محمد طاهر زين ، باحث في الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/author/muhzain/ مؤسسة بحثية استشارية. Thu, 10 Aug 2023 10:38:21 +0000 ar hourly 1 https://wordpress.org/?v=6.5.2 https://i0.wp.com/alafarika.org/ar/wp-content/uploads/2022/08/cropped-Alafarisc-favc-1.png?fit=32%2C32&ssl=1 محمد طاهر زين ، باحث في الأفارقة للدراسات والاستشارات https://alafarika.org/ar/author/muhzain/ 32 32 209004356 انقلاب النيجر: أسبابه وأبعاده وتداعياته https://alafarika.org/ar/5603/%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%8a%d8%ac%d8%b1-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d9%87-%d9%88%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af%d9%87-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7/ https://alafarika.org/ar/5603/%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%8a%d8%ac%d8%b1-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d9%87-%d9%88%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af%d9%87-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7/#respond Fri, 28 Jul 2023 22:06:58 +0000 https://alafarika.org/ar/?p=5603

قد تحاول الحكومة العسكرية الجديدة إجراء تغييرات يمكن أن تؤثّر في التوازن السياسي في النيجر, ولكن أحد الدروس المستفادة من هذا التطور أن النخبة الحاكمة غالبا ما تفضّل مصالحها على المصلحة العامة, كما أن التجارب الديمقراطية في عدد من الدول الإفريقية تتجاهل كيفية التعامل بشكل بناء مع المظالم الحقيقية التي يواجهها مجتمعات هذه الدول, رغم أن مجرّد إجراء الانتخابات لا تضمن الإجابة على المظالم العامة أو أسباب الاحتجاجات واستياء المواطنين. وهذا لا يعني بالطبع أن العسكر أنفسهم الذين يأتون إلى السلطة عبر الانقلابات وباستغلال شكاوى المواطنين مستعدون لترسيم المسارات البديلة لمعالجة تلك المظالم أو إعادة الأمور إلى نصابها اللائق.

ظهرت المقالة انقلاب النيجر: أسبابه وأبعاده وتداعياته أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

اندلعت حالة من التوترات في النيجر يوم الأربعاء 26 يوليو، حيث قام أفراد من الحرس الرئاسي بقيادة الجنرال عبد الرحمن تشياني (ويدعى عمر تشياني في بعض التقارير)، بإغلاق الطرق المؤدية إلى مقر إقامة الرئيس النيجري ومكاتب القصر الرئاسي في نيامي. وفي ساعة متأخرة من ليلة 27 يوليو ، بدا اكتمال عملية الانقلاب العسكري الذي  قادته مجموعة من أعضاء الحرس الجمهوري للرئيس محمد بازوم، حيث أعلن العسكريون تشكيل مجلس انتقالي تحت اسم “المجلس الوطني لحماية الوطن”، وظل الرئيس محمد بازوم محتجزًا في مقر إقامته ، كما تم تعليق العمل بالدستور وحظر التجول في العاصمة، وأغلقت الحدود. وقد أثار الانقلاب موجة انتقادات دولية، وخاصة من الحلفاء الغربيين الذين يرون في بازوم حليفًا استراتيجيًا في منطقة الساحل المضطربة بأنشطة الجماعات الإرهابية.

أسبابه والضباط الرئيسيون في المجلس العسكري

تُرجع معظم التقارير المحلية في النيجر السبب وراء هذا الانقلاب العسكري إلى خلافات سياسية داخل الحكومة، حيث قرر الرئيس الحالي محمد بازوم إجراء تغييرات في الجيش النيجري، واستبدال رئيس أركان الجيش ورئيس الدرك الوطني في أبريل 2023. وقرر بازوم أيضًا إبعاد الجنرال تشياني من قيادة الحرس الرئاسي تدريجيًا، مما أدى إلى انقسام داخل الحرس ودفع ببعض أعضائه إلى الانقلاب ضده.

أما المجموعة العسكرية التي احتجز الرئيس بازوم, فهي تابعة للحرس الرئاسي النيجري, وهي وحدة نخبة خاصة تتكون من حوالي 700 جندي مدربين. ويقود هذه الوحدة الجنرال تشياني الذي جُنِّد في الوحد عام 2011, وينتمي إلى منطقة تيلابيري غربي النيجر بالقرب من الحدود مع مالي, كما يعدّ أحد حلفاء الرئيس السابق محمد إيسوفو الذي حكم النيجر حتى عام 2021. ويوصف الجنرال أيضا كشخصية مثيرة للجدل في السياسة النيجرية, حيث قاد المقاومة التي أحبطت محاولة انقلاب فاشلة في مارس 2021 عندما حاولت وحدة عسكرية الاستيلاء على القصر الرئاسي قبيل أداء بازوم، المنتخب وقتذاك، لليمين الدستورية كريس للبلاد.

وفي يوم الجمعة الموافق 28 يوليو 2023 عيّن عبد الرحمن تشياني نفسه رئيسًا للحكومة الانتقالية تحت مسمى “المجلس الوطني لحماية الوطن”، وذلك بعد يومين من إطاحة وحدته بـبازوم, الرئيس المنتخب ديمقراطيًا. وأشار المجلس العسكري إلى أن السبب وراء خطوتهم هو تدهور الوضع الأمني, رغم التحسّن الملموس من تعامل النيجر لأنشطة المسلحين مقارنة بجيرانها في مالي وبوركينا فاسو قبل الانقلابات فيهما. وهذا الزعم من قبل المجلس العسكري يدعمه الاعتقاد الشعبي السائد بأن التعامل مع الاضطرابات المتزايدة بحاجة إلى الإجراءات الصارمة العسكرية فقط نظرا لسيطرة الحركات الإرهابية على الأراضي وشن هجمات في المنطقة الحدودية الثلاثية بين مالي والنيجر وبوركينا فاسو. بينما هناك من يشكّ في ما إذا كان المجلس العسكري سيحقق نجاحًا أكبر في مواجهة الإرهابيين مقارنة بحكومة بازوم.

ويضاف إلى ما سبق أنه رغم استناد المجلس العسكري الذي نفذ الانقلاب إلى الجنرال عبد الرحمن تشياني، رئيس الحرس الرئاسي، إلا أنه لم يكن حاضرًا أثناء الإعلان عن الانقلاب يوم الخميس, حيث تلا بيان الانقلاب أمادو عبد الرحمن ضابط في القوات الجوية النيجرية. ويتكون المجلس العسكري من العديد من الضباط ذوي الرتب العالية، وهو ما يرجح أن يكون الانقلاب نتيجة صراع داخلي أو محاولات السيطرة وتوسيع دائرة النفوذ المركزية. ويشمل هؤلاء الضباط الجنرال محمد تومبا من القوات البرية، والجنرال موسى سالاو برمو، قائد القوات الخاصة، ونائب القائد الأعلى للحرس الرئاسي، وأحمد سيديان مساعد رئيس الوزراء السابق بريجي رافيني، والعقيد إبراهيم أحمدو بشارو، أحد قادة الحرس الرئاسي, والعقيد عبد الكريم خيمة القائد الثاني للدرك الوطني والعقيد و إبّانكاويل أسّاحابا، المدير العام المساعد للشرطة.

جدير بالذكر أن الجنرال تشياني البالغ من العمر 62 عامًا أشار, أثناء ظهوره على التلفزيون الحكومي يوم الجمعة, إلى أن التدخل كان ضروريًا لتجنب “الزوال التدريجي والحتمي” للبلاد, أنه رغم سعي بازوم لإقناع الناس بأن “كل شيء يسير على ما يرام … إلا أن الواقع القاسي (هو) كومة من القتلى والنازحين والإذلال والإحباط”.

أبعاده المحلية والإقليمية والدولية

إن هذا الانقلاب سادس الانقلابات في غرب إفريقيا خلال ثلاث سنوات (واحد في غينيا واثنان في كل من بوركينا فاسو ومالي)، وهو ما أدّى إلى ظهور وصف “حزام الانقلاب” للإقلبم وسط مخاوف من تداعيات هذه التطورات على أمن منطقة الساحل, وهي حزام من الأرض يمتد من المحيط الأطلسي إلى البحر الأحمر, والتي تعدّ النيجر جزءا رئيسيا منها. وهي من المناطق الإفريقية التي تعاني الاضطرابات السياسية وعدم الاستقرار الأمني في السنوات الأخيرة.


تقرير مرتبط باللغة الانجليزية:

Niger and the Sahel: Are Coups the Last Resort?


ومما يجعل هذا الانقلاب في النيجر مثيرا للاهتمام أنه أطاح بأول تجربة ديمقراطية للبلاد, حيث كان الرئيس بازوم أول رئيس منتخب يخلف رئيسا آخر في النيجر منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960. وقد انتهت هذه التجربة بعدما علّق المجلس العسكري دستور البلاد مع  الجنرال عبد الرحمن تشياني رئيساً للدولة.

وتحظى النيجر بدعم الدول الغربية التي تنظر إليها على أنها حصن ضد نشر النفوذ الروسي في الساحل, حيث يعدّ النخبة الحاكمة وجنرالات البلاد حلفاء للغرب وشركاء فرنسا ضد النفوذ الروسي والمجالس العسكرية في الدول المجاورة. ولكن هذه النظرة الغربية والتعاون النيجري الفرنسي قد لا يدومان طويلاً؛ إذ منذ اليومين الماضيين بدأت النيجر تشهد تزايد الأعلام الروسية التي ترفرف بين بعض المواطنين والشعارات المرتفعة التي تنادي بـ “لا للإمبريالية” و “لا للقوات العسكرية الفرنسية”, حيث خرج مئات الأشخاص وتجمعوا أمام الجمعية الوطنية في نيامي للتعبير عن دعمهم للانقلاب، ويطالبون بتدخل روسيا وانسحاب القوات الفرنسية من النيجر.

ويحاول الرئيس السابق محمد بازوم مقاومة الانقلاب بدعم من حلفائه، بما في ذلك المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (ايكواس) التي يقودها رئيس نيجيريا بولا تينوبو، والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق مع قائد العملية الانقلابية. وفي المقابل، أعلن وزير الخارجية النيجري هاشم مسعود (العروف أيضا بـ مسعود حاسومي) نفسه رئيساً مؤقتاً للنيجر وناشد الشعب النيجري برفض الانقلاب ودعم المكاسب الديمقراطية. وأكدت المعارضة السياسية لنظام الرئيس المخلوع بازوم، والمنضوية تحت “اتحاد الوطنيين النيجريين”  (UPN)، دعمها لـ “المجلس الوطني لحماية الوطن” وتدعو إلى التحرك يوم الجمعة بعد الصلاة لتنظيم مسيرة داعمة للمجلس الوطني لحماية الوطن  (CNSP).

وقد عبرت دول الإقليم مثل نيجريا وبنين والسنغال وغينيا بيساو  وساحل العاج عن قلقها إزاء الانقلاب في النيجر، وأدانه الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفرنسا وروسيا مع الدعوة إلى الإفراج الفوري عن بازوم. وهذه الردود العالمية تعكس احتمالات تفاقم الوضع الأمني في النيجر، كما تحمل دلالات جيوسياسية، وخاصة أن الدول الغربية  بحاجة إلى الاحتفاظ بحليف في البلاد لحماية مصالحها الاستراتيجية وقواعدها العسركية وقواتها الأمنية في في منطقة الساحل بشكل عام وفي النيجر بشكل خاص.

وفي الوقت الراهن, يبدو أن نسبة الدعم لـ بازوم في أوساط المؤسسات العسكرية تتضاءلت, إذ تراجعت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة في النيجر عن رفضها للانقلاب, وأعلنت دعمها لـ “المجلس الوطني لحماية الوطن”، وحذرت من أي تدخل خارجي, وذلك في إشارة إلى فرنسا المتهمة أيضًا بخرق الملاحة الجوية النيجرية، وهو ما يشير إلى تقلبات الوضع السياسي والأمني في النيجر وعدم استقراره.

تداعيات الانقلاب

تعتبر النيجر أكبر دولة في غرب إفريقيا، وهي دولة مهمة في النواحي السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والأمنية؛ فالبلاد اكتسبت في السنوات الأخيرة ثناءا  كنموذج للاستقرار الديمقراطي النسبي، كم أنها تستضيف قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية مما يجعلها شريكا رئيسيا للغرب وعنصرا أساسيا في أجندات مكافحة الإرهاب ضد الجماعات الإرهابية المختلفة المرتبطة بـ “تنظيم الدولة الإسلامية” و “القاعدة”. ومن الناحية الاقتصادية، تملك النيجر كميات كبيرة من اليورانيوم, حيث تنتج 7 في المئة من جميع الإمدادات العالمية, ويساهم بشكل كبير في اقتصاد البلاد, حتى وإن كانت عائداته لا يؤثّر كثيرا في مستوى معيشة النيجريين.

ومع الانقلاب العسكري في النيجر، يُتوقع أن يزداد الوضع الأمني تأثراً، حيث يمكن أن تتزايد حالات العنف وتفاقم الانقسامات الإثنية في البلاد. وقد يواجه العرب والمكونات الإثنية الأخرى، بما في ذلك التبو/القرعان والطوارق وغيرهم من الذين كانوا يتقاسمون السلطة مع الرئيس السابق محمد بازوم،  أو الذين يشكون من التهميش, صعوبة في الحفاظ على نفوذهم. وقد يقلل هذا الوضع فرص الحوار والتوافق بين المكونات السكانية المختلفة، بما في ذلك الهوسا التي تشكل النسبة الأكبر من سكان النيجر.

وأخيرا، قد تحاول الحكومة العسكرية الجديدة إجراء تغييرات يمكن أن تؤثّر في التوازن السياسي في النيجر, ولكن أحد الدروس المستفادة من هذا التطور أن النخبة الحاكمة غالبا ما تفضّل مصالحها على المصلحة العامة, كما أن التجارب الديمقراطية في عدد من الدول الإفريقية تتجاهل كيفية التعامل بشكل بناء مع المظالم الحقيقية التي يواجهها مجتمعات هذه الدول, رغم أن مجرّد إجراء الانتخابات لا تضمن الإجابة على المظالم العامة أو أسباب الاحتجاجات واستياء المواطنين. وهذا لا يعني بالطبع أن العسكر أنفسهم الذين يأتون إلى السلطة عبر الانقلابات وباستغلال شكاوى المواطنين مستعدون لترسيم المسارات البديلة لمعالجة تلك المظالم أو إعادة الأمور إلى نصابها اللائق.

ظهرت المقالة انقلاب النيجر: أسبابه وأبعاده وتداعياته أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/5603/%d8%a7%d9%86%d9%82%d9%84%d8%a7%d8%a8-%d8%a7%d9%84%d9%86%d9%8a%d8%ac%d8%b1-%d8%a3%d8%b3%d8%a8%d8%a7%d8%a8%d9%87-%d9%88%d8%a3%d8%a8%d8%b9%d8%a7%d8%af%d9%87-%d9%88%d8%aa%d8%af%d8%a7%d8%b9%d9%8a%d8%a7/feed/ 0 5603
حسين حبري: من ساحات الكفاح ضد الاستعمار إلى الموت خلف القضبان https://alafarika.org/ar/4829/hissene-habre/ https://alafarika.org/ar/4829/hissene-habre/#comments Sun, 29 Aug 2021 16:57:12 +0000 https://theafrikans.com/?p=4829

في 24 أغسطس 2021, أعلنت السلطات السنغالية عن وفاة الرئيس التشادي الأسبق “حسين حبري” الذي حكم تشاد خلال الفترة 1982 – 1990. وياتي هذا الإعلان بعد مرور 4 أشهر من مقتل الرئيس السابق “إدريس ديبي إتنو” في أبريل الماضي أثناء المواجهات مع المعارضة المسلحة في شمال تشاد. من هو “حسين حبري” ؟ ولد “حسين حبري” […]

ظهرت المقالة حسين حبري: من ساحات الكفاح ضد الاستعمار إلى الموت خلف القضبان أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>

في 24 أغسطس 2021, أعلنت السلطات السنغالية عن وفاة الرئيس التشادي الأسبق “حسين حبري” الذي حكم تشاد خلال الفترة 1982 – 1990. وياتي هذا الإعلان بعد مرور 4 أشهر من مقتل الرئيس السابق “إدريس ديبي إتنو” في أبريل الماضي أثناء المواجهات مع المعارضة المسلحة في شمال تشاد.

من هو “حسين حبري” ؟

ولد “حسين حبري” في 13 أغسطس 1942 في “فايا لارجو” شمال تشاد.  وينتمي إلى قبيلة “أَنَكزا” التي تعتبر إحدى فروع قبائل التبو التي تتواجد في كل من تشاد والنيجر وليبيا والسودان.

حصل “حبري” بعد تعليمه الابتدائي على وظيفة في الإدارة الكولونيالية الفرنسية وأدى مهارته واجتهاده إلى حصوله على منحة للدراسة في معهد الدراسات الدولية العليا في باريس. وأكمل دراسته الجامعية في العلوم السياسية في باريس، وعاد إلى تشاد في عام 1971.

وقد حصل “حبري” أيضا على شهادات علمية أخرى بما فيها الدكتوراه من معهد الدراسات الدولية العليا. وعمل في وزارة الخارجية بضعة أشهر.

مسيرته السياسية

التحق “حبري” في عام 1971 بـ “جبهة التحرير الوطني لتشاد” (فرولينات FROLINAT) التي كانت تقاتل ضد الاحتلال الفرنسي. وتولّى قيادتها قبل أن قبل أن يؤسس مجلس القوات المسلحة للشمال (فان) مع “كوكوني عويدي” – شخصية أخرى من شمال تشاد.

وخلال الفترة من 1978 – 1979 عُيِّن “حبري” رئيسا للوزراء من قبل “فليكس معالوم” (حكم تشاد من 15 مايو 1975 حتى 29 أبريل 1979). ولكنّ الزعيمين اختلفا في قضية إدماج القوات المسلحة الشمالية إلي الجيش الوطني التشادي. وقد استغلت جبهة “فرولينات” بقيادة “قوكوني عويدي” الفرصة بتحرير جزء كبير من شمال تشاد المحتلة من قبل المستعمر الفرنسي.

وفي عام 1979 استطاع المتمردون الوصول إلى العاصمة وسقط نظام “فليكس معلوم”, ما أدى إلى تشكيل أول حكومة انتقالية تشادية في عام 1978 باسم “حكومة الوحدة الوطنية الانتقالية”، في لاغوس العاصمة السابقة لنيجيريا؛ ترأّس “قوكوني عويدي” الداعم لليبيا هذه الحكومة الانتقالية, بينما شغل “وادال عبد القادر كاموقي” من جنوب تشاد منصب نائب الرئيس، وتولّى “حسين حبري” من شمال تشاد والموالي للغرب منصبَ وزير الدفاع.

على أنه وقع خلاف بين قادة حكومة الوحدة الوطنية, خاصة بين “عويدي” و “حبري”. وقد أدت المنافسات الشخصية بين الحليفين السابقين إلى الحد من فعالية الحكومة الانتقالية وساهمت في النظر إلى “عويدي” على أنه دمية بيد الزعيم الليبي “معمر القذافي”. فقاد “حبري” تمردا داخليا أدى إلى انقلاب ضد “عويدي”.

ولأجل استعادة السلطة, اتفق “عويدي” مع ليبيا في 15 يونيو 1980 من أجل الحصول على الدعم والذي حصل عليه بالفعل, وعاد “عويدي” إلى تشاد مع قوات ليبية وقوات تابعة له, مما منحه انتصار في العاصمة التشادية انجمينا في 16 ديسمبر 1980, ليضطرّ “حبري” وقواته للهروب إلى الكاميرون.

كيف صعد “حبري” إلى الحكم في تشاد؟

في عام 1980 احتلت ليبيا قطاعَ “أوزو” – شريط أرضي في شمال تشاد على طول الحدود مع ليبيا, وذلك في محاولة للسيطرة على جميع الأراضي التشادية. بل وأعلنت في 6 يناير 1981 عن دمج الأراضي التشادية-الليبية لتصبح دولة واحدة.

إن الإعلان السابق أثار حفيظة التشاديين والدول الأفريقية, كما أثار غضب فرنسا – المستعمرة السابقة لتشاد. وكان موقف معظم منتقدي تلك الخطوة الليبية أن إعلان الدمج بين البلدين من طرف واحد فقط وبهذا الأسلوب، وفي ظل الظروف التي كانت تشاد تمر بها؛ يعني أن خطوات “القذافي” هي فقط لاحتلال تشاد.

وفي نوفمبر 1981 دخل “حبري” في حرب مباشرة مع ليبيا لتحرير الأراضي التشادية المحتلة من قبل القوات الليبيّة. وقد نجح في ذلك في فترة وجيزة حيث استطاع تحرير كل هذه الأراضي التشادية بما فيها قطاع “أوزو”.

وفي 7 يونيو 1982, استولى “حبري” على الحكم في تشاد وألغى منصب رئيس الوزراء. وكان نظام حكمه متأثرا بتهديد من ليبيا التي سعتْ بكل السبل لإعادة “عويدي” إلى سدة الحكم في تشاد.

وقد أنشأ “حبري” بعد فترة وجيزة من توليه الرئاسة قوةَ شرطة سرية عُرفت بـ “مديرية التوثيق والأمن”. وحصل على دعم كبير من كل من الولايات المتحدة (التي قدمت له مئات الملايين من الدولارات كمساعدات) وفرنسا, حيث كانتا تسعيان إلى إضعاف وزن “القذافي” في المنطقة.

وقد أدت مساعدة ليبيا لـ “عويدي” إلى تمكّنه من السيطرة على الجزء الشمالي لتشاد, بينما الجزء الجنوبي تحت سيطرة “حبري” حتي عام 1986 عندما تدهورت العلاقة بين ليبيا مع “عويدي”, حيث أفادت مصادر بأن “القذافي” حاول تصفية “عويدي” في غرب طرابلس في عملية أسفرت عن مقتل اثنين من حراس “عويدي” وإصابته بجروح بالغة؛ فطالب “عويدي” من قواته الانضمام إلي قوات “حبري”.

يُذكر أن عهد “حبري” اتسّم بالقمع والتعذيب وقتل الآلاف من النشطاء والسياسيين والعسكريين المعارضين لنظامه. كما اتُّهِمت حكومته بتطهير عرقي ضد إثنيات مختلفة بما في ذلك “سارا” والحجريون والزغاوة، كما اتُّهِم بقتل واعتقال أعضاء هذه المجموعات الإثنية إذا ما اعتقدت حكومته أن قادتهم يشكلون تهديدًا لنظامه.

سقوطه وملاحقته قضائيًّا

ظل “حبري” في الحكم حتى عام 1990, حيث سقط نظامه بعد معارك ضارية مع قوات “الحركة الوطنية للإنقاذ” بقيادة الرئيس السابق “إدريس ديبي” الذي استولى على الحكم بعد هروب “حبري” إلى السنغال.

على أن سقوط “حبري” لم يكن سوى الإيذان لمسلسل جديد في حياة “حبري”, حيث طالب الكثيرون محاكمته بشأن الانتهاكات إبان حكمه؛ وقد جمّعت “الرابطة التشادية لضحايا القمع السياسي والجريمة” جميع المعلومات الممكنة والمتعلقة بضحايا نظامه. وقد أفاد تقرير لجنة تقصي الحقائق في عام 1992 بأن نظام “حبري” ارتكب 40 ألف جريمة من جرائم القتل السياسي، و200 ألف حالة من حالات التعذيب.

وفي عام 1999، تقدمت “الرابطة التشادية لنصرة حقوق الإنسان والدفاع عنها” بطلب إلى منظمة “مراقبة حقوق الإنسان” بإحالة “حبري” إلى العدالة في السنغال. وقام الباحثون في منظمة “مراقبة حقوق الإنسان” بزيارة تشاد مرتين للاطلاع على الوثائق التي أعدتها رابطة الضحايا المذكورة والاجتمع بالضحايا والشهود من أجل توثيق شهاداتهم.

وبهدف تدعيم الشكوى ورفع الدعوى كأفراد ومنظمات؛ نظمت منظمة “مراقبة حقوق الإنسان” تآلفا بين المنظمات غير الحكومية التشادية والسنغالية والدولية، شملت “الاتحاد الدولي لجمعيات حقوق الإنسان”، و “منظمة الحقوق الدولية”، إلى جانب مجموعة من المحامين السنغاليين الذين يمثلون مصالح الضحايا.

وقد وُضِع “حبري” قيد الإقامة الجبرية في السنغال في عام 2005, واعتُقِل في 30 يونيو 2013 من قبل الشرطة السنغالية. وقد أشاد الرئيس “إدريس ديبي” بهذا الاعتقال بقوله إنه كان خطوة نحو “أفريقيا الخالية من كل شر، أفريقيا المجردة من كل الديكتاتوريات”.

وقد اتهمته محكمة السنغال المنبثقة عن الاتحاد الأفريقي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتعذيب خلال السنوات الثماني التي قضاها في السلطة في تشاد. وحُكِم ، حُكم عليه أيضًا بالإعدام غيابياً لارتكابه جرائم ضد الإنسانية من قبل محكمة تشادية.

وقد صاح “حبري” أثناء انتظار بدء محاكمته في 20 يوليو 2015 قائلا: “يسقط الإمبرياليون. (المحاكمة) مهزلة للسياسيين السنغاليين الفاسدين.. للخونة الأفارقة. لخدام أمريكا”.

وتصريحه أدى إلى إخراجه من قاعة المحكمة وبدأت المحاكمة بدونه. وفي 21 يوليو 2015 أُجِّلت المحاكمة إلى 7 سبتمبر 2015 ، بعد أن رفض محاموه المشاركة فيها.

وقد وجدت الدوائر الأفريقية الاستثنائية في 30 مايو 2016 أن “حبري” مذنب بارتكاب جرائم اغتصاب واستعباد جنسي, وأنه أمر بقتل 40 ألف شخص خلال فترة رئاسته لتشاد. وبالتالي حكمت عليه بالسجن المؤبد في سجن “دو كاب مانويل” بالسنغال, ليكون الحكم هو المرة الأولى التي تدين فيها محكمة مدعومة من الاتحاد الأفريقي حاكماً سابقًا بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، والمرة الأولى التي حاكمت فيها محاكم دولة معينة حاكمًا سابقًا لدولة أخرى على جرائم ضد الإنسانية.

وفي 7 أبريل 2020 مُنح “حبري” إجازة خارج السجن لمدة شهرين، حيث استخدم السجن لاحتجاز معتقلين جدد في الحجر الصحي لوباء كوفيد-19. وعاد إلى السجن في 7 يونيو بعد الانتهاء من إجازته.

وفاته

في 24 من شهر أغسطس 2021, أعلن وزير العدل السنغالي المحامي “مالك سال” عن وفاته “حسين حبري” في السجن, وذلك بعد أسبوع من عيد ميلاده التاسع والسبعين (79) وبعد دخوله المستشفى في داكار لإصابته بفيروس كوفيد-19 أثناء وجوده في السجن قبل أسبوع.

وفي حدّ تعبير وزير العدل السنغالي الذي أشاد بموقف بلاده وطريقتها في التعامل مع ملف “حبري”: “يجب أن نكون جميعا فخورين بالطريقة التي استقبلنا فيها حبري”، مضيفا أنه “صمدت السنغال رغم الضغوط الدولية. وكل ما يمكننا القيام به هو الصلاة من أجل راحة روح حبري”.

ظهرت المقالة حسين حبري: من ساحات الكفاح ضد الاستعمار إلى الموت خلف القضبان أولاً على الأفارقة للدراسات والاستشارات.

]]>
https://alafarika.org/ar/4829/hissene-habre/feed/ 2 4829