d9%85%d8%a7/feed/ 0 4406